«لقاء مفاجئ» بين إردوغان وأكشنار يفجر جدلاً واسعاً بتركيا

غضب في حزب «الجيد» ومزاعم عن مطالب شخصية

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله الرئيسة السابقة لحزب «الجيد» ميرال أكشنار الأربعاء (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله الرئيسة السابقة لحزب «الجيد» ميرال أكشنار الأربعاء (الرئاسة التركية)
TT

«لقاء مفاجئ» بين إردوغان وأكشنار يفجر جدلاً واسعاً بتركيا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله الرئيسة السابقة لحزب «الجيد» ميرال أكشنار الأربعاء (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله الرئيسة السابقة لحزب «الجيد» ميرال أكشنار الأربعاء (الرئاسة التركية)

أثار لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالرئيسة السابقة لحزب «الجيد» ميرال أكشنار جدلاً واسعاً، وأحدث أزمة داخل الحزب الذي تركت رئاسته، وانسحبت من المشهد عقب الإخفاق الكبير في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي.

وفتح عدم الإدلاء بتصريحات حول اللقاء، الذي عقد بالقصر الرئاسي «بشكل مفاجئ» في أنقرة يوم الأربعاء الماضي، أو كشف أي طرف عما دار فيه، باب التكهنات، فيما عده بعض مؤسسي حزب «الجيد» ممن انشقوا عن حزب «الحركة القومية» مع أكشنار بسبب تحول زعيمه، دولت بهشلي، إلى صف تأييد إردوغان، والانضمام إلى «تحالف الشعب» مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، إهانة للحزب ولنضالهم في صفوف المعارضة.

رفاق أكشنار غاضبون

أهم ما استوقف الفريق السابق لأكشنار، في لقائها مع إردوغان، أنها لم تذهب مرتدية شعار الحزب الذي أسسته، واستنكروا ذلك، لافتين إلى أنه عند تركها رئاسة حزب «الجيد» لم يقوموا بإزالة صورها، وإنما علقوها إلى جانب صورة رئيس الحزب الجديد موساوات درويش أوغلو في كل غرفة من غرف المقر، ومن الواضح الآن أن أكشنار هي التي تركت الحزب، وأن الحزب لم يتركها. وأضاف هؤلاء أنهم أسسوا الحزب مع أكشنار بعدما استسلم حزب «الحركة القومية» لـ«القصر»، لكنها خلعت شارة حزبنا واستسلمت للقصر أيضاً، وتسببت في أضرار كثيرة للحزب وإدارته الجديدة.

بدوره، انتقد رئيس حزب «الجيد»، موساوات درويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية الأحد، ذهاب أكشنار إلى قصر الرئاسة للقاء إردوغان، قائلا إنه علم باللقاء من خلال البيان الذي أصدرته دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي: «ولم تخبرني به السيدة أكشنار». وأضاف: «ما يقلقني هو أن السيد إردوغان التقى بالسيدة أكشنار وأنا الزعيم الحالي للحزب. كان يجب على الرئيس أن يعد أنني المخاطب بالنسبة له الآن، أنا رئيس هذا الحزب، ولن أسمح بخطوات من شأنها الإضرار به... إنهم يعطلون ماضي وحاضر ومستقبل الحزب». وأشار درويش أوغلو إلى أن أكشنار أبلغته، بعد مغادرتها الاجتماع، بأنها تبادلت مع إردوغان وجهات النظر حول مشاكل تركيا.

جدل واسع

ولم تقف الانتقادات الموجهة إلى أكشنار عند حدود حزبها، وإنما أشعلت جدلاً واسعاً منذ عقد اللقاء وحتى الآن على مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقش المقابلة يومياً في وسائل الإعلام. وظهرت تكهنات حول اللقاء وأهدافه، منها أن أكشنار ذهبت إلى إردوغان لتطلب تعيين نجلها سفيراً لتركيا في باريس، وتعيينها نائبة لرئيس الجمهورية، وهناك من ذهب إلى أنها بحثت مع إردوغان ضم حزب «الجيد» إلى «تحالف الشعب».

وانضم رئيس حزب «الشعب الجمهوري» السابق، كمال كليتشدار أوغلو، الذي دعم أكشنار عند تأسيس حزبها في مواجهة الضغوط التي تعرضت لها، والذي تحالف مع حزبها في الانتخابات العامة في 2018 والانتخابات المحلية في 2019، ثم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023 بعد توسيع «تحالف الأمة» ليضم 6 أحزاب، إلى النقاشات الدائرة حول لقائها مع إردوغان.

وعد كليتشدار أوغلو، في مقابلة صحافية الأحد، أن عقد مثل هذا الاجتماع، لا يتوافق مع أخلاق الحزب، لأنه من غير الأخلاقي أن يتجاوز شخص كان رئيساً للحزب لسنوات كثيرة منصب رئيس الحزب الحالي ويذهب للقاء إردوغان، كما أنه يعد إهانة لمؤيدي الحزب. وقال: «المهم من الذي طلب الاجتماع، فإذا كان إردوغان هو من طلب عقده، فهذا يعني الاستسلام لسلطته، أما إذا كانت أكشنار هي من طلبته، فيجب أن تشرح أسبابه للجمهور».

من جانبه، وصف نائب إسطنبول عن حزب «الجيد» بوراك أكبوراك، وهو أحد الأسماء المعروفة بقربها من أكشنار، الادعاءات بأنها ذهبت لإردوغان لطلب منصب نائب الرئيس، وتعيين نجلها سفيراً في باريس بـ«القمامة». أما الكاتب حسن جوغوش، فعد مثل هذه الادعاءات «استهانة بأكشنار لأنها امرأة، دون النظر إلى وزنها السياسي». وبدوره، قال الكاتب في صحيفة «حرييت» القريب من دوائر الحكم أحمد هاكان: «أتمنى أن تشرح ميرال أكشنار سبب زيارتها».

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو والرئيس السابق لحزب «الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو سيلتقيان قريباً لتصفية الأجواء (أرشيفية)

إمام أوغلو سيلتقي كليتشدار أوغلو

وفي خضم الجدل الدائر حول لقاء أكشنار وإردوغان، كشفت مصادر في حزب «الشعب الجمهوري»، عن أن أحد نواب الحزب بالبرلمان زار رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وأنهما تحدثا خلال اللقاء عن الخلاف بينه وبين رئيس الحزب السابق، كمال كليتشدار أوغلو، لا سيما بعد تفسير تصريحات الأخير عقب إخفاقه في الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) 2023 التي قال فيها إنه خاض الانتخابات وفي ظهره «خنجر»، على أنها تلميح بأن إمام أوغلو وجه له طعنة في الظهر.

واستهدف كليتشدار أوغلو إمام أوغلو، الذي تزعم تيار التغيير في الحزب عقب انتخابات 2023، وأعلن إمام أوغلو أنه حاول التواصل معه ولقاءه، لكنه لم ينجح في ذلك إلا في شهر رمضان الماضي، وأنه يخطط للقائه.

وبحسب صحيفة «ميلليت» أبلغ إمام أوغلو النائب الذي زاره بأنه يعد كليتشدار أوغلو «تاج رأسه»، وأنه كان ينتظر انتهاء انتخابات اتحاد بلديات تركيا الذي فاز بها الأسبوع الماضي لتناول العشاء معه في أنقرة. ووفق مصادر الحزب، تعامل كليتشدار أوغلو مع طلب إمام أوغلو بشكل إيجابي، وسيلتقيان قريباً في أنقرة لتصفية الأجواء.


مقالات ذات صلة

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال (من حسابه في «إكس»)

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

فتح مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول تحقيقاً ضد زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال يتهمه بـ«إهانة موظف عمومي علناً بسبب أداء واجبه».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

إردوغان: سنحافظ على أمن حدودنا... والهجرة قضية حساسة «للعالم أجمع»

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة، إن بلاده سوف تحافظ على أمن حدودها، وستتخذ تدابير إضافية لتحصينها.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً خلال منتدى إعلامي في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

إردوغان يواجه احتجاجاً على استمرار حركة السفن التركية مع إسرائيل

قاطع شخص خطاباً للرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول الحرب الإسرائيلية في غزة صائحاً: «الصهاينة يواصلون أنشطتهم على سفننا وفي موانينا».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

اتفقت تركيا وسلطنة عمان على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما وأكدتا دعمهما لأي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يسعى لرئاسة تركيا مجدداً في 2028 (الرئاسة التركية)

إردوغان يسعى لولاية رئاسية جديدة عبر مبادرة حليفه للحوار مع أوجلان

وسط الجدل المتصاعد في تركيا حول القضية الكردية وعقد لقاءات مع زعيم حزب العمال الكردستاني، كشف كبير مستشاري الرئيس رجب طيب إردوغان عن خطة لترشحه للرئاسة مجدداً

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
TT

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

اتهم رئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) روسيا، الجمعة، بإطلاق «حملة متهورة للغاية» للتخريب في أوروبا بالإضافة إلى تكثيف تهديداتها النووية لتخويف دول أخرى، وثنيها عن دعم أوكرانيا.

وقال ريتشارد مور رئيس الجهاز إن أي تراخٍ في دعم أوكرانيا أمام الغزو الروسي الشامل الذي بدأ منذ 2022 سيمنح الجرأة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحلفائه، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر مور أن أوروبا وشركاءها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي لا بد أن يصمدوا في مواجهة ما قال إنه عدوان متزايد، وذلك فيما يبدو أنها رسالة إلى إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب وبعض الحلفاء الأوروبيين الذين يشككون في الدعم المتواصل لأوكرانيا في الحرب الضارية.

زيادة الضغط على الغرب

قال مور في خطاب في باريس: «كشفنا في الآونة الأخيرة حملة متهورة للغاية للتخريب الروسي في أوروبا، حتى مع لجوء بوتين ومساعديه إلى التهديد النووي لنشر الخوف من تبعات مساعدة أوكرانيا».

وأضاف: «تكلفة دعم أوكرانيا معلومة جيداً، لكن تكلفة عدم دعمها ستكون أعلى بشكل أكبر بكثير. إذا نجح بوتين، فستقيّم الصين التداعيات، وستكتسب كوريا الشمالية الجرأة، وستصبح إيران أخطر».

وقال مور في سبتمبر (أيلول) إن أجهزة المخابرات الروسية أصبحت «جامحة بعض الشيء» في أحدث تحذير من حلف شمال الأطلسي ومن رؤساء آخرين لأجهزة مخابرات غربية مما يصفونها بأنها أفعال روسية عدائية تتنوع من هجمات متكررة عبر الإنترنت إلى إحراق ممتلكات عمداً.

وتنفي موسكو مسؤوليتها عن جميع الحوادث على هذا النحو. ولم ترد السفارة الروسية في لندن بعد على طلب من وكالة «رويترز» للتعليق على تصريحات مور.

وقال رئيس جهاز المخابرات الداخلية (إم آي 5) في بريطانيا، الشهر الماضي، إن جهاز المخابرات العسكرية الروسي يسعى إلى إحداث «فوضى». وقالت مصادر مطلعة على معلومات مخابراتية أميركية لـ«رويترز» إن موسكو على الأرجح ستكثف حملتها على أهداف أوروبية لزيادة الضغط على الغرب بسبب دعمه كييف.

انتظار رئاسة ترمب

ركز مور في معظم حديثه على أهمية تضامن الغرب، قائلاً إن القوة الجماعية لحلفاء بريطانيا ستفوق بوتين الذي ذكر مور أن ديونه للصين وكوريا الشمالية وإيران تزداد.

وعبّر ترمب وجمهوريون آخرون في الولايات المتحدة عن تحفظاتهم بشأن دعم واشنطن الاستراتيجي القوي وإمداداتها بالأسلحة الثقيلة لكييف. وتعهد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً، إلا أنه لم يوضح الكيفية.

وقال مور: «إذا سُمح لبوتين بالنجاح في تحويل أوكرانيا إلى دولة تابعة لها، فلن يتوقف عند ذلك. سيتعرض أمننا للخطر في بريطانيا وفرنسا وأوروبا والجانب الآخر من المحيط الأطلسي».

وأضاف مور أن العالم يشهد بصورة عامة أخطر أوضاعه خلال 37 عاماً من عمله في المخابرات، إذ يعود تنظيم «داعش» إلى الظهور، وتظل طموحات إيران النووية تهديداً متواصلاً، بالإضافة إلى عدم التيقن بشكل تام حتى الآن من الأثر المترتب على هجمات حركة «حماس» الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل على صعيد النزعة للتطرف.

وقال نيكولا ليرنر رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية إن أجهزة المخابرات الفرنسية والبريطانية تعمل جنباً إلى جنب «لمواجهة ما يمثل دون شك أحد أكثر التهديدات خطورة، ما لم يكن الأخطر على الإطلاق، في الشهور المقبلة وهو الانتشار النووي الإيراني المحتمل». ودأبت طهران على نفي سعيها إلى تصنيع أسلحة نووية.