روسيا تحذر أوروبا من مصادرة أصولها لتمويل عمليات تسليح أوكرانيا

تثير جدلاً بشأن «إعادة ترسيم» الحدود المائية في بحر البلطيق

البنك المركزي الألماني في فرنكفورت (إ.ب.أ)
البنك المركزي الألماني في فرنكفورت (إ.ب.أ)
TT

روسيا تحذر أوروبا من مصادرة أصولها لتمويل عمليات تسليح أوكرانيا

البنك المركزي الألماني في فرنكفورت (إ.ب.أ)
البنك المركزي الألماني في فرنكفورت (إ.ب.أ)

حذّر الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف بلدان الاتحاد الأوروبي من «عواقب سلبية للغاية»؛ جراء تنفيذ قرارات أوروبية باستخدام عائدات أصول سيادية روسية مصادرة في أوروبا لتمويل عمليات تسليح أوكرانيا أو تقديم معونات مالية إليها.

وقال بيسكوف إن البلدان الأوروبية تعاملت بحذر مع الموضوع «لأنهم يرون الخطر المحتمل لمثل هذه القرارات، ويدركون الخطر بالنسبة إليهم جراء العواقب السلبية للغاية المحتملة التي لا مفر منها، لذلك ذهبوا إلى نسخة مختصرة من قرارات التعامل مع الأصول الروسية المصادرة، لكن برغم ذلك فإن تلك النسخة المختصرة ليست سوى مصادرة مباشرة لأموال روسيا».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع مع منظمة شنغهاي للتعاون (أ.ف.ب)

وأشار المتحدث باسم الكرملين إلى أن موسكو تواصل عملية تقييم عواقب خطوة الاتحاد الأوروبي، وتقوم ببلورة الرد عليها بالشكل الذي يلبي مصالح البلاد على أفضل وجه.

ونشر الاتحاد الأوروبي الأربعاء على موقعه الرسمي قراراً بشأن استخدام عائدات الأصول السيادية الروسية المجمدة. وكان مجلس الاتحاد الأوروبي قد وافق على القرار في اليوم السابق، وتدخل الآلية حيز التنفيذ الخميس.

ووفقاً للقرار، فقد وافقت الدول الأوروبية على إرسال 90 في المائة من الدخل الذي تتلقاه الجهات المودعة للأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي لتقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا، فضلاً عن دعم برامج إعادة الإعمار في مرحلة لاحقة. وستكون الودائع المركزية قادرة على الاحتفاظ مؤقتاً بنسبة عشرة في المائة المتبقية لمواجهة أي مخاطر محتملة تتعلق بأوكرانيا.

الوضع مع الأصول الروسية

بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، جمّد الاتحاد الأوروبي و«مجموعة السبع» ما يقرب من نصف احتياطات النقد الأجنبي الروسية البالغة نحو 300 مليار يورو. ويوجد حوالي 200 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي، معظمها في حسابات يوروكلير البلجيكية، وهي من أكبر أنظمة التسوية والمقاصة في العالم.

وحتى وقت قريب، كان أعضاء الاتحاد الأوروبي يناقشون سبل استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل عملية «إعادة إعمار أوكرانيا»، وحذّر البنك المركزي الأوروبي، على وجه الخصوص، من أن جذب هذه الأموال لدعم القوات المسلحة الأوكرانية يحمل مخاطر بالنسبة إلى أوروبا على المدى الطويل. ما يعني أن القرار الأوروبي الأخير حمل تطوراً نوعياً في آليات تعامل الأوروبيين مع الأصول الروسية المجمدة.

قوات روسية تقوم بمناورات تكتيكية لأسلحة نووية (أ.ف.ب)

وتتوقع المفوضية الأوروبية أنه بعد الموافقة على قرار تخصيص عائدات الأصول الروسية المجمدة للمساعدة العسكرية لأوكرانيا، يمكن سداد الدفعة الأولى البالغة حوالي ملياري يورو في وقت مبكر من شهر يوليو (تموز).

وقالت المفوضة الأوروبية للقيم الأوروبية والشفافية، فيرا جوروفا، في مؤتمر صحافي في بروكسل: «سيسمح لنا هذا القرار بدفع ما يقرب من ملياري يورو دفعة مقدمة في يوليو، في انتظار المدفوعات المنتظمة في وقت لاحق من هذا العام». وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين تلك المعطيات، في حين أعلنت وزيرة الخارجية البلجيكية آجا لبيب، الثلاثاء، أن الدفعة المقررة لتسليح أوكرانيا سوف تبلغ قيمتها 3 مليارات يورو.

وكان الكرملين حذّر في وقت سابق الأوروبيين من «تبني خطوة أخرى في انتهاك جميع قواعد وأعراف القانون الدولي». ووصفت وزارة الخارجية تجميد الأصول الروسية في أوروبا بـ«السرقة»، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يستهدف أموال الأفراد فحسب، بل يستهدف أيضاً أصول الدولة الروسية.

فيما لوّح وزير الخارجية سيرغي لافروف بخطوات جوابية، بينها مصادرة أصول أوروبية في روسيا، تقدر وفقاً لبيانات روسية بنحو 280 مليار دولار. وأوضح لافروف: «روسيا لديها أيضاً الفرصة لعدم إعادة تلك الأموال التي احتفظت بها الدول الغربية في روسيا، والتي تم تجميدها رداً على الاستيلاء على احتياطات الدولة الروسية، ولا يمكن أن يكون هناك شك في أننا سنتصرف بشكل متبادل ومتكافئ».

ترسيم حدود البلطيق المائية

على صعيد آخر فتحت وزارة الدفاع الروسية ملفاً خلافياً جديداً مع أوروبا، ينتظر أن يفاقم التوتر في علاقات موسكو مع جاراتها في منطقة حوض بحر البلطيق، إلا أن الموقع الإلكتروني للحكومة الروسية حذف، دون إعطاء أي تفسير، مقترح الوزارة بشأن خطة تغيير الحدود الروسية، وتوسيع مياهها الإقليمية المتاخمة لفنلندا وليتوانيا، والذي أثار ردود فعل حادة من جانب البلدين.

وحمل مشروع نشرته الوزارة على موقعها الإلكتروني مساء الثلاثاء، إشارات إلى عزم روسيا إعادة ترسيم حدود البلاد المائية في بحر البلطيق، في إطار تدابير وصفها الكرملين بأنها تدخل ضمن «إجراءات ضمان أمن روسيا وسط تفاقم الوضع في منطقة حوض البلطيق».

وكانت معدلات التوتر ارتفعت بشكل حاد في المنطقة بعد قرار حلف شمال الأطلسي ضم فنلندا والسويد. وأعلنت أوساط في الحلف أن البحر غدا «بحيرة أطلسية مغلقة» في إشارة إلى تكثيف نشاطات الحلف، وحرية الحركة للسفن العسكرية الغربية في المنطقة في مقابل أن روسيا لا تمتلك سوى إطلالة محدودة على البحر عبر خليج فنلندا الذي تطل عليه عاصمة الشمال سان بطرسبورغ، وجيب كاليننغراد المعزول عن الأراضي الروسية براً.

مدمرة روسية خلال مشاركتها بمناورات عسكرية في بحر البلطيق (أرشيفية - رويترز)

وأعلنت موسكو مراراً أنها سوف تتخذ إجراءات لضمان مصالحها في المنطقة، خصوصاً على خلفية مخاوف من نشر قوات وأسلحة في بولندا وعدد من بلدان حوض البلطيق الأخرى.

وحمل مشروع قانون تنظيمي نشرته وزارة الدفاع الروسية على منصة المعلومات القانونية التابعة للحكومة الروسية، أول إشارة إلى طبيعة التحركات التي قد تقوم بها موسكو بالتوازي مع تعزيز حضور قواتها على الحدود الغربية للبلاد.

ورغم أن المشروع لا يتعلق فقط بالحدود المرسومة في بحر البلطيق، بل يمتد إلى إعادة النظر في ترسيم إحداثيات الحدود البحرية في مناطق عدة، لكن الحديث عن منطقة البلطيق أثار بشكل مباشر ردود فعل وسجالات بسبب حساسية الوضع في هذه المنطقة.

ونص المشروع على «وقف التعامل مع قائمة إحداثيات النقاط التي حددت مواقع خطوط الأساس لقياس عرض المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية والجرف القاري قبالة سواحل البر الرئيسي وجزر المحيط المتجمد الشمالي وبحري البلطيق والأسود». ورأت الوثيقة أن «خطوط الأساس المباشرة لروسيا في خليج فنلندا حالياً لا تسمح بتحديد الحدود الخارجية لمياهها الإقليمية».

وسارعت وزارة الخارجية الفنلندية لإصدار رد فعل أكدت فيه أنها تدرس «تفاصيل الوثيقة الروسية». وأعربت عن أملها في أن «تتصرف روسيا، بصفتها طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وفقاً لهذه الوثيقة». في حين أعلنت السويد أنها تعمل على اتخاذ تدابير لتعزيز دفاعها عن جزيرة جوتلاند في وجه أي خطوات يمكن أن يقوم بها الاتحاد الروسي.

اللافت أن موسكو، سعت بشكل غير مباشر إلى تخفيف حدة الجدل المثار حول الموضوع. ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية عن «مصدر دبلوماسي عسكري» الأربعاء، أن موسكو لن تقوم بتعديل حدود الدولة على بحر البلطيق.

وقال المصدر: «ليست لدينا نية لمراجعة عرض المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية والجرف القاري قبالة ساحل البر الرئيسي وخط حدود الدولة للاتحاد الروسي في بحر البلطيق».

لكن هذا البيان شابه غموض، خصوصاً بعد تأكيد الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف أن روسيا «بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لضمان أمنها وسط تصاعد الوضع في منطقة البلطيق».

وجاء تعليق بيسكوف رداً على سؤال الصحافيين الأربعاء، حول ما إذا كانت هناك خلفية سياسية للمشروع الذي أطلقته وزارة الدفاع، أم أنه يندرج في إطار رد الفعل على تفاقم المخاوف الأمنية لروسيا في المنطقة؟

وقال بيسكوف: «لا يوجد شيء يعد سياسياً هنا، على الرغم من أن الوضع السياسي تغير بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة في المنطقة. ترون كيف تتصاعد التوترات، ومستوى المواجهة، خاصة في منطقة البلطيق، وهذا يتطلب بالطبع خطوات مناسبة من إداراتنا المعنية لضمان أمننا».


مقالات ذات صلة

رسائل روسية متناقضة حول وساطة تركيا لإنهاء حرب أوكرانيا

أوروبا رسائل روسية متناقضة حول وساطة تركيا لإنهاء حرب أوكرانيا

رسائل روسية متناقضة حول وساطة تركيا لإنهاء حرب أوكرانيا

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه اتفق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على استمرار الوساطة التي تقوم بها تركيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

سعد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الرئيس الروسي ورئيس الوزراء المجري خلال مؤتمرها الصحافي في الكرملين الجمعة (إ.ب.أ)

العواصم الأوروبية الكبرى كانت على علم مسبق بزيارة أوربان لموسكو

أكّدت مصادر دبلوماسية أن معظم العواصم الأوروبية كانت على علم مسبق بزيارة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لموسكو في «مهمة سلام» قوبلت بانتقادات أوروبية واسعة.

شوقي الريّس (بروكسل)
الولايات المتحدة​ ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يشارك في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في أبريل (د.ب.أ)

إدارة بايدن تخطط لإعلان دعم دفاعي جوي لأوكرانيا

سيعلن قادة حلف شمال الأطلسي، خلال قمة واشنطن، إنشاء قيادة جديدة في ألمانيا لمتابعة الوضع الميداني في أوكرانيا.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا مبان سكنية متضررة في بلدة توريتسك بالقرب من خط المواجهة في دونيتسك (رويترز)

هجوم روسي بطائرة مسيرة يستهدف منشأة للطاقة في شمال أوكرانيا

قُتل 5 أشخاص على الأقل في هجوم روسي استهدف مدينة سيليدوف بشرق أوكرانيا باستخدام قنبلتين موجهتين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في الكرملين (أ.ب)

بوتين وأوربان يجريان «محادثات صريحة» وإنزعاج أوروبي

أقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبالاً حافلاً في الكرملين، أمس، لرئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، القائد الشعبوي اليميني والأوروبي المشاكس، بعدّه الأقرب إلى

رائد جبر (موسكو)

لا تجري مقابلات إعلامية... ماذا نعرف عن فيكتوريا السيدة البريطانية الاولى الجديدة

صفق الموظفون لرئيس الوزراء المنتخب حديثاً كير ستارمر وزوجته فيكتوريا عند دخولهما مقر إقامته الرسمي في لندن في رقم 10 داونينغ ستريت (رويترز)
صفق الموظفون لرئيس الوزراء المنتخب حديثاً كير ستارمر وزوجته فيكتوريا عند دخولهما مقر إقامته الرسمي في لندن في رقم 10 داونينغ ستريت (رويترز)
TT

لا تجري مقابلات إعلامية... ماذا نعرف عن فيكتوريا السيدة البريطانية الاولى الجديدة

صفق الموظفون لرئيس الوزراء المنتخب حديثاً كير ستارمر وزوجته فيكتوريا عند دخولهما مقر إقامته الرسمي في لندن في رقم 10 داونينغ ستريت (رويترز)
صفق الموظفون لرئيس الوزراء المنتخب حديثاً كير ستارمر وزوجته فيكتوريا عند دخولهما مقر إقامته الرسمي في لندن في رقم 10 داونينغ ستريت (رويترز)

مع استعداد كير ستارمر لتولي أعلى منصب في بريطانيا، ودخوله «10 دواننغ ستريت» رئيس وزراء جديداً للبلاد، تسلط الأضواء على الليدي فيكتوريا، زوجته، التي أصبحت الأن «سيدة بريطانيا الأولى» الجديدة. وجرت العادة أن تجري زوجات رؤساء الوزارات مقابلات وتصريحات إعلامية دعماً لأزواجهن، ويظهرن إلى جانبهن في الحملات الانتخابية، لكن ليس فيكتوريا التي تحرص على أن تبقى خارج دائرة الأضواء وبعيدة عن الظهور، إلا في المناسبات العامة بصحبة زوجها... فماذا نعرف عنها؟

لم ولن تجري مقابلات إعلامية

ويحيط كثير من الغموض بفيكتوريا، التي لم تجرِ أبداً أي مقابلة إعلامية، رغم المكانة البارزة التي يشغلها زوجها في بريطانيا، ويبدو أن الأمور لن تتغير كثيراً، وستظل فيكتوريا بعيدة عن الظهور، إلا في المناسبات العامة بصحبة زوجها، وهو ما أكده من قبل كير ستارمر، ونقلته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

ووفقاً للشبكة، فإن ستارمر قال من قبل إن زوجته لم تجرِ قَطّ أي مقابلة، وأن هذا لن يتغير، لكنها كانت بجانبه في صمت؛ سواء عندما فاز بمقعده البرلماني في انتخابات تاريخية، ثم عندما ألقى خطاب الانتصار، وأثناء مقابلته للملك تشارلز، أمس (الجمعة).

كير ستارمر وزوجته فيكتوريا يلوحان لحشود المؤيدين ووسائل الإعلام من عتبة 10 داونينغ ستريت في لندن (أ.ب)

وعلى عكس أكشاتا مورتي، زوجة سوناك، التي قدمته بخطاب في مؤتمر للمحافظين، وجلست أمام الكاميرا لإجراء مقابلة تحدثت فيها عن عائلته، فإن الليدي فيكتوريا لا تظهر أو تتحدث كثيراً.

جميع طلبات إجراء المقابلات أو التعليقات أو الإحاطات غير الرسمية قوبلت بجدار من الصمت من قبل فريق ستارمر، وفقاً لصحيفة «تلغراف». وقال مكتب رئيس حزب العمال في وقت مبكر: «نحن لا نشجعها. السيدة ستارمر لن تجري مقابلات».

ورغم أنها لن تجري مقابلات، فإن فيكتوريا أصبحت أكثر ظهوراً، حيث خرجت أخيراً مع زوجها، في نهاية الأسبوع الماضي، وانضمت إليه على المسرح، بعد خطاب حاشد في وسط لندن. ثم ظهرت معه في يوم الاقتراع بينما انضمت إليه للإدلاء بصوتها.

كير ستارمر وزوجته فيكتوريا يصلان إلى مركز اقتراع في لندن (إ.ب.أ)

وخارج الحملة، انضمت إليه في قصر باكنغهام لحضور المأدبة الرسمية على شرف زيارة الإمبراطور الياباني ناروهيتو والإمبراطورة ماساكو، الأسبوع السابق. وبعيداً عن السياسة تماماً، فقد حضرا قبل أيام حفلاً موسيقياً لتايلور سويفت في استاد ويمبلي.

يتوجه الزوجان إلى المأدبة الرسمية للإمبراطور ناروهيتو وزوجته الإمبراطورة ماساكو من اليابان في قصر باكنغهام - لندن (سي إن إن)

وفي الساعات الأولى من يوم الجمعة، التي كانت تبدو مفعمة بالحيوية بشكل ملحوظ، على حد تعبير «تلغراف»، وكانت فيكتوريا حاضرة لتشهد على فوز زوجها في هولبورن وسانت بانكراس.

وبعد ساعات قليلة، كانت لا تزال بجانبه عندما نزل ببطء إلى «داونينغ ستريت» بصفته رئيس الوزراء الجديد. ابتسمت فيكتوريا، «السيدة الأولى» الجديدة بحكم الأمر الواقع، وهي ترتدي ملابس حمراء أنيقة، ولوحت للحشود، واستدارت لتدخل منزلها الجديد رقم «10».

في حفل تايلور سويفت في لندن (وسائل إعلام بريطانية)

كيف التقى كير وفيكتوريا؟

تحدث ستارمر عن اللقاء الأول في برنامج «قصص حياة» مع بييرس مورغان عام 2020. وقال: «كنت أرفع قضية في المحكمة وكان الأمر كله يعتمد على ما إذا كانت الوثائق دقيقة. لقد سألت زملائي من قام بالفعل بإعداد هذه الوثائق، فقالوا إنها امرأة تُدعى فيكتوريا، فقلت دعونا نتصل بها على الهاتف».

وأضاف: «سمعتها تتمتم: مَن يظن نفسه بحق الجحيم؟ قبل أن تقفل الخط».

ومن دون تردد، سألها كير للخروج معه في موعد إلى حانة في كامدن، وكان ذلك في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتزوجا في عام 2007.

كير وفيكتوريا مع والديها يوم زفافهما (التلغراف)

وذكرت «بي بي سي» أن ستارمر طلب منها الزواج بعد بضعة أشهر فقط من قضاء عطلة معاً في اليونان، لكن كان رد فعلها واقعياً، وسألته: «ألن نحتاج إلى خاتم يا كير؟».

وأضاف ستارمر أن «فيكتوريا جميلة، وقوية، ونحن نتشارك القيم ونضحك معاً».

ولكير وفيكتوريا ستارمر ابنان، ويعيشون معاً في دائرته الانتخابية في كامدن شمال لندن، ويحرص الزوجان على عدم ذكر أسماء نجليهما في الأماكن العامة.

من القانون إلى الصحة المهنية

إذن، بدأت فيكتوريا حياتها، مثل زوجها محامية، إلا أنها تعمل الآن في مجال الصحة المهنية في خدمات الصحة الوطنية، وهو الدور الذي تحبه كثيراً، وفقاً لما قاله زوجها ونقلته لـ«سكاي نيوز».

والتحقت بمدرسة تشانينغ قبل دراسة القانون وعلم الاجتماع في جامعة كارديف.

وتعمل فيكتوريا الآن بدوام كامل في مجال الصحة المهنية فيبهيئة الخدمات الصحية الوطنية، وفقاً لـ«بي بي سي».

وفي حديثه لصحيفة «التايمز»، في مايو (أيار) الماضي، قال ستارمر إن زوجته تنوي الاحتفاظ بوظيفتها، إذا فاز في الانتخابات، مؤكداً أنها ستواصل العمل «فهي تريد ذلك وتحبه».

كير ستارمر وزوجته فيكتوريا يصلان إلى مركز اقتراع في لندن (إ.ب.أ)

وبحسب صحيفة «إندبندنت»، كانت فيكتوريا مَن دفعت ستارمر إلى مواصلة مسيرته المهنية ليصبح مديراً للنيابة العامة، وفي مقابلة أجرتها معه «سكاي نيوز»، قال: «كانت زوجتي تنشر إعلانات في الصحف عن وظائف المحامين ذات الأجور الجيدة، فقلت: لا، أنا أريد أن أخدم بلدي، ولهذا السبب، في مرحلة متأخرة، دخلت السياسة».

يهودية متدينة... ولها عائلة في إسرائيل

وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية أن فيكتوريا «امرأة يهودية ملتزمة بالعقائد والتقاليد الثقافية اليهودية وتشارك في مكافحة معاداة السامية».

ففيكتوريا ستارمر، في الأصل فيكتوريا ألكسندر، ولدت عام 1963 في شمال لندن. وكان والدها من أصل يهودي بولندي، وتحولت والدتها، دكتورة علم الاجتماع ، إلى اليهودية عند الزواج، بحسب الصحيفة العبرية.

أثناء نشأتها، كانت فيكتوريا منغمسة في التقاليد والممارسات الثقافية اليهودية، وعندما تزوجت أيضا، واصلت عائلة ستارمر، القيام بالتقاليد اليهودية بشكل نشط.

وقالت «جيروزاليم بوست»، إنه «على الرغم من كون كير ملحدًا، إلا أن الأسرة تحتفل بانتظام بيوم السبت، وتحتفل بيوم الراحة الأسبوعي من خلال التجمعات العائلية والطقوس التقليدية».

كان الزوجان ضيفين في مأدبة رسمية في قصر باكنغهام (سكاي نيوز)

وتربي فيكتوريا وكير ستارمر ابنيهما على وعي قوي بهويتهما اليهودية، والمشاركة في مختلف العادات والاحتفالات اليهودية، وفق الصحيفة.

وأكد كير أهمية هذه التقاليد في منزلهم، مما يضمن أن ابنيه يفهمان ويقدران تراثهما الثقافي والديني.

وتنتمي العائلة إلى الكنيس اليهودي الليبرالي في سانت جون وود، لندن، مما يعكس مشاركتهم النشطة في المجتمع اليهودي.

وفقاً لصحيفة «جويش كرونيكل»، قال كير: «زوجتي على وجه الخصوص تريد أن يعرف أطفالنا عقيدة عائلتها».

وبعض أفراد فيكتوريا يعيشون في إسرائيل، وقال ستارمر لصحيفة «الغارديان»، في يونيو (حزيران) الماضي، إن «نصف عائلة فيكتوريا يهود، وهم إما هنا أو في إسرائيل».

كير ستارمر زعيم حزب العمال البريطاني وزوجته فيكتوريا ستارمر يحييان أنصارهما أثناء حضورهما حفل استقبال للاحتفال بفوز ستارمر في الانتخابات في تيت مودرن بلندن (رويترز)

وأوضح ستارمر أن أسرته تحضر أحياناً كنيساً يهوديا ليبرالياً، كما أنه «تقريباً كل أسبوع» يوجد خبز التشالا اليهودي في منزلهم. وقال إن طفليه يقولان «الكيدوش» مع جدهما، أو أحياناً مع أخت فيكتوريا على «زووم».

و«الكيدوش»، بحسب العقيدة اليهودية، بركة تُتلى على النبيت أو عصير العنب لتقديس يوم السبت والأعياد اليهودية، وكذلك تُشير إلى وجبة صغيرة تُقام يوم السبت أو صباح العيد بعد أداء الصلاة وقبل الوجبة.