الرئيس الفرنسي يدعو من براغ حلفاء كييف إلى «ألا يكونوا جبناء» في مواجهة روسيا

باريس تصدر بياناً شاملاً بالأسلحة والمعدات المقدمة لأوكرانيا وتؤكد أنها بلغت 3.8 مليار يورو

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى الجالية الفرنسية في براغ الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى الجالية الفرنسية في براغ الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT
20

الرئيس الفرنسي يدعو من براغ حلفاء كييف إلى «ألا يكونوا جبناء» في مواجهة روسيا

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى الجالية الفرنسية في براغ الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى الجالية الفرنسية في براغ الثلاثاء (أ.ف.ب)

تسعى باريس إلى إبراز دورها الريادي، الأمر الذي يفسر، إلى حد بعيد، تصريحات الرئيس الفرنسي المثيرة للجدل، وبمناسبة الزيارة التي يقوم بها، الثلاثاء، إلى جمهورية التشيك، حث حلفاء أوكرانيا على «ألا يكونوا جبناء» في مواجهة روسيا. وقال: «الحرب عادت إلى أراضينا، وقوى أصبح من غير الممكن وقفها تعمل على توسيع التهديد كل يوم»، مؤكداً أنه «علينا أن نكون بمستوى التاريخ والشجاعة التي يتطلبها ذلك».

ماكرون وبافيل في حديث منفرد الاثنين في القصر الرئاسي التشيكي (أ.ف.ب)
ماكرون وبافيل في حديث منفرد الاثنين في القصر الرئاسي التشيكي (أ.ف.ب)

وقال الرئيس الفرنسي في كلمة له أمام الجالية الفرنسية في براغ: «نقترب بالتأكيد من لحظة في أوروبا سيكون من المناسب ألا نكون جبناء فيها». وأضاف: «نحن لا نرغب إطلاقاً في أن نرى المآسي المقبلة». وتحدث عن «قوى أصبح من غير الممكن وقفها» تعمل «على توسيع التهديد كل يوم، وتكثيف الهجمات علينا... علينا أن نكون بمستوى التاريخ والشجاعة التي يتطلبها ذلك». وقالت مصادر في محيط الرئيس الفرنسي إن الزيارة إلى الجمهورية التشيكية تهدف إلى إظهار «الاهتمام الخاص» بأوروبا الوسطى. وبينما يعزز مساعيه لاحتلال موقع ريادي في دعم كييف ومواجهة روسيا، يلتقي ماكرون نظيره بيتر بافيل الذي استقبله في باريس في ديسمبر (كانون الأول). وقال إنه سيوقع مع رئيس الوزراء بيتر فيالا خطة عمل للأعوام 2024 - 2028 للشراكة الاستراتيجية الثنائية التي «ستكون قضايا الدفاع أساسية» فيها في أجواء الحرب الحالية.

في بادرة فريدة من نوعها، عمدت وزارة الدفاع الفرنسية إلى نشر بيان مفصل عن المساعدات العسكرية التي قدمتها لأوكرانيا منذ انطلاق الغزو الروسي لأراضيها.

ويأتي ذلك على خلفية الجدل الذي لم ينطفئ بعد بشأن تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون في 25 فبراير (شباط) الماضي، حيث لم يستبعد إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا، الأمر الذي أثار ردود فعل رافضة من غالبية الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، وذلك على لسان المستشار أولاف شولتس.

ومن جانب آخر، تعمدت باريس الإقدام على هذه الخطوة من أجل رد الاتهامات من عدد من العواصم الأوروبية وعلى رأسها برلين التي ترى أن باريس «لا تقوم إلا بالحد الأدنى» فيما يخص الدعم العسكري لكييف.

ومن هنا، جاء بيان وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو الذي يؤكد أن إجمالي المساعدات العسكرية الفرنسية المباشرة بلغ منذ عامين 2.615 مليار يورو. يضاف إلى ذلك مبلغ 1.2 مليار يورو على هيئة مساهمة فرنسية في مرفق السلام الأوروبي الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي لتمويل مشتريات أوكرانيا من السلاح. فضلاً عن ذلك، فإن باريس تعهدت، في الاتفاقية الأمنية التي وقّعت في قصر الإليزيه بين الرئيس ماكرون ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تضمنت تعهداً فرنسياً بتقديم 3 مليارات من المساعدات العسكرية الإضافية لعام 2024.

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى الجالية الفرنسية في براغ الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى الجالية الفرنسية في براغ الثلاثاء (أ.ف.ب)

واضح أن فرنسا تسعى، وفق مصادر دبلوماسية أوروبية، إلى تحقيق هدفين: الأول تكذيب الادعاءات التي تروجها عواصم أوروبية في وسط أوروبا وشرقها والتي تنفي عنها «انخراطها الكلي» في دعم أوكرانيا. وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن المعهد الألماني «كييل» الذي يرصد تفاصيل المساعدات الأوروبية والأميركية لأوكرانيا، أورد في آخر نشرة له أن «إيطاليا وفرنسا وبولندا ليست شفافة جداً فيما يتعلق بمساعداتها لأوكرانيا، لذلك من المحتمل أننا نقلل من تقدير إجمالي المخصصات».

وجاء في النشرة أيضاً أن المساعدات الفرنسية لا تتعدى الـ640 مليون يورو، وهي لا تشمل وعد باريس بتقديم 3 مليارات يورو للعام الحالي، وبالتالي، فإن إجمالي المساعدات والوعود الفرنسية يصل إلى 3.640 مليار يورو، وهو بعيد جداً عن الأرقام الألمانية التي تبلغ، وفق «كييل» 17.7 مليار يورو. وتجدر الإشارة إلى أن المستشار الألماني أكد مؤخراً أن بلاده ستزود كييف بـ8 مليارات يور في 2022.

منذ شهور، تثير أرقام «كييل» غضب باريس؛ فوزير الدفاع لوكورنو رفضها بشكل مطلق معتبراً أنها «مغلوطة» وأن الأسس التي يبني عليها المعهد أرقامه «غير سليمة». وكتب لوكورنو، الاثنين، على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) أن فرنسا «اختارت الكفاءة التشغيلية لمساعدتها العسكرية لأوكرانيا، وهي «تعد بما يمكننا تقديمه، وتقدم ما يمكننا أن نعد به».

ولنسف ادعاء انعدام الشفافية عمد إلى توفير عرض تفصيلي للمساعدات الفرنسية، وذهب إلى حد إعطاء الأرقام الخاصة بالخوذ والسترات الواقية من الرصاص ومناظير الرؤية الليلية التي قدمت للقوات الأوكرانية. ويفيد بيان وزارة الدفاع بأن باريس قدمت مجموعة منظومات صاروخية للدفاع الجوي، منها منظومة «أستير» بعيدة المدى، ومنظومتا «كروتال» للأهداف القريبة، و5 منظومات «ميسترال»، ورادار واحد.

يضاف إلى ذلك 100 صاروخ بعيد المدى من طراز «سكالب» المعادل لصاروخ «توروس» الألماني الذي يرفض شولتس تقديمه لأوكرانيا. ويذكر البيان، فيما يخص المدفعية، تقديم 30 مدفعاً محمولاً من طراز «سيزار»، وعشرات الآلاف من القذائف الخاصة بها من طراز 155 ملم، إضافة إلى منظومات دفاعية أخرى ومئات القنابل الذكية من طراز «2 إس إن» و17 مجموعة من الصواريخ المضادة للدروع من طراز «ميلان». كذلك قدمت باريس 38 دبابة خفيفة على عجلات من طراز «آي إم إكس 10»، ومدرعات لتقل الجنود، وسيارات رباعية الدفع، ومئات المسيرات صغيرة الحجم وأسلحة فردية.

وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو في صورة له تعود لـ27 فبراير بمناسبة احتفال في قصر الأنفاليد (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو في صورة له تعود لـ27 فبراير بمناسبة احتفال في قصر الأنفاليد (إ.ب.أ)

وسبق ذلك تصريحاته المثيرة للجدل بشأن إمكانية إرسال قوات غربية إلى هذا البلد الذي يخوض حرباً. وسعى الرئيس الفرنسي، في مقابلة مع صحيفة «برافو» المحلية، إلى «توضيح» تصريحاته حيث أكد أنه «لا يريد الدخول في منطق تصعيدي» مع روسيا. وقال ما حرفيته: «سئلت (في باريس) عن إرسال قوات (إلى أوكرانيا)، وكان ردي أنه لا شيء مستبعد». وأضاف ماكرون: «نحن نطلق الحوار، ونبحث في ما يمكن القيام به لدعم أوكرانيا، وكنت دائم الوضح حول إطاره، وهو أننا لسنا في حرب ضد الشعب الروسي».

وفي تصريحاته السابقة، أكد ماكرون أن الهدف ليس «منع روسيا من تحقيق الانتصار» في حرب أوكرانيا، لا بل ذهب إلى القول إن «إلحاق الهزيمة بها ضروري لأمن أوروبا». وللتذكير، فقد جاء الرد أولاً من القادة الأوروبيين، ومن الولايات المتحدة الأميركية برفض نشر قوات على الأراضي الأوكرانية، ومن موسكو التي لوحت باللجوء إلى السلاح النووي.

حقيقة الأمر أن ما يدفع ماكرون وأيضاً مسؤولين أوروبيين آخرين إلى استجلاء سبل جديدة لدعم أوكرانيا مرده الأول التخوف مما ستؤول إليه الانتخابات الأميركية. وقال وزير الخارجية ستيفان سيغورنيه في مقابلة إذاعية، الأسبوع الماضي، إن المساعدات الأوروبية إلى أوكرانيا لا تساوي سوى 30 في المائة من مجمل المساعدات التي قدمت لها في العامين الأخيرين؛ ما يعني عملياً أن تخلي واشنطن عن توفير الأساسي من الدعم سيرتب أعباءً كبرى على الأوروبيين، ومن ثم عليهم استنباط وسائل وطرق جديدة لسد الفراغ الأميركي. وبعد تردد لا بل ممانعة، أعلنت باريس دعمها مبادرة التشيك الساعية إلى توفير 800 ألف قذيفة مدفعية لأوكرانيا من خلال شرائها من دول خارج المنظومة الأوروبي. وتقدر براغ تكلفتها بـ1.5 مليار دولار. وحتى الآن، كشفت دول عدة عن مساهماتها، ومنها هولندا (100 مليون دولار).

رئيس الوزراء الأوكراني دوني شميغال يتحدث في مؤتمر صحافي في كييف الاثنين (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الأوكراني دوني شميغال يتحدث في مؤتمر صحافي في كييف الاثنين (أ.ف.ب)

بيد أن كييف، رغم الجهود الأوروبية، لا يبدو أنها راضية بدرجة كافية، لا بل إن لديها مآخذ. والدليل على ذلك التصريحات التي أدلى بها، الاثنين، رئيس حكومتها دوني شميغال، حيث أكد أن كييف لم تصلها المساعدات المالية التي جمعت لدعمها وقيمتها 16 مليار يورو. وقال شميغال إن هذه الأموال جُمعت في مؤتمرين عُقدا في 2022 في وارسو وبروكسل بمبادرة من بولندا، ثم من المفوضية الأوروبية، مضيفاً: «لا نعلم أين ذهبت هذه الأموال، وكيف أُنفقت، ومن دعمت. أوكرانيا لم تتلق منها أي شيء».

وفي المؤتمر الصحافي عينه، طالب المسؤول الأوكراني الأوكرانيين بتحويل الأصول الروسية التي جرى تجميدها في البنوك والمؤسسات المالية الأوروبية والبالغة 300 مليار يورو إلى بلاده. وقال شميغال إن «مصادرة الأصول الروسية ستكون مصدراً موثوقاً به لتوفير الدعم لبلادنا»، مؤكداً أن هناك سبيين لطلبه: الأول، أن كييف بحاجة لهذه الأموال، والثاني أن مصادرتها ستكون بمثابة معاقبة للعدوان والجرائم التي ارتكبتها روسيا بحق أوكرانيا. وأعلن رئيس الوزراء أن العمل جارٍ حالياً لتشكيل مجموعة لدراسة المخارج القانونية التي تمكن من مصادرة هذه الأصول. وتجدر الإشارة إلى وجود «توافق» أوروبي ليس على المصادرة، بل على استخدام الفوائد الناتجة عن استثمار هذه الأصول ونقلها إلى أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

روسيا: مقتل نائب رئيس إدارة العمليات بهيئة الأركان بانفجار سيارة بموسكو

أوروبا صورة مثبتة من مقطع فيديو لانفجار السيارة بضواحي موسكو

روسيا: مقتل نائب رئيس إدارة العمليات بهيئة الأركان بانفجار سيارة بموسكو

أفادت وكالة «سبوتنيك» الروسية اليوم (الجمعة)، بمقتل نائب رئيس إدارة العمليات الرئيسية بهيئة الأركان الروسية ياروسلاف موسكاليك في انفجار سيارة بضواحي موسكو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما عام 2019 (د.ب.أ)

بعد تحذير ترمب لبوتين... روسيا «مستعدة» لإبرام اتفاق مع أوكرانيا

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده «مستعدّة» لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وفقاً لمقتطفات من مقابلة أجراها مع قناة أميركية، ونُشرت الخميس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون يزيلون الأنقاض بعد هجوم صاروخي باليستي روسي على كييف في وقت مبكر من يوم الخميس (أ.ب)

زيلينسكي: غارة روسية على كييف استخدمت صاروخاً كورياً شمالياً

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الخميس إن معلومات أولية تشير إلى أن روسيا استخدمت صاروخاً باليستياً من كوريا الشمالية في هجوم استهدف منشأة سكنية.

«الشرق الأوسط» ( كييف )
أوروبا جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

تقرير: بريطانيا تتجه لإلغاء خططها لإرسال آلاف الجنود إلى أوكرانيا

أفادت صحيفة «التايمز» البريطانية (الخميس) بأن بريطانيا تتجه لإلغاء خططها لإرسال آلاف الجنود إلى أوكرانيا، معتبرة أن هذه الخطوة تنطوي على «مخاطر عالية جداً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب) play-circle

ترمب يؤكد أنه «يضغط بشدة» على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا

أكّد الرئيس الأميركي أنه يضغط بشدة على روسيا للموافقة على إنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد أن ألقى قصف روسي على كييف مزيداً من الشكوك على فرص وقف النار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد تحذير ترمب لبوتين... روسيا «مستعدة» لإبرام اتفاق مع أوكرانيا

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما عام 2019 (د.ب.أ)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما عام 2019 (د.ب.أ)
TT
20

بعد تحذير ترمب لبوتين... روسيا «مستعدة» لإبرام اتفاق مع أوكرانيا

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما عام 2019 (د.ب.أ)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما عام 2019 (د.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس (الخميس)، أن موسكو مستعدّة لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد تحذير وجَّهه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على خلفية ضربات دامية استهدفت كييف، ليل الأربعاء الخميس، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأسفر الهجوم الروسي، الذي استهدف 6 مناطق بـ70 صاروخاً و145 مسيّرة، عن مقتل 12 شخصاً في كييف، وفقاً للسلطات الأوكرانية، بينما جاء في وقت تشهد فيه المفاوضات الشاقّة التي يقودها ترمب، توترات بشأن قضية شبه جزيرة القرم.

وقال لافروف، في مقابلة مع قناة «سي بي إس» الأميركية، إنّ ترمب «يتحدث عن اتفاق، ونحن مستعدون لإبرام اتفاق، لكنّ بعضاً من العناصر المحدّدة لا يزال يحتاج إلى ضبط دقيق».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)

وأضاف: «هناك مؤشرات تدل على أننا نسير في الاتجاه الصحيح».

وعدّ أن ترمب «قد يكون الزعيم الوحيد على هذا الكوكب الذي يدرك ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للوضع».

وصرَّح الرئيس الأميركي، هذا الأسبوع، بأنّه «قريب للغاية» من تسوية مع روسيا تضع حداً للحرب التي اندلعت جراء الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وألقى ترمب باللوم على الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في الجمود الحالي في المفاوضات، بينما تشير المعلومات التي أفاد بها مسؤولون أميركيون إلى طلب تنازلات كبيرة من جانب كييف. غير أنّ عمليات القصف الدامية دفعت ترمب إلى التخلّي عن النبرة التصالحية التي تبنّاها أخيراً تجاه بوتين.

وفي تصريح مقتضب وغاضب عبر منصته «تروث سوشيال»، قال: «فلاديمير، توقف!»، مضيفاً أنّه ليس راضياً عن هذه الضربات التي حدثت في «توقيت سيّئ جداً».

رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع سقوط صاروخ على مبنى سكني في كييف (إ.ب.أ)
رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع سقوط صاروخ على مبنى سكني في كييف (إ.ب.أ)

صاروخ كوري شمالي

وفي حين أعلن الجيش الروسي أنّه شنّ «هجوماً ضخماً بأسلحة دقيقة بعيدة المدى» على كثير من الشركات المرتبطة بالمجمع العسكري الصناعي في أوكرانيا، شدَّد لافروف في المقابلة مع «سي بي إس» على أنّ القوات الروسية لا تستهدف «إلا أهدافَا عسكرية أو مواقع مدنية يستخدمها الجيش».

وتعدّ حصيلة القتلى في العاصمة وحدها، من الأعلى منذ أشهر.

وفي شارع متضرّر جراء القصف في غرب كييف، أشارت «وكالة الصحافة الفرنسية» إلى وجود جثث ملقاة على الأرض ومبانٍ متضرّرة ومتفحّمة، وعناصر إنقاذ يبحثون عن ضحايا أو ناجين بين الأنقاض.

واتهم فولوديمير زيلينسكي، الذي اختصر زيارته لجنوب أفريقيا، روسيا باستخدام صاروخ «مُصنَّع في كوريا الشمالية» في هذه الضربات.

وأكد أن الجيش الروسي حاول الاستفادة من عمليات القصف الجوي الضخمة، لتكثيف هجومه البري.

وقال على «تلغرام»: «بينما ركّزت غالبية قواتنا على الحماية من الصواريخ والطائرات المسيَّرة، كثَّف الروس هجماتهم البرية بشكل كبير»، مضيفاً أنّه تمّ التصدّي لهذا الهجوم.

«ضغط على روسيا»

وتأتي موجة الصواريخ والمسيَّرات المتفجّرة التي أطلقتها روسيا، في لحظة حاسمة من عملية التفاوض التي بدأها ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص من الجانبين.

ومن المتوقع وصول البعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى موسكو في وقت لاحق هذا الأسبوع، بينما سيشارك دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي في مراسم جنازة البابا فرنسيس في روما، السبت.

وأفادت معلومات صحافية عن إجراء محادثات روسية - أميركية بشأن الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، التي كانت قد استولت عليها موسكو في عام 2014.

زهور التوليب تتفتح بالقرب من دار الثقافة المتضررة في بوروفا وهي مستوطنة ريفية في مقاطعة إيزيوم بمنطقة خاركيف (إ.ب.أ)
زهور التوليب تتفتح بالقرب من دار الثقافة المتضررة في بوروفا وهي مستوطنة ريفية في مقاطعة إيزيوم بمنطقة خاركيف (إ.ب.أ)

ومن دون الاعتراف صراحة بهذه النقطة، عدّ الرئيس الأميركي، هذا الأسبوع، أنّ هذه المنطقة «خسرتها» أوكرانيا، في حين اقتراح نائبه جي دي فانس «تجميد الخطوط على الأرض عند مستوى قريب مما هي عليه الآن» والقيام بـ«تبادل أراضٍ» بين أوكرانيا وروسيا.

وتطرَّق الرئيس الأوكراني إلى هذه المسألة قبل مغادرته بريتوريا على عجل الخميس، وقال: «نقوم بكل ما اقترحه شركاؤنا، باستثناء ما يتعارَض مع تشريعاتنا ومع الدستور» الأوكراني بشأن وحدة أراضي البلاد، بما في ذلك القرم، مطالباً بدلاً من ذلك بممارسة «مزيد من الضغط على روسيا».

وفي السياق، أكد الرئيس الأميركي أمام الصحافيين، الخميس، أنّ الولايات المتحدة تمارس «ضغوطاً قوية» على روسيا لإنهاء الحرب، عادّاً في الوقت ذاته أنّ موسكو «ستقدِّم تنازلاً كبيراً» بالموافقة على عدم الاستيلاء على البلاد بأكملها.

من جانبه، أبدى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الذي استقبله ترمب، اختلافاً مع تصريحات الأخير التي اتهم فيها كييف بعرقلة مفاوضات السلام.

وقال روته في واشنطن: «أعتقد أنّ هناك شيئاً على الطاولة. الأوكرانيون يلعبون اللعبة حقاً. وأعتقد أنّ الكرة في ملعب روسيا بشكل واضح»، مضيفاً: «لقد اتُّخذت خطوات عملاقة في الأيام الأخيرة».