البرتغال تجنح إلى اليمين

«الاشتراكي» يصمد رغم خسارته مع اقتراب اليوبيل الذهبي لـ«ثورة القرنفل»

أنصار التحالف الديمقراطي يتابعون إعلان النتائج في لشبونة الأحد (أ.ف.ب)
أنصار التحالف الديمقراطي يتابعون إعلان النتائج في لشبونة الأحد (أ.ف.ب)
TT

البرتغال تجنح إلى اليمين

أنصار التحالف الديمقراطي يتابعون إعلان النتائج في لشبونة الأحد (أ.ف.ب)
أنصار التحالف الديمقراطي يتابعون إعلان النتائج في لشبونة الأحد (أ.ف.ب)

على مسافة 3 أشهر من الانتخابات الأوروبية التي يخشى أن ترسّخ نتائجها صعود اليمين المتطرف، ها هي البرتغال تجنح أيضاً إلى اليمين في الانتخابات الاشتراعية المسبقة، التي أجريت الأحد، حيث فاز الائتلاف المحافظ «التحالف الديمقراطي» بالمرتبة الأولى، متقدماً بفارق بسيط على الحزب الاشتراكي (79 مقعداً مقابل 77 في البرلمان)، بانتظار معرفة نتائج 4 مقاعد للمهاجرين لن تظهر قبل نهاية هذا الشهر.

ولن تغيّر هذه النتيجة من تشرذم المشهد البرلماني البرتغالي، الذي سيبقى موزعاً على 8 أحزاب (3 يمينية و5 يسارية)، مع ترجيح واضح لكفة القوى اليمينية بعد عامين من نيل الحزب الاشتراكي الأغلبية المطلقة، ثم استقالة زعيمه رئيس الوزراء السابق أنطونيو كوستا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقد حطّمت نسبة المشاركة كل الأرقام القياسية المسجلة في الانتخابات الخمس السابقة، إذ بلغت 66.2 بالمائة.

لويس مونتينيغرو زعيم التحالف الديمقراطي المحافظ يلقي كلمة وسط أنصاره بلشبونة الأحد (رويترز)

وكانت المفاجأة الأولى في هذه الانتخابات هي صمود الحزب الاشتراكي، الذي كان يخشى تراجعاً أكبر لشعبيته بعد فضيحة الفساد التي طالت بعض وزرائه، ودفعت برئيس الحكومة إلى الاستقالة رغم أنه كان يحظى بتأييد واسع في البرلمان.

واعترف الزعيم الاشتراكي الجديد بيدرو نونو سانتوس بالهزيمة، مؤكداً أن حزبه سينتقل إلى المعارضة جاهداً إلى استعادة شعبيته بين المواطنين الذين تخلوا عنه هذه المرة لاستيائهم من إدارته السابقة. وأكد نونو سانتوس أنه لن يقف عائقاً أمام تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه لن يكون داعماً لها.

لكن المفاجأة الكبرى كانت صعود الحزب اليميني المتطرف «تشيغا» الذي لن يتمكن «التحالف الديمقراطي» من الحصول على الأغلبية اللازمة في البرلمان من دون دعمه. وتمكّن «تشيغا» من تجاوز المليون صوت، بحيث ارتفع عدد مقاعده في مجلس النواب من 12 إلى 48، وأصبح ممثلاً في جميع المحافظات باستثناء واحدة في الشمال، فيما حلّ أولاً في مقاطعة «الغربي» التي تعدّ أحد المعاقل التاريخية لليسار البرتغالي.

الزعيم الاشتراكي الجديد بيدرو نونو سانتوس يلقي كلمة بعد ظهور النتائج بلشبونة الأحد (أ.ف.ب)

وفي أول تصريح له بعد معرفة النتائج، قال أندريه فنتورا زعيم حزب «تشيغا»، إن هذه الانتخابات كرّست نهاية ثنائية الأحزاب في البرتغال، وإن المواطنين يريدون تشكيل حكومة ائتلافية بين حزبه والتحالف الديمقراطي.

ورأى فنتورا أن هذه النتائج ليست سوى «تصفية حسابات ضد اليسار الذي اختطف المؤسسات»، وتعهّد العمل فوراً على «تحرير البلاد من اليسار المتطرف ومن آيديولوجيا المساواة بين الأجناس».

ولم يتأخر لويس مونتينيغرو، زعيم التحالف الديمقراطي المحافظ، في الرد على تصريحات نونو سانتوس، موضحاً أنه لن يفتح الباب أمام دخول اليمين المتطرف إلى الحكومة، قائلاً: «سأكون وفيّاً للوعود التي قطعتها أمام نفسي، وحزبي والديمقراطية»، وأعرب عن أمله في ألا يشكّل اليسار واليمين المتطرف ما سمّاه «تحالفاً سلبياً» ضد الحكومة في البرلمان.

أندريه فنتورا زعيم حزب «تشيغا» اليميني المتطرف يحتفل مع أنصاره بعد ظهور النتائج الاثنين (أ.ب)

وقال مونتينيغرو إنه لا يريد من الحزب الاشتراكي أن يؤيد برنامج الحكومة، لكن يجب أن يحترم قرار الناخبين وخياراتهم، مشيراً إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة سيكون تحدياً كبيراً يقتضي منه قدرة على التفاوض.

وكان مونتينيغرو قرر استعادة التحالف التاريخي لخوض هذه الانتخابات، وهو التحالف الذي أعطى حزبه الفوز للمرة الأولى بعد نهاية الحكم الديكتاتوري، إلى جانب الحزب الاجتماعي الديمقراطي، والوسط الديمقراطي، والحزب الشعبي والحزب الملكي.

وبينما كان المراقبون يتوقفون عند الصعود السريع لحزب «تشيغا» اليميني المتطرف، الذي شهد النور منذ أقل من 5 سنوات، كان الاشتراكيون يعربون عن خيبتهم لكون هذا الصعود يتزامن مع اقتراب موعد الاحتفالات باليوبيل الذهبي لثورة القرنفل التي أطاحت النظام الديكتاتوري في عام 1974.

ودعا رئيس الوزراء السابق، أنطونيو كوستا، إلى مضاعفة الجهود لمنع سقوط الديمقراطية بيد اليمين المتطرف، وقال إنه لا بد من تحديد دقيق للأسباب التي أدّت إلى هذه النتائج التي اعترف بأنه لم يكن يتوقعها.


مقالات ذات صلة

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لمقدم البرامج بيت هيغسيث خلال حفل لشبكة «فوكس نيوز» (أ.ف.ب)

بيت هيغسيث مرشح ترمب لوزارة الدفاع... مقدم برامج مثير للجدل

اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع، يثير جدلاً بسبب مواقفه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الناتو»: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا

لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)
لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)
TT

«الناتو»: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا

لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)
لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)

أكّد حلف شمال الأطلسي الخميس أنّ الصاروخ البالستي الفرط صوتي الجديد الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا "لن يغيّر مسار الحرب ولا تصميم الحلفاء في الناتو على دعم أوكرانيا" في تصديها للغزو الروسي.

وقال فرح دخل الله، المتحدث باسم الحلف، في بيان إنّ "روسيا أطلقت صاروخا بالستيا تجريبيا متوسط المدى ضدّ أوكرانيا. هذا مثال آخر على الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية. روسيا تسعى إلى ترويع السكان المدنيين في أوكرانيا وترهيب من يدعمونها".