ماكرون ما زال يبحث عن رئيس حكومة بعد 8 أسابيع على الانتخابات

أسماء تظهر وأخرى تختفي وليس مستبعداً أن يفاجئ الرئيس الفرنسيين باسم جديد

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي تييري بوديه، أحد الأسماء المطروحة لتشكيل الحكومة العتيدة في صورة مشتركة مأخوذة في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي تييري بوديه، أحد الأسماء المطروحة لتشكيل الحكومة العتيدة في صورة مشتركة مأخوذة في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون ما زال يبحث عن رئيس حكومة بعد 8 أسابيع على الانتخابات

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي تييري بوديه، أحد الأسماء المطروحة لتشكيل الحكومة العتيدة في صورة مشتركة مأخوذة في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي تييري بوديه، أحد الأسماء المطروحة لتشكيل الحكومة العتيدة في صورة مشتركة مأخوذة في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

حتى بعد ظهر الثلاثاء، لم يكن قد خرج الدخان الأبيض من إحدى مداخن قصر الإليزيه ليبشر الفرنسيين بأن رئيسهم قد اختار، أخيراً، الشخصية التي تناسبه لتشكيل الحكومة الجديدة.

وما يحصل هو أن إيمانويل ماكرون ما زال يشاور يميناً ويساراً ويلتقي شخصيات ومرشحين من اليمين واليسار، ومنهم من ليس له لون سياسي محدد، ويخرج من قبعته «أرانب جديدة»، ويوهم هذا بأنه الشخص المختار، وليعلم ذاك بأن الشروط والظروف المطلوبة لتحميله مسؤولية استيلاد الحكومة الجديدة غير متوافرة.

ويرى كثيرون أن ماكرون بصدد كتابة وإخراج مسلسل طويل انطلقت حلقته الأولى مع الإعلان، ليل 7 يوليو (تموز) عن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التي خسرها معسكره، وحل تحالف اليسار والخضر في مرتبتها الأولى. فماكرون، مدعوماً من معسكره الذي يُطلق عليه «الكتلة الوسطية» ومن اليمين بجناحيه المعتدل والمتطرف، رفض تسليم مفاتيح السلطة التنفيذية إلى لوسي كاستيه، مرشحة تحالف اليسار والخضر، بحجة الحرص على «استقرار المؤسسات»، ولأن حكومة يسارية ترأسها متمسكة بتنفيذ برنامج «الجبهة الشعبية الجديدة» ستسقط لدى أول اختبار في البرلمان.

ولم تتأخر الاتهامات التي استهدفت ماكرون «المتنكر للديمقراطية»، الذي «يدوس على نتائج الانتخابات وخيار الفرنسيين»، ودفعت حزب «فرنسا الأبية» إلى إطلاق حملة تنحيته استناداً للدستور.

رئيس الوزراء الفرنسي الاشتراكي السابق برنار كازنوف، أحد المرشحين البارزين لتسلم رئاسة الحكومة (أرشيفية - أ.ف.ب)

بيد أن ماكرون لم يرف له جفن، لأن العقبات السياسية والدستورية تحول قطعاً دون إخراجه من الإليزيه. من هنا، بدأت الحلقة الثانية التي عنوانها إطلاق حملة استشارات مطولة من ثلاثة أيام شملت رؤساء الأحزاب والمجموعات في مجلسي النواب والشيوخ، واستكملها الثلاثاء باستقبال رئيسي الجمهورية السابقين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولند. وهم ماكرون من كل هذه اللقاءات التي لم يتردد سياسيون في وصفها بـ«المسرحية» أن «يجس» نبض المجموعات البرلمانية ليرى نوعية ردود فعلها حال تسمية شخصية من اليمين أو اليسار أو من المجتمع المدني.

3 أسماء جديدة

خلال الأيام الأخيرة، برزت ثلاثة أسماء، أولها برنار كازنوف، رئيس آخر حكومة في عهد فرنسوا هولند، وقد انفصل عن الحزب الاشتراكي وأسس حزباً صغيراً برئاسته. وكازنوف معروف برصانته واعتداله وقد التقاه ماكرون صباح الاثنين في الإليزيه. وفائدة الإيحاء بتكليف كازنوف أنه يثير انقساماً داخل «الجبهة الشعبية الجديدة» وداخل الحزب الاشتراكي نفسه بين من يقبل التعامل معه وبين من يرفضه بحجة التخوف من سيره في سياسات ماكرون التي يرى اليسار أنها أثبتت فشلها، والتي لا تتوافق أبداً مع برنامجه.

ورغم هذه العوائق التي صعب التغلب عليها، فإن ماكرون تواصل مجدداً مع قادة اليمين التقليدي الذين تنادوا لاجتماع بغرض تحديد موقفهم من تسمية برتراند ووضعوا لذلك شرطين: الأول أن تعمد الحكومة الجديدة إلى تنفيذ مجموعة من المقترحات لقوانين تشريعية في البرلمان، أبرزها رفض التراجع عن قانون إصلاح سن التقاعد، والثاني، ألا تواجه برتران أكثرية في البرلمان تتمكن من إسقاطه. ثم هناك عنصر آخر كامن ولا يتحدث عنه أحد علناً وعنوانه التنافس بين برتراند وبين لوران فوكييز، رئيس حزب «اليمين الجمهوري»، وكلاهما طامح للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستحل في عام 2027. وليس مستغرباً أن يرى الثاني في الأول، حال وصل إلى رئاسة الحكومة، منافساً جدياً. ولذا، فإن مصلحته الشخصية قد تدفعه إلى تعطيل تسمية منافسه لرئاسة الحكومة.

لوسي كاستيه مرشحة اليسار والخضر استبعدها الرئيس الفرنسي من السباق (أرشيفية - أ.ف.ب)

أما الاسم الثاني فهو الوزير السابق كزافيه برتراند، رئيس منطقة شمال فرنسا، وهو عضو في حزب «الجمهوريون» الذي غيّر اسمه بعد الانتخابات الأخيرة إلى «اليمين الجمهوري»، لأن رئيسه «الرسمي» أريك سيوتي، التحق باليمين المتطرف ممثلاً بحزب «التجمع الوطني». والحال أن تسمية برتراند لا توفر لحكومة يرأسها الأكثرية في البرلمان وحاله في ذلك حال برنار كازنوف. ذلك أن ضم نواب اليمين (44 نائباً) إلى نواب الكتلة الوسطية (163 نائباً) لن يوفر للحكومة الجديدة الأكثرية المطلقة المشكلة من 289 نائباً. وسارعت كتلة اليمين المتطرف (144 نائباً) التي ترأسها المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبن إلى الإعلان عن رفضها لبرتراند واستعدادها طرح الثقة به. وسبق لكتلة اليسار والخضر (193 نائباً) أن أكدت أنها ستعارض أي حكومة يمينية مهما تكون هوية رئيسها. ولذا، فإن هاتين المجموعتين، في حال صوتتا في الاتجاه نفسه، قادرتان على إسقاط حكومة برتراند لدى أول طرح للثقة به.

يتضح مما سبق أن ماكرون يجد نفسه في مواجهة عقدة عصية على الحل. وللخروج من هذا المأزق، خرج فجأة إلى العلن اسم تييري بوديه، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئوي. والأخير لا يعرفه الجمهور ولم يسبق له أن تسلم أي حقيبة وزارية أو انتخب نائباً أو رئيساً لبلدية أو دائرة أو منطقة، بالتالي فإنه عديم التجرية السياسية. بيد أن مجموع هذه العناصر لا تنسف أهمية هذا الرجل الذي بدأ حياته المهنية مدرساً، ثم انتقل إلى قطاع الهيئات التضامنية ليعمل مع النقابات ومؤسسات الرعاية، قبل أن يُسمى لرئاسة المجلس الاقتصادي في عام 2021، وسبق للرئيس ماكرون أن تعاون معه في تنظيم وإدارة إحدى مبادرات ماكرون الحوارية.

الوزير السابق كزافيه برتراند لا يخفي طموحه بأن يكون رئيساً للحكومة الجديدة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وإذا كان اسم بوديه قد برز الاثنين وسُرب خبر سعي الإليزيه للعثور على مدير لمكتبه، في حال تسميته، فإن حظوظه تراجعت الثلاثاء ما يؤكد أحد ثوابت السياسة الفرنسية، ومؤداها أن لا يقين في التعيينات السياسية قبل أن يُعلن عنها وتصبح رسمية. ومن الأمثلة على ذلك أن كاترين فوترين، وزيرة العمل والصحة في الحكومة المستقيلة، رُوج بشكل واسع ليلاً في أوساط الإليزيه أنها ستعين رئيسة للحكومة بعد إعادة انتخاب ماكرون في عام 2022، إلا أن خيار رئيس الجمهورية وقع أخيراً على إليزابيث بورن. وثمة من يرى أن لنيكولا ساركوزي دوراً في تغليب حظوظ برتراند باعتبار أن الرئيس الأسبق دعا علناً، من على صفحات جريدة «لوفيغارو»، إلى تكليف شخصية يمينة وهو يدعو، منذ سنوات، اليمين الفرنسي إلى التعاون مع الرئيس الحالي. وثمة أسماء أخرى طرحت منها اسم كريم بوعمران، الاشتراكي ورئيس بلدية سان أوان، واسم رئيس بنك فرنسا المركزي فرنسوا فيلوروا دو غالهو.

قد يكون أحد الأسماء هو الشخصية الموعودة وقد لا يكون. ماكرون دأب على مفاجأة مواطنيه، والمؤكد أنه لا يريد مرشحاً يحجب الأنوار عنه، أو يسير بعكس سياسته أو يقلص صلاحياته. وحتى اليوم أمضى وقتاً طويلاً في المشاورات بينما فرنسا تحتاج لحكومة كاملة الصلاحيات سريعاً جداً.



الأمم المتحدة قلقة بشأن «تصعيد جديد» للحرب في أوكرانيا

جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على أوكرانيا (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة قلقة بشأن «تصعيد جديد» للحرب في أوكرانيا

جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على أوكرانيا (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على أوكرانيا (أ.ف.ب)

أعرب مسؤول كبير في الأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، عن قلقه بشأن «تصعيد جديد» للحرب في أوكرانيا، داعيا الأطراف المعنيين إلى الامتناع عن أي أعمال وخطابات تهدّد بتفاقم الصراع المستمر منذ حوالى ثلاث سنوات، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أوروبا ميروسلاف جينكا أمام مجلس الأمن الدولي: «في الأيام الأخيرة، شهدنا علامات مثيرة للقلق على مزيد من التصعيد في هذه الحرب المتفجّرة».

وأشار جينكا بشكل خاص إلى استخدام روسيا لصاروخ باليستي جديد متوسط المدى (يصل إلى 5500 كيلومتر) وصل إلى مدينة دنيبرو الأوكرانية.

وبرّرت روسيا استخدام هذا الصاروخ بأنّه بمثابة «رد» على الهجمات الأوكرانية الأخيرة على أراضيها بصواريخ أميركية وبريطانية. وتعهّدت الثلاثاء بـ«رد» جديد على ضربتين أوكرانيتين جديدتين بصواريخ «اتاكمس» الأميركية.

وأضاف جينكا: «ليس لدى الأمم المتحدة تفاصيل إضافية بشأن هذه الأحداث، بما في ذلك نوع الأسلحة المستخدمة. غير أنّ استخدام صواريخ باليستية وإطلاق تهديدات، يشكّلان تطوّرا خطيرا نحو تصعيد» الحرب.

وتابع: «ندعو جميع الأطراف إلى اتخاذ تدابير فورية باتجاه وقف التصعيد والامتناع عن أي عمل أو خطاب من شأنه أن يزيد من حدّة هذه الحرب ويعرّض السلام والأمن الإقليميين والدوليين لخطر شديد»، مكرّرا التأكيد أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 شكّل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.