دبلن على خطى مدريد في الاعتراف بدولة فلسطين

وتنسيق للرد على«استفزازات» إسرائيلية

علم فلسطين (يسار) يرفرف خارج لينستر هاوس في دبلن في أعقاب قرار الحكومة الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية (د.ب.أ)
علم فلسطين (يسار) يرفرف خارج لينستر هاوس في دبلن في أعقاب قرار الحكومة الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية (د.ب.أ)
TT

دبلن على خطى مدريد في الاعتراف بدولة فلسطين

علم فلسطين (يسار) يرفرف خارج لينستر هاوس في دبلن في أعقاب قرار الحكومة الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية (د.ب.أ)
علم فلسطين (يسار) يرفرف خارج لينستر هاوس في دبلن في أعقاب قرار الحكومة الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية (د.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإسباني أن إسبانيا وآيرلندا والنرويج، التي أثار اعترافها المتزامن بدولة فلسطين اليوم (الثلاثاء) غضب السلطات الإسرائيلية، ستقدم رداً «حازماً» على «هجمات» الدبلوماسية الإسرائيلية. وقال خوسيه مانويل ألباريس أمام الصحافة: «سنقدم رداً منسقاً مع النرويج وآيرلندا اللتين تتعرضان للنوع نفسه من التضليل الإعلامي الدنيء، والهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي»، متحدثاً عن «رد حازم وهادئ» على هذه «الاستفزازات». وأضاف في ختام جلسة مجلس الوزراء بعد اعتماد المرسوم الذي يعترف بدولة فلسطين رسمياً: «لا أحد يمكنه أن يخيفنا (...) نحن لا نصنع سياستنا الخارجية عبر الرد بالتغريدات. لدينا أفكار واضحة حول المسار الذي يجب أن نسلكه»، وفقاً لما نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية». وتابع أن رد دبلن ومدريد وأوسلو سيحصل «في الوقت المناسب».

دبلن على خطى مدريد

واليوم، اعترفت آيرلندا رسمياً بدولة فلسطين، وحضّت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على «الإنصات إلى العالم، ووقف الكارثة الإنسانية التي نراها في غزة».

وقال رئيس الوزراء الآيرلندي، سايمن هاريس، في بيان: «كنا نود الاعتراف بدولة فلسطين في ختام عملية سلام، لكننا قمنا بهذه الخطوة إلى جانب إسبانيا والنرويج؛ لإبقاء معجزة السلام على قيد الحياة».

ومن جانبه، أفاد بيان لوزارة خارجية آيرلندا بأن قرار الاعتراف بدولة فلسطين اليوم يسمح بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها، مشيراً إلى أن قرار الاعتراف بدولة فلسطين سيتيح رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في رام الله إلى سفارة. وأوضح أنه في حال طلب من السلطة الفلسطينية ذلك فسيتم رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي للبعثة الفلسطينية لدى آيرلندا إلى سفارة، وستسمح بتعيين سفير لدولة فلسطين لدى آيرلندا. وفي وقت لاحق، قالت حكومة آيرلندا، في بيان، إنه سيتم تعيين سفير للبلاد في دولة فلسطين وفتح سفارة في رام الله. وقال بيان الخارجية: «من المهم منح السلطة الفلسطينية الدعم الكامل من جانب المجتمع الدولي في جهودها لإصلاح وتقديم الخدمات، وسنضاعف طاقتنا للوصول إلى هذه الغاية». وأشار إلى أن الأيام الأخيرة شهدت مناقشات مهمة بشأن الخطوات التالية مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، بمشاركة الشركاء الأوروبيين والعرب بشأن الرؤية العربية للسلام بوصفها سبيلاً جاداً للمضي قدماً نحو تحقيق السلام. وأكد أن آيرلندا ستواصل العمل من كثب مع السلطة الفلسطينية والشركاء الأوروبيين والدوليين من أجل وضع طريق سياسية «يمكنها وقف هذا الصراع المروع والكارثة الإنسانية».

ملاحقة دبلوماسية

اتهم وزير الخارجية الإسباني ألباريس، الخارجية الإسرائيلية بأنها «مهتمة بالحديث عن التغريدات أكثر من اهتمامها بقرارات محكمة العدل الدولية»، أعلى هيئة قضائية لدى الأمم المتحدة، التي أمرت إسرائيل (الجمعة) بوقف هجومها العسكري في رفح في جنوب قطاع غزة. وفي رد غاضب على قرار مدريد ودبلن وأوسلو الاعتراف بدولة فلسطين، كثّف وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الرسائل الغاضبة ضد هذه الدول الثلاث على مدى أيام على منصة «إكس».

واتهم خصوصاً (الثلاثاء) رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، بأنه «متواطئ في الدعوات لإبادة الشعب اليهودي» من خلال الاعتراف بدولة فلسطين، والإبقاء على المسؤولة الثالثة في الحكومة الإسبانية يولاندا دياز في منصبها بعدما دعت في الآونة الأخيرة إلى تحرير فلسطين «من النهر إلى البحر». ونشر يسرائيل كاتس أيضاً مقطع فيديو على الإنترنت (الأحد) يجمع بين صور هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وصور راقصي فلامنكو، مؤكداً أن الحركة الفلسطينية كانت تقول «شكراً على الخدمات» لبيدرو سانشيز. كما نشر وزير الخارجية الإسرائيلي أشرطة فيديو أخرى تستهدف قادة آيرلندا والنرويج.

الطريق إلى حل الدولتين

مع دخول أعنف حرب إسرائيلية - فلسطينية حتى الآن شهرها الثامن، قالت واشنطن إنه لا وسيلة لحل القضايا الأمنية الإسرائيلية، والاضطلاع بالمهمة الصعبة المتمثلة في إعادة إعمار غزة دون اتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية. وجاء رد فعل إسرائيل، التي وجدت أن عزلتها الدبلوماسية تزداد، غاضباً على قرار إسبانيا وآيرلندا والنرويج الاعتراف رسمياً بدولة فلسطينية. وتقول الدول الثلاث إنها اتخذت هذه الخطوة لتسريع جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. ورحبت السلطة الفلسطينية التي تمارس حكماً ذاتياً محدوداً في الضفة الغربية تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي بالقرار، بينما استدعت إسرائيل سفراءها لدى الدول الثلاث احتجاجاً، قائلة إن مثل هذه التحركات قد تعرض سيادتها وأمنها للخطر. ويقول نتنياهو إنه لن يتنازل عن سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على منطقة غرب الأردن، وهذا يتعارض مع قيام دولة فلسطينية يقول إنها ستشكّل «خطراً وجودياً» على إسرائيل. ولطالما عرقلت العقبات هذا الحل الذي يقوم على أساس دولتين إسرائيلية وفلسطينية. ومن بين هذه العقبات المستوطنات اليهودية في أراضٍ محتلة يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها، وتَشدُّد المواقف نحو قضايا أساسية مثل مصير اللاجئين الفلسطينيين، ووضع القدس.

الاستيطان الإسرائيلي

بينما سحبت إسرائيل المستوطنين والجنود من غزة عام 2005، توسّعت المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقالت «منظمة السلام الآن» الإسرائيلية إن عدد المستوطنين ارتفع من 250 ألفاً في عام 1993 إلى 695 ألفاً بعد 3 عقود. ويقول الفلسطينيون إن هذا يقوّض أساس الدولة القادرة على الحياة. وفي أثناء الانتفاضة الثانية، أقامت إسرائيل أيضاً جداراً عازلاً قالت إنه يهدف لوقف الهجمات الفلسطينية، لكن الفلسطينيين يصفونه بأنه استلاب للأرض. وتدير السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس جزراً منعزلة في أراضي الضفة الغربية تحيط بها مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية تشكّل 60 في المائة من الأراضي، تتضمن الحدود الأردنية والمستوطنات، وهي ترتيبات منصوص عليها في اتفاقات أوسلو. وتفاقمت التعقيدات بسبب واقع مجريات السياسة، فحكومة نتنياهو هي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل وتضم قوميين متدينين يستمدون الدعم من المستوطنين. وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش العام الماضي إنه لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني. واكتسبت «حماس» قوة سياسية وعسكرية، وفازت في الانتخابات عام 2006، وبعدها بعام أخرجت القوات الموالية لعباس من غزة، مما أدى إلى تفتيت الفلسطينيين سياسياً.

وما زال حلم حل الدولتين قائماً، منذ أن كان حجر الأساس لعملية السلام المدعومة من الولايات المتحدة التي دشنتها اتفاقات أوسلو عام 1993، التي وقّعها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رئيس «منظمة التحرير»، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين. وأدت الاتفاقات إلى اعتراف «منظمة التحرير» بحق إسرائيل في الوجود، ونبذ العنف، وإنشاء سلطة فلسطينية تتمتع بحكم ذاتي محدود في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان الفلسطينيون يراودهم الأمل في أن تصبح هذه خطوة نحو إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. واصطدمت العملية بالرفض على كلا الجانبين.


مقالات ذات صلة

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

شؤون إقليمية فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

في سابقة تاريخية، كرست مذكرة اعتقال أصدرتها «المحكمة الجنائية الدولية»، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «مطلوباً دولياً» جراء اتهامه مع آخرين

«الشرق الأوسط» (عواصم)
المشرق العربي هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

إسرائيل تستقبل هوكستين بغارات على ضاحية بيروت

استقبلت إسرائيل، المبعوث الأميركي آموس هوكستين، بغارات مكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صور في الجنوب، بعد ساعات على وصوله إلى تل أبيب قادماً من بيروت،

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية رهنت مصير «وحدة الساحات» بما يقرره «حزب الله» اللبناني (إكس)

العراق يحمّل أميركا مسؤولية أي هجمات إسرائيلية عليه

أفادت الحكومة العراقية بأن الولايات المتحدة، تتحمّل، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، مسؤولية «الردع والرد على أي هجمات خارجية تمس الأمن

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب (أ.ب)

إلغاء زيارة وزير الخارجية الهولندي لإسرائيل

ذكرت وكالة الأنباء الهولندية «إيه إن بي»، اليوم الخميس، أن زيارة مقررة لوزير الخارجية الهولندي إلى إسرائيل أُلغيت.

«الشرق الأوسط» (أمستردام )

«الناتو»: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا

لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)
لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)
TT

«الناتو»: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا

لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)
لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)

أكّد حلف شمال الأطلسي الخميس أنّ الصاروخ البالستي الفرط صوتي الجديد الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا "لن يغيّر مسار الحرب ولا تصميم الحلفاء في الناتو على دعم أوكرانيا" في تصديها للغزو الروسي.

وقال فرح دخل الله، المتحدث باسم الحلف، في بيان إنّ "روسيا أطلقت صاروخا بالستيا تجريبيا متوسط المدى ضدّ أوكرانيا. هذا مثال آخر على الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية. روسيا تسعى إلى ترويع السكان المدنيين في أوكرانيا وترهيب من يدعمونها".