الكرملين يهدّد بـ«رد مناسب» على منح كييف الضوء الأخضر لضرب العمق الروسي

موسكو تتحدّث عن تقدّم ملموس لقواتها في كورسك

الجيش الأوكراني يستخدم كشافات ضوئية في أثناء بحثه عن طائرات من دون طيار في سماء كييف (رويترز)
الجيش الأوكراني يستخدم كشافات ضوئية في أثناء بحثه عن طائرات من دون طيار في سماء كييف (رويترز)
TT

الكرملين يهدّد بـ«رد مناسب» على منح كييف الضوء الأخضر لضرب العمق الروسي

الجيش الأوكراني يستخدم كشافات ضوئية في أثناء بحثه عن طائرات من دون طيار في سماء كييف (رويترز)
الجيش الأوكراني يستخدم كشافات ضوئية في أثناء بحثه عن طائرات من دون طيار في سماء كييف (رويترز)

أعرب الكرملين عن قناعة بأن واشنطن اتخذت قراراً يمنح الضوء الأخضر لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية بعيدة المدى؛ لضرب مواقع في العمق الروسي، وتوعّد بـ«رد مناسب»، مجدِّداً اتهامَ الغرب بالانخراط بشكل مباشر في الحرب الأوكرانية.

وبدا، الأربعاء، أن التطور الذي حذَّر الكرملين أكثر من مرة من تداعياته المحتملة، بات في حكم المؤكد، وينتظر الإعلان عنه رسمياً، ورأى الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف أن قرار ضرب روسيا بصواريخ أميركية الصنع بعيدة المدى «قد تم اتخاذه بالفعل».

أنتوني بلينكن (يسار) وديفيد لامي (يمين) يلتقيان مع أندريه سيبيا (أ.ب)

وزاد أنه «على الأرجح، بالطبع، تم اتخاذ كل هذه القرارات بالفعل، ويمكن افتراض ذلك بدرجة عالية من الاحتمال، وفي الوقت الحالي نلاحظ ببساطة مثل هذه الحملة الإعلامية في وسائل الإعلام؛ لإضفاء الطابع الرسمي على القرار الذي قد يكون دخل حيز التنفيذ».

وجاء تعليق بيسكوف رداً على ترجيحات نشرتها وسائل إعلام غربية، أشارت إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يعتزم خلال زيارة إلى كييف الإعلان رسمياً عن منح أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام الصواريخ الأميركية لشنّ هجمات على الأراضي الروسية.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، إنه «يعمل» على السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى ضد روسيا، بعدما قالت قوى غربية إن طهران تمدّ موسكو بصواريخ باليستية. وردّاً على سؤال حول إمكان رفعه قيوداً مفروضة على استخدام أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى، قال بايدن في تصريح لصحافيين لدى مغادرته البيت الأبيض متوجّهاً إلى نيويورك: «نعمل على ذلك حالياً».

وجدّد بيسكوف اتهامات موسكو للغرب بالانخراط بشكل مباشر في الحرب، وقال إن الولايات المتحدة والدول الأوروبية «تحاول على المستوى العلني النأي بنفسها عن التورط في الصراع الأوكراني، لكننا لا نعتقد أن هذا الأمر يسير على هذا النحو».

وتوعّد الناطق الرئاسي بأن ردّ روسيا على الضربات في عمق أراضيها «سوف يكون مناسباً»، وأضاف: «كما ترَون، لا داعي لتوقّع ردّات الفعل، فالعملية العسكرية الخاصة هي الرد على كل هذه الإجراءات».

وأوضح أن «كل قرار من هذا القبيل يتخذه الغرب الجماعي ثم يُنسَب إلى أوكرانيا يصبح دليلاً إضافياً على مبرِّر وضرورة وعدم وجود بدائل للعملية العسكرية التي أطلقناها».

المتحدث باسم «الكرملين» دميتري بيسكوف (رويترز)

وكان بلينكن قال، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لا تستبعد إمكانية السماح لأوكرانيا بشنّ ضربات في عمق الأراضي الروسية. وفي اليوم نفسه حاول منسّق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض جون كيربي، التأكيد على أن الولايات المتحدة لا تزال لا تدعم الضربات العسكرية الأوكرانية في عمق الأراضي الروسية، بما في ذلك باستخدام الأسلحة الأميركية، لكنه في الوقت ذاته أشار إلى وجود خطط لدى الرئيس جو بايدن لمناقشة مسألة استخدام الأسلحة الغربية ضد العمق الروسي مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.

ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية، عن مصادر غربية، أن مايكل ماكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، أعلن أن بلينكن ينوي خلال زيارته لأوكرانيا، الأربعاء، منح الضوء الأخضر لكييف لمباشرة شن هجمات في العمق الروسي باستخدام أنظمة صاروخية أميركية وبريطانية. وأفادت نقلاً عن صحيفة «التلغراف» بأن رفع الحظر المفروض على استخدام أنظمة «ستروم شادوز» ضروري؛ لأنها تستخدم جنباً إلى جنب مع الأنظمة الأميركية.

في هذا السياق، قال وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيغا، إنه أجرى محادثات مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، طُرح خلالها موضوع رفع القيود عن الضربات على الأراضي الروسية.

وقال الوزير، في تغريدة على منصة «إكس»: «لقد وصلنا مباشرةً إلى صلب الموضوع، (ناقشنا) زيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا، والحفاظ على مستوى الإمدادات، وزيادة الإنتاج الدفاعي، والاستثمار في الأسلحة الأوكرانية... وقد شدّدت مرة أخرى على الحاجة الحيوية لأوكرانيا إلى أن تكون قادرة على استخدام الأسلحة التي لديها (لمهاجمة الأراضي الروسية)»، كما أكّد الوزير المعيّن حديثاً في منصبه «استمرار المناقشات في ملف عضوية أوكرانيا في الحلف».

في سياق متصل، قلّل الناطق الرئاسي الروسي من الأهمية الاستراتيجية للضربات المركزة التي شنّتها أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة على منشآت البنية التحتية للطاقة داخل الأراضي الروسية. وقال بيسكوف إن «عواقب الهجمات الضخمة على منشآت البنية التحتية النفطية في الاتحاد الروسي ضئيلة للغاية، بفضل الإجراءات المتخَذة، وعمل أنظمة الدفاع الجوي»، مستبعِداً وجود أي مخاوف لدى الكرملين من أن الهجمات المتكررة على البنية التحتية النفطية يمكن أن تؤثر على إمداد البنزين لاحتياجات المنطقة العسكرية الشمالية، أو أن تشكّل خطراً بشكل عام على الاقتصاد الروسي.

في الوقت ذاته، رأى بيسكوف أن مفتاح التسوية السياسية للصراع في أوكرانيا ما زال بيد الإدارة الأميركية، وقال في حديث مع الصحافيين إن «تخلّي الولايات المتحدة عن سياستها، المتمثلة في استخدام أوكرانيا مادةً استهلاكية في محاولة لقمع الاتحاد الروسي، يمكن أن يضع حداً فورياً للصراع».

وأوضح: «لقد قلنا مراراً وتكراراً إن امتناع الولايات المتحدة عن سياستها المتمثلة في استخدام أوكرانيا لردع الاتحاد الروسي، يمكن أن يضع حداً للصراع»، جاء هذا التعليق رداً على سؤال عما إذا كان الكرملين يوافق على أن مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان من الممكن أن تضع حداً للصراع في أوكرانيا منذ فترة طويلة.

وكرّر المستشار الألماني أولاف شولتس دعوته إلى عقد مؤتمر سلام آخر لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا بمشاركة روسيا، وخلال المناقشة العامة التي أجراها البرلمان الألماني قال شولتس في برلين، الأربعاء: «الآن هو الوقت المناسب، الآن هو الوقت الذي يجب فيه استكشاف أية فرص يمكن أن تلُوح»، وأضاف: «نحن بحاجة إلى مؤتمر سلام آخر، ويجب أن تكون روسيا جالسةً إلى الطاولة فيه، هذه هي المهمة التي يجب علينا أن نتعامل معها الآن، استكشاف ما يحدث».

ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها حقّقت تقدُّماً ملموساً في عدد من البلدات التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية في منطقة كورسك الحدودية الروسية.

وأفاد بيان عسكري بأن الطيران الروسي ووحدات المدفعية شنّت ضربات مركزة، تزامنت مع تقدُّم القوات والمعدات من عدة ألوية، على طول خطوط التماسّ الجديدة التي نشأت بعد التوغل الأوكراني في منطقة كورسك.

وفي وقت لاحق، الأربعاء، أوضح الجنرال الشيشاني أبتي علاء الدينوف الذي يقود وحدات الهجوم في منطقة كورسك، أن القوات الروسية استعادت السيطرة على 10 بلدات في المنطقة.

مبنى مدمّر في منطقة موسكو الروسية من جرّاء هجمات أوكرانية بمسيّرات (أ.ف.ب)

وقال علاء الدينوف: «لقد تم بالفعل تطهير حوالي 10 بلدات، وسيطرت عليها القوات الروسية... هناك سجناء، وقمنا بتطهير هذه المناطق، ودمّرنا قوات العدو التي كانت هناك، واستسلم بعض الأفراد».

وعلى الرغم من أن القوات الأوكرانية لم تؤكد صحة الإعلان الروسي، فإن المسؤول العسكري الذي تخوض قواته معارك ضارية حول مدينة سودجا منذ أسابيع، قال إن المقاتلات الروسية دمّرت خلال الـ24 ساعة الماضية «عدة وحدات من معدات العدو، ولم يتمكّن العدو من التقدم برغم محاولاته العديدة للهجوم». وأضاف أن الجيش استولى على مجموعة من الطائرات الهجومية من الجيش الأوكراني.

وأشار مدوّنون عسكريون روس أيضاً في مدوناتهم، إلى وقوع هجوم في المنطقة، برغم أنه ما زال من غير الواضح ما إذا كانت القوات المشاركة في القتال قد تم نقلها من الجبهة في شرق أوكرانيا، أم من أماكن أخرى داخل روسيا.

وقال عدد من المدوّنين، إلى جانب صحيفة «روسيسكايا غازيتا»، إن بعض الجنود كانوا من لواء مشاة البحرية الـ155 الذي يتمركز في فلاديفوستوك في الشرق الأقصى، لكنه خاض في الماضي معارك في الحرب على أوكرانيا، وفقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

وقالت القوات الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 20 من أصل 25 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا في هجوم الليلة الماضية، وأضافت، في بيان عبر تطبيق «تلجرام» أن القوات الروسية استخدمت أيضاً 9 صواريخ في الهجوم.

وصرّح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بأن سلسلة الضربات الأخيرة للقوات الروسية في أوكرانيا أسفرت عن «مقتل عدد ملموس من المرتزقة الأجانب».


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
TT

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)

كل المؤشرات تؤكد أن الأوضاع على جبهات القتال لا تميل لمصلحة أوكرانيا. وفي تقييم للوضع الميداني قالت الاستخبارات البريطانية العسكرية إن خط المواجهة كان أكثر «اضطراباً» من أي وقت مضى منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، في تعبير ملطف عمّا تعانيه قوات كييف، على الرغم من كونها من المدافعين عنها.

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أقرّ مصدر رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة الأوكرانية (الجمعة) بأن القوات الروسية تتقدَّم مسافة بين «200 و300 متر يومياً» قرب كوراخوف، وهي من المواقع المهمة التي قد تسقط قريباً. وفي علامة على هذا التقدم، أعلن الجيش الروسي (الجمعة) سيطرته على بلدة نوفودميتريفكا شمال كوراخوف. وتحتوي هذه المنطقة خصوصاً على رواسب كبيرة من الليثيوم.

واليوم (السبت) أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أنه يتوقع أن يبدأ الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا، المشارَكة الفعلية في القتال قريباً، ضد القوات الأوكرانية، خصوصاً في منطقة كروسك الروسية.

تصعيد مدروس أو متهور؟

وأتت تلك التحذيرات بعد الضجة التي أحدثتها روسيا، جراء الضربة «المدروسة» تداعياتها بدقة، التي نفَّذتها بصاروخ تجريبي فرط صوتي، أرادت من خلالها توجيه رسائل متعددة الاتجاهات. وشهد الأسبوع الماضي، تغييراً جذرياً للصراع في أوكرانيا، خلال سعي طرفَي النزاع المحموم للاستعداد لعودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للسلطة.

وخلال هذا الأسبوع، تقاذفت واشنطن وموسكو المسؤولية عن التصعيد. وقالت إدارة بايدن إن سماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» لضرب العمق الروسي، جاء رداً على استقدام نحو 11 ألف جندي كوري شمالي، حيث ترجح تقييمات استخباراتية أميركية وكورية جنوبية، أن يصل عددهم إلى نحو 100 ألف.

في المقابل، قالت موسكو إن ضربتها الصاروخية، كانت رداً على السماح باستهداف أراضيها بالصواريخ الغربية. وفي حين وصف كل من الجانبين الآخر بأنه «متهور»، يخشى البعض من أن يتحوَّل هذا التصعيد بسرعة إلى حرب. فواشنطن تحاول بشكل يائس تغيير الوضع الميداني المتراجع لأوكرانيا على الخطوط الأمامية، قبل مغادرة بايدن الرئاسة. وروسيا تتجه نحو مسارات أكثر خطورة لاستعادة قيمة الردع التي فقدتها في السنوات الثلاث الماضية. ورغم أن الطرفين لن ينخرطا في صراع مباشر، بدليل حرص موسكو على إبلاغ واشنطن قبل 30 دقيقة عن ضربتها الصاروخية، فإنهما سينخرطان بشكل أوسع في المواجهة التي أصبحت «عالمية» في أوكرانيا.

وطلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين تزويدها بأحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها. وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن أن «وزير الدفاع الأوكراني تَواصَل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه حماية الأرواح بمواجهة أخطار جديدة».

دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حليف لموسكو داخل الاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، إلى عدم الاستهانة بتهديدات روسيا، الدولة المجهَّزة «بأكثر الأسلحة تدميراً في العالم»، التي «تبني سياستها ومكانتها في العالم بشكل عام على القوة العسكرية».

مشاركة جنود بيونغ يانغ

ويقدِّر وزير الدفاع الأميركي وجود نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي الآن في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ: «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقَّع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة إلى القوات الكورية الشمالية.

رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

وذكر أوستن أنه «لم يرَ أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن، على الرغم من صدور تقارير أوكرانية، أشارت إلى مقتل عدد منهم في ضربة نفَّذتها كييف بصواريخ «أتاكمز» أخيراً في بريانسك.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية، هذا الأسبوع، إن موسكو تُقدِّم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات، ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ، مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ولم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجود قوات كورية شمالية، وبدلاً من ذلك انتقد الغرب بسبب دعمه لأوكرانيا. وقالت كوريا الشمالية، الشهر الماضي، إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

وفي حين يعجل فريق الرئيس ترمب الحديث عن المفاوضات، كانت الأوضاع على جبهات القتال قاتمةً في كل مكان في أوكرانيا. فالقوات الروسية تواصل الضغط على القوات الأوكرانية في منطقة كورسك لإخراجها منها، وتتقدم جنوب خاركيف، بالقرب من مدينة كوبيانسك. وتتعرَّض خطوط الإمداد للخطر حول منطقة دونباس الشرقية، في حين جنوب زابوريجيا تحت ضغط أكبر، بحسب تقييمات عسكرية في واشنطن.

التأثير على ترمب

ورغم وصف المسؤولين الأميركيين وحلف شمال الأطلسي، الصاروخ الروسي «أوريشنيك» بأنه «متوسط ​​المدى وتجريبي»، في تعليقات بدت كأنها تسعى إلى التقليل من أهميته، فإنها كانت تشير في الواقع إلى خلاف أوسع مع موسكو، يعود إلى عام 2019، خلال رئاسة ترمب الأولى. في ذلك العام، انسحب ترمب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، التي كانت تحد من تطوير مثل هذه الأسلحة، متهماً روسيا بانتهاكها.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ويرى البعض أن إصرار المسؤولين الغربيين على أن هذا الصاروخ «متوسط المدى»، الذي بدا قادراً على حمل أسلحة نووية، ربما يكون إشارة إلى استمرار روسيا في السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة خارج تلك المعاهدة التي انتهت صلاحيتها الآن. لكنه ربما كان أيضاً بمثابة إشارة إلى ترمب، بأن موسكو لا تزال منخرطة في تصنيع تلك الأسلحة التي اتهمها بتطويرها خلال ولايته الأولى.

لقاء روته بترمب

وأشارت تقارير إعلامية أميركية، إلى أن لقاء الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس ترمب، في بالم بيتش بولاية فلوريدا، كانت على رأسه، مناقشاتهما الوضع في أوكرانيا. وقالت فرح دخل الله، الناطقة باسم «الناتو»، اليوم (السبت) في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وطبقاً لمعلومات من مصادر داخل الحلف، ناقش الجانبان الاجتياح الروسي المستمر لأوكرانيا، بالإضافة إلى قضية الإنفاق الدفاعي لأعضاء «الناتو»، بين قضايا أخرى.

كما اجتمع روته وفريقه أيضاً مع مايكل والتز، الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، وأعضاء آخرين بفريق الأمن القومي للرئيس المنتخب، حسب بيان «الناتو».

وكان روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق، أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية. وتولى روته منصب الأمين العام للناتو في أكتوبر (تشرين الأول).

ومن المقرر أن يعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات في بروكسل (الثلاثاء)؛ لبحث الوضع. وتقول كييف إنها تتوقَّع قرارات «ملموسة» من حلفائها.

واختار ترمب، يوم الأربعاء، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي. وأوضح ترمب في بيان أن ويتاكر «محارب قوي، ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار». غير أن اختياره ويتاكر ممثلاً لدى «الناتو»، عُدَّ اختياراً غير اعتيادي، نظراً لخلفيته بصفته محامياً، وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة أن ترمب، يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال فترة رئاسته الأولى من 2017 إلى 2021، مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل أيضاً منصب سفير واشنطن لدى ألمانيا، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب. ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً لتلك المصادر. وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك.