واشنطن تؤكد مسؤولية «داعش» عن الهجوم وتخشى تحميل أوكرانيا المسؤولية

الاستخبارات الأميركية أبلغت موسكو وقبلها طهران بخطط التنظيم لشن هجمات

قاعة الحفلات الموسيقية «Crocus City Hall» بعد إطلاق نار في كراسنوغورسك خارج موسكو (رويترز)
قاعة الحفلات الموسيقية «Crocus City Hall» بعد إطلاق نار في كراسنوغورسك خارج موسكو (رويترز)
TT

واشنطن تؤكد مسؤولية «داعش» عن الهجوم وتخشى تحميل أوكرانيا المسؤولية

قاعة الحفلات الموسيقية «Crocus City Hall» بعد إطلاق نار في كراسنوغورسك خارج موسكو (رويترز)
قاعة الحفلات الموسيقية «Crocus City Hall» بعد إطلاق نار في كراسنوغورسك خارج موسكو (رويترز)

كشفت الولايات المتحدة أنها أبلغت السلطات الروسية، في وقت سابق من هذا الشهر، معلومات استخباراتية تفيد بأن تنظيم «داعش - خراسان» كان يخطط لشن هجوم على موسكو. وبعد ساعات من إعلان التنظيم مسؤوليته عن الهجوم الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 115 شخصاً، أكد مسؤولون أميركيون رسميون هذا الادعاء.

جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

وكانت السفارة الأميركية في موسكو قد أصدرت تنبيهاً أمنياً علنياً في 7 مارس (آذار) الحالي، قائلة إن موظفيها «يراقبون التقارير التي تفيد بأن المتطرفين لديهم خطط وشيكة لاستهداف التجمعات الكبيرة في موسكو، بما في ذلك الحفلات الموسيقية». وحذر البيان الأميركيين من احتمال وقوع هجوم خلال الـ48 ساعة المقبلة، وهو ما جرى بالفعل يوم الجمعة.

وبالإضافة إلى التحذير العلني في 7 مارس بشأن هجوم محتمل، قال المسؤولون الأميركيون إنهم أبلغوا المسؤولين الروس بشكل خاص عن معلومات استخباراتية تشير إلى هجوم وشيك، لكن لم يعرف مقدار المعلومات التي قدمتها الولايات المتحدة للمسؤولين الروس بما يتجاوز ما ورد في التحذير العام. وقال المسؤولون إنه يقع على عاتق وكالات الاستخبارات الأميركية «واجب تحذير» الأهداف المحتملة من الأخطار عندما تعلم بها.

وفي تكرار للسيناريو الذي جرى بعد هجوم التنظيم على إيران في يناير (كانون الثاني) الماضي، لقي التحذير الأميركي ردود فعل مشككة من روسيا. واستغلت الأصوات المؤيدة للكرملين تحذير السفارة الأميركية لتصوير أميركا على أنها تحاول تخويف الروس، قبيل الانتخابات التي جددت ولاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي 19 مارس، وصف بوتين بيان السفارة الأميركية بأنه «ابتزاز واضح» يهدف إلى «تخويف مجتمعنا وزعزعة استقراره».

الحرس الوطني الروسي في مكان الهجوم (أ.ب)

وقال بوتين، السبت، في أول تعليق له على الهجوم، إنه ستتم معاقبة كل المسؤولين عنه. وأضاف في كلمة للشعب أن المهاجمين سعوا للفرار نحو أوكرانيا. وأشار إلى أن المعلومات الأولية أظهرت أن بعض الأشخاص على الجانب الأوكراني استعدوا للسماح لهم بعبور الحدود من روسيا.

وقال الرئيس الروسي، في كلمة متلفزة للأمة، السبت: «أتحدث إليكم اليوم بشأن العمل الإرهابي الدموي الهمجي الذي راح ضحيته عشرات الأشخاص الأبرياء المسالمين... أعلن يوم 24 مارس يوم حداد وطني». وأضاف: «أُوقف منفّذو العمل الإرهابي الأربعة الذين أطلقوا النار وقتلوا الناس. كانوا متّجهين نحو أوكرانيا حيث كانت لديهم نافذة عبور للحدود، وفقاً لمعلومات أولية»، مشيراً إلى أن «الإرهابيين والقتلة واللاإنسانيين سيواجهون مصيراً لن يحسدوا عليه». ولم تعلّق السلطات الروسية على إعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم، لكن مسؤولين أشاروا إلى وجود صلة بين أوكرانيا ومنفّذيه.

مركبات خدمات الطوارئ خارج قاعة الحفلات الموسيقية المحترقة في أعقاب حادث إطلاق النار في كراسنوغورسك خارج موسكو (أ.ف.ب)

وأبلغ رئيس جهاز الأمن الروسي ألكسندر بورتنيكوف الرئيس باعتقال 11 شخصاً بمن في ذلك الأربعة الذين نفذوا الهجوم على المركز. وقالت الخدمة الصحافية للكرملين، في بيان نقلته وكالة سبوتنيك، إنه «يجري المزيد من العمل لتحديد قاعدة المتواطئين في قضية الهجوم». وأفادت لجنة التحقيق الروسية بأن أجهزة الأمن الخاصة في مقاطعة بريانسك اعتقلت «المشتبه بهم» في ارتكاب الهجوم «بالقرب» من الحدود مع أوكرانيا، بحسب وكالة سبوتنيك. ونسبت الوكالة إلى الأمن الفيدرالي الروسي القول إن منفذي الهجوم «حاولوا عبور الحدود الروسية مع أوكرانيا وكانت لديهم اتصالات ذات صلة مع الجانب الأوكراني، وأجروا اتصالات معهم». وأضاف الأمن الفيدرالي الروسي: «نتيجة للإجراءات المنسقة للوكالات الخاصة ووكالات إنفاذ القانون، تم اعتقال الإرهابيين الأربعة في غضون ساعات قليلة من اعتقال بعضهم في منطقة بريانسك».

وأعربت واشنطن عن قلقها من احتمال أن يكون الرئيس الروسي يسعى إلى إلقاء اللوم على أوكرانيا في هجوم الجمعة. وقدّم البيت الأبيض، الجمعة، مباشرة ومن دون تردد بعد الهجوم تعازيه في الحادث «المروع»، معلناً أنه لا يملك مؤشرات إلى ضلوع أوكرانيا في الهجوم الدامي. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، للصحافيين: «نبدي تعاطفنا مع ضحايا هذا الهجوم المروع. الصور مروعة ومن الصعب مشاهدتها»، مضيفاً أن البيت الأبيض «ليس لديه ما يشير في الوقت الحالي إلى تورط أوكرانيا أو الأوكرانيين». وقال: «نحن نلقي نظرة على ذلك. لكنني أود أن أشير في هذه الساعة المبكرة إلى عدم وجود أي صلة لأوكرانيا».

ورفض مسؤولون أوكرانيون في كييف شكوكاً حول تورط أوكرانيا في الهجوم. وأكد مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، في رسالة بتقنية الفيديو على تطبيق «تلغرام»، الجمعة، أن «أوكرانيا ليس لها أي علاقة على الإطلاق بهذه الأحداث». وأشار إلى أن بلاده في حالة حرب مع الجيش الروسي وستسحقه «بعمليات هجومية حاسمة».

قوات الأمن الروسية قرب موقع الهجوم الدامي في إحدى ضواحي موسكو (إ.ب.أ)

وأكد بودولياك، كما نقلت عنه تقارير إعلامية، أن «أوكرانيا، عكس الاتحاد الروسي، لم تستخدم قط أساليب الحرب الإرهابية، أو الإرهاب في حد ذاته». إلا أن بودولياك أكد أن هناك سوابق حديثة لتورط قوات الأمن الروسية في مثل هذه الأعمال. وكان بودولياك يلمح إلى هجمات تفجيرية ضد ناطحات سحاب في موسكو في صيف عام 1999، استخدمها رئيس الوزراء آنذاك فلاديمير بوتين مبرراً لشن حرب الشيشان الثانية. وحالياً، هناك تكهنات بأن جهاز الاستخبارات الداخلية الروسي، الذي يعرف أيضاً باسم جهاز الأمن الاتحادي «إف إس بي» متورط في التفجيرات.

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن الرئيس الروسي كثيراً ما حاول حرف الأحداث، حتى المأساوية منها، بما يتناسب مع روايته العامة. واتهم أوكرانيا، قبل أكثر من عامين، بارتكاب أعمال إرهابية لتبرير غزوه الشامل لها. وقال المسؤولون إن بوتين قد يفعل ذلك مرة أخرى بعد هجوم يوم الجمعة؛ سعياً إلى استخدام الخسائر في الأرواح لتقويض الدعم لأوكرانيا في جميع أنحاء العالم.

صورة ثابتة مأخوذة من مقطع فيديو أتاحته وزارة الطوارئ الروسية تظهر رجال الإنقاذ وهم يفحصون الحطام في القاعة المحترقة في قاعة الحفلات الموسيقية Crocus City Hall (إ.ب.أ)

وكان العديد من المسؤولين الأميركيين والغربيين قد حذروا، في وقت سابق، من أن تنظيم «داعش»، يعمل على إعادة تنشيط عملياته الخارجية، بعد فترة دامت نحو سنتين من الهدوء، تمكنت خلالها أجهزة الأمن من إحباط معظم عملياته في أوروبا، ما أدى إلى تقديرات بأن قدرات التنظيم قد تراجعت بقوة. لكن أجهزة الأمن الأميركية أصدرت في يناير الماضي تحذيراً من احتمال شن التنظيم هجوماً على إيران، وأبلغت السلطات عنه. كما جمعت معلومات استخباراتية تفيد بأن التنظيم يخطط لهجوم على موسكو.

قاعة الحفلات الموسيقية «Crocus City Hall» بعد إطلاق نار في كراسنوغورسك خارج موسكو (إ.ب.أ)

وقال محللون في محاربة الإرهاب إن تنظيم «داعش – خراسان» كان يركز اهتمامه منذ سنتين على روسيا، محملاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسؤولية عن التدخلات في سوريا والشيشان وأفغانستان. وقد يؤدي هجوم الجمعة على موسكو، مثل هجوم يناير على إيران، إلى إعادة تقييم قدرات التنظيم على تنفيذ العمليات خارج الأراضي التي ينشط فيها عادة.

وكانت الولايات المتحدة قد حذرت إيران من هجوم محتمل قبل التفجيرين المزدوجين في يناير الماضي، اللذين أسفرا عن مقتل العشرات وإصابة مئات آخرين في حفل تأبين للجنرال الإيراني السابق قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة من دون طيار قبل أربع سنوات.


مقالات ذات صلة

​أوكرانيا: إسقاط 47 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا

أوروبا جنود روس يقومون بتجميع طائرة من دون طيار في مكان غير معلن (أ.ب)

​أوكرانيا: إسقاط 47 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا

قال سلاح الجو الأوكراني الاثنين إنه أسقط 47 من أصل 72 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا في أنحاء البلاد بينما لم تبلغ 25 طائرة أخرى أهدافها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
آسيا جنود روس في منطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

سيول: بيونغ يانغ تستعد لإرسال مزيد من القوات والمسيّرات لروسيا

قال الجيش الكوري الجنوبي اليوم إنه رصد مؤشرات على استعداد كوريا الشمالية لإرسال مزيد من القوات والأسلحة، بما في ذلك طائرات مسيّرة مفخخة، إلى روسيا لدعمها.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال حفل ترنينغ بوينتس السنوي في فينيكس بولاية أريزونايوم الأحد (أ.ف.ب)

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما... ولقاء محتمل مع بوتين

أبدى الرئيس المنتخب دونالد ترمب، استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أقرب وقت، مؤكداً قدرته على إنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار» بعد هجوم قازان

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
TT

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد، استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق وسائل إعلام.

وسُجلت نحو 20 واقعة لأفراد حاولوا بشكل منفصل تفجير عبوات ناسفة صغيرة أو إلقاء ألعاب نارية على المباني منذ الجمعة، لا سيما في موسكو وسان بطرسبرغ وضواحيهما، وفق وكالة «تاس» للأنباء، والموقع المستقل «فونتانكا».

ونقلت «تاس» عن مصدر في الشرطة، لم تكشف هويته، قوله إن محتالين جنّدوا هؤلاء الأشخاص عبر الإنترنت للقيام بهذه الهجمات لقاء المال.

وأظهرت صور التقطتها كاميرات المراقبة في بعض المواقع، وتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، أشخاصاً يصورون بواسطة جوالاتهم المحمولة الحرائق التي يحاولون إشعالها.

وبينت لقطات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، تحطم جهاز صراف آلي ونوافذ قريبة بعد هجوم، بينما عرض مقطع فيديو آخر سيارة شرطة مشتعلة.

تم استهداف أجهزة الصراف الآلي التابعة لمصارف حكومية، ومراكز تسوق، ومكاتب بريد، ومراكز تجنيد ومركبات للشرطة، ومبان رسمية أخرى.

وتحدث بنك «سبيربنك» عن زيادة في حوادث الحرائق المتعمدة بنسبة 30 في المائة خلال الأسبوع الماضي، وفق ما نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن مكتبه الإعلامي.

وأشارت وكالة «تاس» إلى أن معظم الموقوفين عقب محاولة الهجوم من المتقاعدين. وأضاف البنك أن المهاجمين تم تجنيدهم من قبل أشخاص في أوكرانيا.

وكانت أجهزة الأمن الروسية قد حذرت من أن محتالين أوكرانيين يتصلون بمسنين ليطلبوا منهم إضرام النار عمداً مقابل المال أو الوصول إلى حسابات محظورة.

ومنذ بدء الهجوم الروسي واسع النطاق على أوكرانيا والإعلان عن التعبئة العسكرية في روسيا في خريف عام 2022 أُبلغ عن عشرات الهجمات أو محاولات الهجوم على مراكز إدارية أو مكاتب تجنيد عسكرية في جميع أنحاء البلاد. وصدرت أحكام سجن مشدّدة ضدّ مشتبه فيهم في إشعال حرائق.