بوتين يشيد بـ«علاقات استراتيجية مميزة» مع الهند... ومودي يدعو لتسوية في أوكرانيا

موسكو رفضت اتهامات بقصف مستشفى أوكراني... و«الناتو» لتعزيز دفاعات كييف

TT

بوتين يشيد بـ«علاقات استراتيجية مميزة» مع الهند... ومودي يدعو لتسوية في أوكرانيا

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نيودلهي 6 ديسمبر 2021 (أ.ب)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نيودلهي 6 ديسمبر 2021 (أ.ب)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا، مودي جولة محادثات موسعة، الثلاثاء، في الكرملين، شددا خلالها على الرغبة في تطوير «العلاقات الاستراتيجية المميزة» البلدين، وإطلاق مجالات تعاون جديدة. وشغل ملف الصراع في أوكرانيا جانباً من المناقشات، وأعلن مودي استعداد بلاده لـ«المساعدة في دفع تسوية سياسية»، فيما انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الزيارة.

كان بوتين ومودي قد أجريا جولة محادثات ثنائية غير رسمية، مساء الاثنين، في مقر إقامة الرئيس الروسي في ضواحي موسكو. ثم انتقلا في اليوم الثاني للزيارة إلى الكرملين، في الشق الرسمي من الزيارة، لعقد جولة مباحثات مطولة بحضور وفدي البلدين.

وقال الرئيس الروسي، في مستهل اللقاء، إن بين روسيا والهند «صداقة طويلة الأمد، وعلاقات جيدة تطورت على مدى عقود، ونحتفل هذا العام بمرور 77 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية. واليوم تتمتع علاقاتنا بطابع شراكة استراتيجية خاصة ومتميزة». وأشار إلى تقدم واسع على صعيد تطوير العلاقات التجارية. وكشف عن أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع العام الماضي بنسبة 66 في المائة على الرغم من ظروف العقوبات الغربية والقيود المفروضة على روسيا.

وقال بوتين: «لقد أتيح لنا مع رئيس الوزراء (الاثنين)، في إطار غير رسمي، الحديث عملياً عن القضايا كافة (...) نحن على اتصال دائم ونولي اهتماماً رئيسياً بتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، ورفع مستوى التعاون في المنظمات الدولية وزيادة التنسيق حيال الملفات المطروحة».

وشكر الرئيس الروسي رئيس الوزراء الهندي على «الاهتمام الذي يوليه لحل الأزمة الأوكرانية سلمياً». كما تمنى بوتين لمودي تحقيق نجاحات جديدة في تنمية الدولة الهندية، ودعاه لحضور قمة «بريكس» التي تُعقد في مدينة كازان الروسية خريف هذا العام.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الزيارة لموسكو (أ.ف.ب)

وأعرب مودي من جهته، عن ثقته في أن موسكو ونيودلهي ستواصلان العمل معاً وتعزيز جميع جوانب التعاون. وقال إنه ناقش «قضايا أوكرانيا» مع بوتين.

وزاد رئيس الوزراء : «بصفتي صديقاً لك، أقول لك دائماً إنه من أجل المستقبل المشرق لأجيالنا القادمة، فإن السلام مسار إلزامي، لذلك نعتقد أن الحرب لن تحل المشكلة، ولا يمكن (إيجاد حل) من خلال الحرب». وأعرب مودي عن استعداد بلاده لتقديم «أي مساعدة لازمة لدفع مسار التسوية السياسية». وخاطب بوتين بعبارة: «الهند مستعدة لتقديم أي مساعدة لإحلال السلام في أوكرانيا، وأستطيع أن أؤكد لكم أن الهند دائماً كانت إلى جانب السلام. عندما استمعت إليكم شعرت بالتفاؤل، ولديَّ أمل في المستقبل».

وفي الشق الثنائي قال مودي إن التعاون بين روسيا والهند في مجال الوقود والطاقة ساعد على الحفاظ على الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية. وزاد: «أشكر الرئيس الروسي على التعاون في مجال الأسمدة وهو ما ساعد على الحد من ارتفاع التضخم في الهند».

وفي إشارة إلى رغبة روسيا في تطوير مجالات التعاون بين موسكو ونيودلهي، اصطحب بوتين ضيفه في زيارة إلى معرض تقيمه مؤسسة «روس آتوم» المسؤولة عن الصناعات النووية، وتحدث الرئيس الروسي خلال الزيارة عن محاولات الغرب لـ«تدمير الصناعة النووية الروسية».

واطّلع مودي من المشرفين على المعرض على استخدام التكنولوجيا النووية في مجالات الطب والفضاء، واستمع إلى تفاصيل دقيقة حول تشغيل كاسحات الجليد النووية الروسية.

والتقى مودي مجموعة من طلاب الهندسة النووية من الروس والهنود، وأبدى إعجابه بالمعرض وما تضمنه من شروحات وعروض لاستخدامات الطاقة النووية ومنتجات وخدمات «روس آتوم».

في المقابل، انتقد زيلينسكي زيارة رئيس الوزراء الهندي، ولفت الأنظار إلى توقيت الزيارة تزامناً مع قصف مستشفى للأطفال في كييف، متهماً موسكو بتعمد استهداف مواقع مدينة.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الزيارة لموسكو (أ.ف.ب)

وكتب فلاديمير زيلينسكي على منصة «إكس»: «قُتل 37 شخصاً 3 منهم أطفال، وأُصيب 170 بينهم 13 طفلاً نتيجة الضربة الصاروخية الروسية المتوحشة».

وأضاف: «أصاب صاروخ روسي أكبر مستشفى لمرضى السرطان للأطفال في أوكرانيا ودُفن عديد منهم تحت الأنقاض».

وتابع: «نشعر بخيبة أمل كبيرة وضربة مدمِّرة لجهود السلام حينما نرى زعيم أكبر ديمقراطية في العالم يعانق أكثر المجرمين دموية في العالم في موسكو في مثل هذا اليوم».

كما انتقدت واشنطن الزيارة، ورأى الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميللر، أنه «على الهند توجيه إشارة لموسكو بوضوح إلى ضرورة احترام سيادة أوكرانيا».

وقال ميللر رداً على سؤال صحافيين حول زيارة مودي لموسكو قُبيل قمة «الناتو» في واشنطن: «ندعو الهند، مثل أي دولة أخرى، إلى الإشارة بوضوح خلال اتصالاتها مع روسيا إلى أن أي تسوية للنزاع في أوكرانيا يجب أن تكون وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، ووحدة أراضي أوكرانيا، وسيادة أوكرانيا».

ولفت المتحدث إلى أن «الهند شريك استراتيجي للولايات المتحدة، وتُجري معها حواراً كاملاً وصريحاً»، بما في ذلك حول يتعلق بـ«مخاوف» واشنطن المتعلقة بالعلاقات بين موسكو ونيودلهي. وأكد أن الولايات المتحدة كانت «واضحة» في التعبير للهند عن «مخاوفها» بشأن هذه القضية.

إلى ذلك، نفت وزارة الدفاع الروسية صحة الاتهامات الأوكرانية بقصف المستشفى. وأكدت في بيان أن «دفاعات قوات كييف الجوية المنتشرة بين الأحياء السكنية في المدن الأوكرانية، هي التي تصيب المباني المدنية بعد فشلها كل مرة في اعتراض الصواريخ الروسية».

ونقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن خبراء عسكريين أن الصاروخ الذي استهدف مشفى الأطفال في كييف من طراز «ناسامز» للدفاع الجوي، وهو صناعة أميركية - نرويجية.

عَلم أوكرانيا يظهر أمام شعار حلف «الناتو» في كييف (رويترز)

بدورها، أكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن «قوات كييف تتعمد الاختباء وراء ظهور المدنيين وجعلهم دروعاً بشرية، وتستخدم المؤسسات المدنية لأغراض عسكرية، وهذا مخالف للقانون الدولي».

وقالت زاخاروفا في منشور نُشر على صفحة الخارجية الروسية: «محاولات نظام زيلينسكي لاستخدام مأساة مستشفى الأطفال في كييف لأغراض دعائية تؤكد مرة أخرى جوهره النازي اللا إنساني، ومن أجل حفاظه على السلطة، فإن نظام كييف مستعد لارتكاب أي جرائم... إنه غير مبالٍ بمصير وحياة مواطنيه، بما في ذلك الأطفال».

وأوضحت زاخاروفا: « في 8 يوليو (تموز)، ورداً على محاولات الجيش الأوكراني لضرب مؤسسات الاقتصاد الروسي، ردت القوات الروسية بأسلحة عالية الدقة واستهدفت أهدافاً عسكرية في أوكرانيا، مثل مصانع (أرتيم) و(أنتونوف) و(لوتش) وشركتي (دنيبر) و(يوجماش) في دنيبروبيتروفسك، ومصنع الهندسة الثقيلة في كراماتورسك، ومستودعات للمعدات العسكرية الغربية في مصنع (أرسيلور ميتال) للمعادن في كريفوري روغ، وعدداً من المنشآت الأخرى. حيث أُصيبت جميع الأهداف المحددة بدقة عالية».

وزادت: «مرة أخرى، كما حدث في أكثر من مرة مع الدفاعات الجوية الأوكرانية في أثناء عملها وتشغيلها، انحرفت صواريخ الدفاعات الجوية عن مسارها وأصابت المباني السكنية والمؤسسات الاجتماعية، وقد أُكد ذلك وفق عديد من الشهود المحليين».

ولفتت إلى أن الجانب الأوكراني «سارع إلى توجيه الاتهامات إلى روسيا بقتل المدنيين والأطفال من دون أن يشير إلى أنه إلى جانب مشفى الأطفال والمؤسسات المدنية توجد مجمعات عسكرية تابعة لوزارة الدفاع ومستودعات ذخيرة وأسلحة».

على صعيد متصل، أعرب زيلينسكي عن رضاه عن مضمون الاتفاقية الأمنية المشتركة التي وقَّعتها كييف مع بولندا، الاثنين، مشيراً إلى أنها تنص في أحد بنودها على تطوير آلية لاعتراض الصواريخ في المجال الجوي الأوكراني.

رجال إنقاذ يحملون جثة شخص عُثر عليها تحت الأنقاض في الموقع الذي ضُرب فيه مبنى سكني بصاروخ روسي وسط هجوم روسيا على أوكرانيا (رويترز)

وقال زيلينسكي في مؤتمر صحافي في وارسو: «نحن ممتنون بشكل خاص للاتفاقات الخاصة، وهذا ينعكس في الاتفاقية الأمنية، حيث يوجد بند لتطوير آلية لإسقاط الصواريخ والطائرات المُسيرة الروسية في المجال الجوي الأوكراني.. وهنا، أنا متأكد من أن فرقنا ستعمل مع الجيش حول كيفية تنفيذ هذه النقطة من اتفاقنا بسرعة».

ودعت كييف في وقت سابق الدول الغربية إلى إسقاط الصواريخ فوق أوكرانيا من أراضيها، وكتبت «وكالة الصحافة الفرنسية» نقلاً عن مسؤولين أوكرانيين، في نهاية يونيو (حزيران) الماضي أن كييف كانت تضغط على الحلفاء الأوروبيين لإنشاء منطقة حظر جوي في غرب أوكرانيا من خلال نشر أنظمة دفاع جوي في بولندا ورومانيا.

ورغم أن بعض الدول الغربية استبعدت هذا الخيار خشية توسيع الانخراط المباشر في الحرب، فإن وقوع الهجوم الصاروخي على المستشفى عشية قمة الناتو في واشنطن قد يحفز على تنشيط النقاشات حول آليات دعم الدفاع الجوي الأوكراني.

قصف صاروخي روسي على أوكرانيا (أ.ف.ب)

وقال كبير مديري الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، مايكل كاربنتر، إنه «في القمة سيعلن الحلفاء عن خطوات جديدة حاسمة لدعم أوكرانيا. وسينشئ الحلفاء قيادة عسكرية لحلف شمال الأطلسي في ألمانيا، التي ستتولى تنسيق التدريب والمعدات، فضلاً عن مساعدة أوكرانيا على تطوير قواتها في المستقبل».

ووفق كاربنتر، فإن إنشاء قيادة عسكرية لحلف شمال الأطلسي في فيسبادن بألمانيا، سوف يصبح عنصراً من عناصر «الجسر إلى الناتو»، والذي «إذا كانت هناك إرادة سياسية» بين أعضاء حلف شمال الأطلسي، سيسمح لأوكرانيا بالانضمام».

جانب من الدمار الذي أصاب مستشفى الأطفال في كييف (أ.ف.ب)

كما أكد المتحدث باسم البيت الأبيض أن الإعلان الذي سيصدر في ختام أعمال قمة الناتو في واشنطن، سيحتوي على لغة «واضحة وقوية» في ما يتعلق باحتمالات انضمام أوكرانيا إلى الحلف. وزاد أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيعلنون أيضاً عن خطوات جديدة لتعزيز نظام الدفاع الجوي الأوكراني.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
TT

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.