قضية التجسس الصيني تكبر في ألمانيا

برلين تعتقل 4 جواسيس خلال يومين أحدهم مساعد نائب بالبرلمان الأوروبي... وبكين تنفي الاتهامات 

مبنى السفارة الصينية في برلين (إ.ب.أ)
مبنى السفارة الصينية في برلين (إ.ب.أ)
TT

قضية التجسس الصيني تكبر في ألمانيا

مبنى السفارة الصينية في برلين (إ.ب.أ)
مبنى السفارة الصينية في برلين (إ.ب.أ)

لم يكد المستشار الألماني، أولاف شولتس، يعود من الصين في رحلة لتوطيد العلاقات التجارية بين الطرفين، حتى بدأت العلاقات السياسية تتوتر بعد إلقاء برلين القبض على 4 جواسيس صينيين خلال 24 ساعة فقط.

وبعد يوم من القبض على 3 ألمان اتُّهموا بالتجسس لصالح الصين ونقل تكنولوجيا تتعلق بالدفاعات البحرية، أعلن الادعاء العام الفيدرالي القبض على جاسوس رابع، هو مساعد يعمل لدى نائب ألماني في البرلمان الأوروبي. والنائب هو ماكسيميليان كراه المنتمي لحزب «البديل لألمانيا»، اليميني المتطرف في صفوف المعارضة.

ونفت بكين اتهامات برلين بالتجسس عليها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ونبين، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية» إن الهدف من أخبار مثل هذه «محاولة تشويه سمعة الصين والتشهير بها للقضاء على جو التعاون بين الصين وأوروبا». وأضاف أن «الصين لطالما التزمت بمبدأ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير في تعاونها مع دول العالم، بما فيها أوروبا». وقال المتحدث الصيني إنه يأمل «أن يتخلى المعنيون في ألمانيا عن نهج الحرب الباردة، ويتوقفوا عن استخدام ما يُسمى خطر التجسس للانخراط في ألاعيب سياسية مناهضة للصين».

النائب اليميني المتطرف ماكسيميليان كراه خلال جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الثلاثاء (أ.ب)

وكانت السلطات الألمانية ألقت القبض على المواطن الألماني، جيان ج، (43 عاماً) في مدينة دريسدن بولاية ساكسونيا في شرق ألمانيا. وقال الادعاء إن المعتقل متهم بالتجسس لصالح المخابرات الصينية، وإنه يعمل منذ عام 2019 مع نائب ألماني في البرلمان الأوروبي. أضاف الادعاء أن المتهم مرّر معلومات للمخابرات الصينية في يناير (كانون الثاني) العام الحالي تتعلق بمفاوضات وقرارات داخل البرلمان الأوروبي، وأنه تجسّس كذلك على معارضين صينيين داخل ألمانيا.

ووصفت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، الكشف عن الجاسوس الذي يعمل في البرلمان الأوروبي بأنه «خطير للغاية»، وقالت إنه «إذا ثبتت اتهامات التجسس ضد الموظف، فهذا سيكون بمثابة اعتداء على الديمقراطية الأوروبية من الداخل». وفي إشارة إلى إمكانية محاسبة النائب الذي وظف الجاسوس، قالت فيزر إن «أي شخص يوظف شخصاً مماثلاً يتحمل كذلك مسؤولية».

ويبدو أن الجاسوس، الذي يحمل جنسية ألمانية ولكنه من أصل صيني، لديه تاريخ أبعد من ذلك، وعلى الأرجح ملف لدى المخابرات الألمانية، ما يطرح علامات استفهام حول كيفية توظيفه رغم خلفيته تلك. وتناقلت وسائل إعلام ألمانية أن جيان كان قد وصل إلى ألمانيا عام 2002 للدراسة في دريسدن، وبقي فيها للعمل بصفته رجل أعمال من ذلك الحين. وبحسب وسائل الإعلام، فإن الجاسوس الصيني «قدم نفسه» للمخابرات الألمانية قبل 10 سنوات، وطرح إمكانية تجسسه على الصين لصالح ألمانيا، ولكن المخابرات الألمانية رفضت عرضه وعدّته «غير موثوق به، وقد يكون عميلاً مزدوجاً».

الرئيس الصيني شي جينبينغ والمستشار الألماني أولاف شولتس في بكين في 16 أبريل 2024 (إ.ب.أ)

ورغم ذلك، يبدو أنه نجح في التقرب من النائب الألماني، الذي كان يعمل محامياً في دريسدن، وتعرّف الرجلان على بعضهما بعضاً من خلال عمل مشترك. وبعد فوز كراه بالانتخابات الأوروبية، ضمه إلى فريقه. وبحسب وسائل الإعلام تلك، فإن جيان رافق كراه، المعروف أصلاً بعلاقاته المثيرة للجدل مع الصين وروسيا، في رحلة إلى الصين مدفوعة الثمن كاملاً من الحكومة الصينية. ويبدو أن جيان تواصل في تلك الرحلة مع المخابرات الصينية وبدأ بالعمل لصالحها. ويروّج كراه من منصبه لمشروعات صينية في أوروبا وينتقد التشدد الأوروبي في التجارة مع الصين.

ومنذ أشهر تحاول المفوضية الأوروبية تطبيق قوانين تتعلق بالمنافسة ضد شركات صينية تتهمها بتعويم الأسواق الأوروبية؛ بهدف إلغاء المنافسة، وقبل أيام فتحت تحقيقاً في «تيك توك»، واتهمت التطبيق بالتسبب «في إدمان الشباب» عليه.

ورغم إقرار الحكومة، العام الماضي، استراتيجية جديدة للتعامل مع الصين تدعو «لتخفيف الاعتماد» على الشركات الصينية، لم تتخذ برلين أي خطوات فعلية لتقليص هذا الاعتماد، بل على العكس.

وقد زار شولتس الصين، الأسبوع الماضي، على رأس وفد من كبار رجال الأعمال الألمان، داعياً لتوسيع التعاون رغم كلامه عن ضرورة أن تكون المنافسة متساوية. وفشلت الداخلية الألمانية كذلك في دفع شركات الاتصالات الألمانية إلى تنويع اعتمادها على شركة «هواوي» الصينية لبناء شبكة «5 جي»، التي تقدم أسعاراً أقل بكثير من الشركات الأخرى المنافسة. ويأتي هذا رغم تحذير المخابرات الألمانية من أن اعتماد كثير من الصناعات الألمانية على الصين يعرّضها للانكشاف والضعف، وازدياد نشاط الاستخبارات الصينية.

وقبل يوم، اعتقلت السلطات في دوسلدورف وباد هومبورغ في غرب ألمانيا، 3 ألمان اتهمهم الادعاء بأنهم كانوا يجمعون معلومات عن تكنولوجيا متطورة، يمكن للصين أن تستخدمها في تطوير قواربها الحربية. والمعتقلون الثلاثة هم هيرويغ ف، والزوجان إينا وتوماس اللذان يعملان في شركة لتطوير التكنولوجيا العسكرية واللذان جندهما هيرويغ لنقل معلومات إليه.



ماكرون يعد «بالعمل حتى مايو 2027» موعد نهاية ولايته

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يعد «بالعمل حتى مايو 2027» موعد نهاية ولايته

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الأحد)، «بالعمل حتى مايو (أيار) 2027»، موعد نهاية ولايته، رغم أن معسكره يجد نفسه في موقف حرج في مواجهة اليمين المتطرف، قبل أسبوع من الانتخابات التشريعية، مع إقراره بـ«وجوب إحداث تغيير عميق في كيفية الحكم»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال ماكرون، في رسالة إلى الفرنسيين نشرتها الصحافة، إن «الحكومة المقبلة، التي ستعكس بالضرورة تصويتكم، آمل أن تجمع الجمهوريين من تيارات مختلفة، بعد أن يكونوا قد عرفوا عبر شجاعتهم كيف يواجهون المتطرفين».

وفي وقت يلمّح عدد من خصومه، وفي مقدمهم زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، إلى أنه سيضطر إلى الاستقالة في حال خسارة معسكره في الانتخابات يومي 30 يونيو (حزيران) والسابع من يوليو (تموز)، رد ماكرون بالقول «يمكنكم أن تثقوا بي لأعمل حتى مايو/أيار 2027 بوصفي رئيسكم، حامي جمهوريتنا وقيمنا في كل لحظة، مع احترام التعددية وخياراتكم، وفي خدمتكم وخدمة الأمة».

وإذ تناول أسباب القرار الذي دفعه إثر الانتخابات الأوروبية إلى حل الجمعية الوطنية، أقر ماكرون بأن قراره أثار أحياناً «غضباً تجاهه».

وتطرق تفصيلاً إلى رهانات الانتخابات المقبلة، معتبراً أنها ليست «انتخابات رئاسية ولا تصويتاً على الثقة برئيس الجمهورية»، بل هي جواب «على سؤال واحد: من سيحكم فرنسا؟».

وفي مواجهة اليمين المتطرف وتحالف «الجبهة الشعبية» اليساري، دافع الرئيس الفرنسي عن «النهج الثالث». وقال «لا يمكن أن يكون الهدف فقط مواصلة ما تم القيام به. لقد سمعت أنكم تريدون أن يتغير ذلك»، داعياً خصوصاً إلى «ردود أكثر قوة وحزماً» حول «انعدام الأمن وغياب المحاسبة».

كذلك، وجّه الرئيس الفرنسي نداء إلى من يعتزمون الامتناع عن الاقتراع، طالباً منهم عدم «الخوف» ومخاطباً إياهم «لا تستسلموا. إدلوا بأصواتكم».

وقبل أسبوع من موعد الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، ما زال معسكر الرئيس الفرنسي يسعى لتقليص تأخره عن ائتلاف اليسار، وخصوصاً اليمين المتطرف الأوفر حظاً، متعهّداً «تغييراً» وحكماً أكثر قرباً من الشعب.

وقال رئيس الوزراء غابريال أتال، خلال مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية: «أياً تكن النتائج سيكون هناك ما قبل وما بعد».

وأضاف أتال، الذي يقود حملة معسكر ماكرون الانتخابية: «في نهج الحوكمة يجب أن يكون الأداء أفضل (...) في البحث عن ائتلافات مع الفرنسيين والمجتمع المدني».

وأكد أن ماكرون الذي انتُخب رئيساً عام 2017، ثم فاز بولاية ثانية عام 2022، يؤيد هذا التوجّه. وشدّد على أن الرئيس «أيقن تماماً وجوب إحداث تغيير في طريقة العمل والنهج والجوهر».

وأظهر استطلاعان للرأي أجريا مؤخراً أن التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاءه سيحصدون ما بين 35.5 و36 في المائة من الأصوات، متقدماً على «الجبهة الشعبية الجديدة»، تحالف أحزاب اليسار (27 إلى 29.5 في المائة)، وعلى معسكر ماكرون (19.5 إلى 20 في المائة).

بدورها، أقرّت رئيسة الجمعية الوطنية، يائيل برون - بيفيه، في تصريح لقناة «بي إف إم تي في»، بأن معسكر ماكرون اتّبع نهجاً «عمودياً»، وأوضحت: «أعتقد أننا لم ننشئ رابطاً مع الفرنسيين في السياسات التي اتّبعناها».

هذه الانتقادات للرئيس ليست جديدة، وقد سعى لمعالجتها عبر خطوات على غرار «الحوار الوطني»، المبادرة التي أطلقها لمحاورة هيئات مدنية بعد انتفاضة «السترات الصفراء»، التي شارك في إطارها عامي 2018 و2019 مئات الآلاف في مظاهرات ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.