«السند الأوكراني» ما زال يواجه مجموعة من العقبات التقنية والقانونية

«مجموعة السبع» تطمح لاتفاق يذلل العقبات بحلول يونيو... وكييف متفائلة وموسكو ستعدّها «سرقة»

وزير المال الإيطالي جيانكارلو جيورجتّي (يمين) مع حاكم البنك المركزي الإيطالي (إ.ب.أ)
وزير المال الإيطالي جيانكارلو جيورجتّي (يمين) مع حاكم البنك المركزي الإيطالي (إ.ب.أ)
TT

«السند الأوكراني» ما زال يواجه مجموعة من العقبات التقنية والقانونية

وزير المال الإيطالي جيانكارلو جيورجتّي (يمين) مع حاكم البنك المركزي الإيطالي (إ.ب.أ)
وزير المال الإيطالي جيانكارلو جيورجتّي (يمين) مع حاكم البنك المركزي الإيطالي (إ.ب.أ)

بينما يكثّف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دعواته إلى الدول الغربية لتسريع تزويد بلاده بالأسلحة، حضر وزير ماليته سيرغي مارتشينكو صباحاً جلسة وزراء مالية مجموعة السبع في إيطاليا خُصصت لمساعدة بلاده.

وقال وزير المال الإيطالي جيانكارلو جيورجتّي إن الإقرار النهائي لخطة إصدار «السند الأوكراني» ما زال يواجه مجموعةً من العقبات التقنية والقانونية، مؤكداً أن ثمّة توافقاً سياسياً تاماً حول دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا من لدن جميع البلدان الأعضاء في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى.

وزير المال الإيطالي جيانكارلو جيورجتّي (يمين) مع حاكم البنك المركزي الإيطالي (إ.ب.أ)

جاءت هذه التصريحات على لسان جيورجيتي، الذي ينتمي إلى حزب «الرابطة» اليميني المتطرف، المعروف بقربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومعارضته مواصلة الدعم العسكري لأوكرانيا، في المؤتمر الصحافي الذي عقب نهاية قمة وزراء المال وحكام المصارف المركزية لدول مجموعة السبع التي اختتمت أعمالها ظهر السبت على ضفاف «البحيرة الكبرى» في الشمال الإيطالي.

وجاء في مشروع البيان الصادر في ختام الاجتماع المنعقد في ستريسا: «نحن نحرز تقدماً في مباحثاتنا بشأن الوسائل الممكنة للاستفادة المسبقة من عائدات استثنائية مصدرها الأصول السيادية الروسية المجمّدة لصالح أوكرانيا، بما يتماشى مع القانون الدولي وأنظمتنا القانونية الخاصة». وأضاف البيان أن الهدف هو «أن نقدم لقادتنا، قبل القمة التي ستعقد في بوليا في يونيو (حزيران) المقبل، خيارات لتقديم دعم مالي إضافي لأوكرانيا».

وقال وزير المالية الأوكراني سيرغي مارشينكو إنها «إشارة جيدة إلى أننا نسير في الاتجاه الصحيح». وأضاف في تصريح صحافي: «آمل أن يتم التوصل إلى قرار ما خلال قمة القادة» المقبلة.

وكانت «الشرق الأوسط» قد أشارت، الجمعة، نقلاً عن مصادر أوروبية، أن الاقتراح بشأن خطة إصدار سندات دعم أوكرانيا لتسليحها وإعمارها بعد الحرب بتمويل من الفوائد المتراكمة للأصول الروسية المجمدة في الغرب، الذي قدمته الولايات المتحدة مدعومة من بريطانيا وكندا، ما زال يواجه تحفظات شديدة من الجانب الأوروبي، بخاصة من ألمانيا.

كانت المصادر قد أشارت إلى أن التحفظات الأوروبية مردها إلى الخشية من تأثير هذه الخطة على اليورو، وعلى ثقة المستثمرين الكبار في سوق المال الأوروبية، فضلاً عن احتمال تعارضها مع أحكام القانون الدولي بشأن العقوبات.

وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر يرفض الحديث عن التفاصيل (إ.ب.أ)

أعرب وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر عن اعتقاده بأن هناك الكثير من العمل الذي ينتظر الدول الصناعية الديمقراطية الكبرى في مجال توفير المزيد من فرص التمويل لأوكرانيا، مضيفاً أنه يجب إجراء محادثات مكثفة حول التفاصيل في الأسابيع المقبلة لـ«تقليل المخاطر التي يواجهها دافعو الضرائب، ويجب استبعادها». ويتردد أن الهدف هو التوصل إلى تفاهم خلال قمة رؤساء دول المجموعة المقرر عقدها في بوليا في إيطاليا، التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة، في منتصف يونيو (حزيران). وتسعى الدول الصناعية الغربية الكبرى إلى استخدام العائدات من مليارات الدولارات المجمدة لديها والتابعة للبنك المركزي الروسي لصالح أوكرانيا. ومع ذلك، فإن كيفية تحقيق ذلك لا تزال محل خلاف.

وأكد ليندنر في ختام كلمته: «نحن مستعدون أيضاً لاتخاذ طرق تمويل إضافية وذكية وريادية. لكن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به الآن»، مشيراً إلى أنه لا يمكن حالياً الحديث عن التفاصيل.

وزير مالية أوكرانيا سيرغي مارتشينكو يحضر جلسة وزراء مالية مجموعة السبع في إيطاليا خُصصت لمساعدة بلاده (إ.ب.أ)

وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير: «الهدف هو أن تكون لدينا طريقة وضمانة من أجل تمويل أوكرانيا. لذلك لن نتحدث عن المبلغ. أرى أنه يجب أولاً الحديث عن الطريقة».

كانت الولايات المتحدة اقترحت أن تقدم مجموعة السبع قرضاً كبيراً لأوكرانيا، يتم تأمينه بواسطة العائدات من الفوائد على الأموال المجمدة للبنك المركزي الروسي. وقدرت واشنطن أن من الممكن أن تصل قيمة هذا القرض إلى حوالي 50 مليار دولار. وتوجد هذه الأصول بشكل رئيسي في الاتحاد الأوروبي لأن 185 مليار يورو منها جمدتها «يورو كلير»، وهي منظمة دولية لإيداع الأموال تأسست في بلجيكا.

يذكر أن دول الاتحاد الأوروبي اتخذت حتى الآن موقفاً متحفظاً بشأن هذا الموضوع، وذلك لأن الاقتراح الأمريكي يشمل أيضاً العائدات المستقبلية من الفوائد التي قد لا تكون متاحة بالضرورة اعتماداً على تطورات أسعار الفائدة وتطورات الحرب في أوكرانيا.

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (رويترز)

كان الاتحاد الأوروبي نفسه قرر توجيه 90 في المائة من العائدات المستحقة والقابلة للاستخدام في صندوق الاتحاد الأوروبي لتمويل المعدات العسكرية والتدريب. أما النسبة المتبقية، البالغة 10 في المائة، فمن المقرر تخصيصها لأغراض، من بينها إعادة بناء البنية التحتية المدمرة في أوكرانيا. ومن المتوقع أن تصل الإيرادات إلى ما يتراوح بين 15 و20 مليار يورو بحلول عام 2027.

وتقول المحامية المتخصصة في القانون الدولي في شركة «أوريك»، جان بول كاستانيو، إن حتى الاكتفاء باستخدام عائدات الأصول الروسية قد يحفز موسكو على الرد. وتوضح لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا عدّت روسيا استخدام عائدات الأصول المجمدة في أوروبا سرقةً، فمن المرجح جداً أن تتخذ إجراءات تطول المجموعات الغربية التي لا تزال تعمل على أراضيها».

ووقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً، الخميس، يتيح مصادرة أصول في روسيا تابعة للولايات المتحدة ومواطنيها وشركاتها، لتعويض المتضررين من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.

ورغم الجهود التي بذلتها الإدارة الأميركية من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي حول هذه الخطة للمباشرة في تنفيذها قبل الانتخابات الرئاسية، لم تعترض واشنطن على الاكتفاء بطرح الفكرة، وليس الخطة النهائية، على قمة دول المجموعة الشهر المقبل، على أن يواصل الخبراء دوزنة التفاصيل التقنية والقانونية خلال الأشهر المقبلة.

وأعرب حكّام المصارف المركزية في دول المجموعة في نهاية اللقاء عن ارتياحهم لقدرة الاقتصاد العالمي على مقاومة القيود والضغوط المالية في السنوات المنصرمة، ولاحظوا أن ثمة آفاقاً واعدةً بالانتعاش الاقتصادي على الصعيد العالمي، وليس في بلدان أو مناطق متفرقةً.

وأشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إلى أن التضخم تراجع في جميع المناطق الاقتصادية الكبرى، لكن بنسب متفاوتة، متوقعةً أن تسجل الأسواق الأوروبية تراجعاً أكبر من السوق الأميركية.

رئيس البنك الدولي أجاي بانغا (يسار)

ورغم استئثار موضوع «السند الأوكراني» بالقسم الأكبر من المناقشات، بحثت القمة أيضاً في التحديات الناشئة عن الذكاء الاصطناعي وتداعياتها ومخاطرها، وهو البند الرئيسي الذي ستعمق فيه قمة الرؤساء المقبلة التي سيكون ضيف الشرف فيها، لأول مرة، البابا فرنسيس.

كما ناقش الاجتماع اقتراحاً لفرض ضرائب مرتفعة على الشركات متعددة الجنسيات، لكن وزير المال الإيطالي قال إن الموضوع يواجه اعتراضاً شديداً من بعض الدول، واستبعد أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأنه في القريب المنظور.

واقترحت الولايات المتحدة إدراج بند على جدول أعمال قمة الرؤساء حول فائض الإنتاج الصيني وتداعياته على الأسواق العالمية، لكن وزير المال الألماني دعا إلى الحذر في مقاربة هذا الموضوع، مشيراً إلى احتمال إقدام الصين على اتخاذ تدابير مضادة من شأنها إلحاق ضرر كبير ببعض الاقتصادات.


مقالات ذات صلة

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جندي أوكراني ينظر إلى مدفع «هاوتزر آرتشر» سويدي الصنع يستخدمه أعضاء أوكرانيون من اللواء 45 للمدفعية وهو يطلق النار باتجاه مواقع روسية في منطقة دونيتسك (أ.ف.ب)

الجيش الأوكراني: روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيرة على كييف

قال الجيش الأوكراني اليوم (الأحد) إن وحدات الدفاع الجوي دمرت أكثر من 10 طائرات مسيرة روسية كانت تستهدف العاصمة كييف في هجوم بطائرات مسيرة الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
TT

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)

كل المؤشرات تؤكد أن الأوضاع على جبهات القتال لا تميل لمصلحة أوكرانيا. وفي تقييم للوضع الميداني قالت الاستخبارات البريطانية العسكرية إن خط المواجهة كان أكثر «اضطراباً» من أي وقت مضى منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، في تعبير ملطف عمّا تعانيه قوات كييف، على الرغم من كونها من المدافعين عنها.

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أقرّ مصدر رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة الأوكرانية (الجمعة) بأن القوات الروسية تتقدَّم مسافة بين «200 و300 متر يومياً» قرب كوراخوف، وهي من المواقع المهمة التي قد تسقط قريباً. وفي علامة على هذا التقدم، أعلن الجيش الروسي (الجمعة) سيطرته على بلدة نوفودميتريفكا شمال كوراخوف. وتحتوي هذه المنطقة خصوصاً على رواسب كبيرة من الليثيوم.

واليوم (السبت) أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أنه يتوقع أن يبدأ الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا، المشارَكة الفعلية في القتال قريباً، ضد القوات الأوكرانية، خصوصاً في منطقة كروسك الروسية.

تصعيد مدروس أو متهور؟

وأتت تلك التحذيرات بعد الضجة التي أحدثتها روسيا، جراء الضربة «المدروسة» تداعياتها بدقة، التي نفَّذتها بصاروخ تجريبي فرط صوتي، أرادت من خلالها توجيه رسائل متعددة الاتجاهات. وشهد الأسبوع الماضي، تغييراً جذرياً للصراع في أوكرانيا، خلال سعي طرفَي النزاع المحموم للاستعداد لعودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للسلطة.

وخلال هذا الأسبوع، تقاذفت واشنطن وموسكو المسؤولية عن التصعيد. وقالت إدارة بايدن إن سماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» لضرب العمق الروسي، جاء رداً على استقدام نحو 11 ألف جندي كوري شمالي، حيث ترجح تقييمات استخباراتية أميركية وكورية جنوبية، أن يصل عددهم إلى نحو 100 ألف.

في المقابل، قالت موسكو إن ضربتها الصاروخية، كانت رداً على السماح باستهداف أراضيها بالصواريخ الغربية. وفي حين وصف كل من الجانبين الآخر بأنه «متهور»، يخشى البعض من أن يتحوَّل هذا التصعيد بسرعة إلى حرب. فواشنطن تحاول بشكل يائس تغيير الوضع الميداني المتراجع لأوكرانيا على الخطوط الأمامية، قبل مغادرة بايدن الرئاسة. وروسيا تتجه نحو مسارات أكثر خطورة لاستعادة قيمة الردع التي فقدتها في السنوات الثلاث الماضية. ورغم أن الطرفين لن ينخرطا في صراع مباشر، بدليل حرص موسكو على إبلاغ واشنطن قبل 30 دقيقة عن ضربتها الصاروخية، فإنهما سينخرطان بشكل أوسع في المواجهة التي أصبحت «عالمية» في أوكرانيا.

وطلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين تزويدها بأحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها. وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن أن «وزير الدفاع الأوكراني تَواصَل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه حماية الأرواح بمواجهة أخطار جديدة».

دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حليف لموسكو داخل الاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، إلى عدم الاستهانة بتهديدات روسيا، الدولة المجهَّزة «بأكثر الأسلحة تدميراً في العالم»، التي «تبني سياستها ومكانتها في العالم بشكل عام على القوة العسكرية».

مشاركة جنود بيونغ يانغ

ويقدِّر وزير الدفاع الأميركي وجود نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي الآن في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ: «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقَّع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة إلى القوات الكورية الشمالية.

رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

وذكر أوستن أنه «لم يرَ أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن، على الرغم من صدور تقارير أوكرانية، أشارت إلى مقتل عدد منهم في ضربة نفَّذتها كييف بصواريخ «أتاكمز» أخيراً في بريانسك.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية، هذا الأسبوع، إن موسكو تُقدِّم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات، ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ، مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ولم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجود قوات كورية شمالية، وبدلاً من ذلك انتقد الغرب بسبب دعمه لأوكرانيا. وقالت كوريا الشمالية، الشهر الماضي، إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

وفي حين يعجل فريق الرئيس ترمب الحديث عن المفاوضات، كانت الأوضاع على جبهات القتال قاتمةً في كل مكان في أوكرانيا. فالقوات الروسية تواصل الضغط على القوات الأوكرانية في منطقة كورسك لإخراجها منها، وتتقدم جنوب خاركيف، بالقرب من مدينة كوبيانسك. وتتعرَّض خطوط الإمداد للخطر حول منطقة دونباس الشرقية، في حين جنوب زابوريجيا تحت ضغط أكبر، بحسب تقييمات عسكرية في واشنطن.

التأثير على ترمب

ورغم وصف المسؤولين الأميركيين وحلف شمال الأطلسي، الصاروخ الروسي «أوريشنيك» بأنه «متوسط ​​المدى وتجريبي»، في تعليقات بدت كأنها تسعى إلى التقليل من أهميته، فإنها كانت تشير في الواقع إلى خلاف أوسع مع موسكو، يعود إلى عام 2019، خلال رئاسة ترمب الأولى. في ذلك العام، انسحب ترمب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، التي كانت تحد من تطوير مثل هذه الأسلحة، متهماً روسيا بانتهاكها.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ويرى البعض أن إصرار المسؤولين الغربيين على أن هذا الصاروخ «متوسط المدى»، الذي بدا قادراً على حمل أسلحة نووية، ربما يكون إشارة إلى استمرار روسيا في السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة خارج تلك المعاهدة التي انتهت صلاحيتها الآن. لكنه ربما كان أيضاً بمثابة إشارة إلى ترمب، بأن موسكو لا تزال منخرطة في تصنيع تلك الأسلحة التي اتهمها بتطويرها خلال ولايته الأولى.

لقاء روته بترمب

وأشارت تقارير إعلامية أميركية، إلى أن لقاء الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس ترمب، في بالم بيتش بولاية فلوريدا، كانت على رأسه، مناقشاتهما الوضع في أوكرانيا. وقالت فرح دخل الله، الناطقة باسم «الناتو»، اليوم (السبت) في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وطبقاً لمعلومات من مصادر داخل الحلف، ناقش الجانبان الاجتياح الروسي المستمر لأوكرانيا، بالإضافة إلى قضية الإنفاق الدفاعي لأعضاء «الناتو»، بين قضايا أخرى.

كما اجتمع روته وفريقه أيضاً مع مايكل والتز، الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، وأعضاء آخرين بفريق الأمن القومي للرئيس المنتخب، حسب بيان «الناتو».

وكان روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق، أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية. وتولى روته منصب الأمين العام للناتو في أكتوبر (تشرين الأول).

ومن المقرر أن يعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات في بروكسل (الثلاثاء)؛ لبحث الوضع. وتقول كييف إنها تتوقَّع قرارات «ملموسة» من حلفائها.

واختار ترمب، يوم الأربعاء، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي. وأوضح ترمب في بيان أن ويتاكر «محارب قوي، ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار». غير أن اختياره ويتاكر ممثلاً لدى «الناتو»، عُدَّ اختياراً غير اعتيادي، نظراً لخلفيته بصفته محامياً، وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة أن ترمب، يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال فترة رئاسته الأولى من 2017 إلى 2021، مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل أيضاً منصب سفير واشنطن لدى ألمانيا، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب. ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً لتلك المصادر. وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك.