هل تُسقط حرب غزة رئيس مجلس العموم البريطاني؟

مظاهرات مطالبة بوقف إطلاق النار في غزة خارج مقر البرلمان مساء الأربعاء (أ.ف.ب)
مظاهرات مطالبة بوقف إطلاق النار في غزة خارج مقر البرلمان مساء الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

هل تُسقط حرب غزة رئيس مجلس العموم البريطاني؟

مظاهرات مطالبة بوقف إطلاق النار في غزة خارج مقر البرلمان مساء الأربعاء (أ.ف.ب)
مظاهرات مطالبة بوقف إطلاق النار في غزة خارج مقر البرلمان مساء الأربعاء (أ.ف.ب)

«فوضى» و«غضب» و«تحيّز»، هي بعض المصطلحات التي وصف بها نواب مجريات جلسة مجلس العموم، مساء الأربعاء، للتصويت على وقف إطلاق النار في غزة. وفيما صوّت غالبية النواب، بعد ساعات من الخلاف، لصالح «وقف إطلاق نار إنساني فوري في غزة»، سحب عشرات النواب ثقتهم من رئيس مجلس العموم ليندسي هويل، الذي اتُّهم بالتحيز لحزب على حساب آخر، فما الذي حصل؟

مبادرة «الأسكوتلندي»

تعرض رئيس المجلس لانتقادات شديدة، ووجهت له دعوات للاستقالة بعد أن سمح، خلافاً للعُرف البرلماني، للمعارضة العمالية بتقديم تعديل على المقترح الذي قدمته «الحزب الوطني الأسكوتلندي»، الذي دعا في مقترحه إلى «وقف فوري لإطلاق النار» و«إنهاء العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني»، في حين دعا تعديل حزب «العمال» إلى «وقف فوري إنساني لإطلاق النار»، وعملية دبلوماسية لتحقيق حل الدولتين والسلام الدائم.

زعيم كتلة «الحزب الوطني الأسكوتلندي» متحدثاً في مجلس العموم البريطاني الأربعاء (أ.ف.ب)

وعدّ مراقبون أن اقتراح حزب «العمال» الذي يتزعمه كير ستارمر، وهو يتصدر استطلاعات الرأي قبل الانتخابات هذا العام، يهدف إلى تجنب إحياء الانقسامات داخل الحزب حول هذه القضية. من جانبها، طرحت الحكومة المحافظة تعديلاً يدعو إلى «هدنة إنسانية فورية»، لكنها سحبته في نهاية المطاف. وبعد ساعات من السجال، تم اعتماد تعديل حزب العمال دون تصويت رسمي، في ظل ظروف كانت محل نزاع أيضاً.

وفيما لا تعدّ نتيجة التصويت ملزمة للحكومة، إلا أنها تحمل أهمية رمزية تعبّر عن رأي المجلس في الحرب التي تشنّها إسرائيل في غزة.

وفيما تتفق الأحزاب الثلاثة الكبرى على ضرورة وقف القتال والدفع باتجاه حل الدولتين، تختلف في اختيارها للمصطلحات. فتميل الحكومة وحزبها المحافظ إلى استخدام «هدنة إنسانية فورية»، أو «وقف إطلاق نار مستدام»، فيما يفضّل حزب «العمّال» «وقف إطلاق نار إنساني»، ويدعو «الوطني الأسكوتلندي» وغيره من أحزاب المعارضة الأصغر إلى «وقف إطلاق نار فوري».

جانب من المظاهرات المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة خارج مقر البرلمان مساء الأربعاء (أ.ف.ب)

ويشهد «حزب العمال»، المتوقع فوزه في الانتخابات العامة المزمع عقدها قبل نهاية العام، معركة داخلية بشأن سياسته تجاه حرب غزة. فقد بادر جزء من نوابه للدعوة إلى وقف لإطلاق النار قبل أشهر، فيما تتردد قيادة الحزب بزعامة ستارمر في الانضمام إلى هذه الدعوات، وتدرجّت خلال الأسابيع الماضية من الدعوة لهدنة إنسانية مؤقتة إلى وقف لإطلاق النار لدواع إنسانية.

دعوات للاستقالة

ولم يتأخر اعتذار ليندسي هويل، رئيس مجلس العموم. وقال الأربعاء إنه اتخذ قراره للسماح للمشرعين بالتصويت على عدد من الرؤى المختلفة، لأنه كان قلقاً إزاء أمنهم بعدما واجه بعضهم تهديدات بالعنف بسبب مواقفهم من الحرب. وقال هويل، الذي كان عضواً في حزب «العمال»، للبرلمان إن «الأمر مؤسف وأعتذر عن القرار». وأضاف «لم أرد أن ينتهي الأمر هكذا».

رئيس مجلس العموم ليندسي هويل خلال جلسة نقاش الخميس (أ.ف.ب)

ويبدو أن هذا الاعتذار لم يقنع النواب، إذ سحب 60 نائباً ثقتهم من ليندسي هويل، فيما دعاه آخرون إلى الاستقالة.

وندّد زعيم كتلة «الحزب الوطني الأسكوتلندي»، ستيفن فلين، بـ«الازدراء» الذي قال إن حزبه تعرض له، فيما تعالت الدعوات للاستقالة من جانب مجلس العموم أثناء خطاب هويل الذي يشغل منصب رئيس المجلس منذ نهاية عام 2019.

متظاهرون يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة خارج مقر البرلمان مساء الأربعاء (أ.ف.ب)

وارتفعت أصوات كثيرة بين النواب للتنديد بتحول هذه القضية إلى موضوع سجال في مجلس العموم، بدلاً من التركيز على الأزمة في الشرق الأوسط. في الآن نفسه، تظاهر آلاف المؤيدين للفلسطينيين قرب مقر البرلمان؛ للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.

وقال حسام زملط، السفير الفلسطيني لدى بريطانيا، لهيئة الإذاعة البريطانية إنه «أمر مخز، ومخز للغاية. اليوم شهدنا السياسة البريطانية في أسوأ حالاتها. يحاول السياسيون إنقاذ أنفسهم بدلاً من إنقاذ أمة بأكملها».


مقالات ذات صلة

سنوات المحافظين الـ14 الأخيرة غيّرت الكثير في بريطانيا

حصاد الأسبوع جيريمي كوربن (رويترز)

سنوات المحافظين الـ14 الأخيرة غيّرت الكثير في بريطانيا

> شهدت السنوات الـ14 الأخيرة تغيّرات مهمة على مشهد الساحة السياسية البريطانية أثّرت في كيميائها داخلياً وبدلت الكثير من الأولويات والمقاربات لمعظم القضايا .

أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ف.ب)

كير ستارمر يستقبل قادة أوروبا لبحث ملفي الأمن والهجرة

أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أنه يريد العمل على «تجديد روابط الثقة والصداقة» بين بريطانيا وبقية أوروبا.

«الشرق الأوسط» (وودستوك (المملكة المتحدة))
أوروبا الملك تشارلز الثالث لدى عرضه برنامج حكومة ستارمر في البرلمان (أ.ف.ب)

حكومة ستارمر تعرض 35 مشروع قانون في «خطاب الملك»

أعلن تشارلز الثالث، الأربعاء، أولويات الحكومة العمالية الجديدة في «خطاب الملك» التقليدي، بمناسبة انطلاق الدورة الجديدة للبرلمان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجال الحرس الملكي البريطاني الرّسمي يحملون الفوانيس ضمن تقليد قديم يقوم على تفتيش مقر البرلمان لحماية الملك (إ.ب.أ)

خطاب العرش... مراسم ملكية وتاج ماسي وحارس الصولجان الأسود

عادت المراسم بكل ثقلها التاريخي مرة أخرى مع افتتاح البرلمان وإلقاء كلمة الحكومة المنتخبة التي قرأها الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الملك تشارلز الثالث (أ.ف.ب)الملك تشارلز الثالث (أ.ف.ب)

الحكومة البريطانية تريد «إعادة تحديد» علاقاتها مع «الشركاء الأوروبيين»

تريد الحكومة البريطانية الجديدة «إعادة تحديد» العلاقات بين المملكة المتحدة و«شركائها الأوروبيين»، وفق ما أعلنت الأربعاء في خطاب العرش الذي ألقاه الملك

«الشرق الأوسط» (لندن)

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
TT

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)

تواصَل، السبت، الاضطراب في حركة القطارات السريعة الفرنسية غداة إعلان شركة السكك الحديدية عن تعرّضها «لهجوم ضخم» أتى قبل ساعات من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسجّلت حركة القطارات السريعة تحسناً، السبت، لكن الاضطرابات ما زالت قائمة.

وسيشهد الخطان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي تشغيل قطارين سريعين من ثلاثة، بينما سيشهد الخط الشمالي 80 في المائة من الحركة المعتادة للقطارات السريعة، وفق تقديرات شركة السكك الحديدية «إس إن سي إف».

وأوضحت أن الحركة عبر الخط الشرقي ستجري كالمعتاد، مرجحة أن تستمر الاضطرابات، الأحد، على الخط الشمالي، وأن يشهد الخط الأطلسي تحسّناً.

إلا أن شركة «إس إن سي إف» أكدت أن «كل عمليات النقل للفرق والمعتمدين» للمشاركة في أولمبياد باريس، مؤمّنة.

وتعرضت الشركة إلى «هجوم ضخم» ليل الخميس – الجمعة، ما تسبب باضطراب كبير في حركة القطارات أثّر على 800 ألف مسافر قبل حفل الافتتاح. وقالت، الجمعة، إن «العديد من الأعمال الخبيثة المتزامنة» أثرت على خطوطها الأطلسية والشمالية والشرقية.

وفتحت النيابة العامة في باريس تحقيقاً في الهجمات. وأفاد مصدر مقرب من التحقيق بأن العملية كانت «محضّرة بشكل جيد»، وتقف خلفها «الهيكلية ذاتها»، بينما أكد مصدر مقرّب من الملف أن أي طرف لم يعلن مسؤوليته.

وأوضحت الشركة، الجمعة، أن «حرائق متعمدة» أُضرمت في محطات الإشارات في كورتالين على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب غربي باريس، وفي كرواسي على بعد 200 كيلومتر شمال العاصمة، وبايني سور موزيل على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق، متحدثة عن «هجوم واسع النطاق».

على خط الجنوب الشرقي، تمكن عمال السكك الحديدية من «إحباط عمل خبيث» في أثناء قيامهم بعمليات صيانة ليلية في فيرجيني، على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب شرقي باريس. ورصد العمال أشخاصاً وأبلغوا قوات الدرك، ما دفعهم إلى الهروب، وفق جان بيار فاراندو، رئيس مجلس إدارة الشركة.

وأعلن فاراندو، الجمعة، أن «الهجوم الضخم» على شبكة القطارات السريعة يؤثر على 800 ألف راكب.

وأضاف: «من المتوقع أن يستمر الوضع طوال عطلة نهاية الأسبوع على الأقل في أثناء إجراء الإصلاحات»، موضحاً أن الحرائق استهدفت أنابيب «تمر عبرها العديد من الكابلات المستخدمة في محطات الإشارات» و«علينا إصلاح الكابل تلو الآخر».

وندد الوزير المنتدب للنقل باتريس فيرغريت بـ«عمل إجرامي مشين».

وقع الهجوم قبيل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث كان العديد من المسافرين يعتزمون التوجه إلى العاصمة، كما أنه سبق عطلة نهاية أسبوعٍ تشهد حركة واسعة في وسائل النقل في موسم العطل الصيفية.

ولجأ موظفو شركة السكك الحديدية إلى إجراءات استثنائية داخل محطات القطار لتسهيل الحركة، مثل السماح بصعود عدد من الركاب يفوق عدد المقاعد، أو عدم التأكد من حيازة كل منهم تذكرة.