الكرملين يهدّد واشنطن بـ«عواقب» بعد هجوم القرم

تعديل العقيدة النووية الروسية لـ«الرد على تهديدات جديدة»

روسيات يضعن ورداً أمام قبر الجندي المجهول في سيفاستوبول بالقرم الاثنين لتذكّر قتلى الهجوم الذي استهدف المدينة الأحد (إ.ب.أ)
روسيات يضعن ورداً أمام قبر الجندي المجهول في سيفاستوبول بالقرم الاثنين لتذكّر قتلى الهجوم الذي استهدف المدينة الأحد (إ.ب.أ)
TT

الكرملين يهدّد واشنطن بـ«عواقب» بعد هجوم القرم

روسيات يضعن ورداً أمام قبر الجندي المجهول في سيفاستوبول بالقرم الاثنين لتذكّر قتلى الهجوم الذي استهدف المدينة الأحد (إ.ب.أ)
روسيات يضعن ورداً أمام قبر الجندي المجهول في سيفاستوبول بالقرم الاثنين لتذكّر قتلى الهجوم الذي استهدف المدينة الأحد (إ.ب.أ)

وجّه الكرملين، الاثنين، رسالة تهديد لواشنطن هي الأقوى في لهجتها منذ تصاعد المواجهة بين القوتين النوويتين، ولوّحت الرئاسة الروسية بـ«عواقب مؤكّدة» على مشاركة الولايات المتحدة في توجيه ضربة صاروخية مُوجِعة على شبه جزيرة القرم، الأحد.

وتزامن التطور مع تأكيد الكرملين وضع اللمسات الأخيرة في تعديل يتم إدخاله على العقيدة النووية الروسية، بما يسمح بتسريع اتخاذ القرار بتوجيه ضربات استباقية حال تعرّض البلاد لخطر خارجي.

وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف، إن «تورّط الولايات المتحدة في الهجوم الصاروخي على مدينة سيفاستوبول، الذي أسفر عن مقتل مدنيين، سيكون له عواقب بالتأكيد».

وأكّد المتحدث أن واشنطن باتت «متورّطة» بشكل مباشر في الأعمال العدائية التي أدّت إلى مقتل مدنيين روس. وزاد: «بالطبع، لا يمكن أن يكون هذا التطور بلا عواقب».

وكان بيسكوف يرد على أسئلة الصحافيين عما إذا كانت موسكو تخطّط لإجراءات انتقامية ضد واشنطن بعد استخدام الصواريخ الأميركية في الهجوم على القرم، وحملت عباراته تهديداً غير مسبوق تجاه الولايات المتحدة.

ووصف الناطق القصف الصاروخي الذي تعرّضت له مناطق في سيفاستوبول في القرم بأنه «بربري». وأضاف أن جهات التحقيق تعمل.

وتابع بيسكوف: «نحن نرى جيداً من يقف وراء ذلك، تحدّث الرئيس، الأسبوع الماضي فقط، عن من يوجّه هذه الصواريخ المعقّدة من الناحية التكنولوجية نحو الأهداف، ومن الذي يقدّم هذه الصواريخ، هؤلاء ليسوا أوكرانيين».

ودعا ممثّلي وسائل الإعلام إلى توجيه سؤال لرؤساء الدول في أوروبا والولايات المتحدة: «لماذا تقتل حكوماتهم الأطفال الروس؟».

وكانت مدينة سيفاستوبول، التي تقع على أطرافها أضخم قاعدة بحرية عسكرية روسية، تعرّضت لهجوم بصواريخ أميركية الصنع من طراز «أتاكمز» قالت موسكو إنها كانت مزوّدة برؤوس حربية عنقودية.

وعلى الرغم من إعلان وزارة الدفاع الروسية أن دفاعاتها الجوية اعترضت أربعة من أصل خمسة صواريخ استُخدمت في الهجوم، فإن نتائج الضربة كانت مُوجِعة، وأعلنت موسكو مقتل أربعة أشخاص بينهم طفلان، وإصابة 151 مدنياً بجروح متفاوتة بينهم 27 طفلاً، وأفاد مسؤولون عيّنَتهم موسكو بأن الصاروخ ضرب منطقة تضم شواطئ رملية وفنادق.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى اجتماعه مع رئيس بنك روسي في الكرملين... الاثنين (رويترز)

وخلال اجتماع في وقت سابق مع وكالات أنباء دولية، انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تسليم الغرب أسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا، وقال: «إذا كان أحد يعتقد أنه يمكن تقديم أسلحة مماثلة في منطقة المعارك لضرب أراضينا (...) لماذا لا يكون لنا الحق في إرسال أسلحتنا من الطراز نفسه إلى مناطق في العالم توجَّه فيها ضربات إلى منشآت حسّاسة تابعة للدول التي تتحرك ضد روسيا؟». وإذ أشار إلى أن الرد «يمكن أن يكون غير متكافئ» لفت إلى أن روسيا «ستفكر في الأمر».

وأشار بيسكوف أيضاً إلى تصريحات لبوتين تفيد بأن الدول الغربية تزوِّد أوكرانيا ببيانات الأهداف لتنفيذ ضرباتها.

استدعاء السفيرة

واستدعت الخارجية الروسية، صباح الاثنين، السفيرة الأميركية في موسكو لين تريسي، وسلَّمَتها مذكرة احتجاج شديدة اللهجة. وأفادت الوزارة في بيان بأن المذكرة أوضحت موقف موسكو حيال «الجريمة الدموية الجديدة التي ارتكبها نظام كييف الذي تسلّحه واشنطن».

وزاد البيان أنه «تم التأكيد خلال المحادثة على أن الولايات المتحدة، التي تشن حرباً هجينة ضد روسيا، أصبحت بالفعل طرفاً في الصراع، وفضلاً عن أنها تزوّد القوات المسلحة الأوكرانية بأحدث الأسلحة، التي يتم تشغيلها وإدخالها بمهام الطيران بمساعدة متخصصين عسكريين أميركيين، فإن واشنطن باتت تتحمّل مسؤولية متساوية مع نظام كييف عن هذه الفظائع».

وتم إبلاغ السفيرة خلال المقابلة أن «مثل هذه التصرفات التي اتخذتها واشنطن، والتي تهدف إلى تشجيع السلطات الأوكرانية الموالية للنازية على مواصلة الأعمال العدائية حتى (آخر أوكراني)، من خلال إصدار الإذن بضرب عمق الأراضي الروسية، لن تمر من دون عقاب بالتأكيد».

واللافت أن الضربة الجديدة على القرم أعادت إلى الواجهة السجالات القانونية حول تبعية هذه المنطقة، وفي حين تُصِرّ موسكو على أن شبه الجزيرة ومدينة سيفاستوبول باتتا منذ قرار الضم في 2014 جزءاً لا يتجزّأ من الأراضي الروسية، فإن الغرب يواصل تأكيد عدم اعترافه بقرار الضم، وسمحت بلدان غربية، بينها الولايات المتحدة، للقوات الأوكرانية بشن هجمات على «مواقع روسية في المناطق الأوكرانية المحتلة».

وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك، الاثنين، إن «القرم هي أوكرانيا... على روسيا مغادرة شبه الجزيرة، يجب ألا يكون هناك أي وجود لجيشهم ومعداتهم العسكرية هناك»، كما أشار مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيلو بودولياك إلى أن القرم هدف عسكري مشروع. وقال إن «القرم تحوّلت إلى معسكر ومستودع عسكري كبير مع مئات الأهداف العسكرية المباشرة التي يحاول الروس بخبث إخفاءها والتغطية عليها بمدنيين».

تحديث العقيدة النووية

وبالتزامن مع التطور، أكّد المتحدث باسم الكرملين، الاثنين، معطيات حول شروع موسكو في تحديث عقيدتها النووية، وكان الرئيس بوتين أثار قبل يومين تكهّنات واسعة عندما كشف أن بلاده، التي تُعَدّ أكبر قوة نووية في العالم من جهة عدد الرؤوس الحربية المُعدّة للاستخدام، شرعت في تحديث عقيدتها النووية.

وقال بيسكوف إن «الرئيس بوتين قال إن العمل جارٍ لجعل العقيدة تتماشى مع الوقائع الحالية».

وكان رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب الروسي أندريه كارتابولوف أوضح، الأحد، أن التعديلات المطروحة على العقيدة قد تتعلّق بالوقت اللازم لاتخاذ القرار بتوجيه ضربة نووية ضد مواقع الخصوم. ووفقاً له، فإن روسيا قد تقلّص الوقت المحدّد في السياسة الرسمية لاتخاذ قرار باستخدام الأسلحة النووية إذا ارتأت تزايداً في التهديدات التي تواجهها.

ممثل السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل لدى وصوله إلى لوكسمبورغ الاثنين لمناقشة فرض عقوبات جديدة على روسيا (إ.ب.أ)

عقوبات أوروبية جديدة

على صعيد آخر، وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، وتشمل الحزمة الرابعة عشرة من عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا فرض حظر على إعادة تحميل الغاز الطبيعي المسال الروسي في الاتحاد الأوروبي لشحنه إلى دول ثالثة، كما تمنح العقوبات الجديدة التكتل مزيداً من الأدوات لاتخاذ إجراءات صارمة ضد التحايل على العقوبات، وتستهدف 116 فرداً وكياناً، بسبب الضلوع في عمليات ضد أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: صينيون يعملون بموقع إنتاج طائرات مسيّرة في روسيا

أوروبا صورة ملتقطة في 23 فبراير 2025 في العاصمة الأوكرانية كييف، تظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال حفل تكريم الجنود الأوكرانيين الذين سقطوا في الحرب (د.ب.أ)

زيلينسكي: صينيون يعملون بموقع إنتاج طائرات مسيّرة في روسيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، إن مواطنين صينيين يعملون في موقع لإنتاج طائرات مسيّرة في روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال مؤتمر صحافي في لوكسمبورغ، 14 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

كايا كالاس: واشنطن لم تستنفد «أدواتها» للضغط على روسيا

أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن الولايات المتحدة لم تستنفد «أدواتها» للضغط على روسيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

«فايننشال تايمز»: بوتين يعرض وقف غزو أوكرانيا للتوصل إلى اتفاق سلام مع ترمب

نقلت صحيفة «فايننشال تايمز»، اليوم الثلاثاء، عن مصادر مطلعة، القول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض وقف غزوه لأوكرانيا عند خطوط المواجهة الحالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (إ.ب.أ)

روبيو لن يحضر محادثات سلام أوكرانيا في لندن

قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس اليوم الثلاثاء إن وزير الخارجية ماركو روبيو لن يحضر محادثات في لندن بشأن الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في كييف 22 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

زيلينسكي: أرغب في لقاء ترمب خلال مراسم جنازة البابا في الفاتيكان

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إنّه يرغب في لقاء نظيره الأميركي دونالد ترمب خلال مراسم جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان السبت.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الشرطة الإسبانية: مشردان يرسلان نداء استغاثة بعد سرقتهما يختاً في مايوركا

الشرطة الإسبانية تلقي القبض على رجلين مشردين بعد أن سرقا يختاً في مايوركا (رويترز)
الشرطة الإسبانية تلقي القبض على رجلين مشردين بعد أن سرقا يختاً في مايوركا (رويترز)
TT

الشرطة الإسبانية: مشردان يرسلان نداء استغاثة بعد سرقتهما يختاً في مايوركا

الشرطة الإسبانية تلقي القبض على رجلين مشردين بعد أن سرقا يختاً في مايوركا (رويترز)
الشرطة الإسبانية تلقي القبض على رجلين مشردين بعد أن سرقا يختاً في مايوركا (رويترز)

قالت الشرطة الإسبانية، اليوم الثلاثاء، إنها ألقت القبض على رجلين مشردين، بعد أن سرقا يختاً في جزيرة مايوركا الشهيرة لقضاء العطلات.

وأوضحت الشرطة أن الإسبانيين (53 عاماً) و (59 عاماً) اقتحما اليخت الذي يبلغ طوله 12 متراً ويرسو في ميناء سان أنطونيو دي لا بلايا يوم الأحد الماضي في عيد الفصح، بالقرب من مطار الجزيرة حيث يبيتان عادة.

وقد أبحرا وقطعا مسافة 25 كيلومتراً تقريباً، قبل أن يدركا أنهما ضلا الطريق وأطلقا نداء استغاثة بالقرب من كابريرا، وهي جزيرة صغيرة تقع جنوب مايوركا، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية.

وقيل إن الرجلين شعرا بالارتياح الشديد عندما ألقت شرطة المياه القبض عليهما واعتقلتهما.

ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان الرجلان كانا يخططان للعيش على متن اليخت.

ويعد الوضع السكني في مايوركا متوتراً للغاية، في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات والعدد الكبير من السياح الذين يتوافدون على الجزيرة كل عام.

وتعيش مجموعة من المشردين في المطار، على الرغم من أنه لطالما حاولت الشركة المشغلة للمطار طردهم.