قلق في أوروبا من تصاعد الاعتداءات على السياسيين

رئيسة وزراء الدنمارك ألغت ارتباطاتها غداة تعرضها لهجوم

رئيسة وزراء الدنمارك لدى إلقائها خطاباً في كوبنهاغن يوم 5 يونيو (أ.ف.ب)
رئيسة وزراء الدنمارك لدى إلقائها خطاباً في كوبنهاغن يوم 5 يونيو (أ.ف.ب)
TT

قلق في أوروبا من تصاعد الاعتداءات على السياسيين

رئيسة وزراء الدنمارك لدى إلقائها خطاباً في كوبنهاغن يوم 5 يونيو (أ.ف.ب)
رئيسة وزراء الدنمارك لدى إلقائها خطاباً في كوبنهاغن يوم 5 يونيو (أ.ف.ب)

​ألغت رئيسة وزراء الدنمارك، ميتي فريدريكسن، ارتباطاتها، المقررة السبت، لمعاناتها من «التواء طفيف في العنق» جرّاء اعتداء تعرضت له الجمعة على يد رجل تمّ توقيفه، وسيمثل أمام القضاء. وأثار هذا الهجوم، وهو الأخير في سلسلة اعتداءات على مسؤولين في أوروبا، قلقاً واستياء واسعين. وأعلنت الشرطة الدنماركية أن المشتبه به البالغ 39 عاماً، سيمثل أمام قاضٍ في محكمة كوبنهاغن الذي سيبُتّ في قرار اعتقاله، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وجاء في بيان لمكتب رئيسة الوزراء: «بعد تعرّضها للاعتداء أمس، تمّ نقل رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن إلى مستشفى ريغوسبيتالت لإجراء فحص طبي. تسبب الاعتداء بالتواء طفيف في العنق»، مشيراً إلى أنها «مضطربة بسبب الحادث» وقامت بإلغاء جدولها المقرر السبت.

اعتداء صادم

نقلت صحيفة «بي تي» الدنماركية عن شاهدتي العيان، ماري أدريان وآنا رافن، قولهما إنهما كانتا جالستين إلى مقعد قرب نافورة مياه في الميدان، حين رأتا فريدريكسن تصل إلى المكان نحو الساعة السادسة مساء. وأضافتا: «تقدّم نحوها رجل من الاتجاه المعاكس، ودفعها بقوة عند مستوى الكتف، ما أدى إلى تعثّرها». وأشارتا إلى أنه رغم قوة الدفع، لم تسقط فريدريكسن أرضاً، وتوجّهت إلى أحد المقاهي القريبة حيث جلست.

فريدريكسن أدلت بصوتها مبكراً في الانتخابات الأوروبية 1 يونيو (رويترز)

ووصفت الشاهدتان الرجل بأنه طويل القامة ونحيل، وحاول الفرار من المكان، لكن رجالاً يرتدون زياً رسمياً تمكنوا من توقيفه وتثبيته أرضاً.

من جهته، قال شاهد آخر هو كاسبر يورغنسن لصحيفة «إكسترا بلادت» إن من أوقفوا المعتدي «قاموا بتهدئته، وبدا أنه مرتبك ومذهول بعض الشيء بينما كان ممدداً على الأرض».

إدانات أوروبية

أثار الاعتداء موجة تنديد واسعة داخل الدنمارك وخارجها. وأتى بعد سلسلة اعتداءات طالت سياسيين أوروبيين خلال الفترة الماضية، أكان في مناسبات عامة أم في أثناء الحملات الانتخابية.

ففي 15 مايو (أيار)، أصيب رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو بطلقات نارية من مسافة قريبة، بينما كان يحيي مؤيديه بعد اجتماع حكومي وسط البلاد. كما تعرّض عدد من المسؤولين السياسيين الألمان لاعتداءات في الفترة الأخيرة.

وأدانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين «عملاً دنيئاً يناقض كل ما نؤمن به وندافع عنه في أوروبا». كما استنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على منصة «إكس» الاعتداء، بالقول إن «الهجوم على رئيسة الوزراء الدنماركية غير مقبول، أدين هذا العمل بشدة وأتمنى لميتي فريدريكسن الشفاء العاجل».

وفي بروكسل، قالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إنّ الاعتداء الذي استهدف رئيسة الوزراء الدنماركية «مقزّز»، مشدّدة على أنّ «العنف ليس له مكان في السياسة». بدوره، عبّر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عن «سخطه» إزاء الاعتداء. وكتب ميشال في منشور على منصة «إكس»: «أدين بشدّة هذا الاعتداء الجبان». وتولت فريدريكسن (46 عاماً) منصبها للمرة الأولى في 2019. وأصبحت رئيسة الوزراء الأصغر سناً في تاريخ الدنمارك. وهي حالياً في ولايتها الثانية بعد فوزها في الانتخابات العامة لسنة 2022.

ووقع الاعتداء بينما يستعد نحو 4.3 مليون ناخب دنماركي للإدلاء بأصواتهم لانتخاب نوابهم الأوروبيين الخمسة عشر، الأحد. وأظهرت استطلاعات الرأي أنه من المتوقع أن يحتفظ الحزب الديمقراطي الاشتراكي، الذي تتزعمه رئيسة الوزراء، بمقاعده الثلاثة في البرلمان الأوروبي.



رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)

فجّر المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو، الاثنين، مفاجأة مدوية بتصدّره الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، حسب النتائج شبه النهائية، وسينافس سياسية مغمورة في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وبعد فرز أكثر من 99 في المائة من الأصوات، حصل كالين جورجيسكو (62 عاماً) المنتمي إلى اليمين المتطرف، والمعارض لمنح أوكرانيا المجاورة مساعدات والمناهض لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على 22.94 في المائة من الأصوات، متقدماً على إيلينا لاسكوني (52 عاماً)، وهي رئيسة بلدية مدينة صغيرة تترأس حزباً من اليمين الوسط وحلّت في المركز الثاني بـ19.17 في المائة من الأصوات في الانتخابات التي أُجريت، الأحد.

إيلينا لاسكوني (52 عاماً) التي ستخوض الجولة الثانية في أثناء إدلائها بصوتها الأحد (إ.ب.أ)

وتراجع رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو الذي كان المرشح الأوفر حظاً، إلى المركز الثالث، بفارق نحو ألف صوت فقط عن لاسكوني (19.15 في المائة).

وحقّق جورجيسكو هذه النتيجة المفاجئة بعد أن أطلق حملة عبر تطبيق «تيك توك» ركزت على ضرورة وقف كل مساعدة لكييف، وحقّقت انتشاراً واسعاً خلال الأيام الماضية.

وعلّق جورجيسكو، الأحد، بالقول: «هذا المساء، هتف الشعب الروماني من أجل السلام، وهتف بصوت عالٍ للغاية».

وكان من المتوقع أن يبلغ الجولة الثانية جورج سيميون (38 عاماً)، زعيم تحالف اليمين المتطرف من أجل وحدة الرومانيين (أور)، لكنه حلّ رابعاً بـ13.87 في المائة من الأصوات. وهنّأ خصمه، معرباً عن سعادته بأن «سيادياً» سيترشح للجولة الثانية.

رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو يلقي خطاباً وهو محاط بكبار المسؤولين في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

وعوّل سيميون المعجب بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على خطاباته القومية، للاستفادة من غضب مواطنيه الذين يعانون الفقر بسبب التضخم القياسي.

كما أراد أن يُظهر نفسه معتدلاً؛ لكن ذلك «انعكس عليه سلباً بين الأكثر تطرفاً»، وفق ما قاله المحلل السياسي كريستيان بيرفوليسكو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

تصويت مناهض للنظام

وأشار المحلل بيرفوليسكو إلى أن «اليمين المتطرف هو الفائز الأكبر في هذه الانتخابات»؛ إذ نال أكثر من ثلث الأصوات، متوقعاً أن تنعكس هذه النتائج لصالح اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المقررة الأحد المقبل. لكن حصول ذلك يؤشّر إلى مفاوضات صعبة لتشكيل ائتلاف.

جورج سيميون (38 عاماً) زعيم تحالف اليمين المتطرف يتحدّث للإعلام في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

ويحكم الديمقراطيون الاشتراكيون، ورثة الحزب الشيوعي القديم الذي هيمن على الحياة السياسية في البلاد لأكثر من ثلاثة عقود، حالياً في ائتلاف مع الليبراليين من حزب التحرير الوطني الذي هُزم مرشحه أيضاً.

وبات الرومانيون يعوّلون على المرشحين المناهضين للنظام، في ظل صعود الحركات المحافظة المتشددة في أوروبا، بعد عقد من حكم الليبرالي كلاوس يوهانيس، وهو من أشد المؤيدين لكييف. وتراجعت شعبيته لا سيما بسبب رحلاته المكلفة إلى الخارج المموّلة بالمال العام. ويرى خبراء أن اليمين المتطرف استفاد من مناخ اجتماعي وجيوسياسي متوتر في رومانيا المنضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبات لهذه الدولة الواقعة على حدود أوكرانيا دور استراتيجي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا؛ حيث ينتشر على أراضيها أكثر من 5 آلاف جندي من حلف «الناتو»، وتشكّل ممراً لعبور الحبوب الأوكرانية.

وتُعد نتيجة الانتخابات بمثابة زلزال سياسي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، وبقي إلى الآن في منأى عن المواقف القومية على عكس المجر أو سلوفاكيا المجاورتين. ويشغل رئيس الجمهورية منصباً فخرياً إلى حد كبير، لكنه يتمتع بسلطة معنوية ونفوذ في السياسة الخارجية. وتباينت المواقف حيال هذه النتائج في شوارع بوخارست، الاثنين. ورأى البعض فيها مفاجأة سارّة، مثل المتقاعدة ماريا شيس (70 عاماً) التي عدّت أن جورجيسكو «يبدو رجلاً نزيهاً وجاداً ووطنياً وقادراً على إحداث التغيير». وأوضحت أنها أُعجبت بمقاطع الفيديو التي نشرها على «تيك توك» مشيراً فيها إلى موقفه من الحرب في أوكرانيا وتعهّده بـ«السلام والهدوء». وأضافت: «انتهى الخنوع للغرب، وليُفسح المجال لمزيد من الاعتزاز والكرامة».

في المقابل، أعرب آخرون، مثل أليكس تودوز، وهو صاحب شركة إنشاءات، عن «الحزن وخيبة الأمل أمام هذا التصويت المؤيّد لروسيا بعد سنوات عدة في تكتلات أوروبية أطلسية». وعدّ أنه بمثابة تصويت ضد الأحزاب التقليدية التي لحقت بها حملة «تضليل» على الشبكات الاجتماعية أكثر من كونه موقفاً مؤيداً لـ«الكرملين». وحول الجولة الثانية، فقد أعرب عن خشيته من أن «الرومانيين ليسوا مستعدين لانتخاب امرأة (لاسكوني)»؛ لصد اليمين المتطرف في هذا البلد؛ حيث لا تزال النعرات الذكورية راسخة.