ماكرون يتجاهل مرشحة جبهة اليسار لرئاسة الحكومة الجديدة

الرئيس الفرنسي أعرب عن تمسكه بـ«هدنة سياسية وأولمبية»

ماكرون خلال مقابلة صحافية وتبدو في الشاشة صورة لوسي كاستيت، مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
ماكرون خلال مقابلة صحافية وتبدو في الشاشة صورة لوسي كاستيت، مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يتجاهل مرشحة جبهة اليسار لرئاسة الحكومة الجديدة

ماكرون خلال مقابلة صحافية وتبدو في الشاشة صورة لوسي كاستيت، مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
ماكرون خلال مقابلة صحافية وتبدو في الشاشة صورة لوسي كاستيت، مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)

بعد 16 يوماً من المناقشات والمساومات، نجحت «الجبهة الشعبية الجديدة» التي تضم أحزاب اليسار الثلاثة (الاشتراكي والشيوعي وفرنسا الأبية) والخضر، في الاتفاق على اسم مرشحتها لمنصب رئاسة الحكومة. واحتلت جبهة اليسار المرتبة الأولى في البرلمان الجديد، بحصولها على 193 نائباً، متقدمة على المجموعتين الرئيسيتين الأخريين: ائتلاف «معاً من أجل الجمهورية»، الداعم للرئيس إيمانويل ماكرون بـ166 نائباً، ومجموعة حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بـ143 نائباً.

جاء الإعلان عن الاتفاق بمثابة مفاجأة مزدوجة؛ فمن جهة، تغلَّب تحالف اليسار على خلافاته العميقة، خصوصاً على الحساسية الزائدة التي تُدمِغ العلاقة المتوترة بين أمين عام الحزب الاشتراكي، أوليفيه فور، وزعيم «فرنسا الأبية»، المرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلونشون. ومن جهة ثانية، ظهور اسم المرشحة لوسي كاستيت، التي لم تسمع باسمها سوى قلة قليلة من الناس، باعتبار أنها لم يُسبق لها أن انتُخبت نائبة أو شغلت منصباً وزارياً. وينطبق على كاستيت وصفان؛ أنها «تقنية»، بمعنى أنها لا تأتي من عالم السياسة، كما أنها قادمة من صفوف المجتمع المدني.

وثمة مفاجأة ثالثة تمثلت في أن الإعلان عن اسمها جاء قبل ساعة واحدة من الحوار الصحافي الذي كان سيتم مع الرئيس ماكرون، ليل الثلاثاء إلى الأربعاء، لتناول الحدث الرئيسي الذي هو الأولمبياد الذي تستضيفه فرنسا بعد مائة عام من الانتظار، فضلاً عن استخلاص العِبَر من الانتخابات البرلمانية، وتشظي الجمعية الوطنية، والشلل المترتب على غياب أكثرية مطلقة في البرلمان.

والغرض من التوقيت، كما هو واضح، ممارسة الضغوط على ماكرون، وحرمانه من ذريعة أن «الجبهة الشعبية» منقسمة على نفسها وعاجزة عن تسمية مرشح باسمها، فضلاً عن افتقارها للأكثرية في البرلمان.

لوسي كاستيت رئيسة الحكومة الجديدة؟

لوسي كاستيت الوجه الجديد الذي اقترحته الجبهة الشعبية اليسارية لرئاسة الحكومة الفرنسية الجديدة (أ.ف.ب)

في بيانها، ذكَّرت الجبهة الشعبية بأنها تشكل «القوة الأكبر» في البرلمان. وبهذه الصفة، فإنه تقترح على الرئيس ماكرون تسمية لوسي كاستيت، البالغة من العمر 37 عاماً، أي أنها تكبر بعامين رئيس الحكومة المستقيل غبرييل أتال، رئيسة للحكومة الجديدة. ووصفها البيان بأنها «ناشطة في عمل الجمعيات من أجل الدفاع والترويج للخدمات العامة، ومنخرطة في معركة سحب قانون التقاعد الذي أُقر العام الماضي. كما أنها عملت سابقاً، بصفتها موظفة رفيعة المستوى في وزارة الاقتصاد، على محاربة الغش الضريبي والجرائم المالية. ولأنها تجمع كل هذه الصفات، فإنها ستكون (أقوى)، بفضل انخراط الجبهة الشعبية إلى جانبها، ومن أجل تطبيق البرنامج الحكومي لغرض الاستجابة لتطلعات المواطنين لحياة أفضل ولمواجهة الأزمة البيئوية».

صحيح أن لوسي كاستيت غير مقبلة من عالم السياسة، إلا أنها بالمقابل تتمتع بالمؤهلات الأكاديمية والإدارية لممارسة أعلى الوظائف؛ فهي خريجة المعهد الوطني للإدارة الذي تخرج فيه كبار مسؤولي الدولة منذ عقود، ومنهم الرئيس ماكرون، بعد حصولها على شهاداتها الجامعية. وباستثناء انتمائها إلى الحزب الاشتراكي لفترة قصيرة، فإنها، فكرياً وسياسياً، تنتمي إلى اليسار، ولم يُعرَف عنها أي طموحات سياسية، ما يعني أنها تريح جميع أطراف «الجبهة الشعبية الجديدة» التي رشحتها.

ووصفها أوليفيه فور بأنها «امرأة حرة، ونحن بحاجة إلى هذا النوع من الأشخاص الذين يقدمون وجهاً مختلفاً للسياسة، ويفاجئوننا بصدق وقوة قناعاتهم، دون أي دوافع خفية». وسارعت كاستيت، في أول حديث لها لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى تأكيد قبولها الترشيح «بكل تواضع وبكثير من القناعة»، مضيفة أنها تعتبر نفسها «مرشحة جدية ومتمتعة بالصدقية» لترؤس الحكومة المقبلة.

ضغوط على ماكرون

ترافق هذا التطور مع حملة ضغط ممنهجة تستهدف ماكرون، لحمله على انتداب كاستيت، وتكليفها تشكيل الحكومة، بينما يعطي ماكرون الانطباع، منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية، بأنه يسعى لكسب الوقت، وأنه «غير مستعجل».

وفي حديثه التلفزيوني الأخير، كرَّر ماكرون تمسكه بـ«هدنة سياسية وأولمبية» تمتد حتى منتصف أغسطس (آب)، أي لما بعد انتهاء الأولمبياد، مؤكداً أنه لن يسمي رئيس أو رئيسة الحكومة الجديدة، إلا بعد انتهاء الأولمبياد التي ستحصل في ظل حكومة مستقيلة، ولكنها تصرف الأعمال اليومية للدولة. وبكلام آخر، يريد ماكرون «التركيز على إنجاح الحدث العالمي» الذي هو الأولمبياد، وليس على شيء آخر.

وعندما سُئل عما إذا كان سيستجيب لطلب الجبهة الشعبية، ويسمي كاستيت، أجاب بما حرفيَّته: «المسألة ليست الاسم الذي تعرضه مجموعة سياسية. فالمسألة، تتناول الأكثرية التي يمكن إيجادها في الجمعية الوطنية حتى تتمكن الحكومة الفرنسية (العتيدة) من تمرير الإصلاحات، وإقرار الميزانية، والمضي قُدماً بالبلاد إلى الأمام».

إيمانويل ماكرون لدى زيارته «ستاد برج إيفل» المنشَأ لاستقبال بعض رياضات الأولمبياد في باريس - الأربعاء (أ.ف.ب)

ماكرون الذي أكد بقاءه في منصبه حتى نهاية ولايته في عام 2027 لم يذكر لوسي كاستيت بالاسم مرة واحدة. بل تجاهلها تماماً، معتبراً ضمناً أن طرح اسمها لا يقدم ولا يؤخر ما دام مَن يطرحه لا يتمتع بالأكثرية في البرلمان «من أي نوع كان». لذا، أغلق ماكرون الباب مؤقتاً، وربط ما سيقوم به لاحقاً بـ«التقدم» الذي قد تحرزه المجموعات السياسية للتوافق فيما بينها.

وذكر ماكرون مُجدداً بأن أياً منها لم تفز في الانتخابات، وبذلك يكون قد نزع شرعية المطالبة بالحكومة عن الجبهة الشعبية التي ميزتها الأولى أنها الأكبر حجماً، والأكثر استحقاقاً لتشكيل الحكومة. وذكر ماكرون بما يمنحه إياه الدستور من حق تسمية رئيس الحكومة، الذي ستقع على عاتقه مسؤولية «تشكيل الحكومة متمتعة بأوسع دعم، ما يوفر الاستقرار والقدرة على العمل».

يقوم المنطق الرئاسي، كما شرحه، على التالي: بما أنه ليس مقدراً لأي مجموعة أن تطبق برنامجها، لذا عليها أن تسعى للتوافق فيما بينها. وأضاف ماكرون: «أنتظر من القوى السياسية اليوم أن تكون على مستوى ما قامت به بين الدورتين الانتخابيتين»، وأن تتوصل إلى «تسويات»؛ الأمر الذي يحصل في كبريات الديمقراطيات.

بيد أن الصعوبة الكبرى أن المجموعات الثلاث الكبرى غير مستعدة للعمل مع بعضها. والأمر الأكثر احتمالاً أن يتكرر بشأن الحكومة، ما حصل بخصوص انتخاب رئيس البرلمان، حيث تحالفت الكتلة الوسطية الماكرونية مع حزب «اليمين الجمهوري» وحزب «الجمهوريون اليميني التقليدي» لحرمان الجبهة الشعبية من الرئاسة، ولتسهيل إعادة انتخاب يائيل براون - بيفيه، رئيسة البرلمان السابقة المنتمية لتجمع ماكرون، لولاية ثانية.

المناورات متواصلة

كانت عبارات ماكرون كافية لفتح النار عليه واتهامه بالانقلاب على الديمقراطية، بسب «إنكاره» لما جاءت به نتائج الانتخابات البرلمانية. ولأن ماكرون يرى أن أياً من المجموعات السياسية الثلاث بما فيها «الكتلة الوسطية» الداعمة له، لا تتمتع بالأكثرية، فإنه مستمر في المناورة آملاً أن ينفرط عقد «الجبهة الشعبية»، وأن ينفصل عنها الاشتراكيون، وربما أيضاً الخضر، لتشكيل حكومة تذهب من اليمين التقليدي وحتى اليسار الحكومي.

لذا، سارع ميلونشون، مساء الثلاثاء، إلى التنبيه إلى أن ماكرون «يريد أن يفرض علينا بالقوة جبهة جمهورية جديدة، وأن يجبرنا على التخلي عن برنامجنا (الحكومي) للتحالف معه، وهذا لن يحصل أبداً».

صورة شاملة للملعب الجديد المستحدث في أحد أشهر الأماكن بالعاصمة الفرنسية (رويترز)

من جانبه، اعتبر سكرتير عام الحزب الاشتراكي أوليفيه فور أن «الإنكار أسوأ أنواع السياسة»، لأن الدعوة لقيام «جبهة جمهورية ليست برنامجاً للحكم». وبرأيه، فإن ماكرون «يحاول تضليل» الفرنسيين.

وكتب مانويل بومبار، منسق حزب «فرنسا الأبية» على منصة «إكس» أن ماكرون، بسبب رفضه تكليف الجبهة الشعبية الجديدة «يمحو نتائج الانتخابات التشريعية، وهذا إنكار للديمقراطية لا يمكن تحمُّله».

وخلص بومبار إلى القول إن «لا سبيل للجوء إلى استخدام (الفيتو) الرئاسي بعد أن يصدر الشعب حكمه عبر الانتخابات».

بدورها، لم تتأخر كاستيت، صباح الأربعاء، في حديث لإذاعة «فرانس أنتير» في دحض دعوات ماكرون، بتأكيدها أن التحالف بين اليسار والمعسكر الرئاسي «مستحيل»، نظراً لتضارب البرامج، مُعبِّرة عن الأسف لاستمرار الأخير في «نهج الإنكار» و«عدم الاتساق»، داعيةً إياه لـ«تحمل مسؤولياته». ولأنها تعي صعوبة المهمة التي قد تُدعى لتحملها، فإنها دعت إلى «تغيير نهج العمل»، والبحث عن شركاء بِناءً على مشاريع القوانين التي ستعرضها الحكومة في الجمعية الوطنية.

واضح اليوم، مع تسمية كاستيت أو من دونها، أن الوضع السياسي في فرنسا يدور في فراغ، وأن ثمة أزمة سياسية حقيقية تسبب بها حل البرلمان ونتائج الانتخابات. وما يدعو إليه ماكرون من تعاون بين المكونات الرئيسية يبدو بعيد المنال، إلا أنه يريحه إلى حد ما، لأنه يجعل منه الشخص المركزي، بفضل دستور الجمهورية الخامسة، للدفع بالأزمة في هذا الاتجاه أو ذاك.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

تحليل إخباري الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

لبنان: الأوراق المتاحة لفرنسا للرد على إسرائيل لإزاحتها من مساعي الحل ولجنة الإشراف على وقف النار .

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في ريو دي جانيرو (د.ب.أ)

ماكرون يندد بموقف روسيا «التصعيدي» إزاء أوكرانيا ويدعو بوتين «للتعقّل»

ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بموقف روسيا «التصعيدي» في الحرب في أوكرانيا، داعياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى «التعقّل».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بوينس أيرس (أ.ف.ب)

ماكرون: بوتين «لا يريد السلام» في أوكرانيا

أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «لا يريد السلام» مع كييف و«ليس مستعداً للتفاوض».

«الشرق الأوسط» (بوينس أيرس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

«الإليزيه»: ماكرون يزور السعودية بين 2 و4 ديسمبر القادم

يزور الرئيس إيمانويل ماكرون السعودية في الفترة بين الثاني والرابع من ديسمبر المقبل، حسبما أعلن قصر الإليزيه.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.