بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

موسكو تقول إنها تواجه تحالفاً من 50 بلداً وصواريخها تدك كييف ليلاً

TT

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ)
بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ)

توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، بحسم المعركة في كورسك سريعاً، مشدداً على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

وتعهد الرئيس الروسي خلال لقاء مع تلاميذ مدرسة في جمهورية توفا ذاتية الحكم (جنوب سيبيريا) بمناسبة انطلاق العام الدراسي الجديد في روسيا بأنه «سوف يتولى» أمر الجنود الأوكرانيين المنخرطين في الهجوم على منطقة كورسك الحدودية منذ مطلع أغسطس (آب)، بينما شدد على أن العملية لن «توقف» تقدّم قواته في شرق أوكرانيا.

بوتين ومرافقون ينزلون درجاً لمعبد بوذي في جمهورية توفا الروسية الاثنين (رويترز)

وخاطب التلاميذ مؤكداً أن أوكرانيا تسعى إلى «وقف عملياتنا الهجومية في أجزاء أساسية من منطقة دونباس. النتيجة معروفة... لم ينجحوا في وقف تقدمنا في دونباس... علينا تولّي أمر قطّاع الطرق هؤلاء الذين تسللوا إلى الأراضي الروسية في منطقة كورسك، والذين يحاولون زعزعة استقرار الوضع في المناطق الحدودية بالمجمل».

وتوغلت القوات المسلّحة الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية، خلال الأسبوع الأول من أغسطس الماضي، فيما وُصف بأنه أكبر هجوم بري تتعرض له روسيا منذ الحرب العالمية الثانية.

وتمكنت القوات الأوكرانية، خلال الأيام التالية، من السيطرة على مساحات إضافية من الأراضي الروسية.

متظاهرون يحملون علم أوكرانيا احتجاجاً على زيارة بوتين في عاصمة منغوليا أولان باتور الاثنين (رويترز)

وزار بوتين المنطقة في طريقه إلى منغوليا، التي يقوم بزيارة رسمية إليها في واحدة من جولاته الخارجية النادرة. واستبق زيارته بحديث أدلى به للصحافة المنغولية أكد فيه أن النخب الغربية جعلت أوكرانيا «أداة في المعركة مع روسيا». وشدد على أن «العملية العسكرية الخاصة» (التسمية الرسمية للحرب في أوكرانيا) سوف تستمر حتى تحقيق كل أهدافها، وضمان أمن روسيا ومواطنيها.

وقال: «تواصل النخب الغربية تقديم كل أشكال الدعم السياسي والمالي والعسكري لنظام كييف، معتبرة إياه سلاحاً في المعركة مع روسيا. نحن ندرك كل ذلك، وسنواصل عمليتنا العسكرية لضمان أمن روسيا ومواطنينا».

ورأى أن «السبب الرئيسي في مأساة أوكرانيا هو السياسة المتعمدة المناهضة لروسيا التي ينتهجها الغرب بقيادة الولايات المتحدة».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث في مؤتمر صحافي الاثنين (رويترز)

وأعلن الكرملين أن بوتين، الذي أصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرة اعتقال ضده العام الماضي، يزور منغوليا، الثلاثاء، بدعوة من الرئيس المنغولي أوخناغين هورالسوخ، لحضور احتفالات الذكرى الخامسة والثمانين لنصر الجيش السوفياتي على اليابان، وتحرير منغوليا إبان الحرب العالمية الثانية.

في الوقت ذاته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مشاركته في افتتاح العام الدراسي في معهد العلاقات الدولية التابع لـ«الخارجية الروسية»، إن الغرب سعى تاريخياً إلى تدمير روسيا نظراً لقوتها واستقلالها الزائدين». وزاد أن «الغرب حشد اليوم 50 دولة معادية لروسيا تحت راية نظام زيلينسكي النازي».

وأضاف أن «التاريخ يعيد نفسه اليوم، الغرب يواجهنا بتحالف يضم 50 بلداً يسعى لجعل روسيا منطقة تابعة ليتسنّى له فعل كل ما يحلو له على أراضي بلادنا الشاسعة».

أضاف لافروف: «كل من يبدي استقلاله، ويدافع عن مصالحه الوطنية في إطار القانون الدولي، ويرفض اللعب حسب القواعد الغربية، يتعرض للهجوم. من الواضح أن جميع محاولات الغرب هذه تؤكد احتضاره عموماً. جميع تطلعاتهم هذه تتعارض مع المسار الموضوعي للتاريخ، ومحكوم عليها بالفشل».

صورة وزعها حاكم منطقة بيلغورود الروسية بعد انفجار قذيفة أوكرانية الاثنين (إ.ب.أ)

ورأى أن «روسيا بوصفها قوة عالمية تلعب دوراً متوازناً في السياسة الدولية، ولدينا شريك موثوق به هو الصين، ويؤكد الرئيس بوتين والرئيس شي جينبينغ في اللقاءات والاتفاقات المشتركة أن الجانبين يسعيان لتحقيق الاستقرار على الساحة الدولية... لن نندمج في إطار القواعد الغربية التي صيغت من دون مشاركتنا ومراعاة المصالح الروسية، وسنواصل الدفاع عن أسس القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، ولكن ليس على طريقة الغرب الذي ينطلق من أهوائه، بل وفقاً لميثاق الأمم المتحدة».

هجوم صاروخي روسي

إضافة إلى ذلك، شنت موسكو هجوماً صاروخياً واسعاً جديداً، ليلة الاثنين، استهدف العاصمة الأوكرانية ومناطق عدة، وسط تصاعد المطالبات الأوكرانية للبلدان الغربية بوضع آليات مشتركة لتعزيز الدفاعات الصاروخية الأوكرانية.

وأعلنت السلطات الأوكرانية أن دفاعاتها الجوية أسقطت 22 صاروخاً روسياً، ليل الأحد - الاثنين، خلال هجمات استهدفت كييف وشمال شرق أوكرانيا، وأسفرت عن إصابة مدنيين.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: «خلال الليل، أطلقت روسيا 35 صاروخاً بينها صواريخ باليستية، و23 طائرة دون طيار على أوكرانيا».

وأكدت القوات الجوية الأوكرانية في بيان أن روسيا هاجمت كييف ومناطق في شمال شرقي البلاد بـ14 صاروخ «كروز» و16 صاروخاً باليستياً و4 صواريخ مضادة للطائرات وصاروخ آخر من طراز «لم يُحدّد» بعد.

وأشار المصدر الى أنه من بين الصواريخ الـ 35، أُسقطت 22 هي 9 باليستية من طراز «إسكندر»، و13 «كروز» من طراز «كيه إتش - 101».

كما أكدت القوات الجوية إسقاط 20 مسيّرة من طراز «شاهد» إيرانية الصنع من أصل 23 مسيّرة شاركت في الهجوم الليلي.

واستهدفت الهجمات، فضلاً عن العاصمة كييف، مناطق في مدينة سومي الحدودية التي تنطلق منها الإمدادات إلى القوات الأوكرانية المتوغلة في كورسك، ومناطق في محيط خاركيف (شرقاً)، حيث صعدت موسكو هجماتها خلال الآونة الأخيرة.

طالبة أوكرانية تنظر إلى منشأة تعليمية أصابها القصف الروسي في كييف الاثنين (أ.ب)

وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك: «سيكون هناك رد على كل ما حدث، وسيشعر به العدو».

وفي الجانب الروسي، أبلغ حاكم منطقة بيلغورود، فياتشسلاف غلادكوف، خلال الليل، عن هجوم جوي أوكراني أدى إلى إصابة امرأة، وإلحاق أضرار بمركز تجاري وآخر للبنى التحتية في مدينة بيلغورود.

وكانت كييف قد طالبت الغرب بالمشاركة في التصدي للهجمات الصاروخية الروسية داخل الأجواء الأوكرانية، لكن موسكو حذرت من أن «الدولة التي تحاول إسقاط صاروخ فوق أراضي أوكرانيا ستصبح مشاركاً مباشراً في النزاع».

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» إن الدول المجاورة لأوكرانيا، على الرغم من اعتراضات «الناتو»، «ملزمة» بإسقاط الصواريخ الروسية التي تقترب منها قبل دخول مجالها الجوي. بينما انتقد زيلينسكي تردد «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) في مساعدة بلاده في حماية الأجواء أمام القصف الصاروخي الروسي، وقال إن الدول المجاورة لأوكرانيا تخشى اعتراض الصواريخ الروسية تفادياً للرد الروسي، مجدداً دعوة حلفائه لحماية أجواء أوكرانيا من القصف الروسي.

وقال: «الشركاء يخافون التصعيد، لكن كييف تنوي دفع النقاشات حول هذا الموضوع».

وشدد زيلينسكي على «ضرورة تشكيل تحالف من دول الجوار؛ لأن هذه مسؤولية كبيرة جداً على عاتق بلاده التي تواجه روسيا وحيدة».


مقالات ذات صلة

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

أوروبا جنازة جندي أوكراني قتل خلال المعارك في كورسك (أ.ب)

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

سلمت موسكو جثث 502 من الجنود الأوكرانيين الذين لقوا حتفهم في المعارك ضد القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي قوات روسية في سوريا (أرشيفية)

روسيا المنخرطة في أوكرانيا... كيف تواجه معارك سوريا؟

دخلت موسكو على خط المعارك الساخنة في سوريا بعد اندلاع أوسع مواجهات تشهدها البلاد منذ عام 2020؛ فما خيارات روسيا المنخرطة في الحرب الأوكرانية؟

رائد جبر (موسكو)
أوروبا وزير الدفاع الروسي أندري بيلوسوف مع نظيره الكوري الشمالي نو كوانغ تشول (أ.ب)

أوكرانيا تقصف مستودعاً للنفط ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي

أوكرانيا تقصف ليلاً مستودعاً للنفط بروستوف في روسيا ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي في منطقة زابوريجيا بجنوب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (باريس) «الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

قال مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور، إن روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا، وإن بوتين لن يتوقف عند حد تحويل أوكرانيا إلى دولة خاضعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

ميركل تدعو للتفكير بحلول دبلوماسية موازية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

ناشدت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أوكرانيا وداعميها التفكير بالتوازي في حلول دبلوماسية، في خضم معترك إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

فرنسا ترفض توضيح موقفها من توقيف بوتين بموجب مذكرة «الجنائية الدولية»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)
TT

فرنسا ترفض توضيح موقفها من توقيف بوتين بموجب مذكرة «الجنائية الدولية»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)

أحجمت فرنسا، اليوم الخميس، عن الإفصاح عن استعدادها لاعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية من عدمه، في وقت تتعرض فيه باريس لضغوط بسبب موقفها من مذكرة اعتقال مماثلة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الأسبوع الماضي، مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، والقائد العسكري في حركة «حماس» محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف باسم محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الصراع في قطاع غزة.

وجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا، من الموقعين لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لكن باريس قالت، الأربعاء، إنها تعتقد أن نتنياهو يتمتع بحصانة من إجراءات المحكمة؛ لأن إسرائيل لم توقع نظام المحكمة.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أيضاً مذكرة بحق بوتين، واتهمته بارتكاب جريمة حرب تتمثل في ترحيل مئات الأطفال بشكل غير قانوني من أوكرانيا، وذلك على الرغم من أن روسيا ليست من الدول الموقعة لظام روما الأساسي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف لوموان، الخميس، إن الموقف القانوني لفرنسا بشأن مذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق بوتين ونتنياهو يظل واحداً بشكل أساسي، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكر لوموان، للصحافيين: «ربما كنا أقل تحديداً عند التعليق على قضية بوتين مقارنة بالقضية الحالية، لكن موقفنا يظل متطابقاً على أي حال».

ورداً على سؤال عما إذا كان هذا يعني أن فرنسا لن توقف بوتين إذا وطئت قدماه الأراضي الفرنسية، أجاب لوموان: «في ما يتعلق بفلاديمير بوتين، فإن كل من ارتكب جرائم لا يمكن أن يفلت من العقاب. تجب محاسبتهم على أفعالهم، وقلنا دائماً إننا سنطبق القانون الدولي في جميع جوانبه».

لكنه أضاف أن مسألة الحصانة، التي ذكر أنها منصوص عليها في نظام روما الأساسي، «معقدة»، وأن وجهات نظر الدول تختلف أحياناً بشأن هذه القضية.