«البديل لألمانيا»... الرابح الأكبر في الانتخابات الأوروبية

الناخبون الشباب في ألمانيا يتجهون يميناً ويهجرون «الخضر» لصالح «البديل»

زعيما حزب «البديل لألمانيا» أليس فايدل وتينو شروبالا يحتفلان بحصول حزبهما على 16% من الأصوات في ألمانيا بالانتخابات الأوروبية (أ.ف.ب)
زعيما حزب «البديل لألمانيا» أليس فايدل وتينو شروبالا يحتفلان بحصول حزبهما على 16% من الأصوات في ألمانيا بالانتخابات الأوروبية (أ.ف.ب)
TT

«البديل لألمانيا»... الرابح الأكبر في الانتخابات الأوروبية

زعيما حزب «البديل لألمانيا» أليس فايدل وتينو شروبالا يحتفلان بحصول حزبهما على 16% من الأصوات في ألمانيا بالانتخابات الأوروبية (أ.ف.ب)
زعيما حزب «البديل لألمانيا» أليس فايدل وتينو شروبالا يحتفلان بحصول حزبهما على 16% من الأصوات في ألمانيا بالانتخابات الأوروبية (أ.ف.ب)

لم تؤثر كل الفضائح التي أحاطت بحزب «البديل لألمانيا» في الأشهر الماضية على شعبية الحزب اليميني المتطرف بين الناخبين الألمان، رغم أنها أطاحت به من كتلة أقصى اليمين داخل البرلمان الأوروبي.

وبرز الحزب كثاني أقوى حزب على الصعيد الوطني في ألمانيا محققاً نتائج في الانتخابات الأوروبية أذهلت حتى قادته. ورفع الحزب نسبة أصواته في البرلمان الأوروبي من 11 في المائة عام 2019 إلى 16 في المائة هذا العام، متقدّماً على الأحزاب الثلاثة المشاركة في الحكومة.

ورغم أن «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» اليميني الوسط، الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، كان هو الفائز في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير محققاً 30 في المائة من نسبة الأصوات، فإن فوزه لم يكن مفاجئاً مثل فوز «البديل لألمانيا»، وحافظ «الاتحاد المسيحي» على نسبة الأصوات نفسها تقريباً التي حصل عليها في الانتخابات الأوروبية الماضية قبل 5 سنوات.

أصوات الشباب

وإذا كان «البديل لألمانيا» الفائز الأكبر من انتخابات الأحد، فإن أحزاب الحكومة وخاصة حزب الخضر، كانت الخاسر الأكبر. وخسر الحزب الاشتراكي نقطتين عن الانتخابات الماضية، وحصل هذه المرة على 14 في المائة من نسبة الأصوات، في حين خسر حزب الخضر 9 نقاط وحصل على 16 في المائة من نسبة الأصوات. وحافظ «الليبراليون» على النسبة نفسها من الأصوات، وهي 5 في المائة.

أليس فايدل وتينو شروبالا زعيما «البديل» يصلان لعقد مؤتمر صحافي في برلين الاثنين (أ.ف.ب)

وكانت خسارة «الخضر» هي الأقسى، خاصة بعد أن وُصفت انتخابات عام 2019 بـ«المدّ الأخضر» للبرلمان الأوروبي، الذي شهد تقدّم أحزاب الخضر الأوروبية مستفيدةً من أصوات الشباب اليائسين من السياسات المناخية للأحزاب التقليدية.

وكان لافتاً أن الشباب هذه المرة كانوا من أعطوا نسبة كبيرة من أصواتهم لحزب «البديل لألمانيا»، بعد أن قرر عدد كبير منهم هَجْر حزب الخضر. وسمحت دول الاتحاد الأوروبي للشباب في سن 16 عاماً بالمشاركة في الاقتراع هذا العام للمرة الأولى. وأظهرت إحصاءات أعمار الناخبين في ألمانيا أن الشباب فعلاً هجروا حزب الخضر؛ إذ صوت له 11 في المائة من الناخبين بين 16 و24 عاماً، ما يعني أن الحزب خسر 24 في المائة من نسبة الأصوات هذه مقارنة بانتخابات عام 2019.

وصبّ معظم هذه الأصوات لدى حزب «البديل لألمانيا» الذي حصل على 16 في المائة من أصوات هذه الفئة، في حين حصل «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» على 17 في المائة من أصوات الشباب. ولم يعطِ الشباب إلا 9 في المائة من أصواتهم للحزب الاشتراكي.

استراتيجية «تيك توك»

يعيد بعض المحلّلين شعبية «البديل لألمانيا» بين الشباب إلى حضور الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق «تيك توك»، وقد أظهرت بالفعل دراسة أجراها «مركز آن فرنك التعليمي» قبل أيام، أن بين كل الأحزاب الألمانية، فإن حزب «البديل» أفضل من يستخدم «تيك توك»، وأن أداء الأحزاب الأخرى على التطبيق الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الشباب، هو «ضعيف».

خاطب «البديل» الناخبين الشباب عبر منصة «تيك توك» بكثافة (د.ب.أ)

وقالت دبرا شنابل، مُعدّة الدراسة: «إنّنا نلاحظ كمية هائلة من الشعارات والرموز اليمينية المتطرفة على (تيك توك). ومرة بعد أخرى، نكتشف أن حسابات من حزب (البديل لألمانيا) متورطة بذلك»، وأشارت شنابل إلى أن أليس فايدل، زعيمة الحزب اليميني المتطرف، هي واحدة من أول 5 مؤثرين في ألمانيا على «تيك توك»، وقال معدو الدراسة إن حزب «البديل لألمانيا» يستخدم المنصة الصّينية «كعالم بديل» لنشر آيديولوجيته بين الشباب. وبحسب شنابل، فإن «البديل لألمانيا» يقدم نفسه على المنصة وكأنه «حارس وبطل الشباب»، وإن الأحزاب الأخرى لم تجد بعد طريقة للرد على ذلك.

وقد حاول عدد من السياسيين الألمان الانضمام إلى «تيك توك» مُؤخّراً، بعد أن اكتشفوا مدى تأثيره على الشباب، مثل المستشار أولاف شولتس الذي ينشر فيديوهات يحاول أن يبدو فيها مسترخياً وأقل جدية مما هو عليه. ومع ذلك، ما زال «البديل لألمانيا» قادراً على إيصال رسائله للشباب بطريقة أكثر سهولة، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» بيتر أنهالت الذي يعمل مع الشباب اليمينيين لمنعهم من التحول إلى العنف في جمعية «منع العنف» في برلين.

مظاهرة مناهضة للفاشية في مدينة مانهايم الألمانية في 7 يونيو (رويترز)

ويرى أنهالت أن حزب «البديل لألمانيا» يجذب الشباب؛ «لأنه ببساطة يملك أجوبة سهلة، ولأنه يتوجه للشباب بإما أبيض أو أسود، وهذا يرضي طريقة تفكير بعض الشباب»، ويضيف أن نشاط الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة «تيك توك»، «يمنحه منصة للتواصل مع الشباب، الذين يرون رسائل من (البديل لألمانيا) أكثر من الأحزاب الأخرى عندما يدخلون إلى التطبيق»، ولكن أنهالت يشير إلى نقطة أخرى تتعلق تحديداً بالشباب، ويقول إنه من الملاحظ أن تأييد الشبان أكبر من تأييد الفتيات لحزب «البديل لألمانيا»، ويوضّح أن حزب «البديل لألمانيا» يلعب على مفهوم «الرجولة»، ويشير إلى شريط للمرشح الفائز في الانتخابات الأوروبية ماكسيمليان كراه على «تيك توك» الذي يظهر فيه وهو يقول: «إن الرجال الحقيقيين هم يمينيون»، مُعدّداً صفات أخرى «يجب أن يتمتع بها الرجال الحقيقيون»، منها مثلاً أنهم «وطنيون» وغير ذلك.

صمود شولتس

وإضافة إلى الشباب، فإن حزب «البديل» حل أوّلاً في كل الولايات الألمانية الشرقية الـ5، وحصل على نسبة تصويت تراوحت بين 27 و30 في المائة، ما يعكس كذلك انقساماً واسعاً في ألمانيا واستمرار وجود جدار وهمي بين الشرق والغرب، حيث صوّتت معظم الولايات فيها للاتحاد المسيحي الديمقراطي، رغم مرور 35 عاماً على سقوط الجدار فعلياً.

المستشار الألماني أولاف شولتس يصفق لكاتارينا بارلي التي ترشحت على رأس لائحة الحزب الاشتراكي في الانتخابات الأوروبية (د.ب.أ)

وبشكل عام، فإن نتائج الانتخابات عكست مزاج الألمان ومدى عدم رضاهم عن أداء حكومتهم. وقد أظهر استطلاع أُجري نهاية مايو (أيار)، أن نسبة الرضا عن الحكومة لا تتجاوز 22 في المائة. وقد دفعت النتائج بـ«الاتحاد المسيحي الديمقراطي» إلى دعوة الحكومة لإجراء تصويت للثقة عليها، والدعوة لانتخابات مبكرة أسوة بفرنسا وبلجيكا. ولكن لا يبدو أن الحكومة ولا المستشار في وارد اتّخاذ أي خطوات مشابهة، علماً أن الانتخابات المقبلة ستجري في خريف العام المقبل.

وقد ظهر أولاف شولتس ليلة صدور النتائج في مقرّ حزبه مُبتسماً، ويلتقط صوراً مع مؤيدي الحزب في صور مناقضة تماماً لصورة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ورغم أن حزب «البديل لألمانيا» حقق تقدماً تاريخياً في هذه الانتخابات، فهو ما زال بعيداً جداً عن الوصول إلى السلطة، على الأقل على المستوى الفيدرالي. فكل الأحزاب الأخرى ترفض التحالف معه، وتعتبره شديد التطرف، وغالباً ما تخرج في ألمانيا مظاهرات مناهضة له، مثل ما حدث بعد الكشف عن اجتماع سري شارك فيه أعضاؤه ناقش ترحيل ملايين المهاجرين والألمان من أصول مهاجرة.

ومع ذلك، فإن التقدّم الكبير الذي حققه الحزب في الولايات الشرقية، قد لا يترك الكثير من الخيارات أمام الأحزاب الأخرى التي قد تضطر للتحالف معه على الأقل على صعيد الولايات، أو تغامر بأن تصبح الولايات الشرقية غير قابلة للحكم، كما يُحذّر كثيرون.


مقالات ذات صلة

المدعية العامة تهدد بإقالة بن غفير لتدخله في عمل الشرطة

شؤون إقليمية إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي (أ.ب)

المدعية العامة تهدد بإقالة بن غفير لتدخله في عمل الشرطة

تعتزم المدعية العامة غالي بهاراف ميارا مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بإقالة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ما لم يتوقف عن تدخله المتكرر في شؤون الشرطة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

وزير المالية الإسرائيلي يدعو إلى فرض سيادة بلاده على الضفة الغربية بحلول 2025

قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اليوم (الاثنين)، إنه يأمل أن توسِّع إسرائيل سيادتها لتشمل الضفة الغربية بحلول 2025.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا زعيم اليمين المتطرف في هولندا‭‭ ‬‬خيرت فيلدرز (أرشيفية - د.ب.أ)

زعيم اليمين المتطرف في هولندا يلتقي وزير خارجية إسرائيل

ذكرت وكالة أنباء هولندية أن زعيم اليمين المتطرف‭‭ ‬‬خيرت فيلدرز سيلتقي مع وزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر، ورئيس الكنيست أمير أوحانا، في مطار سخيبول بأمستردام.

«الشرق الأوسط» (أمستردام )
أوروبا عناصر من الشرطة يصطحبون المشتبه بهم في الخلية الإرهابية اليمينية المتطرفة إلى المحكمة العليا بعد اعتقالهم (إ.ب.أ)

ألمانيا: اعتقال خلية يمينية متطرفة خططت لـ«تنظيف عرقي» في الولايات الشرقية

قبضت السلطات الألمانية على خلية يمينية متطرفة تضم سياسياً من حزب «البديل لألمانيا»، كانت تعد لتنفيذ عمليات تطهير عرقي شبيهة بتلك التي نفذها النازيون.

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية مستوطنون يطالبون بإقامة مستوطنات يهودية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

نشطاء من اليمين المتطرف الإسرائيلي يطالبون بإعادة بناء مستوطنات في غزة

تجمّع بضع مئات من نشطاء اليمين المتطرف، بينهم وزراء ونواب، الاثنين، قرب الحدود بين إسرائيل وغزة للمطالبة بإقامة مستوطنات يهودية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
TT

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية، حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما أكد متحدث باسم الجيش الأوكراني اليوم الثلاثاء.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، يمثل الهجوم الروسي في منطقة زابوريجيا الجنوبية تحديا للجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبة بالفعل على الجبهة الشرقية، ولا يزال منخرطا في عملية هجومية في منطقة كورسك الروسية، على الحدود الشمالية.

وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني، فلاديسلاف فولوشين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الروس يستعدون منذ فترة، منذ عدة أسابيع، لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات، لا سيما باتجاه زابوريجيا».

وأوضح أن الجيش الروسي يعزز قواته، خاصة في مناطق فريميفكا وغوليابول وروبوتيني.

وأضاف: «كل يوم يقوم باستطلاع جوي وفني هناك، ويتزود بالذخيرة. منذ عدة أسابيع، يستعد العدو لاستخدام المدرعات».

وامتنع فولوشين عن تحديد عدد الجنود الروس المحتشدين في هذا القطاع من الجبهة، لكنه أشار إلى أن مجموعات صغيرة تشن بالفعل هجمات كل يوم.

وأكد أن القوات الأوكرانية عززت خطوط دفاعها وهي مستعدة لصد هجوم واسع النطاق.

في الصيف الماضي، شنت القوات الأوكرانية هجوما واسع النطاق لاستعادة منطقتي زابوريجيا وخيرسون في جنوب البلاد، لكنها فشلت في إحراز تقدم ملموس.

وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن موسكو حشدت 50 ألف جندي، بينهم كوريون شماليون، في محاولة لدحر القوات الأوكرانية التي تسيطر منذ نحو ثلاثة أشهر على جزء من منطقة كورسك الحدودية الروسية.