قادة «الناتو»: «طموح» الصين و«دعمها روسيا» يهددان مصالحنا

«الخارجية الأميركية» لـ«الشرق الأوسط»: التغيرات السياسية لن تؤثر على الدعم الأميركي للحلف

جانب من اجتماع قادة «الناتو» في واشنطن أمس (د.ب.أ)
جانب من اجتماع قادة «الناتو» في واشنطن أمس (د.ب.أ)
TT

قادة «الناتو»: «طموح» الصين و«دعمها روسيا» يهددان مصالحنا

جانب من اجتماع قادة «الناتو» في واشنطن أمس (د.ب.أ)
جانب من اجتماع قادة «الناتو» في واشنطن أمس (د.ب.أ)

اختار قادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» احتفالات الذكرى الـ75 لتأسيس الحلف بواشنطن، لتوجيه رسالة «قوية» و«واضحة» إلى الصين، لا سيما حيال دورها «المقلق» في حرب أوكرانيا. واستضاف الحلف في اليوم الثالث الأخير للقمة في واشنطن قادة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا لبحث التحديات الأمنية في منطقة المحيطين الهادي والهندي، مما أثار حفيظة بكين التي عدّت أن «الناتو» يبحث عن «ذريعة لتوسيع نفوذه شرقاً».

وعدّ قادة الحلف في بيانهم الختامي أن «الطموح المعلن لجمهورية الصين الشعبية، والسياسات القسرية، يستمران في تحدي مصالحنا وأمننا وقيمنا»، كما عبّروا عن «قلقهم العميق» حيال العلاقات الصينية - الروسية الوثيقة، واتّهموا بكين بأداء دور رئيسي في دعم حرب موسكو على أوكرانيا. كما شدّد القادة على أنّ الصين «لا يمكنها أن تدعم أكبر حرب في أوروبا في التاريخ الحديث، دون أن يؤثر ذلك سلباً على مصالحها وسمعتها».

قلق من «طموح بكين»

وأضاف قادة «الناتو» في بيانهم الختامي، الخميس، أن «الشراكة الاستراتيجية العميقة بين روسيا وجمهورية الصين الشعبية ومحاولاتهما المتبادلة تقويض وإعادة تشكيل النظام الدولي القائم على القواعد، تسبب قلقاً عميقاً». ولفت القادة إلى أن دولهم تواجه «تهديدات مهجنة وسيبرانية وفضائية، وغيرها من التهديدات والأنشطة الخبيثة، من جانب جهات فاعلة حكومية، وجهات غير تابعة لدول بعينها».

بوتين مع شي... الصين لن تحضر «مؤتمر السلام» في سويسرا (رويترز)

وحرص الأمين العام لـ«الناتو»، ينس ستولتنبرغ، الذي يترأس آخر قمة للحلف قبل مغادرته منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على توجيه رسالة شديدة اللهجة لبكين في مؤتمراته الصحافية. وقال مساء الأربعاء: «أعتقد أنّ الرسالة التي بعث بها الحلف من هذه القمة قوية للغاية وواضحة للغاية، ونحن نحدّد بوضوح مسؤولية الصين عندما يتعلق الأمر بتمكين روسيا من الحرب».

ويرى قادة دول «الناتو» أن الصين «أصبحت عامل تمكين حاسم لروسيا في حربها ضدّ أوكرانيا من خلال ما تسمّى (شراكة دون حدود) معها، ومن خلال دعمها واسع النطاق القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية». وناشد القادة بكين «وقف كلّ دعم مادّي أو سياسي للمجهود الحربي الروسي». وأوضح البيان أنّ «ذلك يشمل نقل المواد ذات الاستخدام المزدوج، مثل مكوّنات الأسلحة والمعدات، والمواد الخام التي تستخدم في قطاع الدفاع الروسي».

بدورها، وجهت الصين انتقاداً حاداً لبيان قمة الحلف، الذي يتهمها بدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، إن مزاعم «الناتو» بشأن مسؤولية الصين في حرب أوكرانيا غير مبررة. وأضاف أن «الناتو» ينشر معلومات «مضللة صادرة عن الولايات المتحدة، وبالتالي يقوض التعاون بين الصين وأوروبا».

الدعم الأميركي لـ«الناتو»... وأوكرانيا

إلى جانب «الصين»، استضاف حلف «الناتو»، الخميس، اجتماعات مكثفة مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والوفد المرافق له. ورغم إعلان الحلف عن أكبر حزمة دعم نوعي ومادي لأوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، فإن مخاوف عودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض واحتمال عرقلته المساعدات خيّمت على اجتماعات زيلينسكي ولقاءاته مع المشرعين الأميركيين.

الرئيس الأميركي جو بايدن والأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» ينس ستولتنبرغ خلال القمة بواشنطن (د.ب.أ)

وسعى ستولتنبرغ إلى إزاحة هذه المخاوف، مساء الأربعاء، مرجحاً أن تستمر الولايات المتحدة «حليفاً قوياً وثابتاً لـ(حلف شمال الأطلسي)»، بغضّ النظر عن نتائج الانتخابات الأميركية. وقدم الأمين العام 3 مبررات لموقفه.

الأول هو أنه «من مصلحة الولايات المتحدة الأمنية أن يكون (حلف شمال الأطلسي) قوياً»، موضحاً أن «الولايات المتحدة تتمتع بحلف لا تمتلكه أي قوة كبرى أخرى (ويشمل) أكثر من 30 صديقاً وحليفاً. روسيا لا تملك ذلك، والصين لا تملك ذلك. (حلف شمال الأطلسي) يجعل الولايات المتحدة أقوى».

زيلينسكي مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (أ.ب)

أما العامل الثاني لاستمرار الدعم الأميركي للحلف، وفق ستولتنبرغ، فهو الدعم الواسع الذي يحظى به من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وقال: «لقد أظهرت استطلاعات رأي جديدة الدعم واسع النطاق لـ(حلف شمال الأطلسي) بين الناخبين الأميركيين، وأيضاً في الكونغرس الأميركي».

والمبرر الثالث، والأهم وفق ستولتنبرغ، هو أن الانتقادات الرئيسية التي وجهها الرئيس السابق ترمب «لم تكن في الواقع موجهة ضد الحلف؛ (بل) ضد حلفاء (الناتو) الذين لا ينفقون ما يكفي على (الناتو). وقد تغير ذلك بالفعل». وتابع: «على مدى العامين الماضيين، شهدنا زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي في جميع أنحاء أوروبا وكندا. ويحقق الآن عدد قياسي من الحلفاء هدف إنفاق اثنين في المائة، وأولئك الحلفاء الذين لم يصلوا إلى هذا الهدف بعد لديهم خطط واضحة لتحقيق هذا الهدف قريباً».

وأعرب سام ويربرغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، عن التفاؤل نفسه. وأشاد في حديث مع «الشرق الأوسط»، على هامش قمة «الناتو»، بحجم الالتزامات الجديدة من طرف الدول الأعضاء في الحلف، وقال: «يجب أن نتحمل المسؤولية من جانبنا بصفتنا الولايات المتحدة، ولكن في الوقت نفسه، شهدنا (في السنوات الماضية) زيادة في الإنفاق الدفاعي من معظم الدول في (الناتو)، كما رأينا انضمام بلدين جديدين هما السويد وفنلندا». وتابع: «ظل حلف (الناتو) ثابتاً وقوياً، ويمكن أن نقول إنه أصبح أقوى من أي وقت مضى». كما سعى إلى إزاحة المخاوف المحيطة بفوز ترمب بولاية ثانية، وقال: «ليس لدينا أي قلق داخل الولايات المتحدة حول (تأثير) أي تغييرات سياسية في المستقبل بالنسبة إلى الالتزام الأميركي بهذا الحلف».

مكتب تنسيق في الأردن

وخصّص قادة «الناتو» جزءاً من محادثاتهم، في اليوم الختامي من قمة واشنطن، لقضايا «الجوار الجنوبي»، في مسعى لتعزيز شراكاتهم الدولية ومواجهة تصاعد النفوذ الروسي والصيني في الدول المجاورة لأعضاء «الناتو».

وكان لافتاً في هذا الصدد غياب أي سياسة لـ«الناتو» أو موقف موحد من حرب غزة، رغم إعلانه لأول مرة، الخميس، عن افتتاح مكتب تنسيق جديد في عمّان.

وقال مسؤول رفيع في «الناتو»، رداً على سؤال من «الشرق الأوسط» في إحاطة مغلقة على هامش أعمال القمة، إن المكتب الجديد في عمّان سيتيح بحث علاقات «الناتو» بالأردن، والمساهمة في فهم مشترك أفضل للسياق الوطني والإقليمي.

ويتوج تأسيس هذا المكتب نحو 3 عقود من العلاقات الثنائية بين «الناتو» والأردن، خصوصاً من خلال الحوار المتوسطي. وأوضح الحلف أن مكتب التنسيق الجديد سيتيح تطوير وتنفيذ برامج وأنشطة الشراكة؛ بما فيها المؤتمرات وبرامج التدريب في مجالات مثل التحليل الاستراتيجي، والتخطيط والتأهب لحالات الطوارئ المدنية، وإدارة الأزمات، والدبلوماسية العامة، والأمن السيبراني، وتغير المناخ...

حرب غزة

وعن حرب غزة، أوضح المسؤول الرفيع في «الناتو» أن الحلف ليست لديه سياسة موحدة، أو حتى إجماع بين دوله الأعضاء، حيال عملية السلام في الشرق الأوسط، «لكن لدينا سياسة حول القانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين ومكافحة الإرهاب».

ولاستيضاح ما إذا كانت إدارة بايدن استفادت من تجمع قادة الغرب في واشنطن لبحث سبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، توجهت «الشرق الأوسط» إلى ويربرغ، على هامش القمة. وقال ويربرغ إن ملف غزة لم يكن مطروحاً على شكل ملف رئيسي في هذه القمة، مرجحاً في الوقت ذاته أن يغتنم كل من الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان أعمال القمة لبحث «الفرصة الأخيرة للوصول إلى اتفاق بين (حماس) وإسرائيل». كما لفت ويربرغ إلى حرص الولايات المتحدة على حضور قادة من الشرق الأوسط وآسيا قمة «الناتو» ضيوفاً.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا قد تحصل على مقاتلة سويدية متعددة المهام

أوروبا طائرة مقاتلة من طراز «إف-16» تحلق في أوكرانيا (أ.ب)

أوكرانيا قد تحصل على مقاتلة سويدية متعددة المهام

يبدو الآن أن السويد قد تنقل إلى كييف قريباً مقاتلات متعددة المهام تعمل في كل الأحوال الجوية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيريه البريطاني والأوكراني في كييف (أ.ب)

بلينكن يعلن مساعدة جديدة لأوكرانيا بقيمة 717 مليون دولار... ولندن تسلمها «مئات» الصواريخ

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الأربعاء)، من كييف مساعدة اقتصادية وإنسانية جديدة لأوكرانيا بقيمة 717 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية استعراض للصواريخ الباليستية الإيرانية خلال حفل للقوات المسلحة في طهران في أغسطس 2023 (رويترز)

واشنطن لحلفائها: إيران أرسلت صواريخ باليستية إلى روسيا

أبلغت أميركا حلفاءها أن إيران أرسلت صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا، في خطوة ستمنح موسكو «أداة عسكرية قوية» أخرى لاستخدامها في الحرب ضد كييف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ ورئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستور خلال مؤتمر صحافي مشترك في مقر إقامة رئيس الوزراء في أوسلو - النرويج 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

«الناتو» يحض الصين على التوقف عن دعم حرب روسيا في أوكرانيا

دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، الجمعة، الصين إلى التوقف عن دعم حرب روسيا في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في زابوريجيا بأوكرانيا في 2 سبتمبر 2024 (رويترز)

الرئيس الأوكراني في ألمانيا للحصول على مزيد من الدعم العسكري

من المقرّر أن يصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى ألمانيا، اليوم (الجمعة)، حيث يجتمع حلفاء أوكرانيا؛ لمناقشة المساعدات العسكرية لكييف.

«الشرق الأوسط» (برلين)

مقتل 3 وإصابة 9 في هجوم روسي على خاركيف الأوكرانية

امرأة أصيبت في غارة روسية على بلدة صغيرة بمنطقة خاركيف تتلقى الإسعافات الأولية (ا.ف.ب)
امرأة أصيبت في غارة روسية على بلدة صغيرة بمنطقة خاركيف تتلقى الإسعافات الأولية (ا.ف.ب)
TT

مقتل 3 وإصابة 9 في هجوم روسي على خاركيف الأوكرانية

امرأة أصيبت في غارة روسية على بلدة صغيرة بمنطقة خاركيف تتلقى الإسعافات الأولية (ا.ف.ب)
امرأة أصيبت في غارة روسية على بلدة صغيرة بمنطقة خاركيف تتلقى الإسعافات الأولية (ا.ف.ب)

قال ممثلو الادعاء بمنطقة خاركيف الأوكرانية، إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب تسعة آخرون، أمس الخميس، في قصف روسي لقرية بالمنطقة الواقعة في شمال شرق أوكرانيا.

وذكر بيان أن شخصاً توفي متأثراً بجروحه في المستشفى بعد الهجوم على قرية بوروفا جنوب شرق خاركيف.

وخاركيف هي ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا وهدف متكرر للضربات الروسية.

وكانت وزارة الداخلية قد ذكرت في وقت سابق أن خدمات الطوارئ كانت تعمل في موقع الهجوم الأولي عندما قصفته قوات موسكو مرة أخرى. وكان ثلاثة من رجال الإنقاذ من بين المصابين.

كما أفاد ممثلو الادعاء بأن خمسة أشخاص أصيبوا في غارة جوية روسية على منطقة كييفسكي في مدينة خاركيف.

وقال مسؤولون في منطقة سومي الحدودية المجاورة إن القوات الروسية قصفت مناطق حدودية 57 مرة طوال اليوم، حيث أدى هجوم بالقنابل إلى مقتل شخص بالقرب من بلدة يامبيل.

تقع منطقة سومي في الجهة المقابلة من منطقة كورسك في جنوب روسيا، حيث تواصل القوات الأوكرانية توغلا بدأته الشهر الماضي.