بريطانيا: ستارمر يتعهد تكثيف جهود مكافحة عنف اليمين المتطرف

ارتياح في صفوف الشرطة لتراجع الشغب... والآلاف يشاركون في مسيرات «مناهضة للعنصرية»

TT

بريطانيا: ستارمر يتعهد تكثيف جهود مكافحة عنف اليمين المتطرف

جانب من المظاهرات المناهضة للعنصرية في شرق لندن 7 أغسطس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المناهضة للعنصرية في شرق لندن 7 أغسطس (إ.ب.أ)

دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الخميس، إلى عدم تخفيف الجهود المبذولة لمكافحة عنف اليمين المتطرّف الذي هزّ البلاد على مدى أسبوع عقب مقتل ثلاث فتيات صغيرات في هجوم طعناً بالسكين.

وساد جوّ من الارتياح المملكة المتحدة، بعدما شهد مساء الأربعاء مظاهرات سلمية مناهضة للعنصرية. وقال ستارمر إنه «من المهم ألا نتوقّف هنا»، مُعلناً ترؤس اجتماع أزمة الخميس مع مسؤولين بارزين في الشرطة. وأضاف بعد زيارة مسجد في سوليهال (وسط إنجلترا): «لو أن مساء الأربعاء كان هادئاً، لن نتخلى عن جهودنا».

من جهته، شكر رئيس بلدية لندن صديق خان، في رسالة على منصة «إكس»، الأشخاص الذين تظاهروا سلمياً لإظهار أن العاصمة «متّحدة ضد العنصرية والإسلاموفوبيا»، وأفراد الشرطة «البواسل الذين يعملون ليلاً ونهاراً للحفاظ على سلامة سكان لندن».

احتجاجات «مناهضة للعنصرية»

ووضعت الحكومة خلال الأسبوع الراهن ستة آلاف عنصر من الوحدات الخاصة في الشرطة في جهوزية، للتعامل مع نحو مائة مظاهرة لناشطي اليمين المتطرف ومظاهرات مضادة دعي إليها، كما أكّدت تخصيص 567 موقعاً لسجن مثيري الشغب.

وكانت الشرطة قد وضعت في حالة تأهّب قصوى، مساء الأربعاء، استعداداً لعشرات المظاهرات العنصرية والمعادية للإسلام ولاحتمال اندلاع أعمال عنف جديدة، غير أنّها بدلاً من ذلك أشرفت على تجمّعات سلمية لمتظاهرين مناهضين للعنصرية. وأعرب قائد شرطة لندن، مارك رولي، عن ارتياحه الكبير «للطريقة التي سارت بها الأمور» جراء انتشار عناصر الشرطة، وبفضل تعاون السكان كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشاد أمام صحافيين بـ«الوحدة التي تجلّت... حتى لو حضر جانحون في بعض الأماكن» للانخراط في أعمال «معادية للمجتمع».

وفيما كانت المظاهرات المناهضة للعنصرية سلمية في مجملها، اعتقلت الشرطة مسؤولاً محلياً يُدعى ريكي جونز، اتُّهم بالتحريض على العنف، كما علّق حزب العمال عضويته.

وفي برمنغهام في وسط إنجلترا، تجمّع مئات الأشخاص أمام مركز مساعدة للمهاجرين. وفي مقاطع فيديو نشرتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، يمكن سماع هتافات مثل «قولوها بأعلى صوت قولوها بوضوح، اللاجئون هم موضع ترحيب هنا». كذلك، ظهر البعض وهو يحمل لافتات كُتب عليها «الفاشية غير مرحّب بها». وفي برايتون، شارك ألفا شخص في مظاهرة سلمية، وفقاً للشرطة. ونُظمت مظاهرات أخرى في بريستول (غرب) وليفربول (شمال) قرب مبنى جمعية لمساعدة طالبي اللجوء، وفي شيفيلد (شمال)، وفي نيوكاسل (شمال)، وفي أوكسفورد (وسط)، ثمّ تفرّق المتظاهرون في هدوء.

ورفع ناشطون في جمعية «قفوا في وجه العنصرية» (Stand Up To Racism) العلم الفلسطيني، بينما حمل آخرون لافتات كُتب عليها «أوقفوا اليمين المتطرّف» و«أهلاً باللاجئين»، وذلك في ردّ مباشر على الأعمال العدائية التي تستهدف منذ أسبوع مساجد وفنادق تؤوي طالبي لجوء.

معلومات كاذبة

في غضون ذلك، اندلعت اشتباكات متقطّعة في ألدرشوت (جنوب) حيث أفادت وكالة الأنباء البريطانية (بي آي) بأنّ الشرطة اضطرّت للتدخّل بين ناشطين مناهضين للعنصرية ومجموعة من الأشخاص الذين كانوا يهتفون «أوقفوا القوارب»؛ في إشارة إلى المهاجرين الوافدين إلى المملكة المتحدة على متن قوارب مطاط عن طريق قناة المانش.

شارك الآلاف في مظاهرات مضادة لتحرك اليمين المتطرف في لندن في 7 أغسطس (إ.ب.أ)

وفي بلفاست، أعلنت الشرطة توقيف خمسة أشخاص بعد أعمال عنف الأربعاء، خلال أمسية شابتها أفعال عنصرية جديدة. وفي حين يجتمع البرلمان المحلي بسبب الأزمة، أكدت رئيسة وزراء آيرلندا الشمالية ميشيل أونيل أنه «لا يوجد مكان للعنصرية بأي شكل في مجتمعنا».

وأوقف أكثر من 400 شخص منذ بداية أعمال الشغب الأسبوع الماضي، وتم توجيه تُهم إلى 120 على الأقل في إنجلترا وويلز، وفقاً للنيابة، كما صدرت إدانات في حق بعضهم وعقوبات جنائية ثقيلة تراوحت بين 12 شهراً و3 سنوات.

شارك آلاف المحتجين في مظاهرة مناهضة للعنصرية في لندن 7 أغسطس (رويترز)

ومرّ أسبوع على بدء المواجهات ومشاهد العنف العنصري التي تشهدها المملكة المتحدة، بعد تداول معلومات كاذبة عن المشتبه به المفترض في هجوم بسكّين استهدف حصة للرقص محورها أعمال النجمة الأميركية تايلور سويفت في ساوثبورت، في شمال غربي إنجلترا.

وأسفر الهجوم عن مقتل ثلاث فتيات تراوح أعمارهن بين ست وتسع سنوات. وانتشرت شائعات في البداية على وسائل التواصل الاجتماعي أفادت بأن المهاجم طالب لجوء مسلم. لكن تم التعريف عن المشتبه به لاحقاً على أنه أكسيل روداكوبانا، وهو مولود في ويلز، وذكر الإعلام البريطاني أن والديه من رواندا.


مقالات ذات صلة

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

أوروبا المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

تُعد نتيجة الانتخابات بمثابة زلزال سياسي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، وبقي إلى الآن في منأى عن المواقف القومية على عكس المجر أو سلوفاكيا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)
شؤون إقليمية نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي.

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية تتوسط عدداً من قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أبريل الماضي (أ.ب)

تحليل إخباري «نيران صديقة» على طريق ولاية فون دير لاين الثانية

حلقة في مسلسل استمرار جنوح المؤسسات الأوروبية نحو اليمين، بعد الانتخابات الأخيرة، مع تراجع قدرة الدولتين الكبريين في الاتحاد، ألمانيا وفرنسا، على ضبط الأمور

شوقي الريّس (بروكسل)
شؤون إقليمية إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي (أ.ب)

المدعية العامة تهدد بإقالة بن غفير لتدخله في عمل الشرطة

تعتزم المدعية العامة غالي بهاراف ميارا مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بإقالة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ما لم يتوقف عن تدخله المتكرر في شؤون الشرطة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

وزير المالية الإسرائيلي يدعو إلى فرض سيادة بلاده على الضفة الغربية بحلول 2025

قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اليوم (الاثنين)، إنه يأمل أن توسِّع إسرائيل سيادتها لتشمل الضفة الغربية بحلول 2025.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إيطاليا تدعو «مجموعة السبع» لموقف موحد تجاه روسيا

الصورة التقليدية للمشاركين في اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في مدينة فيوجي الاثنين (د.ب.أ)
الصورة التقليدية للمشاركين في اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في مدينة فيوجي الاثنين (د.ب.أ)
TT

إيطاليا تدعو «مجموعة السبع» لموقف موحد تجاه روسيا

الصورة التقليدية للمشاركين في اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في مدينة فيوجي الاثنين (د.ب.أ)
الصورة التقليدية للمشاركين في اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في مدينة فيوجي الاثنين (د.ب.أ)

دعت إيطاليا، الاثنين، إلى موقف موحد تجاه روسيا، وذلك خلال افتتاح الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة السبع» في مدينة فيوجي.

وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، أنطونيو تاياني، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمجموعة إن «الوحدة هي قوتنا في الوقت الحالي، وأعني بذلك (حيال) الاتحاد الروسي، لكن القوة لا تعني التحصن»، معلناً أنه وجَّه الدعوة إلى بلدان أخرى من أجل إجراء مناقشة «أوسع وأكثر اكتمالاً».

أضاف رئيس الدبلوماسية الإيطالية: «ينبغي لنا عدم الانغلاق على أنفسنا».

هذا، وسيناقش المؤتمر الوزاري حزمة من الموضوعات، من الأزمة في الشرق الأوسط إلى الحرب في أوكرانيا، وكذلك الوضع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

مصافحة بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الإيطالي أنطونيو تاياني قبل مشاركة وزراء عرب في اجتماع «مجموعة السبع» في مدينة فيوجي الاثنين (أ.ف.ب)

وكان تاياني قد أعرب خلال لقائه صحافيين على هامش منتدى «حوارات روما المتوسطية»، الاثنين، عن «الأمل بأن تتفهم موسكو الخطأ الذي ارتكبته، وآمل أن تتمكن الصين من الضغط على روسيا وإقناعها بسحب قواتها من أراضي أوكرانيا»، وأكد أنه يؤيد «عقد مؤتمر سلام تشارك فيه الصين وروسيا أيضاً».

ثم نقل رئيس الدبلوماسية الإيطالية عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قوله: «العام المقبل سيكون عام السلام». واختتم حديثه بالقول: «نريد أن نؤمن بأن هذا هو العام الذي يتحقق فيه السلام. وسنعمل من أجل ذلك».

وقال تاياني إن دول «مجموعة السبع» تسعى إلى اتخاذ موقف موحد بشأن أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. أضاف: «نحن بحاجة إلى أن نتحد بشأن هذا الأمر». ورفضت الولايات المتحدة، وهي إحدى دول المجموعة، قرار المحكمة.

ويجتمع وزراء خارجية «مجموعة السبع» قرب روما لإجراء محادثات تستمر يومين، وتركز على النزاع في الشرق الأوسط، بحضور نظرائهم الإقليميين، وكذلك على الحرب في أوكرانيا.

الأمن يقف في حراسة قبل اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» بأناني بمنطقة لاتسيو بإيطاليا (إ.ب.أ)

وبدأت الأعمال بعد ظهر الاثنين، بحضور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مع جلسة أولى مكرَّسة للوضع في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، بعد 5 أيام على استخدام الولايات المتحدة حقها في النقض «فيتو» في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة.

وقالت وزارة الخارجية الإيطالية، في بيان، إنه «ستجري مع الشركاء مناقشة سبل دعم الجهود الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، والمبادرات الهادفة لدعم السكان، وتعزيز أفق سياسي موثوق به من أجل استقرار المنطقة».

وتتولى إيطاليا الرئاسة الدورية لمجموعة الدول السبع الأكثر تقدماً (فرنسا والولايات المتحدة واليابان وكندا والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا)، وقد أدرجت في جدول أعمال هذا الاجتماع جلسة حوارية موسَّعة ستضم وزراء من السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر، فضلاً عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

والثلاثاء، سيتناول اليوم الثاني من المناقشات الحرب في أوكرانيا، والوضع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بحضور وزراء من دول آسيوية عدة. وسيناقش وزراء مجموعة السبع أيضاً الأزمات المستمرة في هايتي والسودان وفنزويلا.

بينما اجتمع وزراء خارجية دول منطقة البحر الأبيض المتوسط في روما في النسخة العاشرة من «الحوارات المتوسطية»، بمشاركة دول غرب البلقان، للمرة الأولى. ومن بين المشاركين وزراء خارجية كرواتيا والأردن ومصر والهند وليبيا ولبنان واليمن وفلسطين، إضافة إلى ألبانيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود.