ماذا حقّق «المحافظون» خلال 14 عاماً من حكم بريطانيا؟

استطلاعات تتوقع تكبدهم خسائر كبيرة في انتخابات 4 يوليو

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أمام باب «10 داونينغ ستريت» بعد إلقاء خطابه الأول رئيساً للوزراء في 25 أكتوبر 2022 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أمام باب «10 داونينغ ستريت» بعد إلقاء خطابه الأول رئيساً للوزراء في 25 أكتوبر 2022 (أ.ف.ب)
TT

ماذا حقّق «المحافظون» خلال 14 عاماً من حكم بريطانيا؟

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أمام باب «10 داونينغ ستريت» بعد إلقاء خطابه الأول رئيساً للوزراء في 25 أكتوبر 2022 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أمام باب «10 داونينغ ستريت» بعد إلقاء خطابه الأول رئيساً للوزراء في 25 أكتوبر 2022 (أ.ف.ب)

اتسمت الأعوام الـ14 التي قضاها المحافظون في الحكم بالمملكة المتحدة باضطرابات عدة، تمثّلت في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتقصير في مكافحة جائحة «كوفيد19»، والأزمة الاقتصادية، والفضائح... فتركت قسماً كبيراً من الشعب البريطاني فقيراً ومحبطاً.

وبعد 5 رؤساء حكومات محافظين؛ 3 منهم في عام 2022، تُظهر استطلاعات الرأي أنّ حزب «العمّال» سيكون الرابح الأكبر في الانتخابات التشريعية المقرّر إجراؤها في 4 يوليو (تموز) المقبل، فقد بات من شبه المؤكد لزعيمهم كير ستارمر؛ الذي ينتمي ليسار الوسط، أنّه سيصبح رئيساً للوزراء.

زعيم حزب «العمال» كير ستارمر يلقي خطابه الرئيسي خلال اليوم الأخير من مؤتمر الحزب السنوي في برايتون (جنوب إنجلترا) يوم 29 سبتمبر 2021 (أ.ف.ب)

وتوقع استطلاع للرأي أجرته «هيئة سورافشن» ونشرته صحيفة «تايمز»، الأحد، فوز حزب «العمال» المعارض بأغلبية تقدر بـ262 مقعداً في البرلمان، بينما يحصل «المحافظون» على 72 مقعداً فقط.

وأظهر استطلاع من «وكالة أوبنيوم»؛ نشرته صحيفة «الأوبزرفر»، تقدم حزب «العمال» بواقع 17 نقطة، في حين توقعت «شركة سافانتا» «انقراضاً انتخابياً» لحزب ريشي سوناك في الاستطلاع الذي أجري لمصلحة صحيفة «صنداي تلغراف».

ويعترف المحافظون بقيادة ريشي سوناك بهزيمتهم من الآن؛ وإن بفتور، مناشدين الناخبين ألا يقدموا «غالبية ساحقة» لحزب «العمّال». غير أنّ ثقة الناخبين تبدّدت إلى حدّ أنّ الحملة الانتخابية لن تغيّر شيئاً.

وتبخّرت هذه الثقة منذ برنامج التقشّف في عام 2010 (في أعقاب الأزمة المالية عام 2008)؛ «التي أضعفت الخدمات العامة بشكل دائم»، وفقاً لتيم بايل، أستاذ السياسة في جامعة كوين ماري في لندن. وأضاف بايل: «بعد ذلك، كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والوعد بتنفيذ هذا الخروج، للعودة بعد ذلك إلى القضايا التي يهتمّ بها الناس، مثل الاقتصاد والصحة والتعليم والأمن. لكنّهم (المحافظون) فشلوا تماماً في الوفاء بوعودهم»، وفق ما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها.

خيبة الخروج من الاتحاد الأوروبي

يذكر أن الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وضع في عام 2016 (52 في المائة صوّتوا بـ«نعم»، و48 في المائة صوّتوا بـ«لا») حدّاً لرئاسة ديفيد كاميرون (2010 - 2016) الوزراء، خصوصاً أنّه أراد بقاء بريطانيا في «الاتحاد»، فاستقال؛ لتخلُفه تيريزا ماي (2016 - 2019) التي لم تتمكّن من إقناع مجلس العموم بالتصويت على هذا الطلاق المعقّد الذي جرى التفاوض عليه على مدى أشهر مع بروكسل؛ الأمر الذي اضطرها أيضاً إلى الاستقالة.

وبعد ذلك، جاء بوريس جونسون (2019 - 2022) وحقّق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2020، لكنّ حكمه تعثّر بسبب جائحة «كوفيد19» (أكثر من 232 ألف حالة وفاة) التي قلّل في البداية من أهميتها، مما أدى إلى بطء في التصدي لها. وأدّت فضيحة الحفلات التي أقامها في «داونينغ ستريت» خلال فترة الإغلاق، وأكاذيب أدلى بها، إلى استقالته في يوليو 2022.

وفي هذا الإطار، قال بايل إنّ «عدم تحقيق نتائج، بالتوازي مع تقويض بوريس جونسون سمعة الحزب في ما يتعلّق بالنزاهة، وتقويض ليز تراس سمعتها عندما تعلّق الأمر بالصدقية الاقتصادية... أدّت إلى الحالة المزرية التي يجد حزب (المحافظين) نفسه فيها».

وكانت ليز تراس (6 سبتمبر/ أيلول - 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2022) قدّمت بعيد وصولها إلى السلطة خطّة إنعاش تعتمد على تخفيضات ضريبية هائلة مموّلة بالديون، في سياق ارتفاع التضخّم وأزمة الطاقة التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا. غير أنّ هذه الخطة أثارت ذعراً في الأسواق. وقد أدّى ذلك إلى استقالتها بعد 44 يوماً من توليها منصبها، ليحلّ محلّها ريشي سوناك.

وخلال أشهر، تعاقبت الإضرابات (الصحة، والنقل، وعمّال البريد، والمعلّمون...) احتجاجاً على ارتفاع تكاليف المعيشة. وبعدما وصل التضخّم إلى نسبة 11 في المائة، انخفض إلى 2.3 في المائة على مستوى سنوي. غير أنّ الراتب الحقيقي، مع أخذ التضخّم في الحسبان، بات مشابهاً لمستوى رواتب عام 2010.

وزير الدولة البريطاني للنقل مارك هاربر خلال مشاركته بالبرنامج التلفزيوني «صنداي مورنينغ» على قناة «بي بي سي» أمام «10 داونينغ ستريت» وسط لندن الأحد (أ.ف.ب)

انعدام المساواة

ولا يزال النمو والإنتاجية يعانيان حالة ركود، بينما وصلت الضرائب إلى أعلى مستوياتها منذ 70 عاماً. وأصبح شراء منزل «أكثر صعوبة»؛ بناء على اعتراف ريشي سوناك، وذلك مع ارتفاع معدل الفائدة إلى أعلى مستوياته منذ عام 2007. وما يثير القلق، بموازاة شيخوخة السكان، أنّ نظام الصحة العامة المتمثل في «هيئة الخدمات الصحية الوطنية» بات في أسوأ حالاته؛ إذ ينتظر الملايين الحصول على العلاج؛ بينهم مرضى السرطان، والسبب نقص الموظفين.

كذلك، استمرّت فجوة تفاوت الدخل في الاتساع منذ عام 2012، ممّا يجعل المملكة المتحدة من أكثر البلدان انعداماً للمساواة في أوروبا و«مجموعة السبع»، وفقاً لـ«منظمة التعاون والتنمية» في الميدان الاقتصادي.

وقبل أقل من 3 أسابيع من الانتخابات التشريعية، يسود التشاؤم. وبينما يتوق البريطانيون إلى التغيير، فإنهم يشكّكون في قادتهم السياسيين أكثر من أيّ وقت مضى، وفقاً لاستطلاع للرأي أُجري مؤخراً.

وأشار استطلاع للرأي أجرته «مؤسسة إيبسوس» إلى أنّ 37 في المائة يعتقدون أنّ الاقتصاد سيستمرّ في التدهور، بينما يعتقد 20 في المائة فقط أنّ البلاد تسير في الاتجاه الصحيح. كذلك، يرى 53 في المائة أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ الذي يعدّ نقط تحوّل، حمل تأثيراً سلبياً.

هل من جانب إيجابي؟

واستجاب ريشي سوناك للأزمة عبر خلق فرص عمل (تبلغ البطالة 4.4 في المائة) وخفض معدّل الجريمة، مذكراً بالنتائج الجيّدة التي حقّقها طلّاب المدارس المتوسّطة في القراءة في «تصنيف بيزا الدولي»، متفوّقين بفارق كبير على ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة. ويشير آخرون إلى زواج المثليين الذي جرى تشريعه عام 2014 في إنجلترا، ويذكّرون بأنّ المملكة المتحدة كانت في الطليعة من حيث إزالة الكربون، وتطوير طاقة الرياح البحرية. غير أنّ البيئة ليست مصدر قلق في استطلاعات الرأي؛ إذ كانت الخدمات الصحية الوطنية وارتفاع تكلفة المعيشة من الهواجس الرئيسية للمستطلعة آراؤهم.

من جهة أخرى، يتحدث حزب «المحافظين»؛ الذي يواجه أيضاً خطر حزب «الإصلاح» في المملكة المتحدة الذي يتزعّمه نايجل فاراج، عن الهجرة وخفض الضرائب. لكنّ حزب «العمّال»؛ الذي يدعو إلى قلب صفحة «الفوضى»، سيرث «وضعاً اقتصادياً ومالياً صعباً جدّاً»، وفقاً للخبير السياسي أناند مينون.


مقالات ذات صلة

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

أوروبا درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

أفاد تقييم أولي لخدمة «كوبرنيكوس» للتغير المناخي التابعة للاتحاد الأوروبي، بأن درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في منطقة جنوب شرقي أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي استهدف قرية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي محذراً من خطورة الوضع في لبنان: «نحن على شفا حرب شاملة»

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الاثنين، من أنّ النزاع المستعر بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني يهدد بإغراق الشرق الأوسط برمّته في «حرب شاملة».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)

فون دير لاين: سنقرض أوكرانيا 35 مليار يورو من فوائد أصول روسية مجمدة... وموسكو: الاتحاد الأوروبي «فقد عقله»

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة) أن الاتحاد الأوروبي سيمنح أوكرانيا قرضاً تصل قيمته إلى 35 مليار يورو (39.06 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يتم الترحيب بها عند وصولها إلى محطة السكك الحديدية في كييف بأوكرانيا... الجمعة 20 سبتمبر 2024 (أ.ب)

رئيسة المفوضية الأوروبية تعلن وصولها إلى كييف لمناقشة دعم أوكرانيا

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة)، إنها وصلت إلى كييف؛ لمناقشة دعم أوروبا لأوكرانيا، والاستعداد لفصل الشتاء، وشؤون الدفاع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية من مشاركة وزير الخارجية التركي في اجتماعات مجموعة بريكس بروسيا يونيو الماضي (الخارجية التركية)

تركيا ترجع اهتمامها بـ«بريكس» لفشل مساعي انضمامها للاتحاد الأوروبي

أرجعت تركيا مساعي انضمامها لمجموعة «بريكس» إلى فشل مسار عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

لوكاشينكو يهدد بـ«النووي»... حدودنا «خط أحمر» والهجوم على بيلاروسيا يعني حرباً عالمية

رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو (أ.ب)
رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو (أ.ب)
TT

لوكاشينكو يهدد بـ«النووي»... حدودنا «خط أحمر» والهجوم على بيلاروسيا يعني حرباً عالمية

رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو (أ.ب)
رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو (أ.ب)

هدّد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الجمعة، باستخدام أسلحة نووية لمواجهة أي توغل لحدود بلاده من جانب بلدان منضوية في حلف شمال الأطلسي. وحمل التهديد لهجة غير مسبوقة، وجاء بعد مرور يومين فقط على إعلان تعديل العقيدة النووية الروسية وإدراج بند في نسختها الجديدة، يؤكد استعداد موسكو لاستخدام السلاح النووي لحماية الحليف الأقرب بيلاروسيا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو في موسكو (أرشيفية - إ.ب.أ)

وقال لوكاشينكو إن أي عبور لحدود بلاده سوف يشكل «الخط الأحمر، الذي يعني انتهاكه استخداماً فورياً للأسلحة النووية». وزاد في أقوى تحذير لحلف الأطلسي أن «الهجوم على بيلاروسيا سوف يعني اندلاع حرب عالمية ثالثة».

ونقلت وكالة أنباء «بيلتا» البيلاروسية الرسمية عن لوكاشينكو قوله: «أكد (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ذلك، عبر تعديل العقيدة النووية، وإعلانه أن الهجوم على روسيا أو بيلاروسيا يوفر أساساً لاستخدام الأسلحة النووية».

وفي إشارة إلى جدية التهديد، قال الحليف الأقرب للكرملين والرئيس الوحيد في الفضاء السوفياتي السابق، الذي دعم من دون شروط الحرب الروسية في أوكرانيا، إنه مستعد لاستخدام الترسانة التي نشرتها روسيا في بلاده في وقت سابق. وأضاف: «سوف يحدث ذلك بمجرد مهاجمتنا (...) قوات الناتو والأميركيون والبولنديون منتشرون بالفعل على طول الحدود، وخاصة الحدود مع بولندا، ونحن نعلم أن القيادة البولندية تفرك يديها، ونحن لن نتردد إذا تعرضنا لهجوم، وروسيا ستقف معنا».

مقاتلات بيلاروسية في طلعات استعراضية في يوم الاستقلال (أ.ب)

وفي الوقت ذاته، أعرب لوكاشينكو عن ثقة بأن الغرب «لا يريد حرباً عالمية. سوف نستخدم فيها الأسلحة النووية (...) يمكنهم الرد علينا أيضاً. لذلك سوف تستخدم روسيا ترسانتها بأكملها. الغرب لا يريد ذلك، لكننا نقول لهم بوضوح: الخط الأحمر هو حدود الدولة، إذا تم تجاوزه سيكون الرد فورياً، ونحن نستعد لذلك، وأنا أتحدث بصراحة عن هذا الأمر».

وكانت التعديلات التي أعلنها بوتين على العقيدة النووية لبلاده نصّت على توسيع مجالات استخدامات الترسانة النووية في مواجهة ما وصف «بالتهديدات الجديدة»، وأعلن بوتين أن النسخة الجديدة من العقيدة نصّت بوضوح على أن أي اعتداء على الحليف البيلاروسي سوف يشكل سبباً مباشراً لاستخدام مكونات نووية للردّ. علماً بأن النسخة السابقة من العقيدة كانت نصّت على استخدام الترسانة الضخمة التي تملكها روسيا في حال تعرضت للخطر هي أو حلفاؤها من دون أن تشير بالاسم إلى بيلاروسيا.

مناورات روسية بيلاروسية (أ.ب)

وكانت موسكو نشرت قبل أشهر مكونات نووية في بيلاروسيا. ووفقاً لإعلان الطرفين، فقد تم نشر رؤوس نووية تكتيكية في البلد الجار، وأطلقت موسكو ومينسك نشاطاً مشتركاً يقوده خبراء وعسكريون من الجانب الروسي لتدريب القوات البيلاروسية على استخدامها. وعلى الرغم من أن موسكو تحدثت عن أن قرار استخدام «النووي» سيكون بيد الخبراء الروس وحدهم، لكن الرئيس البيلاروسي تحدث أكثر من مرة في السابق عن توافقات روسية بيلاروسية تمنح بلاده الحق في اللجوء إلى كل طرازات الأسلحة المتوفرة، بما في ذلك الأسلحة النووية في حال تعرضت بيلاروسيا لخطر.

في الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الفنلندية أن حلف الأطلسي يدرس اقتراحاً قدّمته هلسينكي لنشر مقرّ رئيسي لقوات الأطلسي (الناتو) في هذا البلد الجار لروسيا. وأفادت الوزارة، في بيان، أن مقر القوات البرية للحلف في فنلندا يمكن أن يقع في مدينة ميكيلي، التي تقع على بعد نحو 300 كيلومتر من سان بطرسبرغ.

وجاء في البيان: «اقترحت وزارة الدفاع تحديد موقع المقر الرئيسي لقيادة المكونات البرية لحلف شمال الأطلسي في ميكيلي، حيث يقع مقر قوات الدفاع الفنلندية بالفعل». وأفيد أن المقر سيكون تابعاً للقيادة الموحدة للتحالف في نورفولك.

ستولتنبرغ الأمين العام الحالي للحلف الأطلسي (يسار) ومارك روتة الأمين العام المقبل بمقر الحلف في بروكسل (أ.ف.ب)

وقال وزير الدفاع الفنلندي، الجمعة، إن القيادة ستكون مكلفة بقيادة عمليات القوة البرية للحلف في شمال أوروبا في حالة نشوب نزاع عسكري. وأضاف الوزير أنتي هاكينن، في متابعة لإعلان سابق أصدره في يونيو (حزيران): «قررت هذا الصباح أننا سنقترح على حلف شمال الأطلسي إنشاء القيادة بالاشتراك مع مقر الجيش في ميكيلي». وسيعمل المقر تحت قيادة قوة نورفولك المشتركة التابعة للحلف، ومقرها الولايات المتحدة، وبالاشتراك مع قيادة القوة البرية الفنلندية التي تتمركز بالفعل في ميكيلي على بعد ساعتين بالسيارة من الحدود الفنلندية الروسية. وقال هاكينن، في مؤتمر صحافي، إن القيادة ستحظى في البداية بميزانية سنوية قدرها 8.5 مليون يورو (9.5 مليون دولار).

كانت فنلندا قد انضمت إلى حلف شمال الأطلسي في أبريل (نيسان) 2023، إلى جانب السويد، متجاهلة اعتراضات روسيا. وحذّر بوتين في وقت سابق من أن توسيع الحلف وضمّ البلدين اللذين حافظا على حياد طوال سنوات طويلة سوف يشكلان ضرراً من جهة ضمان المصالح الوطنية للبلدين، وزاد: «ستظهر القوات الروسية وأنظمة الأسلحة على حدود فنلندا».

وتشير روسيا إلى نشاط غير مسبوق لحلف شمال الأطلسي على حدودها الغربية. ويوسع الحلف مبادراته ويطلق عليها اسم «احتواء العدوان الروسي». وأشار الكرملين أكثر من مرة إلى أن موسكو «لا تهدد أي طرف، لكنها لن تتجاهل الأعمال التي قد تشكل خطراً على مصالحها».

وفي التطورات الميدانية للمعارك في أوكرانيا، أفادت وزارة الدفاع الروسية في إيجاز أسبوعي لمجريات القتال، أن قواتها أحرزت تقدماً ملموساً خلال اليومين الماضيين، ونجحت في فرض سيطرة كاملة على بلدة مارينوفكا في دونيتسك لتكون هذه ثالث بلدة تعلن موسكو عن وقوعها في أيدي القوات الروسية خلال أسبوع. وأفادت وزارة الدفاع أيضاً أن القوات الروسية نفّذت خلال أسبوع 33 هجوماً واسعاً، بما في ذلك باستخدام أنظمة صواريخ «كينجال» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وطائرات من دون طيار. واستهدفت الضربات مؤسسات صناعة الدفاع الأوكرانية، ومنشآت الطاقة، ومراكز البنية التحتية، بما في ذلك عدد من المطارات العسكرية.

ووفقاً للبيان، فقد تم استهداف ورش إنتاج ومستودعات للطائرات المسيرة الجوية والبحرية، وترسانات، ومستودعات الذخيرة والوقود، بالإضافة إلى قطار يحمل أسلحة ومعدات غربية. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن التشكيلات الأوكرانية فقدت على مدار أسبوع ما يصل إلى 960 عسكرياً و3 دبابات و4 محطات للحرب الإلكترونية في المنطقة الخاضعة لمسؤولية مجموعة قوات «فوستوك». وزادت أنه «تم خلال الفترة نفسها صدّ 12 هجوماً مضاداً للوحدات الهجومية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية».