كييف محبطة وبايدن متمسك بعدم استهداف الأراضي الروسية لأسباب انتخابية

زيلينسكي يؤكد من خاركيف أن «الوضع صعب للغاية» لكنه «تحت السيطرة»... وقواته تهاجم مطاراً عسكرياً في القرم

زيلينسكي يزور جبهة خاركيف (أ.ف.ب)
زيلينسكي يزور جبهة خاركيف (أ.ف.ب)
TT

كييف محبطة وبايدن متمسك بعدم استهداف الأراضي الروسية لأسباب انتخابية

زيلينسكي يزور جبهة خاركيف (أ.ف.ب)
زيلينسكي يزور جبهة خاركيف (أ.ف.ب)

لا تزال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأميركية في استهداف عمق الأراضي الروسية، أو على الأقل تلك القريبة من جبهات القتال الحدودية، على الرغم من الحاجة الماسة لكييف للقيام بذلك، والضغوط التي تمارسها حول هذا الأمر.

زيلينسكي يزور جبهة خاركيف (أ.ف.ب)

وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قائلاً إن إدارة بايدن لا تزال تعارض السماح لأوكرانيا بضرب أهداف داخل الأراضي الروسية بأسلحة أميركية. وقال بلينكن، في ختام زيارته لأوكرانيا: «لم نشجع أو نمكن من توجيه ضربات خارج أوكرانيا». وأضاف: «لكن في نهاية المطاف، يتعين على أوكرانيا أن تتخذ قرارات بنفسها بشأن كيفية إدارة هذه الحرب، وهي حرب تخوضها دفاعاً عن حريتها وسيادتها وسلامة أراضيها».

واستخدمت أوكرانيا أسلحة قدّمتها دول أخرى، بما في ذلك بريطانيا، لضرب أهداف على الأراضي الروسية، لكن بلينكن أشار إلى عدم وجود تغيير في السياسة من جانب الولايات المتحدة. ومنع البيت الأبيض استخدام المعدات الأميركية لضرب الأراضي الروسية، لتفادي توسيع الصراع مباشرة مع موسكو، التي تمتلك أكبر ترسانة من الأسلحة النووية في العالم.

أوكرانيا محبطة

وهو ما أحبط أوكرانيا، خاصة في الأسابيع الأخيرة، حيث تمكنت القوات الروسية من حشد قوات عسكرية بالقرب من خاركيف، لكن قدرتها على ضربها كانت محدودة للغاية.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن فيتالي جانشيف، وهو مسؤول معين من روسيا في أوكرانيا، قوله إن القوات الروسية تحاول السيطرة على قرية ليبتسي، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً شمال خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلتقي الرئيس فولوديمير زيلينسكي في كييف (أ.ب)

وعدّ الموقف الأميركي جهداً حثيثاً من إدارة بايدن لمنع حصول أي تداعيات على حملته الانتخابية، حيث يواجه أزمات أخرى، وخصوصاً الحرب الإسرائيلية على غزة، فضلاً عن استطلاعات الرأي «المقلقة» لحظوظه في مواجهة خصمه الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب. غير أن مراقبين عدّوا تصريحات بلينكن إشارة إلى احتمال تغيير الموقف الأميركي في مرحلة لاحقة، مع محاولة لتجميد توسع الحرب وتمكين أوكرانيا في الوقت نفسه من الدفاع عن نفسها، في حال نجح بايدن في العودة إلى البيت الأبيض. كما أن الضغوط - التي تمارسها دول غربية حليفة، على رأسها بريطانيا، التي سمحت أخيراً باستخدام صواريخ «ستورم شادو» بعيدة المدى، في استهداف الأراضي الروسية، وفرنسا التي أعلن رئيسها عن استعداد بلاده للدفع بقوات على الأرض، إذا ما طلبت أوكرانيا ذلك - لا يمكن لواشنطن أن تتجاهلها لوقت طويل، ما لم تكن «منسقة» أيضاً بشكل مسبق معها.

روسيا توسع رقعة سيطرتها

وسلّط التأخير المتمادي لإرسال المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة، الضوء على العواقب التي ترتبت عليها في جبهات القتال، حيث تمكنت القوات الروسية من قلب المعادلة الميدانية، ولو جزئياً.

وعدّ وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس أن المكاسب التي حقّقتها روسيا في منطقة خاركيف بأوكرانيا يجب أن تكون بمثابة «جرس إنذار»، مضيفاً أن حلفاء كييف «صرفوا انتباههم» عن أحداث الحرب. وقال شابس لشبكة «سكاي نيوز»: «آمل حقاً أن يكون مسموعاً الآن جرس الإنذار الذي حاولنا أن نطلقه». وأضاف: «هذه ليست حرباً يمكنك أن تكون فيها متنبهاً تماماً، ثم تغلق أذنيك، أو ربما تصرف انتباهك لنزاع مختلف، ثم تتوقع ألا يتغير شيء على الأرض».

دبابة أوكرانية مدمرة في خاركيف (رويترز)

وسيطرت روسيا على 278 كيلومتراً مربعاً، خلال أسبوع، في شرق أوكرانيا، ولا سيما منطقة خاركيف، في أكبر اختراق لها منذ سنة ونصف السنة، بحسب تحليل لوكالة «فرانس برس» استناداً إلى بيانات للمعهد الأميركي لدراسة الحرب. وبين 9 و15 مايو (أيار)، سيطرت روسيا على 257 كيلومتراً مربعاً في منطقة خاركيف وحدها في شمال شرقي أوكرانيا، مركز الهجوم الروسي الجديد، حيث أعلنت موسكو الاستيلاء على بلدات عدة. وسيطرت على 21 كيلومتراً مربعاً، في مواقع مختلفة على خط الجبهة، من بينها بلدة روبوتينه الاستراتيجية في جنوب البلاد. ولم تحرز القوات الروسية مثل هذا التقدم السريع في الأراضي الأوكرانية، منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2022. ومنذ بداية عام 2024، احتلت روسيا نحو 800 كيلومتر مربع، وهي مساحة أكبر من تلك التي استولت عليها في عام 2023 بأكمله (600 كيلومتر مربع).

ومنذ بدء الغزو الروسي، حتى 15 مايو 2024، استولت روسيا على 65336 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الأوكرانية، ما يمثل نحو 12 في المائة من أوكرانيا، من دون احتساب الأراضي التي ضمّتها روسيا في السابق، مثل شبه جزيرة القرم.

تشتيت الأوكرانيين

ويقول محللون ومسؤولون أميركيون إن القوات الروسية لا تبدو مستعدة للاستيلاء على مدينة خاركيف، لكنها تحاول على الأرجح إحداث ما يكفي من التحدي هناك لسحب الأصول العسكرية الأوكرانية بعيداً عن مواقع الخطوط الأمامية الأخرى.

وقال معهد دراسة الحرب إن الهجوم الروسي على منطقة خاركيف الشمالية الشرقية يبدو أنه تباطأ، ما يشير إلى أنه ربما كان محاولة لإنشاء منطقة عازلة على الحدود، وليس محاولة للاستيلاء على المدينة، رغم مواصلة روسيا تحقيق مكاسب صغيرة، ولكن ثابتة في الجنوب.

وبدا أن روسيا تقاتل من أجل السيطرة على قرية روبوتاين، وهي قرية كانت محتلة من قبلها في منطقة زابوريجيا، وتتمتع بأهمية رمزية، لأنها كانت واحدة من الأماكن القليلة التي حررتها القوات الأوكرانية خلال هجومها المضاد الذي فشل إلى حد كبير في الصيف الماضي. وشكّكت أوكرانيا بالادعاءات الروسية أن قواتها استولت على القرية مرة أخرى، لكنها اعترفت بأن هجوماً شرساً كان جارياً.

زيلينسكي: الوضع صعب للغاية

قالت القوات الأوكرانية، الخميس، إنها تعمل على إبطاء وتيرة الهجوم الهجومي الذي تقوم به روسيا في شمال شرقي البلاد، حتى في الوقت الذي تكافح فيه لاحتواء الهجمات الروسية الجديدة في عدة مواقع أخرى على خط المواجهة، حيث تسعى موسكو إلى توسيع تمدد القوات الأوكرانية لاختراق دفاعاتها.

وأفاد الجيش الأوكراني، في وقت متأخر من يوم الأربعاء، أنه صدّ 4 هجمات برية في منطقة خاركيف الشمالية الشرقية، حيث تصاعدت القوات الروسية عبر الحدود الأسبوع الماضي، واستولت بسرعة على نحو 12 قرية ونحو 80 كيلومتراً مربعاً من الأراضي.

وكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي، الذي ألغى رحلته إلى إسبانيا، على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الخميس، بعد عقد اجتماع في خاركيف مع الجنرال أولكسندر سيرسكي والقادة العسكريين في المناطق الشمالية والشرقية: «الوضع في منطقة خاركيف تحت السيطرة بشكل عام». وأضاف زيلينسكي: «لكن الاتجاه لا يزال صعباً للغاية، نحن نعمل على تعزيز وحداتنا». وقال زيلينسكي، في وقت سابق، إن الوضع متوتر في جميع الاتجاهات، «واهتمامنا يتركز باستمرار على الخطوط الأمامية، في جميع مناطق القتال».

وقال مدنيون أوكرانيون، تم إجلاؤهم يوم الخميس، إن القوات الروسية كانت تقاتل في وحدات صغيرة تسللت عبر الغابات إلى القرى. وقد ظهرت تلك الوحدات بشكل غير متوقع في شوارع بلدة فوفشانسك، وهي قرية تقع على بعد نحو 30 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة خاركيف. وقال أوليكسي خاركيفسكي، ضابط الشرطة الذي يقوم بإجلاء المدنيين، إن الأجزاء الشمالية من فوفشانسك أصبحت الآن في مرمى الدبابات الروسية، لكن لا يسيطر عليها الجيش الروسي بشكل كامل، ما يشير إلى أن القتال قد تباطأ في المنطقة وفي محيط القرية، على الرغم من تكرار القصف المدفعي.

ومع ذلك، تم الإبلاغ عن مزيد من الهجمات الروسية في أماكن أخرى، شرق منطقة خاركيف، وجنوباً في منطقتي دونيتسك وزابوريجيا. وقال زيلينسكي: «نرى بوضوح كيف يحاول المحتل تشتيت انتباه قواتنا وجعل عملنا القتالي أقل تركيزاً».

وبدورها، هاجمت القوات الأوكرانية مطاراً عسكرياً في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا لليلة الثانية على التوالي. وقال موقع «أسترا» الإخباري الإلكتروني إنه جرى شنّ هجوم صاروخي على منشأة وقود في مطار بيلبيك العسكري واندلعت النيران هناك. من جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية إنه جرى إسقاط 5 صواريخ طراز «إيه تي إيه سي إم إس» أميركية الصنع فوق القرم. وأضافت الوزارة أن القوات الروسية أسقطت 4 مسيرات أوكرانية، واعترضت اثنتين أخريين بالتشويش على إشاراتهما.


مقالات ذات صلة

واشنطن: 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية يقاتلون إلى جانب القوات الروسية

زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يراجع إحدى الخطط القتالية خلال زيارته لأحد معسكرات الجيش (وكالة أنباء كوريا الشمالية)

واشنطن: 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية يقاتلون إلى جانب القوات الروسية

كشفت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم، أن جنوداً كوريين شماليين بدأوا بالمشاركة في عمليات قتالية إلى جانب الجيش الروسي عند الحدود مع أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية لم تعلق الوزارة على هوية مشتري الصالة وما سعر بيعها (وزارة الخارجية الفنلندية)

روسيان يقرران بيع صالة رياضية في هلسنكي بسبب العقوبات

قالت وزارة الخارجية الفنلندية اليوم الثلاثاء إن مالكين من روسيا لصالة رياضية في العاصمة الفنلندية قررا بيعها بعد تضررهما من عقوبات.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

الخارجية الأميركية: جنود من كوريا الشمالية ينضمون لروسيا في الحرب

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، إن قوات من كوريا الشمالية بدأت الاشتراك في عمليات قتالية في صفوف القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلاً أمين عام الحلف الأطلسي مارك روته في زيارته الأولى لباريس منذ تسلمه منصبه الجديد (إ.ب.أ)

أوكرانيا والحلف الأطلسي محور الاتصالات الغربية استباقاً لخطط ترمب

المخاوف الغربية من خطط ترمب القادمة بالنسبة لأوكرانيا والحلف الأطلسي تهيمن على الاتصالات الراهنة.

ميشال أبونجم (باريس)

توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في فترة الأعياد

استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)
استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في فترة الأعياد

استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)
استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)

أعلن مدعون ألمان، الثلاثاء، توقيف شاب يبلغ من العمر 17 عاماً بتهمة «التخطيط لهجوم إرهابي ذي دوافع إسلامية»، بينما ذكرت تقارير إعلامية أنه كان ينوي استهداف إحدى الأسواق في عيد الميلاد بواسطة شاحنة... والمشتبه به مواطن ألماني جرى توقيفه، الأربعاء الماضي، في إلمسهورن.

وأفاد المدعون في ولاية شلسفيغ هولشتاين بأنه يُشتبه بأن المعتقل كان «يحضِّر لاعتداء عنيف وخطير»، و«التآمر لارتكاب عملية قتل»، ويتبنى «آراءً إسلامية متطرفة».

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2016، أسفرت عملية دهس في سوق لعيد الميلاد في برلين عن مقتل 12 شخصاً، وهو ما صُنّف بأنه الهجوم الأكثر دموية الذي شهدته ألمانيا على الإطلاق.

لقطة من مداهمة لجهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - د.ب.أ)

وعلى غرار بلدان أخرى عدة، تتأهّب ألمانيا تحسباً لأي هجمات بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنته «حماس» على إسرائيل، وأشعل الحرب المدمرة في قطاع غزة.

وتفيد السلطات الألمانية بأنها أحبطت هجمات عدة، لكن 3 أشخاص قُتلوا، وجُرح 8 في عملية طعن أثناء مهرجان في أحد شوارع مدينة زولينغن (غرب) في أغسطس (آب) الماضي، يُشتبه بأنها نُفِّذت من قِبل طالب لجوء، وتبناها تنظيم «داعش» الإرهابي. وقبل ذلك، في يونيو (حزيران)، أودى هجوم آخر بسكين بحياة شرطي في مدينة مانهايم يُشتبه بأن مواطناً أفغانياً نفّذه.