هل يصبح الفضاء ساحة الحروب المستقبلية؟

قمر اصطناعي يدور حول الأرض (أرشيفية- رويترز)
قمر اصطناعي يدور حول الأرض (أرشيفية- رويترز)
TT

هل يصبح الفضاء ساحة الحروب المستقبلية؟

قمر اصطناعي يدور حول الأرض (أرشيفية- رويترز)
قمر اصطناعي يدور حول الأرض (أرشيفية- رويترز)

أدت التكهنات بأن روسيا ربما تعمل على تطوير سلاح نووي جديد مضاد للأقمار الاصطناعية إلى موجة من المناقشات حول احتمالية اشتعال الصراعات والحروب المستقبلية من الفضاء، وإمكانية رؤية منشآت عسكرية هناك.

وحسب صحيفة «سكاي نيوز» البريطانية، فإن الفضاء يستخدم بالفعل حالياً لأغراض عسكرية؛ حيث تُعد آلاف الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض ضرورية لاستهداف الصواريخ وحركة الطائرات المقاتلة ومراقبة الأسلحة النووية.

فهل يكون الفضاء ساحة الحروب المستقبلية؟ أم أن عيوبه كبيرة لدرجة تمنعه من ذلك؟

يقول توماس مور، الخبير في مجال الفضاء: «هناك أكثر من 8 آلاف قمر اصطناعي تدور حول الأرض، وهذا العدد في ازدياد مستمر». ويضيف: «هذه الأقمار الاصطناعية الموجودة في المدار تؤثر على حياتنا اليومية من كل الجوانب، فنحن نعتمد على تلك العين الموجودة في السماء في كل شيء، من الاتصالات إلى نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس). لذلك فإن هذه الأقمار تحظى باهتمام جميع القوى الكبرى».

لكن هذه الأقمار الاصطناعية لا تستخدم فقط للأغراض المدنية، كما يقول الدكتور بليدين بوين، خبير الفضاء الخارجي بجامعة ليستر.

ويرى بوين أن الفضاء قد تمت «عسكرته» منذ عقود. وأوضح قائلاً: «أول الأشياء التي تم إرسالها إلى الفضاء كانت عسكرية في تصميمها، وعسكرية بطبيعتها، واستخدمت لأغراض عسكرية».

ولفت إلى أن «الملامح الأساسية لعصر الفضاء (وهو الفترة الزمنية التي بدأت فيها الأنشطة المتعلقة باستكشاف الفضاء)، تتعلق بالأقمار الاصطناعية الموجودة هناك، وليس رواد الفضاء، ولا محطات الفضاء، ولا الوجود على القمر. إنها مجرد عروض جانبية. لذا فإن البيئة الفضائية لطالما كنا نستخدمها فعلياً لأغراض عسكرية».

وبالإضافة لموسكو، نجحت الولايات المتحدة والصين والهند في إسقاط أقمارها الاصطناعية ضمن تجارب أجريت للبحث في هذا الأمر، مما يثبت أن مثل هذا الشيء يمكن استخدامه في الحرب المستقبلية، إذا لزم الأمر.

ويقول الدكتور بوين إن عواقب تدمير قمر اصطناعي يمكن أن تكون ضخمة، مضيفاً: «ستترتب على ذلك سحابة من الحطام يمكنها بعد ذلك ضرب الأقمار الاصطناعية الأخرى، والمركبات الفضائية والأجسام الأخرى في المدار، دون سيطرة».

وتقول الدكتورة سارة جين فوكس، الخبيرة في الفضاء بجامعة ليستر، إنه من المفترض أن هذا الأمر محظور بموجب معاهدة الفضاء الخارجي التابعة للأمم المتحدة، والتي انضمت إليها الولايات المتحدة وروسيا.

ولفتت إلى أن بنود المعاهدة تشمل حظر الأسلحة النووية في الفضاء، وقصر استخدام الأقمار الاصطناعية وجميع الأجرام السماوية الأخرى على الأغراض السلمية.

ورداً على سؤال عما إذا كانت تتوقع استمرار هذه المعاهدة، قالت: «لقد تم عقدها منذ أن ذهبنا إلى الفضاء لأول مرة، أي منذ الخمسينات من القرن الماضي، إنها مهمة حقاً. لكن الحرب تتغير، وساحات الحرب تتغير أيضاً، لدينا الأرض والبحر والجو والفضاء الإلكتروني والفضاء الخارجي أيضاً. ولا شك أن المجالين الأخيرين سيشكلان تحدياً في هذا الشأن بالمستقبل».

ولكن ماذا لو كان هناك من يتجاهل معاهدة الأمم المتحدة؟ هل سيشكل نشر سلاح نووي في الفضاء فرقاً في الحرب المستقبلية؟

يقول الدكتور بوين: «لست بحاجة إلى وضع قنابل نووية في الفضاء لاستخدام الأسلحة النووية ضد الأقمار الاصطناعية هناك؛ لأن معظم الأسلحة النووية ترتكز على الأرض. فهي موجودة في صوامع الصواريخ، أو على الغواصات، أو على متن الطائرات».

ولفت إلى أن إطلاق قنبلة نووية في الفضاء من شأنه أن يحدث «فوضى عارمة».

وتابع: «الموجات الانفجارية والإشعاع الناتجان عن استخدام السلاح النووي سيحرقان كثيراً من الأقمار الاصطناعية، وربما يدمران شبكات الطاقة في أماكن على الأرض».

وكانت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية قد نقلت عن مصدر مطلع قوله، إن «العواقب المحتملة للتهديد الذي يشكله مثل هذا السلاح للأمن الدولي خطيرة جداً».

وأضاف المصدر أن هذا السلاح يمكن أن يدمر الأقمار الاصطناعية التي تعد حيوية لأمن كل الدول ومصالحها الاقتصادية والعلمية، ويعوق مهماتها.

وقالت مصادر لمجلة «بوليتيكو» الأميركية، إن خطورة هذا السلاح تكمن في أن «الدول لن تتمكن من التصدي له بسهولة وبشكل مناسب».


مقالات ذات صلة

هلاك محقق للبشرية... كوكب صخري يرسم صورة للمستقبل البعيد للحياة على الأرض

علوم «القزم الأبيض»... أول كوكب صخري يجري رصده وهو يدور حول نجم يشرف على نهايته (رويترز)

هلاك محقق للبشرية... كوكب صخري يرسم صورة للمستقبل البعيد للحياة على الأرض

يقدم أول كوكب صخري يجري رصده وهو يدور حول نجم يشرف على نهايته، ويسمى قزماً أبيض، لمحة عما قد يكون عليه كوكب الأرض بعد مليارات السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

أعلن فريق من العلماء الصينيين عن تحليل ودراسة عينات قمرية جُمعت بواسطة مهمة «تشانغ إيه - 6»، وهي أول عينات تُحلَّل من الجانب البعيد للقمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق سيبقى القمر الجديد في الفضاء من يوم 29 سبتمبر ولمدة شهرين تقريباً (إ.ب.أ)

علماء يتوقعون ظهور قمر ثانٍ حول الأرض خلال أيام

توقّعت مجموعة من العلماء ظهور قمر ثانٍ حول الأرض خلال أيام، مشيرة إلى أنه سيبقى لفترة وجيزة فقط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

يستكشف بحث أميركي جديد ما يعرفه الصينيون عن برنامج التجسس الأميركي

يوميات الشرق العلماء يقترحون أن قشرة الكوكب امتصت جزءاً كبيراً من الغلاف الجوي المفقود للمريخ (رويترز)

علماء يكشفون حقيقة ما حدث للغلاف الجوي المفقود للمريخ

عندما فقد المريخ غلافه الجوي قبل مليارات السنين، تحول من كوكب كان من الممكن أن يدعم الحياة إلى عالم صحراوي بارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القضاء الفرنسي ينظر في طلب جديد للإفراج عن اللبناني جورج عبدالله

جورج إبراهيم عبدالله (أرشيفية)
جورج إبراهيم عبدالله (أرشيفية)
TT

القضاء الفرنسي ينظر في طلب جديد للإفراج عن اللبناني جورج عبدالله

جورج إبراهيم عبدالله (أرشيفية)
جورج إبراهيم عبدالله (أرشيفية)

ينظر القضاء الفرنسي الاثنين في طلب جديد للإفراج المشروط عن اللبناني جورج إبراهيم عبدالله الذي يقبع في السجن منذ 40 عاماً بعد إدانته بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسي أميركي وآخر إسرائيلي، علما أنه قانونيا أهل للإفراج عنه منذ 25 عاما.

وقال محاميه جان-لوي شالانسيه الذي سيجلس إلى جانب موكله الاثنين في الجلسة لوكالة الصحافة الفرنسية: «جورج إبراهيم عبدالله هو أقدم سجين في العالم مرتبط بالصراع في الشرق الأوسط... حان الوقت لإطلاق سراحه»، مطالبا بالإفراج عنه وترحيله إلى لبنان، إذ يخشى عبدالله على سلامته إذا بقي في فرنسا.

ولن يُتَّخذ القرار قبل 15 يوما على الأقل، وفق تقديرات شالانسيه الذي أوضح أنه في حال رفض طلب إطلاق السراح المشروط، سيقدّم استئنافا.

يبلغ عبدالله من العمر 73 عاما، وكان في الثالثة والثلاثين عندما دخل مركزا للشرطة في مدينة ليون (وسط شرق) يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) 1984، طالبا الحماية ممن كان يعتقد أنهم عملاء لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) يلاحقونه.

في الواقع، كان يلاحقه عملاء فرنسيون لأنه كان يعيش في ذلك الوقت في شقة باسم شخص قبض عليه في إيطاليا وبحوزته ستة كيلوغرامات من المتفجرات، وفق ما روى لصحيفة «لوموند» لويس كابريولي، الرئيس السابق لمديرية المراقبة الإقليمية، وهو أحد أجهزة الاستخبارات الفرنسية.

المحامي جان-لوي شالانسيه (أرشيفية - أ. ف. ب)

ورغم أنه كان يحمل جواز سفر جزائريا، سرعان ما أدركت المديرية أن هذا الرجل الذي يجيد اللغة الفرنسية ليس سائحا، بل أحد مؤسسي «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية»، وهي مجموعة ماركسية موالية لسوريا ومعادية لإسرائيل أعلنت مسؤوليتها عن خمسة اعتداءات سقط في أربعة منها قتلى في 1981 و1982 في فرنسا.

وقد أوقف في ليون في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 1984 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بالتواطؤ في اغتيال الدبلوماسي الأميركي تشارلز راي والدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف في باريس عام 1982، ومحاولة اغتيال القنصل العام الأميركي روبرت أوم في ستراسبورغ في 1984.

وبعد أربعين عاما، ما زال عبدالله ينتظر قرار القضاة بشأن طلبه بالإفراج المشروط، وهو الحادي عشر بحسب محاميه، الذي قدمه قبل أكثر من عام.

كان من الممكن إطلاق سراحه منذ العام 1999، بموجب القانون الفرنسي، لكن طلبات الإفراج المشروط التي تقدَّم بها رُفضت.

ووافق القضاء في 2013 على طلب إفراج شرط أن يخضع لقرار طرد من وزارة الداخلية الفرنسية لم يصدر يوما.

في 2020، حاول مرة جديدة مع وزير الداخلية جيرالد دارمانان، لكن رسائله بقيت من دون ردّ.

ويرى محاميه ومناصروه أن للحكومة الأميركية يداً في رفض الإفراج عنه، ويذكّرون بأن واشنطن، وهي إحدى الجهات المدّعية في محاكمته عام 1987، عارضت بشكل منهجي طلباته بالإفراج عنه.

وقالت ريتا، وهي ناشطة لبنانية في الحملة المطالِبة بالإفراج عن عبدالله «هذا لا يعني أننا لن نخوض المعركة لأننا مقتنعون بأن العدالة ليست هي التي ترفض. اليوم، هو مخطوف من الدولة الفرنسية، لذلك سيتوجّب على الدولة الفرنسية إطلاق سراحه عندما يكون هناك ضغط سياسي كافٍ».

وفي مايو (أيار) 2023، كتب 28 نائبا فرنسيا من اليسار مقالا مؤيدا لطلب عبدالله. وبعد مرور عام، ما زال يتجمع متظاهرون أمام سجن لانميزان (جنوب غرب) حيث يقبع، للتعبير عن دعمهم.

وصرح شالانسيه «من الواضح أن هناك معارضة لإطلاق سراحه وإرادة بأن يموت في السجن، وهو أمر يتعارض مع كل الاتفاقات الأوروبية».