اليسار يريد تطبيق برنامجه في فرنسا عقب مفاجأة الانتخابات

معسكر ماكرون لا يستبعد تشكيل فريق حكومي مع اليمين الجمهوري

زعيم الحزب اليساري «فرنسا الأبية» (LFI) جان لوك ميلينشون (وسط) يصل إلى الجمعية الوطنية في باريس (إ.ب.أ)
زعيم الحزب اليساري «فرنسا الأبية» (LFI) جان لوك ميلينشون (وسط) يصل إلى الجمعية الوطنية في باريس (إ.ب.أ)
TT

اليسار يريد تطبيق برنامجه في فرنسا عقب مفاجأة الانتخابات

زعيم الحزب اليساري «فرنسا الأبية» (LFI) جان لوك ميلينشون (وسط) يصل إلى الجمعية الوطنية في باريس (إ.ب.أ)
زعيم الحزب اليساري «فرنسا الأبية» (LFI) جان لوك ميلينشون (وسط) يصل إلى الجمعية الوطنية في باريس (إ.ب.أ)

أكد التحالف اليساري الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية دون الفوز بالغالبية المطلقة، الثلاثاء، حقه في تطبيق برنامجه، ولو اضطر إلى عقد تحالفات برلمانية لكل مسألة على حدة، بانتظار التوصل إلى طرح رئيس للحكومة، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتواصل مفاوضات شاقة في وقت لم يستبعد معسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوسطي بصورة كاملة تشكيل فريق حكومي جديد مع اليمين الجمهوري.

وفي هذه الأثناء يستعد ماكرون الذي لم يدلِ بأي تصريح منذ صدور نتائج الانتخابات، للتوجه إلى واشنطن للمشاركة في قمة الحلف الأطلسي، الأربعاء والخميس.

وبينما كانت البلاد تترقب مدّاً يمينياً متطرفاً في الدورة الثانية من الانتخابات، الأحد، فوجئت باختراق لتحالف الجبهة الشعبية المؤلف من أحزاب متباينة، لا بل متعارضة أحياناً بين اليسار الراديكالي والشيوعيين والاشتراكيين والبيئيين، مدفوعاً بنسبة مشاركة وصلت إلى 66.63 في المائة من الناخبين.

ويتعين الآن على الأحزاب التي كانت تدخل في مشاحنات يومية في الماضي، أن تتفاهم حول عدة مسائل، بدءاً بتعيين شخصية توافقية يمكنها تجسيد مشروعها المشتركة.

وفي هذا السياق، قد يعلن التحالف اسماً بداية من نهاية الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل، لتولي رئاسة الحكومة.

ومع حضورهم تباعاً، الثلاثاء، إلى الجمعية الوطنية، أوحى نواب اليسار باستبعاد توسيع قاعدتهم السياسية والتخلي عن التفاهم مع يمين الوسط، في حين أنهم لم يحصلوا إلا على 190 مقعداً نيابياً، بعيداً عن الغالبية المطلقة المحددة بـ289 مقعداً.

وقال العضو البيئي في مجلس الشيوخ يانيك جادو في تصريح لشبكة «تي إف 1» الخاصة: «لا أعتقد أننا اليوم في وضع يمنحنا ائتلافاً أوسع من الجبهة الشعبية الجديدة في الحكومة»، مؤكداً أن «التحالفات ستبنى في الجمعية الوطنية».

من جانبه، حذر منسق «فرنسا الأبية» (يسار راديكالي) مانويل بومبار بأن اليسار سيطبق برنامجه وأن على «كل من التكتلات تحمل مسؤولياتها، فإما التصويت على مقترحاتنا... وإما الإطاحة بنا».

إلغاء تدابير أساسية

يعتزم التحالف اليساري بصورة خاصة إلغاء تدابير أساسية اتخذها المعسكر الرئاسي، بدءاً بإصلاح نظام التقاعد، وهو الإجراء الأبرز في ولاية ماكرون الثانية غير أنه يثير رفضاً شعبياً كبيراً.

كما يعتزم التحالف اليساري إلغاء قانون حول الهجرة وإصلاح جديد حول مساعدات البطالة، وزيادة الحد الأدنى للأجور.

وحذرت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، الثلاثاء، من أن إلغاء إصلاح نظام التقاعد دون اتخاذ تدابير ادخار مالي في المقابل قد ينعكس على تصنيف فرنسا. ورأت أنه دون غالبية واضحة: «سيكون من الصعب بالتأكيد التصويت على قوانين».

كذلك أعلنت وكالة «إس أند بي غلوبال» أن تصنيف الدين السيادي الفرنسي سيكون «تحت الضغط» إذا لم تتوصل البلاد إلى «خفض عجزها المالي الضخم» الذي ازداد بشكل كبير العام الماضي ليصل إلى 5.5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.

ومع ترقب مفاوضات طويلة وشاقة، طلب ماكرون، الاثنين، من رئيس الحكومة المستقيل غابريال أتال البقاء في منصبه «لضمان استقرار البلاد»، ولا سيما مع تنظيم باريس دورة الألعاب الأولمبية بعد أقل من 3 أسابيع.

وهذا الوضع غير مسبوق في فرنسا التي اعتادت الاستقرار السياسي بفضل دستور عام 1958.

البقاء في قلب اللعبة

يواجه التحالف اليساري كتلة ماكرونية متينة (نحو 160 مقعداً)، ويميناً جمهورياً يمكن أن يلعب دوراً محورياً (نحو 66 مقعداً) وكتلة التجمع الوطني اليمينية المتطرفة التي تعتزم مع حلفائها (أكثر من 140 مقعداً) التحضير للانتخابات الرئاسية عام 2027.

ورأت رئيسة الجمعية الوطنية المنتهية ولايتها يائيل برون بيفيه، الثلاثاء، أن الأحزاب اليسارية «لا يمكنها الادعاء بأنها ستحكم منفردة»، مذكرة بأن الجبهة الشعبية الجديدة «بعيدة جداً» عن الغالبية.

وتابعت: «إننا قادرون على تمثيل قوة سياسية أخرى بديلة» داعية إلى «بناء خريطة طريق مشتركة» مع «كل الأحزاب التي تود أن نعمل معاً، من الجمهوريين إلى اليسار الاشتراكي الديمقراطي».

ويجمع غابريال أتال، الثلاثاء، نواب كتلته، وهو مصمم على البقاء في قلب اللعبة بعدما قاد حملة جنبت المعسكر الرئاسي هزيمة نكراء.

أما اليمين المتطرف، فيسعى لتخطي انتكاسته وأقر رئيسه جوردان بارديلا (28 عاماً) الذي كان يأمل بتولي رئاسة الحكومة، الاثنين، بارتكاب «أخطاء» في حملته.

ويعتزم الحزب الذي تطمح زعيمته مارين لوبان إلى الرئاسة بعدما هزمت 3 مرات منذ 2012، ترك بصماته على الجمعية الوطنية.

ودعا نواب اليسار، الثلاثاء، إلى منع التجمع الوطني من تولي مناصب أساسية في الجمعية الوطنية، وهو ما ندد به نواب الحزب اليميني المتطرف مؤكدين أنه «غير ديمقراطي».


مقالات ذات صلة

الانتخابات الرياضية السعودية: الشهراني رئيساً للدراجات…والمطيري للتايكوندو

رياضة سعودية عبد العزيز الشهراني (اتحاد الدراجات)

الانتخابات الرياضية السعودية: الشهراني رئيساً للدراجات…والمطيري للتايكوندو

أقرت الجمعية العمومية الانتخابية للاتحاد السعودي للدراجات تزكية عبدالعزيز بن علي الشهراني رئيسًا لمجلس إدارة الاتحاد السعودي للدراجات لأربع سنوات مقبلة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا اندلاع أعمال شغب في موزمبيق بعد تصديق المحكمة العليا على فوز حزب فريليمو الحاكم في الانتخابات (أ.ف.ب)

مقتل 21 شخصاً بموزمبيق في أعمال شغب بعد قرار المحكمة العليا بشأن الانتخابات

قال وزير داخلية موزمبيق، مساء اليوم الثلاثاء، إن 21 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم في أعمال شغب.

«الشرق الأوسط» (مابوتو)
تحليل إخباري شولتس متحدثاً للإعلام لدى وصوله إلى مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأربعاء (أ.ب)

تحليل إخباري حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تستعد ألمانيا لتغييرات قد تكون جذرية خصوصاً في سياسات الهجرة بعد الانتخابات المبكرة التي ستجري في البلاد في 23 فبراير (شباط) المقبل.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس يبتسم لوزير الاقتصاد وحماية المناخ بعد إعلان نتائج التصويت على الثقة في مجلس النواب الاثنين (أ.ف.ب)

المستشار الألماني يخسر ثقة النواب في تصويت يمهّد لانتخابات مبكرة

خسر المستشار الألماني أولاف شولتس، الاثنين، كما كان متوقعاً ثقة النواب في تصويت أنهى ولايته التي قوّضها انهيار الائتلاف الحكومي، ومهّد الطريق لانتخابات تشريعية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئيسة جورجيا منذ 2018، تقول هي الرئيسة الشرعية وترافض التنحي(ا.ب.أ)

جورجيا تنتخب رئيساً مقرباً من روسيا وسط احتجاجات

تتخبّط جورجيا، الدولة القوقازية، في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم، وطعنت بنتائجها

«الشرق الأوسط» (تبليسي (جورجيا))

الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)

توعد الاتحاد الأوروبي، اليوم (الخميس)، بفرض مزيد من العقوبات على السفن الروسية بعد أن أعلنت السلطات الفنلندية فتح تحقيق يتعلق بـ«تخريب» ناقلة نفط أبحرت من ميناء روسي كابلاً كهربائياً يصل بين فنلندا وإستونيا، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي يوم عيد الميلاد، انفصل كابل «استلينك 2» البحري الذي ينقل الكهرباء من فنلندا إلى إستونيا عن الشبكة، بعد نحو شهر من قطع كابلين للاتصالات في المياه الإقليمية السويدية في بحر البلطيق.

وأثنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على التحرك السريع لفنلندا «في الصعود على متن السفينة المشتبه بها»، مشيرةً إلى أن التكتل «يعمل مع السلطات الفنلندية بشأن التحقيق الجاري».

كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في بروكسل (أ.ف.ب)

وأضافت كالاس في بيان مشترك: «نُدين بشدة أي تدمير متعمَّد للبنية التحتية الحيوية في أوروبا. السفينة المشتبه بها جزء من أسطول الظل الروسي الذي يهدد الأمن والبيئة فيما يموّل ميزانية الحرب الروسية».

وتابع البيان: «سنقترح مزيداً من الإجراءات بما في ذلك العقوبات لاستهداف هذا الأسطول».

و«أسطول الظل» هي التسمية التي تطلق على السفن التي تتحايل على العقوبات المفروضة على موسكو بنقل النفط الروسي الخام المحظور بيعه.

سفينة الشحن الروسية «أورسا ميجور» تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول بتركيا 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

ووقعت عدة حوادث مماثلة في بحر البلطيق منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

وأكد الاتحاد الأوروبي رداً على هذه الحوادث أنه يعزز «جهود حماية الكابلات البحرية، بما في ذلك تبادل المعلومات وتقنيات الكشف الجديدة وكذلك قدرات إجراء إصلاحات تحت سطح البحر».

واتفقت دول الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر على إدراج نحو 50 ناقلة نفط أخرى في القائمة السوداء من «أسطول الظل» الروسي، في إطار الحزمة اﻟ15 من عقوبات التكتل على موسكو.