الأزمة السياسية في فرنسا تتفاقم

اليسار يدعو للنزول إلى الشارع

لوسي كاستيه مرشحة جبهة اليسار التي رفض ماكرون تكليفها رئاسة الحكومة لدى مشاركتها في اجتماع لحزب فرنسا الأبية الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
لوسي كاستيه مرشحة جبهة اليسار التي رفض ماكرون تكليفها رئاسة الحكومة لدى مشاركتها في اجتماع لحزب فرنسا الأبية الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

الأزمة السياسية في فرنسا تتفاقم

لوسي كاستيه مرشحة جبهة اليسار التي رفض ماكرون تكليفها رئاسة الحكومة لدى مشاركتها في اجتماع لحزب فرنسا الأبية الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
لوسي كاستيه مرشحة جبهة اليسار التي رفض ماكرون تكليفها رئاسة الحكومة لدى مشاركتها في اجتماع لحزب فرنسا الأبية الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

فرنسا تغرق أكثر فأكثر في أزمتها السياسية. وبعد أكثر من خمسين يوماً على الانتخابات البرلمانية التي خسرها المعسكر الرئاسي وحلّ فيها تحالف اليسار والخضر في المرتبة الأولى، من غير الحصول على أكثرية مطلقة، ما زال الرئيس إيمانويل ماكرون يشاور رؤساء الأحزاب والمجموعات النيابية للخروج من المأزق السياسي الذي قد يذهب في اتجاهات مقلقة، خصوصاً في ضوء إصراره على رفض حكومة يسارية.

إزاء هذا المأزق، كان من الطبيعي أن تأتي ردود اليسار والخضر عنيفة، وأن تنهال الاتهامات على ماكرون.

فقد اتهمت مارين توندوليه، الأمينة العامة لحزب الخضر، ماكرون بـ«الانقلاب على نتائج الانتخابات». واتهم أوليفيه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، ماكرون بـ«زرع الفوضى» وليس البحث عن الاستقرار.

من جهته، قرر حزب «فرنسا الأبية» نقل المعركة إلى الشارع بالدعوة إلى تعبئة شعبية يوم 7 سبتمبر (أيلول)؛ وذلك «رفضاً للانقلاب الذي قام به ماكرون».


مقالات ذات صلة

السودان: 500 يوم على حرب بلا أفق

شمال افريقيا سودانيون يشقون طريقهم في شارع تغمره مياه الفيضانات في بلدة تنغاسي الشمالية أمس (أ.ف.ب)

السودان: 500 يوم على حرب بلا أفق

نهبت حرب السودان 500 يوم من أعمار مواطنيه، أمس، وتكرَّس غياب «الأفق السياسي» للأزمة التي صنَّفتها منظمات دولية كإحدى «أسوأ الأزمات الإنسانية» في العالم.

أحمد يونس (كمبالا)
شؤون إقليمية كايد القاضي وسط جنود إسرائيليين بعد إخراجه من الاحتجاز في غزة (إ.ب.أ)

إسرائيل تسترجع رهينة... ونتنياهو يتشدد

أعلنت إسرائيل، أمس، استرجاع أسير آخر من الأنفاق في قطاع غزة، وسط مخاوف من أن يدفع ذلك برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى مزيد من التشدد في مفاوضات الهدنة.

نظير مجلي ( تل أبيب) كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما تُعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

مذكرة عراقية لاعتقال المتهم بـ«سرقة القرن»

أصدرت محكمة «الفساد» العراقية مذكرة قبض بحق المتهم الرئيسي بـ«سرقة القرن»، وألغت كفالة مُنحت له لاسترداد أموال الأمانات الضريبية.

حمزة مصطفى ( بغداد)
أوروبا 
زيلينسكي في مؤتمر صحافي وتظهر خلفه المقاتلة «إف-16» (أ.ب)

زيلينسكي: الحرب مع روسيا ستنتهي بالحوار

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، أن الحرب مع روسيا ستنتهي في نهاية المطاف عبر الحوار، لكن بلاده تريد تعزيز موقفها التفاوضي من خلال مكاسبها

إيلي يوسف ( واشنطن) رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية محمد جواد ظريف (تسنيم)

ظريف يتراجع عن استقالته

أعلن وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، أمس، عودته إلى منصبه نائباً لرئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية. وكتب على منصة «إكس» أنه اتخذ قراره في

«الشرق الأوسط» (طهران)

تقرير: الهجوم الأوكراني على كورسك مغامرة غير مدروسة

آلية عسكرية أوكرانية عند الحدود الروسية - الأوكرانية (أ.ف.ب)
آلية عسكرية أوكرانية عند الحدود الروسية - الأوكرانية (أ.ف.ب)
TT

تقرير: الهجوم الأوكراني على كورسك مغامرة غير مدروسة

آلية عسكرية أوكرانية عند الحدود الروسية - الأوكرانية (أ.ف.ب)
آلية عسكرية أوكرانية عند الحدود الروسية - الأوكرانية (أ.ف.ب)

في الأسبوع الأول من الشهر الحالي توغلت القوات المسلحة الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية فيما وصف بأنه أكبر هجوم بري تتعرض له روسيا منذ الحرب العالمية الثانية. وتمكنت القوات الأوكرانية من السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الروسية، فيما أثار ردود فعل متباينة بين المحللين والمتابعين، خاصة أن روسيا ردت قبل يومين بأكبر هجوم جوي على الأراضي الأوكرانية منذ بدء الحرب بين البلدين في فبراير (شباط) 2022.

زيلينسكي خلال زيارته سومي قرب الحدود مع روسيا الأسبوع الماضي (أ.ب)

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية قال الدكتور جيمس هولمز رئيس كرسي جيه.سي ويلي للاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية الأميركية والزميل في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة جورجيا الأميركية إن «كبار الخبراء الاستراتيجيين على مر التاريخ لو كانوا بيننا الآن لوبخوا قيادة أوكرانيا على شن هذا الهجوم بسبب تداعياته الخطيرة على أوكرانيا.

ورغم أن المفكر الاستراتيجي الألماني الراحل كارل فون كلاوسفيتس كان يؤيد فتح مسارح قتال ثانوية في ظروف معينة لتشتيت قوة العدو، لكنه فعل ذلك على مضض وحذر من أن يكون ذلك على حساب النجاح في مسرح العمليات الرئيسي والذي يمثل في نهاية المطاف المسرح الأهم بالنسبة لقيادة الجيش».

ويرى هولمز، كما جاء في تحليل الوكالة الألمانية، أن الاستراتيجية تعني قبل أي شيء تحديد الأولويات وتنفيذها. وهذا يتطلب ضبط النفس. وبالتالي من غير المنطقي من الناحية الاستراتيجية المخاطرة بالأهم من أجل شيء أقل أهمية، مهما كان ذلك مغريا. وبالنسبة لأوكرانيا التي تخوض معركة وتواجه خطرا مدمرا، يجب أن تكون الأولوية القصوى للاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الأرض الأوكرانية في حين تسعى إلى استعادة الأرض التي سيطرت عليها روسيا في بداية الحرب، بدلا من التوغل في أرض روسية لن تحقق أكثر من مكسب دعائي بلا أي فائدة حقيقية.

ويقول كلاوسفيتس صاحب كتاب «الحرب» الشهير إن فتح أي مسرح ثانوي أثناء القتال يجب أن يخضع لثلاثة محددات هي «العائد والمخاطرة والموارد»، أي إنه يجب أن يكون لدى القيادة العسكرية الموارد الكافية لفتح هذا المسرح دون أن يؤثر ذلك على المجهود الحربي في المسرح الرئيسي، وأن تكون المخاطر محسوبة، وأخيرا أن يكون العائد المنتظر أكثر من مجرد مكاسب يعد الحصول عليها أمرا محبوبا وإنما يكون «مكسبا استثنائيا».

بايدن مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بواشنطن في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

وفي كل الأحوال كان المفكر الاستراتيجي الكبير يقول إذا لم يكن من الضروري فتح مسرح ثانوي فمن الضروري عدم فتحه.

ويقول هولمز: هل يعتقد أحد أن القوات الأوكرانية تتمتع بتفوق عسكري حاسم على روسيا في مسرح العمليات الرئيسي بشرق أوكرانيا؟ إذا لم تكن الإجابة بنعم، فإن كييف ستكون أقدمت على مخاطرة غير مقبولة بفتح جبهة ثانوية في كورسك من وجهة نظر كلاوسفيتس الذي عاش خلال الفترة من 1780 إلى 1831، والذي كان سينتقد بالتأكيد القادة العسكريين والسياسيين الأوكرانيين بسبب عدم انضباطهم الاستراتيجي. وربما لن ينتقد المفكر العسكري الصيني القديم صن تسو صاحب كتاب «فن الحرب» التوغل الأوكراني في كورسك، بل إن تسو كان سينصح جنرالات أوكرانيا بتبني نهج انتهازي شديد المرونة في التعامل مع العمليات في ساحة المعركة، باستخدام خطوط قتال «مباشرة» والتي تترجم أحيانا بكلمة «عادية» أو «تقليدية» وخطوط «غير مباشرة» تترجم أحيانا بكلمة «استثنائية» أو «غير تقليدية».

في ظاهره، يمكن أن يكون غزو أوكرانيا لكورسك هجوما واسعا غير مباشر يرضي صن تسو. فلا شك أن هذا الهجوم فاجأ موسكو. ولكن هذا هو جوهر الأمر. فمثله كمثل كلاوسفيتس بعد ألفي عام، كان الحكيم الصيني مهتما دائما بعنصري المخاطر والموارد. فإذا كان الجيش يضم عشرة أضعاف عدد جنود العدو، فإنه يحث الجنرال على إصدار الأوامر بتطويق العدو وإذا كان عدد جنوده خمسة أضعاف عدد جنود العدو، فإنه يتعين على الجنرال مهاجمة العدو، وهكذا كلما قلت نسبة تفوق قوات الدولة على قوات العدو، قلت قدرة القائد على المجازفة، وإذا ما قرر المجازفة في هذه الحالة فستكون النتيجة كارثية.

ويقول صن تسو: «إذا كانت قوتك أقل من قوة العدو من الناحية العددية فحاول الانسحاب» وإذا كانت القوة أقل من قوة العدو بكل المقاييس فحاول الهرب منه لأن القوة الصغيرة هي في النهاية غنيمة للقوة الأكبر. ويقول هولمز إنه إذا نظرنا إلى الحرب بين روسيا أوكرانيا من منظور تعداد جيش كل دولة منهما، فمن الصعب تصور أن صن تسو كان سيؤيد توغل أوكرانيا في روسيا. ورغم أن الجيش الأوكراني يقاتل بطريقة استثنائية مدهشة منذ بداية الغزو الروسي، فإنه لا يمكن أن يخفي ذلك حقيقة أن أوكرانيا كانت وستظل الطرف الأضعف في مواجهة عدو أكبر وأكثر موارد، ويرى أن مصالحه الحيوية على المحك ومستعد لاستخدام كل ما يملكه من وسائل للدفاع عنها. فأوكرانيا أضعف من روسيا وفق أغلب المقاييس وعليها أن تتصرف وفقا لهذه الحقيقة.

قوات أوكرانية (أ.ف.ب)

أخيرا يمكن القول إن صوت كلاوسفيتس القادم من أوروبا في القرن التاسع عشر وصوت صن تسو القادم من الصين منذ أكثر من ألفي عام يحثان كييف على وقف عملية كورسك وتركيز قواتها للدفاع عن أشياء أكثر أهمية.