رئيس وزراء الهند يصل إلى كييف لعقد اجتماع تاريخي مع الرئيس الأوكراني

كييف ترى زيارته مهمة لأن نيودلهي «لديها حقاً تأثير معين» على موسكو

مودي يعانق زيلينسكي (أ.ب)
مودي يعانق زيلينسكي (أ.ب)
TT

رئيس وزراء الهند يصل إلى كييف لعقد اجتماع تاريخي مع الرئيس الأوكراني

مودي يعانق زيلينسكي (أ.ب)
مودي يعانق زيلينسكي (أ.ب)

أعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، خلال مؤتمر صحافي في وارسو مع نظيره البولندي دونالد توسك قبل توجهه إلى كييف في زيارة تاريخية لأوكرانيا، عن اعتقاده بأنه لا يمكن حل الصراع في ساحة المعركة في الحرب الدائرة مع روسيا. وقال توسك بعد محادثاته مع مودي: «إنني سعيد للغاية لأن رئيس الوزراء أكد مجدداً استعداده للعمل بشكل شخصي لوضع نهاية سلمية وعادلة وسريعة للحرب».

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في وارسو (أ.ف.ب)

ووصل مودي إلى كييف، صباح الجمعة، بالقطار من بولندا، أشد حلفاء أوكرانيا. لعقد اجتماع تاريخي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ومودي أول رئيس وزراء هندي يزور أوكرانيا.

وقال ميخايلو بودولياك، المستشار بمكتب الرئيس الأوكراني، لـ«رويترز» إن زيارة مودي إلى كييف مهمة؛ لأن نيودلهي «لديها حقاً تأثير معين» على موسكو. وأضاف: «من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نبني علاقات فعالة مع مثل هذه الدول، لنشرح لها ما هي النهاية الصحيحة للحرب، وأن ذلك يصب في مصلحتها أيضاً».

وهذه أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء الهند إلى أوكرانيا، منذ أن أصبحت البلاد مستقلة عن الاتحاد السوفياتي في عام 1991. ويتم مراقبة الاجتماع مع زيلينسكي عن كثب، بعد أن انتقد الرئيس الأوكراني بشدة مودي، بسبب زيارته رفيعة المستوى إلى موسكو، قبل ستة أسابيع، وأجرى خلالها محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

مودي مع زيلينسكي في زيارة تاريخية لكييف (إ.ب.أ)

وكان قد أثار مقطع فيديو لمودي وبوتين في يوليو (تموز) وهما يتعانقان دهشة في أوروبا وواشنطن، لا سيما لأنها جاءت بعد وقت قصير من هجوم روسي مميت على مستشفى للأطفال في كييف.

وانتقد زيلينسكي مودي بسبب زيارته لروسيا، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: «إنها خيبة أمل كبيرة وضربة قاسية لجهود السلام أن نرى زعيم أكبر ديمقراطية في العالم، يعانق أعنف مجرم في العالم، في مثل هذا اليوم في موسكو».

وتتعامل الهند دبلوماسياً مع كل من أوكرانيا وروسيا. لكن حكومة مودي تعارض العقوبات الغربية على موسكو، وهي من المشترين الرئيسيين للنفط الروسي. وتعتمد الهند بشكل كبير على روسيا للحصول على المعدات العسكرية.

مودي وزيلينسكي يحضران حفل توقيع على اتفاقات (إ.ب.أ)

مودي يسعى لـ«إرساء السلام»

ويسعى مودي لتصوير نفسه صانعاً للسلام، بعد عامين ونصف عام على الغزو الروسي، وعقب أسابيع على هجوم مضاد أوكراني في أراض روسية. وقال مودي قبيل الزيارة: «لا يمكن حل أي مشكلة في ساحة المعركة»، مضيفاً أن الهند تدعم «الحوار والدبلوماسية لإرساء السلام والاستقرار في أقرب وقت».

ويبدو أن تحقيق اختراق دبلوماسي بين موسكو وكييف أبعد من أي وقت مضى، بعد الهجوم المفاجئ لأوكرانيا على منطقة كورسك بغرب روسيا.

وقال مودي، كما نقلت عنه «الصحافة الفرنسية»، إنه يعتزم أن يناقش مع زيلينسكي «آفاق التوصل إلى حل سلمي للنزاع الدائر في أوكرانيا»، وكذلك «تعميق الصداقة بين الهند وأوكرانيا». وذكر على الشبكات الاجتماعية قبيل الزيارة: «كصديق وشريك، نأمل بعودة مبكرة للسلام والاستقرار في المنطقة».

ومن جهته، قال زيلينسكي في وقت سابق، إن «من المتوقع توقيع عدد من الوثائق» خلال الاجتماع مع مودي. وأعلنت شركة السكك الحديدية الأوكرانية وصوله ونشرت مقطعاً مصوراً يبدو فيه مترجلاً من القطار في كييف. وأكد مودي في وقت لاحق على منصة «إكس»: «وصلت إلى كييف في وقت سابق صباح اليوم. الجالية الهندية استقبلتني بحفاوة بالغة».

دبلوماسية هندية

حافظت الهند وروسيا على علاقات وثيقة منذ الحرب الباردة التي بات الكرملين فيها أكبر مزوّد للسلاح للدولة الواقعة في جنوب آسيا. لكن العلاقات بينهما شهدت توتراً على خلفية النزاع، وقد أقر بوتين في 2022 أن مودي لديه «مخاوف» بشأن الغزو الروسي. وضغطت نيودلهي على موسكو لإعادة عدد من مواطنيها الذين تقدّموا بطلبات للقيام بـ«وظائف دعم» مع الجيش الروسي، لكنهم أُرسلوا إلى خطوط المواجهة في أوكرانيا. وقتل خمسة جنود هنود على الأقل في النزاع.

اجتماع الوفد الهندي مع نظيره الأوكراني في كييف (أ.ب)

وتُتهم الهند أيضاً بالاستفادة من الغزو الروسي. وسعى مودي للتوفيق بين العلاقات الودية التي تقيمها الهند تاريخياً مع روسيا، والعمل على إقامة شراكات أمنية وثيقة مع بلدان غربية في مواجهة الصين، خصم بلاده الإقليمي. وتحاشت نيودلهي إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا صراحة، وحضت في المقابل الطرفين على حل خلافاتهما عبر الحوار المباشر. لكن إبرام اتفاق سلام يبدو الآن أبعد من أي وقت مضى.

وانتقدت الهند، التي تربطها علاقات اقتصادية ودفاعية وثيقة مع موسكو، علناً مقتل الأبرياء في الحرب. لكنها عززت أيضاً علاقاتها الاقتصادية مع موسكو بعد أن فرضت الدول الغربية عقوبات على روسيا، وقطعت العلاقات التجارية معها بسبب الغزو. وأصبحت المصافي الهندية، التي نادراً ما كانت تشتري النفط من موسكو في الماضي، من أكبر عملاء النفط الروسي المنقول بحراً. ويمثل النفط الروسي أكثر من خمسي واردات الهند من الخام. ففي ظل العقوبات الغربية أصبحت روسيا أكبر مصدّر للنفط الخام بأسعار مخفّضة للهند منذ اندلع نزاع أوكرانيا. أدى ذلك إلى إعادة صياغة علاقاتهما الاقتصادية، فاقتصدت الهند بذلك مليارات الدولارات، بينما دعمت خزينة الحرب الروسية.


مقالات ذات صلة

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

أوروبا صورة أرشيفية لترمب وستولتنبرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستدخل الحرب ضد أوكرانيا "قريبا" وكييف كرانيا تطالب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ روسيا

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

قلَّلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أهمية الهجوم الذي نفذته روسيا، الخميس، ضد أوكرانيا، بصاروخ باليستي تجريبي جديد. كما أكدت أنْ لا شيء يدعو إلى تغيير

إيلي يوسف (واشنطن)

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
TT

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية الإيطالية، وتعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

وقالت الشرطة لشبكة «سي إن إن» إنه تم اكتشاف الحيوانات النافقة في ملكية أحد مقاولي البناء في بلدة ألتوفونتي، بالقرب من باليرمو. ووفق الشبكة الأميركية، فالمشهد «المروّع» يذكّر بفيلم «العراب» أو «The Godfather» الذي عُرض عام 1972، إذ يستيقظ شخصية بالفيلم ليجد رأس حصان مقطوعاً في سريره.

وقال المقاول، الذي لم يتم الكشف عن اسمه لحمايته أثناء التحقيق الجاري، للشرطة، إنه لم يتلق أي تهديدات قبل اكتشاف الماشية النافقة، التي تم الاحتفاظ بها في عقار مجاور.

ولا تزال صناعات البناء من أبرز قطاعات الأعمال المرتبطة بالمافيا في صقلية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مديرية مكافحة المافيا.

وكثيراً ما كان المقاول المُستهدف ينفذ أعمال البناء لصالح البلدية المحلية، التي بذلت قصارى جهدها لمنع الشركات المرتبطة بالمافيا من الفوز بعطاءات، لكنه أخبر الشرطة أنه لم تتواصل معه أي مجموعة تطالبه بالمال أو الخدمات.

وقال متحدث باسم الشرطة لشبكة «سي إن إن» إن الحادث يتم التعامل معه على أنه أسلوب تخويف من قبل المافيا.

وقد يكون الحادث مرتبطاً بالإفراج مؤخراً عن 20 من أعضاء المافيا من السجون المحلية، الذين انتهت مدة عقوباتهم، و«ربما يسعون للانتقام» وفقاً لرئيس مديرية مكافحة المافيا، موريزيو دي لوسيا.

وقال دي لوسيا في سبتمبر (أيلول): «لا يمكننا أن نتخلى عن حذرنا، فالحرب ضد المافيا أصبحت أكثر صعوبة مع إطلاق سراح هؤلاء الرجال».

وقالت عمدة ألتوفونتي، أنجيلا دي لوسيا، إنها شعرت بالرعب عندما سمعت الأخبار. وأضافت لوسائل الإعلام المحلية: «لا أستطيع أن أفهم مثل هذه الوحشية... يبدو أن هذا الفعل يعيدنا إلى العصور الوسطى».

ويعد استخدام الحيوانات الميتة، وفي كثير من الأحيان الكلاب وليس الخيول، تكتيك ترهيب شائعاً في الجزيرة الواقعة بجنوب إيطاليا، وفق «سي إن إن».

وتم الإبلاغ عن العديد من الحوادث المماثلة التي تنطوي على رؤوس حيوانات مقطوعة من قبل رجال الأعمال المحليين في صقلية، ففي عام 2023 تم العثور على رأس خنزير مقطوع معلقاً في مركز الشرطة المحلي، بينما عثر مقاول أعمال محلي على رأس مقطوع لأحد عنزاته في حديقته.