بوتين يبحث «حلولاً تقنية جديدة» لمواجهة توغل كورسك

معطيات عن إعادة انتشار للقوات الروسية وتباين في المعطيات حول الوضع على الجبهات

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرأس اجتماعاً مع مسؤولين لمناقشة الأوضاع في منطقة كورسك (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرأس اجتماعاً مع مسؤولين لمناقشة الأوضاع في منطقة كورسك (أ.ف.ب)
TT

بوتين يبحث «حلولاً تقنية جديدة» لمواجهة توغل كورسك

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرأس اجتماعاً مع مسؤولين لمناقشة الأوضاع في منطقة كورسك (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرأس اجتماعاً مع مسؤولين لمناقشة الأوضاع في منطقة كورسك (أ.ف.ب)

سيطر الغموض، الجمعة، حول طبيعة الخطوات الروسية المتخذة لمواجهة التوغل الأوكراني في منطقة كورسك الروسية. وبرزت تقارير غربية تتحدث عن خطط بدأ الكرملين بتنفيذها لإعادة انتشار القوات الروسية وسحب آلاف المجندين من مناطق القتال داخل أوكرانيا لتعزيز الوضع العسكري في محيط كورسك، فيما طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمرة الأولى خلال اجتماع مغلق لمجلس الأمن القومي الروسي مسألة «تبني حلولاً تقنية» لمواجهة الموقف.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع مسؤولين (أ.ف.ب)

وتضاربت المعطيات بقوة حول الوضع على الأرض في المنطقة التي تشهد معارك ضارية منذ بدء التوغل الأوكراني صباح 6 أغسطس (آب).

وفي مقابل تأكيد الجانب الأوكراني فرض سيطرة كاملة في مدينة سودجا وإطلاق عمل مكتب تمثيلي عسكري فيها لقيادة العملية، شددت الأوساط العسكرية الروسية مجدداً على أن الوضع الميداني في المنطقة «ما زال تحت السيطرة»، وتحدثت بيانات عسكرية عن إيقاع خسائر في القوات الأوكرانية المتوغلة.

ومع التكتم الكامل الذي تفرضه موسكو حول الوضع على الجبهات، تجنبت وسائل الإعلام الروسية الكبرى التعليق أو الإشارة إلى تقارير غربية تحدثت عن بدء عمليات إعادة نشر القوات الروسية في محيط منطقة كورسك.

بينما نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية خبراً مقتضباً قالت فيه إن بوتين ترأس اجتماعاً طارئاً، حضره الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الروسي، وكرس لمناقشة ما وصف بأنه «الحلول التقنية الجديدة».

وقال بوتين، وفقاً للوكالة، في مستهل اللقاء: «سوف نتحدث اليوم عن الحلول التقنية الجديدة المستخدمة خلال العملية العسكرية الخاصة»، من دون أن يصدر توضيح أوفى عن المقصود بـ«الحلول التقنية» من جانب الديوان الرئاسي أو المستوى العسكري الروسي.

تزامن ذلك مع تداول تقارير بثتها وسائل إعلام غربية، وتناولتها بشكل موسع منصات روسية معارضة تعمل من خارج البلاد.

جنود أوكرانيون على سطح آلية عسكرية على طريق قرب الحدود الروسية (أ.ف.ب)

في هذا الإطار، نقلت صحيفة «نوفايا غازيتا» التي تمارس نشاطها من أوروبا بعد حظرها في روسيا قبل عامين، أن روسيا بدأت بنقل عدة آلاف من الأفراد العسكريين «من الأراضي المحتلة في أوكرانيا إلى منطقة كورسك».

ونقلت الصحيفة عن شبكة «سي إن إن» الأميركية معطيات نسبت إلى اثنين من المسؤولين العسكريين الذين أبلغوا عن عمليات نقل واسعة للجنود من محيط خاركيف ودونيتسك. وحسب محاوري الشبكة، فقد تم إعادة نشر عدة وحدات تضم كل منها ألف شخص على الأقل بالقرب من كورسك، من دون الإفصاح عن أي تفاصيل أخرى.

كما نقلت «نوفايا غازيتا» عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون، كيربي، قوله: «من الواضح بالنسبة إلينا أن بوتين والجيش الروسي ينقلان بعض الموارد، وبعض الوحدات إلى منطقة كورسك لمواجهة تصرفات الأوكرانيين». وأضاف أن «تحرك القوات الروسية من المناطق المحتلة في أوكرانيا لا يعني التخلي الكامل عن العمليات العسكرية هناك. (...) والقتال مستمر في تلك المناطق».

لكن في الوقت ذاته، قال مصدران آخران لقناتين تلفزيونيتين مطلعتين على الاستخبارات الغربية إن روسيا لم ترسل بعد أفضل الوحدات من أوكرانيا إلى منطقة كورسك، وبدلاً من ذلك تقوم بإرسال «مجندين غير مدربين» للدفاع عن المنطقة.

كما أشارت تقارير إلى أن القيادة الروسية قامت أيضاً، في الأيام الأخيرة، بنقل عسكريين من منطقة لينينغراد العسكرية ومن كالينينغراد إلى كورسك. علماً بأن منطقة كورسك تتبع إدارياً وعسكرياً لمنطقة لينينغراد، وفقاً لتعديلات أجراها الجيش الروسي قبل نحو عام.

وأشارت شبكة «ميدوزا» الروسية المعارضة إلى أن مثل هذه الإجراءات يمكن أن يكون لها «تأثير استراتيجي أكثر أهمية على ساحة المعركة»، اعتماداً على المدة التي يمكن لأوكرانيا التمسك بها في الأراضي الروسية.

ومن الممكن أن تؤدي العملية في منطقة كورسك إلى تحوُّل القوات الروسية عن منطقة دونيتسك؛ حيث استولت على زمام المبادرة منذ أشهر. ويعد هدف تقليص الضغط العسكري الروسي على منطقتي خاركيف ودونيتسك أحد الأهداف المعلنة للتوغل الأوكراني في كورسك. لكن الكرملين كان قد أكد خلال الأيام الماضية أن «العملية العسكرية الخاصة» لن تتأثر بالوضع حول كورسك. وحرصت البيانات العسكرية الروسية اليومية على تأكيد نجاح القوات الروسية في إحراز بعض التقدم على خطوط التماس في المنطقتين، رغم الاضطراب الذي أحدثه توغل كورسك لدى الأوساط السياسية والعسكرية الروسية.

أحد العنابر الروسية التي استولت عليه القوات الأوكرانية (أ.ب)

ويقدر مسؤولون أن روسيا لديها مئات الآلاف من القوات على خط المواجهة الأوكراني؛ لذا فإن إرسال بضعة آلاف إلى كورسك «قد لا يكون له تأثير كبير على الجبهات (...) ولا يزال الكرملين يعطي الأولوية للهجوم في شرق أوكرانيا».

في غضون ذلك، وفي مقابل تأكيد الجانب الأوكراني أنه أحكم السيطرة على سودجا، وأن قواته تمددت بمساحات محدودة في محيط المنطقة، أكد قائد قوات «أحمد» الجنرال الشيشاني أبتي علاء الدينوف، الذي انتقل للقتال في كورسك مع مجموعته، أن «الوضع في منطقة كورسك تحت سيطرة الجيش الروسي، ويستمر العمل على طرد جنود القوات المسلحة الأوكرانية».

وزاد الجنرال الذي بات يشغل منصباً في هيئة الأركان الروسية، أنه «في الأساس، تم حرق الكثير من المعدات بالأمس، وتم تدمير الكثير من وحدات العدو. واليوم يحاول العدو الاختراق في اتجاهات أخرى»، مؤكداً أن «القوات الأوكرانية لن تكون قادرة على إحراز تقدم جديد (...) مقاتلونا يسيطرون على المنطقة».

ورغم ذلك أقر المسؤول العسكري الشيشاني ضمنياً بأن سودجا باتت تحت السيطرة الأوكرانية، وتحدث عن «انسحاب 73 جريحاً وامرأة ومجنداً من سودجا». لكنه شدد على أن «الجيش الأوكراني لا يسيطر على مدينة سودجا بالكامل، وهناك وحدات من القوات الروسية ما زالت هناك وتخوض معارك نشطة مع العدو».

في الأثناء، نقلت شبكة «ميدوزا» عن ميخائيل بودولياك، مستشار رئيس مكتب فولوديمير زيلينسكي، أن عملية القوات المسلحة الأوكرانية في منطقة كورسك «ستكون لها عواقب اجتماعية خطيرة على روسيا»، وأضاف: «ربما يبدأ نوع من المناقشة أخيراً» حول أي نوع من الحرب هذه، وما هي العواقب التي ستؤدي إليها؟

لقطة من فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية لتجهيز راجمة صواريخ (إ.ب.أ)

وكان الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، أكد في وقت سابق أن هجوم كورسك حطم أسطورة الرئيس الروسي حول أن المدن الروسية لم تتأثر عملياً بالحرب الدائرة في أوكرانيا. وأعلن، الخميس، عن استكمال السيطرة على سودجا لتكون أول مدينة روسية تقع تحت سيطرة الجيش الأوكراني فضلاً عن بسط السيطرة على مساحة تزيد على 1000 كيلومتر، تقع فيها نحو 82 بلدة وقرية روسية. بذلك تكون القوات الأوكرانية قد سيطرت خلال أسبوع من القتال على مساحة من الأراضي تعادل المساحة التي سيطرت عليها روسيا داخل الأراضي الأوكرانية منذ مطلع العام الجاري.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يعيّن زعيماً لتتار القرم كان سجيناً في موسكو سفيراً في تركيا

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

زيلينسكي يعيّن زعيماً لتتار القرم كان سجيناً في موسكو سفيراً في تركيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليل الجمعة، تعيين سياسي من تتار القرم كان مسجونا في روسيا لمدة حوالى ثلاث سنوات، سفيرا لدى تركيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا واجهة مطار قازان الروسي (أرشيفية - ريا نوفوستي)

إعادة تشغيل مطار قازان في روسيا عقب هجوم أوكراني

أعلنت الوكالة الاتحادية للنقل الجوي في روسيا (روسافياتسيا) إعادة فتح مطار مدينة قازان بعد إغلاقه مؤقتاً عقب هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (د.ب.أ)

وزير الدفاع الألماني: لن نرسل جنوداً إلى أوكرانيا ما دامت الحرب لم تنتهِ

لم يستبعد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن تضطلع بلاده بدور عقب وقف محتمل لإطلاق النار في الحرب الروسية على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا رجل على دراجة يمر قرب جسر مدمّر في بوكروفسك في شرق أوكرانيا (رويترز)

قتلى وجرحى في ضربات روسية - أوكرانية متبادلة

قتل 5 أشخاص بضربة أوكرانية استهدفت منطقة كورسك الحدودية في جنوب روسيا، الجمعة، بعد ساعات من مقتل شخص وتضرر مقرات بعثات دبلوماسية بضربة صاروخية في كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع مجلس الشؤون العامة للاتحاد الأوروبي (إعلام تركي)

الاتحاد الأوروبي يضغط على تركيا لتنفيذ إصلاحات لنيل عضويته

كرّر الاتحاد الأوروبي مطالبة تركيا باستيفاء المعايير المؤهلة للحصول على عضويته، ولا سيما مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعبير وسيادة القانون.


منفذ هجوم الدهس في ألمانيا «حاول التوصل لمكان السفير السعودي»

أشخاص يعربون عن حزنهم أمام كنيسة سانت جون عقب هجوم الدهس على سوق لعيد الميلاد في ماغدبورغ شرق ألمانيا (إ.ب.أ)
أشخاص يعربون عن حزنهم أمام كنيسة سانت جون عقب هجوم الدهس على سوق لعيد الميلاد في ماغدبورغ شرق ألمانيا (إ.ب.أ)
TT

منفذ هجوم الدهس في ألمانيا «حاول التوصل لمكان السفير السعودي»

أشخاص يعربون عن حزنهم أمام كنيسة سانت جون عقب هجوم الدهس على سوق لعيد الميلاد في ماغدبورغ شرق ألمانيا (إ.ب.أ)
أشخاص يعربون عن حزنهم أمام كنيسة سانت جون عقب هجوم الدهس على سوق لعيد الميلاد في ماغدبورغ شرق ألمانيا (إ.ب.أ)

كشف مصدر للزميلة «إندبندنت عربية» أن منفِّذ الهجوم على سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ عرض مكافأة للحصول على معلومات عن مكان السفير السعودي لدى ألمانيا.

وأضاف المصدر أن منفِّذ الهجوم، طالب العبد المحسن، سبق أن عرض «مكافأة وقدرها 10 آلاف ريال سعودي (نحو 2662 يورو) لمن يدلي بمعلومات عن إقامة السفير السعودي لدى ألمانيا».

وأشار المصدر إلى أن المتهم «طلب تحديد موقع السفير ووقت وجوده، فما كان من السفارة السعودية إلا أن أبلغت السلطات الألمانية التي لم تتعامل بجدية مع الأمر»، حسب قوله.

ونفَّذ طالب العبد المحسن هجوم دهس في سوق عيد الميلاد بمدينة ماغدبورغ (شرق ألمانيا) تسبب في مقتل 5 أشخاص، بينهم طفل عمره 9 سنوات، وإصابة أكثر من 200 آخرين.

وألقت الشرطة القبض على الجاني في مكان الحادث، الذي أفادت تقارير إعلامية بأنَه يُدعى طالب عبد المحسن، وهو طبيب هارب من السعودية، حيث كان مطلوباً على ذمة قضايا جنائية، ومقيم في ألمانيا منذ عقدين.

وأدانت السعودية حادث الدهس معبِّرةً عن تضامنها مع الشعب الألماني وأُسَر الضحايا. وبينما قال مصدر سعودي لوكالة «رويترز»، إنَّ السعودية حذَّرت السلطات الألمانية من المشتبه به، بعد أن نشر آراء متطرفة في حسابه على «إكس»، أكَّد مصدر أمني ألماني أنَّ السلطات السعودية أرسلت عدة تحذيرات في عامي 2023 و2024.