«داعش خراسان» المرتبط بهجوم موسكو لديه طموحات عالمية

شبكة سرية من الخلايا تمتد من غرب إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا

قاعة الحفلات الموسيقية المتضررة في موسكو (روسيا) يوم الأحد. بعد أن قال قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي الأسبوع الماضي إن تنظيم «داعش خراسان» يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأمريكية والغربية في الخارج في أقل من 6 أشهر دون سابق إنذار (نيويورك تايمز)
قاعة الحفلات الموسيقية المتضررة في موسكو (روسيا) يوم الأحد. بعد أن قال قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي الأسبوع الماضي إن تنظيم «داعش خراسان» يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأمريكية والغربية في الخارج في أقل من 6 أشهر دون سابق إنذار (نيويورك تايمز)
TT

«داعش خراسان» المرتبط بهجوم موسكو لديه طموحات عالمية

قاعة الحفلات الموسيقية المتضررة في موسكو (روسيا) يوم الأحد. بعد أن قال قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي الأسبوع الماضي إن تنظيم «داعش خراسان» يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأمريكية والغربية في الخارج في أقل من 6 أشهر دون سابق إنذار (نيويورك تايمز)
قاعة الحفلات الموسيقية المتضررة في موسكو (روسيا) يوم الأحد. بعد أن قال قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي الأسبوع الماضي إن تنظيم «داعش خراسان» يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأمريكية والغربية في الخارج في أقل من 6 أشهر دون سابق إنذار (نيويورك تايمز)

قبل خمس سنوات، طردت ميليشيا كردية وعربية مدعومة من الولايات المتحدة مقاتلي تنظيم «داعش» من قرية في شرق سوريا، كانت آخر قطعة من أراضي التنظيم.

أفريل هاينز مديرة الاستخبارات الأميركية تدلي بشهادتها أمام الكونغرس أكدت فيها أن الهجمات التي نفذها «داعش» على مستوى العالم قد حدثت بالفعل من قِبل أجزاء من «داعش» خارج أفغانستان (نيويورك تايمز)

شبكة سرية من الخلايا

ومنذ ذلك الحين، تحول التنظيم، الذي كان يوماً ما يسيطر على خلافة أعلنها في العراق وسوريا، إلى جماعة إرهابية تقليدية - شبكة سرية من الخلايا تمتد من غرب أفريقيا إلى جنوب شرق آسيا تتورط في هجمات على غرار حروب العصابات والتفجيرات والاغتيالات المستهدفة.

لم يكن أي من الجماعات التابعة للتنظيم في مستوى نشاط «داعش خراسان»، الذي ينشط في أفغانستان وباكستان وإيران وقد حدد أهدافاً لمهاجمة أوروبا وخارجها. ويقول مسؤولون أميركيون إن الجماعة نفذت الهجوم بالقرب من موسكو، الجمعة؛ ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.

«داعش خراسان» نفّذ تفجيرين مزدوجين في إيران

يذكر أنه في يناير (كانون الثاني) 2024، نفذ «داعش خراسان» تفجيرين مزدوجين في إيران أسفرا عن مقتل وإصابة مئات آخرين في حفل تأبين للقائد الإيراني العسكري السابق قاسم سليماني، الذي استُهدف في ضربة بطائرة مسيّرة أميركية قبل أربع سنوات.

من جهتها، قالت أفريل هاينز، مديرة الاستخبارات الوطنية، أمام لجنة بمجلس الشيوخ، الشهر الحالي، إن «التهديد الذي أطلقه (داعش) يظل مصدر قلق كبيراً على صعيد جهود مكافحة الإرهاب». وأضافت أن غالبية الهجمات «التي يتبناها (داعش) عالمياً قد نُفذت بالفعل من قِبل فروع للتنظيم خارج أفغانستان».

في السياق ذاته، ذكر الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية للجيش، أمام لجنة بمجلس النواب، الخميس، أن «داعش خراسان» يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأمريكية والغربية في الخارج في غضون فترة قصيرة قد لا تتجاوز ستة أشهر فقط دون تحذير يذكر.

وقد رفض المختصون الأميركيون بمكافحة الإرهاب، الأحد، اعتقاد الكرملين بأن أوكرانيا تقف وراء هجوم الجمعة بالقرب من موسكو.

وقال بروس هوفمان، الباحث في قضايا الإرهاب في «مجلس العلاقات الخارجية»، إن «أسلوب الهجوم كان نموذجاً داعشياً كلاسيكياً».

وأضاف هوفمان أن الهجوم كان ثالث مكان لإقامة حفلات موسيقية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يستهدفه «داعش» خلال العقد الماضي، بعد هجوم على مسرح «باتاكلان» في باريس في نوفمبر (تشرين ثاني) 2015 (في إطار عملية أوسع استهدفت أهدافاً أخرى في المدينة)، وهجوم انتحاري في حفل المغنية أريانا غراندي في «مانشستر أرينا» بإنجلترا في مايو (أيار) 2017.

وظهر «داعش خراسان» عام 2015 على أيدي أعضاء منشقين عن حركة «طالبان» الباكستانية، وطرح نفسه على الساحة الجهادية الدولية بعد سيطرة «طالبان» على الحكومة الأفغانية عام 2021. وخلال انسحاب الجيش الأميركي من البلاد، نفّذ تنظيم «داعش خراسان» تفجيراً انتحارياً في مطار كابل الدولي في أغسطس (آب) 2021 أسفر عن مقتل 13 جندياً أميركياً وما يصل إلى 170 مدنياً.

جنازة أحد ضحايا الهجوم الانتحاري في المطار الدولي في كابل عام 2021 والذي نفذه تنظيم «داعش خراسان» (نيويورك تايمز)

ومنذ ذلك الحين، تخوض «طالبان» معارك ضد «داعش خراسان» في أفغانستان. وبحسب مسؤولين أمريكيين في مجال مكافحة الإرهاب، فقد تمكنت أجهزة الأمن التابعة لـ«طالبان» حتى الآن من منع الجماعة من السيطرة على أراضٍ أو تجنيد أعداد كبيرة من مقاتلي «طالبان» السابقين.

إلا أن نطاق ووتيرة هجمات «داعش خراسان» تصاعدت في السنوات الأخيرة، مع شنّها ضربات عبر الحدود داخل باكستان وتزايد عدد خططها في أوروبا. وقد جرى إحباط معظم تلك الخطط الأوروبية؛ ما دفع الاستخبارات الغربية إلى الاعتقاد بأن الجماعة ربما تكون قد وصلت إلى أقصى الحدود القاتلة لقدراتها.

في يوليو (تموز) الماضي، قامت ألمانيا وهولندا بتنسيق اعتقالات استهدفت سبعة أفراد من الطاجيك والتركمان والقرغيز مرتبطين بشبكة «داعش خراسان» للاشتباه في تخطيطهم لشن هجمات في ألمانيا عشية رأس السنة 2023.

وجرى اعتقال ثلاثة رجال في ولاية شمال الراين - وستفاليا الألمانية - بزعم تخطيطهم لمهاجمة كاتدرائية كولونيا في رأس السنة 2023. وارتبطت المداهمات بثلاثة اعتقالات أخرى في النمسا واعتقال واحد في ألمانيا في 24 ديسمبر (كانون الأول). وأفادت الأنباء بأن الأربعة الذين ألقي القبض عليهم كانوا يدعمون «داعش خراسان».

في طهران تجمع المشيعون في جنازة أحد ضحايا تفجيرات «داعش خراسان» في يناير 2024 (نيويورك تايمز)

ويقول مسؤولون أميركيون وغربيون آخرون بمجال مكافحة الإرهاب إن هذه المخططات جرى تنظيمها من قِبل عناصر غير معروفة جرى اكتشافها وإحباط محاولاتها بسرعة نسبيا.

من جانبها، قالت كريستين أبي زيد، مديرة «المركز الوطني لمكافحة الإرهاب»، أمام لجنة في مجلس النواب في نوفمبر (تشرين الثاني): «حتى الآن، اعتمد (داعش خراسان) بشكل أساسي على عملاء غير مخضرمين في أوروبا لمحاولة تنفيذ هجمات باسمه».

«داعش خراسان» يتعلم من أخطائه

ومع ذلك، تبقى هناك علامات مقلقة توحي بأن «داعش خراسان» يتعلم من أخطائه. في يناير، هاجم مسلحون ملثمون كنيسة كاثوليكية رومانية في إسطنبول؛ ما أسفر عن مقتل شخص واحد. وبعد فترة وجيزة، تبنى تنظيم «داعش»، من خلال وكالة «أعماق» الإخبارية الرسمية التابعة له، المسؤولية عن الاعتداء. واحتجزت قوات إنفاذ القانون التركية 47 شخصاً، غالبيتهم من رعايا دول بوسط آسيا.

ومنذ ذلك الحين، شنّت قوات الأمن التركية عمليات مضادة واسعة النطاق ضد المشتبه بهم من «داعش» في تركيا وسوريا والعراق. وألقت العديد من التقارير الأوروبية الضوء على الطبيعة العالمية والمترابطة لتمويل «داعش»، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة صدر في يناير، حدد تركيا بوصفها مركزاً لوجيستياً لعمليات «داعش خراسان» في أوروبا.

وقال مسؤولون في مجال مكافحة الإرهاب إن هجومي موسكو وإيران أظهرا تعقيداً أكبر؛ ما يشير إلى مستوى أعلى من التخطيط والقدرة على الاستفادة من شبكات التطرف المحلية.

وقال كولن كلارك، المحلل المعني بجهود مكافحة الإرهاب في «صوفان غروب»، شركة استشارات أمنية مقرها نيويورك: «لقد ركز (داعش خراسان) على روسيا خلال العامين الماضيين»، وانتقد الرئيس فلاديمير بوتين بشكل متكرر في دعايته، إذ يتهم «داعش خراسان» الكرملين بأن يديه ملطختان بدماء المسلمين، في إشارة إلى تدخلات موسكو في أفغانستان والشيشان وسوريا.

جدير بالذكر أن عدداً كبيراً من أعضاء «داعش خراسان» من أصل وسط ـ آسيوي، وهناك مجموعة كبيرة وسط آسيا يعيشون ويعملون في روسيا. وقال كلارك إن بعض هؤلاء الأفراد ربما تطرفوا وباتوا في وضع يسمح لهم بالقيام بوظيفة لوجيستية وتخزين الأسلحة.

وقال دانيال بايمان، الخبير في مكافحة الإرهاب بجامعة جورج تاون، إن «(داعش خراسان) جمع مقاتلين من آسيا الوسطى والقوقاز تحت جناحه، وربما كانوا مسؤولين عن اعتداء موسكو، إما بشكل مباشر أو من خلال شبكاتهم الخاصة».

* «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

أفريقيا الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)

تحليل إخباري كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

أعلن تنظيم «القاعدة» أنه شنّ خلال الشهر الماضي أكثر من 70 عملية في دول الساحل وغرب أفريقيا ما أسفر عن سقوط أكثر من 139 قتيلاً.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ضباط من فرقة الخدمة السرية يرتدون الزي الرسمي يقومون بدورية في ساحة لافاييت المقابلة للبيت الأبيض في العاصمة واشنطن يوم 27 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

«إف بي آي»: صلات محتملة بين منفّذ «هجوم الحرس الوطني» وجماعة متشددة

يحقق «مكتب التحقيقات الفيدرالي» الأميركي بصلات محتملة بين منفّذ هجوم الحرس الوطني بواشنطن الأفغاني رحمن الله لاكانوال، وطائفة دعوية غامضة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.


النرويج تعتزم تعزيز دفاعاتها بغواصات وصواريخ لمواجهة روسيا

نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)
نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)
TT

النرويج تعتزم تعزيز دفاعاتها بغواصات وصواريخ لمواجهة روسيا

نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)
نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)

تعتزم النرويج شراء غواصتين ألمانيتين إضافيتين وصواريخ بعيدة المدى، مع سعي البلد المحاذي لروسيا إلى تعزيز دفاعاته، وفق ما أعلنت الحكومة، الجمعة.

وفي بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، أعلن فيه عزم البلاد على إتمام صفقة الشراء المقدّرة بمليارات الدولارات، قال وزير الدفاع توري ساندفيك، إن «النرويج دولة ساحلية وبحرية، والغواصات أساسية للغاية للدفاع عن بلدنا. نشهد زيادة في أنشطة القوات الروسية في شمال الأطلسي وبحر بارنتس».

وللنرويج حدود مشتركة بطول 198 كيلومتراً مع روسيا التي تخوض منذ عام 2022 حرباً في أوكرانيا، إضافة إلى حدود بحرية في بحر بارنتس.

وكانت الحكومة النرويجية قد طلبت 4 غواصات من شركة «تيسنكروب» الألمانية في عام 2021، ومن المقرّر تسليم أولى هذه الغواصات في 2029، وفق بيان الوزارة.

وأضاف ساندفيك: «بوصف النرويج (عيون وآذان) حلف شمال الأطلسي في الشمال، فإن هذا الأمر يتطلب قدرة أكبر لإبراز حضورنا، وللمراقبة والردع في جوارنا القريب. في هذا السياق، لا غنى على الإطلاق عن الغواصات».

واقترحت الحكومة زيادة ميزانية الدفاع بمقدار 46 مليار كرونة (4.5 مليار دولار)، نظراً لارتفاع تكلفة الغواصات وأنظمة تسليحها.

وفي بيان منفصل، قالت وزارة الدفاع إن 19 مليار كرونة ستُنفق على صواريخ قادرة على بلوغ أهداف على بُعد 500 كيلومتر.

ولم توضح الوزارة أي صواريخ سيتم شراؤها، لكن وكالة الأنباء النرويجية «إن تي بي» أوردت أن البحث يشمل نظام «هيمارس» (Himars) الأميركي، وصواريخ «تشانمو» (Chunmoo) الكورية الجنوبية، ونظاماً من صنع مجموعة «كيه إن دي إس» (KNDS) الألمانية.


ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية وسط مظاهرات معارضة للقانون

لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
TT

ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية وسط مظاهرات معارضة للقانون

لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)

بعد قرابة 15 عاماً على إلغاء التجنيد الإجباري في ألمانيا، مهد البرلمان الفيدرالي (البوندتساغ) لإعادته بعد أن مرر قانوناً يعيد الخدمة العسكرية الاختياري في المرحلة الأولى، على أن يصبح إلزامياً في حال عجزت وزارة الدفاع عن تجنيد أعداد كافية من المتطوعين.

ووسط مظاهرات معارضة للقانون خرجت في أنحاء ألمانيا، قادها بشكل أساسي طلاب المدارس المعنيين بالقانون، صوّت النواب على إعادة التجنيد الاختياري بدءاً من مطلع العام المقبل.

وتأمل الحكومة الألمانية أن ترفع عديد جيشها من 183 ألف عنصر حالياً إلى 270 ألف عنصر ناشط، إضافة إلى 200 ألف آخرين من قوات الاحتياط بحلول عام 2035.

وينص القانون الذي حظي بموافقة أغلبية النواب، على إرسال استمارات لكل من يبلغ الـ18 عاماً، تتضمن معلومات حول الوضع الصحي، وأخرى تتعلق بمدى الاستعداد للخدمة في الجيش. وسيكون الشباب الذكور مجبرين على ملء الاستمارات، فيما تترك اختيارياً للفتيات.

ومن يعدّ قادراً على الخدمة، يتلقى عرضاً للتطوع، لـ6 أشهر بشكل مبدئي يمكن تمديدها. ويمكن للشباب رفض العرض المقدم في المرحلة الأولى. وسيتعين على وزارة الدفاع أن تطلع الحكومة و«البوندستاغ» كل 6 أشهر حول مدى التقدم المحرز في تجنيد مطوعين، على أن يطرح مشرع قانون مرة جديدة في حال لم يتم استقطاب أعداد كافية، يجعل من التجنيد إجبارياً لمن يتم اختياره بالقرعة.

واستغرق الاتفاق على القانون أشهراً بين طرفي الحكومة؛ إذ اعترض الحزب «المسيحي الديمقراطي» الحاكم بزعامة المستشار فريدريش ميريتس على القانون بشكله الأساسي الذي لم يأت على ذكر خطوات إضافية في حال عدم تجنيد أعداد كافية.

وأراد الحزب الحاكم أن يجعل من التجنيد إجبارياً في القانون نفسه، إلا أن الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه وزير الدفاع بوريس بيستوريوس رفض اقتراح الحزب الحاكم، وتمسك بضرورة طرح المشروع للتصويت من جديد في حال الضرورة.

لافتة «لا للحرب» خلال مظاهرة ضد التجنيد في ألمانيا (رويترز)

ولكن بيستوريوس يبدو متأملاً بأن يلقى القانون تجاوباً، رغم المظاهرات التي خرجت تزامناً مع التصويت على القانون، واعتراضاً على تحويله إجبارياً. ووصف بيستوريوس المظاهرات التي قادها طلاب المدارس، بأنها «رائعة»؛ لأنها «تظهر أن الشباب مهتمون بالتجنيد». وتحدث عن ضرورة فتح نقاش مع من يهمه الأمر.

ودافع كذلك الحزب الحاكم عن القانون، وقال نوربرت روتغن، نائب الكتلة النيابية للحزب خلال النقاش في البرلمان، إن التصويت مهم، خاصة أمام التهديدات الروسية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «لم تعد تعتبر في صفنا».

وصوّت حزب «البديل من أجل ألمانيا»، المصنف يمينياً متطرفاً ضد القانون، وكذلك حزب «دي لينكا» اليساري. وقالت نائبة رئيس كتلة «دي لينكا»، إن «الشباب لديهم مشاريع أخرى غير المخاطرة بحياتهم»، فيما اشتكت سارا ناني، المتحدثة باسم الأمن في الحزب «الخضر»، من أن القانون لا يقدم إجابات حول الخطة الوطنية الدفاعية.

ويشكو عدد كبير من الشبان المعارضين للقانون بأن الحكومة لم تفتح نقاشاً معهم، وأنها لم تأخذ مواقفهم بعين الاعتبار. وقالت رونيا، طالبة من منظمي المظاهرات التي خرجت في العاصمة الألمانية، إن المتظاهرين يؤكدون رفضهم القاطع للتجنيد الإجباري؛ لأنه تعدٍّ على حرية الشباب». وأضافت أن «التبرير بضرورة حماية بلدنا هو مجرد حجة».

وقال شاب من المتظاهرين الذين خرجوا في برلين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه يرى أن الحكومة أخطأت بتمرير قانون من دون نقاش مع المعنيين به؛ أي الذين سيتم استدعاؤهم للخدمة وهم من المولودين في عام 2008 وما بعد.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووزير الدفاع داخل «البوندستاغ» خلال جلسة التصويت على قانون التجنيد (رويترز)

وقال آخر إن الأمن «لا يتعلق بإجبار الأطفال على الخدمة، وإن الأشهر القليلة التي سيتم التطوع خلالها لن تكون كافية أصلاً لتعلم القتال في الجيش».

وشارك في المظاهرات طلاب في سن الـ12 عاماً، غادروا المدارس باكراً للانضمام للاحتجاجات. وقال أحدهم إنه «لا يريد أن يقاتل»، وإنه سيكون من الخطأ إرسال شباب في الـ18 من العمر للقتال.

وعلقت حكومة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التجنيد الإجباري عام 2011، ومنذ ذلك الحين، يواجه الجيش الألماني صعوبة في جذب متطوعين.

وانخفض عدد الجيش الألماني من 300 ألف عنصر عام 2001 إلى 180 ألفاً اليوم. وتأمل الحكومة بأن تعيد رفع عديد الجيش بحلول عام 2035 إلى 480 ألفاً، من بينهم قوات الاحتياط حالياً، من خلال التطوع الاختياري وجذب المتطوعين بمرتبات تصل إلى 3500 يورو شهرياً.

ومنذ الحرب في أوكرانيا، بدأت ألمانيا بزيادة الاستثمار العسكري، وتعمل على إعادة تقوية جيشها الضعيف عمداً بسبب تاريخها.

ويزداد القلق في ألمانيا، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي يتخوف الألمان من أن تسحب المظلة الأمنية التي تزودها بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ويخطط ترمب لتقليص عدد الجنود الأميركيين المتمركزين في ألمانيا منذ عقود.