موسكو تتهم زيلينسكي بـ«الكذب» حول خسائر جيشه

سويسرا تدعو روسيا لحضور مؤتمر سلام حول أوكرانيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية قراتشاييفو- تشيركيسيا رشيد تمريزوف خلال اجتماعهما في الكرملين الاثنين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية قراتشاييفو- تشيركيسيا رشيد تمريزوف خلال اجتماعهما في الكرملين الاثنين (أ.ب)
TT

موسكو تتهم زيلينسكي بـ«الكذب» حول خسائر جيشه

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية قراتشاييفو- تشيركيسيا رشيد تمريزوف خلال اجتماعهما في الكرملين الاثنين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية قراتشاييفو- تشيركيسيا رشيد تمريزوف خلال اجتماعهما في الكرملين الاثنين (أ.ب)

حملت الردود الروسية على تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن أعداد قتلى الحرب بين العسكريين في بلاده، لهجة قاسية ومتهكمة، واتهمته بترويج أكاذيب لتحسين صورته داخلياً، وتخفيف درجة الاحتقان بين الأوكرانيين.

وشنّت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الاثنين، هجوماً ساخراً على زيلينسكي، وقالت إن «كل مواطن أوكراني يعرف أنه يكذب». وزادت أن الرئيس الأوكراني «يتعامل مع الأوكرانيين بصفتهم أرقاماً وليسوا بشراً»، مشيرة إلى أن محاولته تقليل أعداد القتلى بين العسكريين تهدف إلى تحسين صورته بعدما وصلت شعبيته إلى الحضيض. وقالت: «في السابق، لم يكن زيلينسكي يعد السكان الناطقين بالروسية في دونباس أشخاصاً، والآن توقف عن عَدِّ سكان الأجزاء المتبقية من أوكرانيا بشراً».

وكان زيلينسكي قد قال خلال مؤتمر صحافي، الأحد، إن خسائر جيشه منذ اندلاع الأعمال القتالية قبل عامين بلغت 31 ألف شخص.

وبدوره، قال الحاكم الروسي لمقاطعة خيرسون فلاديمير سالدو إن زيلينسكي يسعى إلى تخفيف درجة الذعر الداخلية، وإن تصريحاته موجهة لتعزيز ثقة المواطنين بالمؤسسة العسكرية على خلفية نكوص المواطنين عن الالتحاق بالجيش، وازدياد نسب التهرب من قرارات التعبئة العامة. وتابع المسؤول الانفصالي أن «تصريحات الرئيس الأوكراني ودعايته الإعلامية حول خسائر كييف تشبهان ما كان ينتهجه وزير الدعاية النازية عند هتلر جوزيف غوبلس. لجهة تكرار الأكاذيب في محاولة لإقناع الناس بها».

«مزاعم لا تصلح»

وأكد سالدو في قناته على تطبيق «تلغرام» أن زيلينسكي يتعمد التقليل من حقيقة أرقام خسائر الجيش الأوكراني بـ«10 مرات على الأقل». ووفقاً له، فإن «هدف نظام كييف هو إقناع الأوكرانيين بعدم الخوف من الخدمة في القوات المسلحة». وأردف أنه «مع ذلك، وبالنظر إلى المقاومة الشرسة التي يبديها الأوكرانيون العاديون في وجه مفوضي الخدمة العسكرية (مكاتب التجنيد)، فإن مزاعم تقليص الخسائر لم تعد تصلح».

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، قد قال قبل أسبوع، إن القوات المسلحة الأوكرانية «خسرت 166 ألف قتيل وجريح فقط خلال الهجوم المضاد الفاشل منذ 4 يونيو (حزيران) الماضي».

وعلى صعيد آخر، قال وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس في مقابلة مع وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية إنه «ستجري دعوة روسيا إلى سويسرا للمشاركة في مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا، على الرغم من أن وصول ممثليها يبقى مستبعداً». وأضاف الوزير السويسري: «سيكون من الوهم والسذاجة الافتراض أنه خلال الأسابيع أو الشهرين أو الثلاثة المقبلة يمكن عقد مؤتمر لتحقيق السلام؛ لذلك يمكن القول إن هذا المؤتمر يهدف إلى فتح عملية البحث عن السلام على مستوى عالٍ، على المستوى الوزاري على الأقل. ومن المستبعد طبعاً أن تحضر روسيا هذا المؤتمر الأول، لكن ستجري دعوتها. ومن ناحية أخرى، فإن الهدف هو أن نتمكن من الالتقاء على هذا المسار، بما في ذلك مشاركة روسيا؛ لذلك علينا أن نتخيل أنه ستكون هناك خطوات عدة على طول الطريق».

ونوّه الوزير بأن المؤتمر الأول سيُعقد في سويسرا، ولكن المؤتمرات التالية قد تُعقد في بلدان أخرى، مثل بعض دول مجموعة «بريكس». وقال أيضاً: «قد ترغب بعض دول (بريكس) في لعب دور معين على هذا المسار. سنكون سعداء للغاية إذا فعلوا ذلك، وسنناقش هذا الأمر معهم مباشرة. اليوم سأعقد اجتماعاً ثنائياً مع جنوب أفريقيا والمملكة العربية السعودية في إطار هذه العملية».

 

روس يمرون أمام لوحة إعلانية تكرم الجنود ومكتوب عليها «النصر حليفنا» في موسكو الاثنين (أ.ف.ب)

«سخيفة»

وكانت الرئيسة السويسرية فيولا أمهيرد قد ذكرت في وقت سابق، أن زيلينسكي طلب منها تنظيم قمة سلام بشأن أوكرانيا. ومن جانبه نوه أندريه يرماك رئيس مكتب زيلينسكي، بأن كييف تريد عقد مؤتمرات قمة للموافقة على «صيغة السلام» الأوكرانية. وتابع يرماك «قد يكون هناك وضع ندعو فيه معاً ممثلين عن روسيا الاتحادية لتقديم الخطة لهم في حالة ما إذا كان من يمثل الدولة المعتدية في ذلك الوقت يريد إنهاء هذه الحرب بشكل حقيقي والعودة إلى السلام العادل».

ورد الكرملين، الاثنين، على هذه التصريحات قائلاً إن فكرة إجراء محادثات سلام من دون روسيا سخيفة. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: «قلنا مراراً إن هذه صيغة غريبة، هذا أقل ما يقال عنها، لأن تنفيذ خطط سلام من دون مشاركة روسيا وهو أمر عبثي في حد ذاته، بل مثير للضحك».

وأكدت موسكو رفضها بحث الخطة التي قدمها الرئيس الأوكراني، العام الماضي، ورأت أنها منفصلة عن الواقع وغير قابلة للتنفيذ.

لكن سويسرا أبلغت الجانب الروسي أن اللقاء المزمع الربيع المقبل لن يناقش الخطة الأوكرانية وحدها، معربة عن أمل في طرح كل الأفكار التي يمكن أن تدفع عملية السلام.

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال لقاء مع وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس قبل أسابيع، أن موسكو، عند بناء العلاقات الثنائية، تأخذ في الحسبان ابتعاد برن عن مبادئ الحياد ودعمها نظام كييف. وكرر الوزير الروسي موقف بلاده بأن أي حديث عن السلام من دون مشاركة روسيا لن يكون مجدياً.

ومن جانبه، أعلن زيلينسكي أن كييف تعتزم تسليم خطتها للتسوية إلى موسكو في المؤتمر الثاني في سويسرا، لكنه أضاف أنه لا يعد اللقاء جولة مفاوضات مع روسيا.

وجاء حديث زيلينسكي توضيحاً لكلام رئيس مكتبه أندريه ييرماك، بأن دعوة روسيا إلى المؤتمر الثاني حول أوكرانيا في سويسرا «أمر وارد». وقال إن مؤتمر «أوكرانيا 2024» لم يكن منصة للمفاوضات، بل سيجري فقط «عرض الخطة التي أعدها المشاركون في المؤتمر على ممثلي روسيا». وأضاف: «قد لا تقبل روسيا الوثيقة التي سيجري إعدادها»، مشيراً إلى أن اللقاء قد يكون على حلقتين واحدة سوف تنعقد من دون مشاركة روسيا على أن تجري دعوة موسكو إلى الحلقة الثانية منه.

ورداً على سؤال مباشر حول ما إذا كانت المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا ممكنة حالياً، خصوصاً على خلفية الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، والتي قد تفقد كييف بسببها الدعم الأميركي، أجاب زيلينسكي بأنه لا يرى أن الجانب الأميركي قد يتراجع عن تعهداته بدعم أوكرانيا. وأضاف أنه يأمل في عقد المنتدى حول أوكرانيا في سويسرا خلال الأشهر المقبلة، وربما في الربيع. ولم يذكر المواعيد التقريبية للمنتدى الثاني، لكنه أضاف أنهم يرغبون في عقده في أوكرانيا، وربما ليس في القارة الأوروبية.


مقالات ذات صلة

«البنتاغون»: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ988 مليون دولار

أوروبا جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)

«البنتاغون»: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ988 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 988 مليون دولار، في حين تسابق واشنطن الوقت لتقديم دعم لكييف قبل تولي ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا  ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ف.ب)

مقتل 12 وإصابة 40 من جراء هجمات روسية في جنوب شرقي أوكرانيا

قال مسؤولان في منطقتي زابوريجيا وكريفي ريه بأوكرانيا، الجمعة، إن ما لا يقل عن 12 شخصاًً قتلوا، وأصيب أكثر من 40 في هجمات روسية بالمنطقتين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني يشاهد المسيّرة «بيكلو» (قناة وزير القطاعات الصناعية الاستراتيجية الأوكراني هيرمان سميتانين على «تلغرام»)

أوكرانيا تنتج مسيّرة جديدة بعيدة المدى بمحرك دفع صاروخي

أعلنت أوكرانيا إنتاجها طائرة مسيّرة جديدة تعمل بمحرك دفع صاروخي تُعرَف باسم «بيكلو»، وتَعني «الجحيم» باللغة الأوكرانية، وقدّمتها للعالم.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (وسط)... (حسابه على إكس)

مصادر: كريم خان باق في منصبه أثناء تحقيق في مزاعم سوء سلوك جنسي

قالت مصادر إن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان سيُسمح له بالبقاء في منصبه في أثناء تحقيق تقوده الأمم المتحدة في سوء سلوك جنسي مزعوم.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
أوروبا عناصر من الفصائل السورية المسلحة تقف فوق طائرة في مطار حماة العسكري (أ.ب)

أوكرانيا: الأحداث بسوريا تثبت عدم قدرة روسيا على القتال في جبهتين

قالت وزارة الخارجية الأوكرانية إن «انهيار سوريا حليفة روسيا» في مواجهة هجوم الفصائل المسلحة يُظهر أن «موسكو لا تستطيع القتال على جبهتين».

«الشرق الأوسط» (كييف)

«البنتاغون»: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ988 مليون دولار

جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)
جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)
TT

«البنتاغون»: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ988 مليون دولار

جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)
جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، السبت، عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 988 مليون دولار، في حين تسابق واشنطن الوقت لتقديم دعم لكييف، قبل تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب منصبه.

وجاء في بيان لـ«البنتاغون» أن الحزمة تشمل مسيّرات وذخيرة لمنصات إطلاق الصواريخ الدقيقة «هيمارس (HIMARS)» ومعدات وقطع غيار لأنظمة المدفعية والدبابات والآليات المدرّعة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكدت إدارة الرئيس جو بايدن المنتهية ولايتها دعمها لكييف قبل تسلُّم الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، الذي انتقد علناً المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

وقال الجنرال باتريك رايدر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في بيان، الأسبوع الماضي: «الخلاصة أنه بناءً على توجيهات الرئيس، سننفق كل دولار خصصه الكونغرس لأوكرانيا وتجديد مخزوناتنا»، مؤكداً على «تفهُّم الوضع العاجل في أوكرانيا وتوجيهات الرئيس، وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لضمان حصول أوكرانيا على المساعدة التي تحتاج إليها».