ميركل تشارك بلقاء لـ«الخضر» وتقاطع مؤتمر حزبها

إعلام محافظ يتهم المستشارة السابقة بإذلال «المسيحي الديمقراطي»

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (أرشيفية - أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ميركل تشارك بلقاء لـ«الخضر» وتقاطع مؤتمر حزبها

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (أرشيفية - أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (أرشيفية - أ.ف.ب)

نادراً ما تظهر المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في مناسبات عامة منذ تقاعدها نهاية عام 2021؛ فهي غالباً ما ترفض دعوات إلقاء محاضرات، وتبتعد عن الإدلاء بمقابلات أو أحاديث سياسية. وعندما تظهر أو تتحدث عادة تكون تلك المناسبات مدروسة بعناية شديدة تعكس أين أصبحت اليوم المستشارة السابقة التي حكمت ألمانيا طوال 16 عاماً، وقررت المغادرة بعد أن زادت نقمة حزبها عليها.

وتبدو ميركل كأنها تبعد نفسها تدريجياً عن حزبها منذ تقاعدها، وتسلم خصمها القديم، فريدريش ميرتز، زعامة الحزب.

وفي نهاية العام الماضي، أثار انسحاب ميركل من إدارة مركز «كونراد أديناور» المرتبط بحزبها «المسيحي الديمقراطي» كثيراً من علامات الاستفهام والتحليلات حول موقفها من حزبها في ظل زعامة ميرتز. وعادت اليوم لتوقظ هذه الأحاديث، وتتسبب بضجة جديدة بعد إعلان متحدث باسمها أنها لا تخطط لحضور المؤتمر السنوي للحزب في مايو (أيار) المقبل، رغم أنها ستشارك في لقاء وداعي للنائب يورغن تريتن المنتمي لحزب «الخضر» الذي أعلن قبل أسابيع تقاعده من السياسة بعد 25 عاماً قضاها في «البوندستاغ» (البرلمان الفيدرالي).

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تحصل على شهادة دكتوراه فخرية في باريس (أرشيفية - إ.ب.أ)

ويأتي لقاء تريتن، الذي ينتمي للجناح اليساري في حزبه، قبل أسبوع واحد فقط من المؤتمر السنوي للحزب «المسيحي الديمقراطي»؛ ما زاد من علامات الاستفهام حول سبب رفض المشاركة في مؤتمر حزبها مقابل حضورها لقاء ينظمه حزب «الخضر» لنائب عُرف بانتقاده اللاذع لها. ورغم أن ميركل كونت البرلمان مع تريتن الذي كان خليفتها في ترؤس وزارة البيئة عام 1998، فقد كان ينتقدها بسبب ما عدَّه «تسامحاً منها مع دول أوتوقراطية»، في إشارة إلى روسيا والعلاقات الاقتصادية القوية التي بنتها معها خلال فترة حكمها.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عرض معهد كونراد أديناور على ميركل ترؤسها المعهد، وردت ليس فقط برفض المنصب، بل بالانسحاب بشكل كامل من المعهد من دون تبرير مكتفية بالقول: «ببساطة، لقد تجاوزت هذا الدور».

فريدريش ميرتز زعيم حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» في ألمانيا (د.ب.أ)

وتسبب اعتذار ميركل عن حضورها مؤتمر حزبها الذي سينعقد في مايو ومشاركتها في لقاء حزب «الخضر»، باستياء واسع لدى الإعلام المحافظ. وكتب رئيس تحرير صحيفة «ميركور» المحافظة والصادرة في ميونيخ، أن ميركل «تعي جيداً تأثيرها عندما تشارك في مناسبات عامة، والرسائل التي تبعث بها من خلال مشاركاتها». وأضاف أن مشاركة المستشارة السابقة بلقاء تريتن «لافت بشكل إضافي» بسبب توقيت الحضور قبيل الانتخابات الأوروبية التي ستجرى في مطلع يونيو (حزيران) المقبل.

وكتب يورغ أناستازياديس أن «البرودة التي تعامل بها ميركل، منذ تقاعدها، حزبها الذي كان يلقبها بماما، تبعث على القشعريرة». وأشار إلى أن ميركل حتى عندما كانت مستشارة، «كان واضحاً مدى ابتعادها عن أفكار الحزب (المسيحي الديمقراطي)».

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (أرشيفية - د.ب.أ)

وذكر أنها أجابت في إحدى المر رداً على سؤال بأن الحزب «قريب منها» عوضاً عن أن تجيب بأنه «حزبها». وتابع بأنه منذ تسلم ميرتز زعامة الحزب، تبدو ميركل «غير متحمسة» للحزب، مشيراً إلى أن «الكثيرين داخل الحزب (المسيحي الديمقراطي) باتوا يدركون بألم أن ميركل استغلت الحزب» لكي تصعد إلى القمة. ورأى أناستازياديس أن سياسات ميركل «لم تتماش يوماً مع سياسات الحزب المحافظ في كثير من المجالات خصوصاً حول روسيا والدفاع والطاقة والهجرة...». وتابع أن ميركل يبدو أنها «لم تعد تتشارك مع الحزب بالكثير وهي لا تخفي ذلك رغم أن هذا ليس تصرفاً شريفاً».

واستنتج الكاتب أن تصرفات ميركل يجب أن تعزز اعتقاد الحزب بأنه «كان محقاً بترك سياساتها خلفه، وهي سياسات فشلت في كثير من المجالات».

وأدت سياسات الهجرة التي اعتمدتها ميركل خلال وجودها في الحكم، وقرارها السماح بإدخال مئات الآلاف من السوريين إلى ألمانيا بخلاف المزاج السائد داخل حزبها، بنقمة داخلية واسعة ضدها، كانت السبب في النهاية التي دفعتها للاستقالة.

وكتب فولفغانغ شوبل، رئيس «البوندستاغ» السابق الذي توفي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في مذكراته التي نُشرت بعد موته، أن زعيم الحزب «المسيحي الاجتماعي البافاري»، وهو الحزب الشقيق لحزب ميركل، حاول إقناعه في عام 2016 بالانقلاب على ميركل بسبب رفضه قراره بإدخال اللاجئين. وقال شوبل إنه رفض ذلك، وبقي وفياً لميركل رغم أسلوب حكمها الذي تسبب بانقسامات كبيرة داخلية.

ونشر موقع «تيشي أين بليك» الألماني المحافظ مقالاً ينتقد ميركل كذلك، وكتب فيه مارك غالينا أن ميركل «مستمرة بإذلال حزبها الذي ما زال متمسكاً بها كالطفل الصغير». وأضاف أن ميركل كانت تميل في بداية حياتها السياسة إلى الحزب الاشتراكي قبل أن تنضم للحزب المسيحي الديمقراطي، مشيراً إلى أنها «الآن يمكنها أن تقترب أخيراً من الحزب» الأقرب لها. وقال إنها اختارت الحزب المحافظ آنذاك لمعرفتها «أنها لم تكن لتصبح مستشارة لو انضمت للاشتراكيين أو (الخضر)».

ويعتمد الحزب «المسيحي الديمقراطي» سياسات أكثر تشدداً خصوصاً تجاه الهجرة، منذ تقاعد ميركل التي حولت الحزب إلى الوسط خلال زعامتها إياه. وفي المقابل، عاد ميرتز منذ تسلمه الزعامة لشده نحو اليمين مبرراً ذلك بمساعيه لسحب أصوات من حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف الذي يعتمد سياسات معادية للهجرة.


مقالات ذات صلة

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

أوروبا كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

لم تبد المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أي ندم حول قرارها بفتح أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين عام 2015 في كتابها «حرية».

راغدة بهنام (برلين)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في سوتشي بروسيا 18 مايو 2018 (رويترز)

ماذا قالت ميركل في مذكراتها عن بوتين وترمب وأوكرانيا؟

بعد ثلاثة أعوام على تقاعدها عادت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل إلى الأضواء بكتاب مذكرات عن حياتها تحدثت فيه عن أوكرانيا وعلاقتها ببوتين وترمب

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا صورة أرشيفية لتمثال الفروسية الخاص بالمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (د.ب.أ)

ألمانيا: تمثال «فروسية» ميركل ينهار بعد عامين على نصبه

لم يكد يمر عامان على نصبه، حتى انهار تمثال فروسية خاص بالمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل في منطقة بفالتس العليا جنوب ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل (أ.ف.ب)

دافعو الضرائب الألمان يتحملون حتى الآن تكلفة إطلالات ميركل

لا يزال دافعو الضرائب الألمان يتحملون تكلفة تصفيف شعر وماكياج المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، بعد أكثر من 18 شهراً من تركها منصبها.

«الشرق الأوسط» (برلين)

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تقوم روسيا ﺑ«ممارسات تنم عن إبادة» من خلال استخدام الألغام المضادة للأفراد في أوكرانيا على ما أفاد به ممثل لوزارة الدفاع الأوكرانية خلال قمة دولية في سيام ريب في كمبوديا.

وقال أولكسندر ريابتسيف إن موسكو نشرت «هذه العبوات الناسفة في مدن ومزارع ومحطات نقل عام»، مؤكداً أنها تهدد مناطق يقيم فيها نحو 6 ملايين أوكراني، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت كييف قد أعلنت في وقت سابق، الثلاثاء، أنّها ستتخلّى عن التزاماتها في إطار اتفاق أوتاوا، بتدمير ما تبقى من مخزونها البالغ نحو 6 ملايين لغم مضاد للأفراد ورثتها من الحقبة السوفياتية.

وفي هذا الإطار، قال ممثل آخر لوزارة الدفاع الأوكرانية وهو يفيني كيفشيك، خلال المؤتمر نفسه: «للأسف، ليس من الممكن تنفيذ هذا الالتزام في الوقت الحالي».

وأضاف أنّ «العدوان الضخم وغير المبرّر من قبل الاتحاد الروسي على أوكرانيا أدى إلى إدخال تعديلات على خطط تدمير المخزون».

ولم يشر كيفشيك في خطابه إلى العرض الأميركي بتزويد كييف بألغام مضادة للأفراد والذي كان المقصود منه وفقاً لواشنطن إبطاء تقدّم قوات موسكو في شرق أوكرانيا.

ولم يحدّد حجم المخزون الأوكراني، غير أنّه أشار إلى أنّه من بين 6 ملايين لغم أرضي موجود منذ حقبة الاتحاد السوفياتي، تمّ «تدمير أكثر من 2.5 مليون لغم بالكامل».