خسرتْ شميمة بيغوم (24 عاماً)، التي جُرّدت من جنسيتها البريطانية، لسفرها إلى سوريا والانضمام لتنظيم «داعش» حين كانت في سن الـ15، الطعن الذي تقدمت به أمام محكمة الاستئناف بشأن قرار سحب الجنسية منها، وفقاً لما ذكرته «سي إن إن»، الجمعة.
وسافرت بيغوم إلى سوريا عام 2015 مع صديقتين من المدرسة للانضمام إلى التنظيم الإرهابي. وأثناء وجودها هناك، تزوجت من أحد مقاتلي «داعش» وعاشت عدة سنوات في الرقة.
ولاحقاً ظهرت في «مخيم الهول» للاجئين السوريين عام 2019، وتصدرت عناوين الأخبار باعتبارها «عروس داعش» بعد أن طلبت من حكومة المملكة المتحدة السماح لها بالعودة إلى وطنها من أجل ولادة ابنها.
جاء قرار محكمة الاستئناف البريطانية، الذي صدر الجمعة، بشأن ما إذا كانت بيغوم، التي سافرت إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم «داعش» عندما كانت طفلة، قد جُردت من جنسيتها البريطانية بشكل غير قانوني، كأحدث خطوة في معركة طويلة خاضتها ضد الحكومة.
وجردت المرأة من جنسيتها عام 2019، لأسباب تتعلق بالأمن القومي، بعد أن غادرت المملكة المتحدة، في 2015، إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم عندما كانت في سن 15 عاماً. وتزوجت المراهقة هناك من متشدد من أصل هولندي يكبرها بثماني سنوات.
وطعنت الشابة على القرار في جلسة استماع بلندن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وتوسّلت السماح لها بالعودة إلى بريطانيا، مؤكدة أنها لم ترتكب جريمة سوى «الحماقة».
وقالت بيغوم، البالغة من العمر الآن 24 عاماً، إن القرار غير قانوني، ويرجع ذلك جزئياً إلى فشل المسؤولين البريطانيين في النظر بشكل صحيح فيما إذا كانت ضحيةً للاتجار، وهي حجة رفضتها محكمة أقل درجة في فبراير (شباط) 2023. ورفضت محكمة الاستئناف في لندن استئنافها، الجمعة، بعد استئناف في أكتوبر (تشرين الأول).
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: «أولويتنا تظل الحفاظ على سلامة وأمن المملكة المتحدة، وسندافع بقوة عن أي قرار يُتخذ للقيام بذلك».
ودعا محامو بيغوم، بريطانيا، إلى إعادتها هي وآخرين ممن بقوا في سوريا، ووصفوا رفض القيام بذلك بأنه «مشين».
وفيما يلي تاريخ القضية، ولماذا جذبت الكثير من الاهتمام الإعلامي:
يقول الخبير القانوني هارون صديقي، المختص بشؤون الإرهاب، في تقرير لـ«الغارديان»، الجمعة، إن بيغوم ولدت في إنجلترا لوالدين من أصول بنغلاديشية، وفي عام 2015، عندما بلغت الخامسة عشرة من عمرها، غادرت منزلها في شرق لندن مع اثنتين من صديقاتها في المدرسة، مما دفع إلى عملية مطاردة دولية للشرطة، للسفر إلى أراضي تنظيم «داعش» في سوريا.
وبعد فترة وجيزة من وصولها إلى سوريا، تزوجت بيغوم من مواطن هولندي يدعى ياغو ريديجك، وعندما هُزم تنظيم «داعش» من قبل تحالف يضم المملكة المتحدة والولايات المتحدة، تم القبض على مئات النساء والأطفال، بمن فيهم بيغوم التي عرفت باسم «عروس داعش» من قبل «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية، واحتُجزوا في مخيمات اللاجئين.
تم العثور عليها في مخيم الهول للاجئين في شمال شرق سوريا في عام 2019 من قبل صحافي في صحيفة «التايمز»، أخبرته أنها تأمل في العودة إلى المملكة المتحدة لكنها لم تندم على قرارها بالانضمام إلى «داعش».
ويضيف الخبير القانوني هارون صديقي أنه وسط غضب إعلامي واسع النطاق بشأن عدم ندم بيغوم، استخدم وزير الداخلية في ذلك الوقت، ساجد جاويد، صلاحياته، لسحب الجنسية إذا كان «هذا الحرمان في صالح المصلحة العامة». وفي كلمةٍ أمام نواب البرلمان، قال جاويد إن «جميع من سافروا إلى (داعش) قد دعموا تنظيماً إرهابياً، وبذلك أظهروا كراهيتهم لبلدنا وللقيم التي ندافع عنها».
ولا يسمح التشريع البريطاني بسحب الجنسية إذا أصبح الشخص عديم الجنسية، لكن جاويد أخبر عائلة بيغوم أنه نظراً لأن والديها من أصول بنغلاديشية، فيمكنها التقدم بطلب للحصول على جنسية ذلك البلد. فيما قالت بيغوم إنها لم تزر بنغلاديش مطلقاً، وقال وزير الخارجية البنغلاديشي إنها ستواجه عقوبة الإعدام حال ذهبت إلى هناك.
وما زالت بيغوم تقيم في مخيم للاجئين تديره قواتٌ كرديةٌ في شمال شرق سوريا، بينما يخوض محاموها سلسلةً من المعارك القانونية منذ سحب جنسيتها. وعن الأسس التي استندت إليها في الموقف القانوني الأخير، قال هارون صديقي إن محامي بيغوم أبلغوا محكمة الاستئناف بأن قرار جاويد كان غير قانوني، لأنه لم ينظر فيما إذا كانت قد غُرر بها وتعرضت للاتجار، وبالتالي فقد انتهك الوزير بند حماية مكافحة العبودية في القانون البريطاني.
وبالمثل، قالوا إن قرار لجنة الاستئناف الخاصة للهجرة العام الماضي بتأييد حكم جاويد كان غير قانوني. وقال قضاة القضاة باللجنة إن ثمة «شكوكاً معقولة» شابت القضية في أن بيغوم تعرضت للاتجار لغرض الاستغلال الجنسي، وأنهم شعروا بقلقٍ من «استخفاف جاويد الواضح لأهمية التطرف والتغرير»، وأن «العوامل السياسية وليس الأمن القومي هي ما دفعت بتلك النتيجة». لكن في النهاية، قالت اللجنة إن القرار يعود إلى جاويد، الذي يزن تلك العوامل، بما في ذلك مصلحة الأمن القومي. وتردد هذا الاستنتاج في المرافعات في محكمة الاستئناف.
وعن احتمالات عودة بيغوم إلى المملكة المتحدة، قال الخبير القانوني المختص بشؤون الإرهاب، هارون صديقي: «ليس هناك احتمال لعودة بيغوم إلى المملكة المتحدة على المدى القصير. حتى لو قررت محكمة الاستئناف لصالحها، فنظراً لطبيعة القضية المهمة والاعتبارات السياسية، فمن المؤكد أن الحكومة سوف تستأنف. وحتى لو استأنفت، فهناك العديد من النساء البريطانيات المحتجزات في شمال شرق سوريا اللاتي احتفظن بجنسيتهن البريطانية ولم يتم إعادتهن».
ودعا محامو بيغوم، بريطانيا، إلى إعادتها هي وآخرين ممن بقوا في سوريا، ووصفوا رفض القيام بذلك بأنه «مشين».
كانت قضية بيغوم موضوع جدل محتدم بين أولئك الذين يقولون إنها انضمت بإرادتها إلى جماعة إرهابية وآخرين يقولون إنها كانت طفلةً عندما غادرت، أو يجب أن تحاكم عن أي جرائم مزعومة في بريطانيا.
وعن التداعيات الأوسع للقضية، قال صديقي إن المملكة المتحدة تعرضت لانتقادات بسبب عدم إعادة رعاياها من شمال شرق سوريا، حيث أعادت اثنين فقط من البالغين حتى الآن، وهو ما يختلف عن سياسات حلفاء مثل كندا وأستراليا، وبعض الدول الأوروبية. كما أنها الدولة الوحيدة، إلى جانب البحرين، التي دأبت على إلغاء الجنسية بشكل متكرر.
وأفادت التقارير بوجود ما بين 20 و25 امرأة أو عائلة من ذوي الجنسية البريطانية ما زالت محتجزةً في مخيمات سورية، إلى جانب آخرين مثل بيغوم، الذين تم سحب جنسيتهم ويطعنون في القرار أمام المحاكم البريطانية.