ألمانيا تستدعي السفير الصيني لأول مرة منذ 35 عاماً

بعد اتهامها بكين بالوقوف وراء عملية قرصنة استهدفت مركزاً مرتبطاً بوزارة الداخلية

شولتز برفقة شي لدى زيارته بكين في 16 أبريل 2024 (أ.ب)
شولتز برفقة شي لدى زيارته بكين في 16 أبريل 2024 (أ.ب)
TT

ألمانيا تستدعي السفير الصيني لأول مرة منذ 35 عاماً

شولتز برفقة شي لدى زيارته بكين في 16 أبريل 2024 (أ.ب)
شولتز برفقة شي لدى زيارته بكين في 16 أبريل 2024 (أ.ب)

في خطوة لم تقدم عليها برلين منذ 35 عاماً، استدعت وزارة الخارجية الألمانية السفير الصيني للشكوى من عملية قرصنة استهدفت مقراً حكومياً ألمانياً قبل 3 سنوات، تبين أنّ بكين تقف خلفها.

وقال متحدث باسم «الخارجية» الألمانية إن تحليلاً معمّقاً لعملية القرصنة التي استهدفت المكتب الحكومي، أكّد مسؤولية «جهات مرتبطة بالدولة» في الصين. وأضاف المتحدث الألماني أن برلين «تدين عملية القرصنة بأشد العبارات، وتدعو بكين إلى الكفّ عن أعمال كهذه في المستقبل». ويُوفّر المكتب التابع لوزارة الداخلية والواقع في مدينة فرنكفورت، بيانات جغرافية حول البنى التحتية الأساسية في ألمانيا مثل الطاقة والمياه والنقل.

وعلّقت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، على عملية القرصنة، بتأكيدها أن «الداخلية» اتخذت خطوات إضافية لزيادة الحماية لمراكزها بشكل كبير. وقالت إن عملية القرصنة «تظهر مدى خطورة عمليات القرصنة والتجسس الصينية» على ألمانيا.

تحذير استخباراتي... واعتقالات

العلم الصيني مرفوعاً على مبنى السفارة الصينية في برلين (أ.ب)

ورغم أن ألمانيا ضبطت عدداً من الجواسيس الصينيين في السنوات الماضية، فإنها لم تستدعِ السفير الصيني في أي من الحالات. وكانت المرة الأخيرة التي استُدعي فيها السفير الصيني إلى «الخارجية» الألمانية في عام 1989 للاعتراض على أحداث ساحة تيانانمين، حين قمع الجيش مظاهرات طلابية بالقوة وقُتل وأصيب الآلاف.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، اعتقلت السلطات الألمانية 3 جواسيس يعملون لمصلحة الصين، في دوسلدورف وباد هومبورغ، وكانوا يجمعون معلومات حول تكنولوجيا عسكرية من شركات ألمانية. وبعد ذلك بأيام، أوقف مساعد النائب الألماني في البرلمان الأوروبي ماكسيمليان كراه، الذي ينتمي إلى حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، بعد اتّهامه بالتجسس لمصلحة الصين.

ودفعت هذه الاعتقالات السريعة والمتعاقبة بمكتب المخابرات الفيدرالية إلى تحذير الشركات الألمانية والسياسيين بضرورة «التيقظ» لعمليات تجسس صينية متزايدة. وتحدث نائب مكتب المخابرات، سينان سيلين، عن «مساعٍ متصاعدة» من الصين «للتأثير على السياسة والأعمال واستخدام العلوم لسرقة معلومات». ووصف مديري الشركات الألمانية بـ«السذج» في استخدام برامج لا تقدم حماية كافية ضد عمليات تجسس وقرصنة، خصوصاً في التعامل مع الصين.

وحذر نائب مكتب المخابرات بأن القيادة الصينية «في طريقها لتحقيق هدف طويل الأجل؛ متمثل في الهيمنة العالمية، وهي مهتمة للغاية بزيادة معرفتها في مجال الروبوتات والفضاء»، مشدّداً على ضرورة «تحديد المخاطر وتقليل التبعات، خصوصاً في التقنيات الرئيسية، واتخاذ تدابير أمنية قوية» لحماية التكنولوجيا الألمانية.

شريك تجاري

وتعدّ الصين أكبر شريك تجاري لألمانيا بحجم تجارة يزيد على 250 مليار يورو عام 2023، وفق أرقام رسمية، بزيادة تفوق 15 في المائة على التبادل التجاري في العام الذي سبق. وزار المستشار الألماني، أولاف شولتز، الصين مرتين منذ توليه منصبه، مصحوباً في المرتين بوفود كبيرة من رجال الأعمال الألمان. كانت المرة الأولى في عام 2022، والثانية في أبريل هذا العام قبيل القبض على الجواسيس.

وتسببت زيارته الأولى خصوصاً في كثير من الانتقادات جاء أقساها من داخل حكومته، ومن حزب «الخضر» تحديداً الذي يمسك بوزارة الخارجية. وانتقدت آنذاك وزيرة الخارجية الزيارة، وقالت إن على شولتز توجيه رسائل محددة للزعيم الصيني خلال اللقاء، ووصفت الصين بأنها «منافس» في كثير من المجالات، مشيرة إلى الاتفاق الحكومي الذي وقّع والذي يتضمن اعتماد سياسة أشد تجاه الصين.

من لقاء المستشار شولتز مع الرئيس شي في بكين خلال أبريل الماضي (رويترز)

وعملت «الخارجية» الألمانية على كتابة «استراتيجية جديدة للتعامل مع الصين»، دعت فيها إلى تقليص اعتماد الاقتصاد الألماني على الصيني، ووقف عدد كبير من اتفاقيات التعاون التي تمنح الصين أولوية في التجارة. ولكن المستشارية رفضت النسخة الأولى من الاستراتيجية وعدّتها غير مقبولة. واعتمدت في النهاية استراتيجية معدلة تعهدت فيها بتقليص اعتماد الشركات الألمانية على الصينية وتنويع التبادل التجاري بدلاً من ذلك.

ولكن زيارة شولتز الثانية إلى الصين لمحت إلى أن الاستراتيجية الجديدة قد لا تكون تطبق على الأرض، وأكدت استمرار اعتماد الشركات الألمانية بشكل كبير على تبادلها مع الشركات الصينية.

وتقول الحكومة إن تقليص الاعتماد على الصين سيأخذ وقتاً وإنه لا يمكن أن يتحقق بسرعة بسبب الأضرار الكبيرة التي قد تنجم عن ذلك. وقبل أسبوعين، أعلنت برلين أنها ستستبعد شركة «هواوي» عن شبكة «5جي» في ألمانيا، ولكنها قالت إن بدء العمل بذلك لن يكون قبل عام 2025. كما انتقد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ألمانيا بشكل كبير خلال عهده بسبب حجم تبادلها التجاري مع الصين، وسماحها لشركة «هواوي» ببناء شبكة «5جي» لديها، في وقت كانت فيه دول أوروبية أخرى تبتعد عن «هواوي» بسبب مخاوف أمنية وعمليات تجسس.



كييف تعلن تسلّم 1200 جثمان إضافي من موسكو

صورة نشرتها «تنسيقية معاملة أسرى الحرب» الأحد لإعادة موظفي الصليب الأحمر جثامين أوكرانيين في مكان غير محدد (أ.ف.ب)
صورة نشرتها «تنسيقية معاملة أسرى الحرب» الأحد لإعادة موظفي الصليب الأحمر جثامين أوكرانيين في مكان غير محدد (أ.ف.ب)
TT

كييف تعلن تسلّم 1200 جثمان إضافي من موسكو

صورة نشرتها «تنسيقية معاملة أسرى الحرب» الأحد لإعادة موظفي الصليب الأحمر جثامين أوكرانيين في مكان غير محدد (أ.ف.ب)
صورة نشرتها «تنسيقية معاملة أسرى الحرب» الأحد لإعادة موظفي الصليب الأحمر جثامين أوكرانيين في مكان غير محدد (أ.ف.ب)

أعلنت أوكرانيا، الأحد، أنها تسلمت دفعة إضافية من 1200 جثمان في إطار عمليات تبادل مع روسيا، كان اتُّفق عليها خلال مباحثات بين الطرفين بمدينة إسطنبول التركية خلال وقت سابق من يونيو (حزيران) الحالي.

وقال وزير الدفاع الأوكراني، رستم أوميروف، إنه «في إطار الاتفاقات المبرمة في إسطنبول، تتواصل عملية إعادة جثامين القتلى إلى وطنهم. واليوم (الأحد)، سلم الجانب الروسي 1200 جثة أخرى إلى أوكرانيا». وأضاف أوميروف: «أمامنا مرحلة مهمة ومسؤولية عن تحديد الهويات. هذا عمل معقد ودقيق سيمنح كل عائلة فرصة الحصول على إجابات». ووفقاً للاتفاق، الذي جرى التوصل إليه بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول الشهر الحالي، فقد اتفق البلدان على أن يسلم كل منهما ما يصل إلى 6 آلاف جثة، وعلى تبادل أسرى الحرب المرضى والمصابين بجروح بالغة، ومن تقل أعمارهم عن 25 عاماً. وقال مصدر شارك في عملية التبادل إن أوكرانيا لم تسلم روسيا الأحد أي جثمان، وفق ما نقلت عنه وكالة «تاس».

أقارب وأصدقاء لأسرى حرب أوكرانيين يتجمعون في كييف الأحد للمطالبة بتسريع عملية تبادلهم (أ.ف.ب)

في سياق متصل، أعلن سلاح الجو الأوكراني، في بيان الأحد، أن قوات الدفاع الجوي الأوكراني أسقطت 111 طائرة مسيّرة و8 صواريخ، أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية خلال الليل. وقال البيان إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام 183 طائرة مسيّرة من طراز «شاهد»، وطُرُزٍ أخرى خداعية، وصاروخين باليستيين من طراز «كيه إتش47 - إم2 كينغال»، وصاروخ باليستي من طراز «إسكندر - إم - كيه إن23-»، و4 صواريخ «كروز» من طراز «إسكندر - كيه»، و4 صواريخ «كروز» من طراز «كاليبر»، وفق ما ذكرت «وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية (يوكرينفورم)».

وأوضح البيان أن المحور الرئيسي للهجوم الروسي كان مدينة كريمنشوك. وأضاف أنه جرى صد الهجوم من قبل وحدات الدفاع الجوي ووحدات الحرب الإلكترونية وفرق النيران المتنقلة التابعة لسلاحَيْ الجو والدفاع الجوي الأوكرانيين.

تقدم روسي

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان الأحد، أن قواتها سيطرت على قرية مالينيفكا بمنطقة دونيتسك شرق أوكرانيا، علماً بأن القرية تُعرف في روسيا باسم أوليانوفكا. كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تدمير قوات الدفاع الجوي التابعة لها 6 طائرات مسيّرة أوكرانية، معظمها فوق مقاطعة بيلغورود. ولم يتسنّ التحقق من صحة هذه المعلومات من جانب مستقل.

وجاءت هذه التطورات غداة تأكيد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لنظيره الأميركي، دونالد ترمب، استعداده لإجراء مفاوضات جديدة بين موسكو وكييف، وذلك في اتصال جرى بينهما السبت، في يوم أخذ فيه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على واشنطن نهجها «التصالحي جداً» حيال روسيا. وبحث بوتين وترمب خلال الاتصال الوضع في منطقة الشرق الأوسط، والتصعيد بين إسرائيل وإيران، وفق ما أعلن الكرملين. إلا إن الرئاسة الروسية أشارت، في بيان، إلى أن بوتين أطلع ترمب كذلك على «تطبيق الاتفاقات التي جرى التوصل إليها خلال الاجتماع بين الوفدَين الروسي والأوكراني في إسطنبول يوم 2 يونيو الحالي».

«حل سريع»

وقال بوتين لترمب إن روسيا مستعدة لمواصلة التفاوض مع أوكرانيا بعد 22 يونيو الحالي، في حين «أكّد ترمب مجدداً اهتمامه بحل سريع للنزاع الروسي - الأوكراني»، وفق الكرملين. وكان هذا الاتصالُ الخامسَ بين الرئيسين في خضم جهود تبذل لإعادة ضبط العلاقات منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) 2025، واعتماده حيال موسكو مقاربة تختلف جذرياً عن تلك التي اتّبعها سلفه جو بايدن.

وعن احتمال عقد جولة جديدة من المباحثات مع أوكرانيا، اكتفى زيلينسكي إلى الآن بالقول إن المسألة ستُبحث «متى أُنجزت النقاشات» بشأنها.

ولم تفض الجولتان السابقتان من التفاوض سوى إلى تبادل الجانبين أسرى وجثامين الجنود القتلى، من دون أن تفلحا في إبرام هدنة ولو مؤقتة. وكرر زيلينسكي، في مؤتمر صحافي السبت، رفضه المطالب التي جددتها روسيا خلال التفاوض، خصوصاً التخلي عن 4 مناطق أوكرانية أعلنت موسكو ضمها، والتخلي عن مسعى الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». وقال زيلينسكي إن ما تطلبه روسيا هو «إنذارٌ صِيغَ بطريقة متعمدة لكيلا تكون أوكرانيا قادرة على قبوله».