بعد لندن... زيلينسكي يوقّع اتفاقيات أمنية مع برلين وباريس

معركة أفدييفكا تمر بمرحلة «حرجة» وأكثر صعوبة من «باخموت»

المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد توقيع الاتفاق الأمني (أ.ف.ب)
المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد توقيع الاتفاق الأمني (أ.ف.ب)
TT

بعد لندن... زيلينسكي يوقّع اتفاقيات أمنية مع برلين وباريس

المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد توقيع الاتفاق الأمني (أ.ف.ب)
المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد توقيع الاتفاق الأمني (أ.ف.ب)

بعد أن وقع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع المستشار الألماني أولاف شولتس اتفاقية أمنية ثنائية بين بلديهما في برلين الجمعة، توجه بعدها إلى باريس لإبرام اتفاق مماثل مع فرنسا. وكانت بريطانيا أول دولة توقع اتفاقية أمنية مع أوكرانيا بمناسبة زيارة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لكييف في 12 يناير (كانون الثاني).

المستشار الألماني أولاف شولتس (يمين) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في برلين 16 فبراير 2024 (د.ب.أ)

وبدأ زيلينسكي، الجمعة، زيارة لألمانيا وفرنسا، بهدف حشد الدعم والحصول على مزيد من المساعدات العسكرية، إذ تشكل المحافظة على دعم الحلفاء أولوية لكييف في ظل الوضع «المعقد للغاية» على أرض المعركة، بحسب القائد الجديد لهيئة الأركان الأوكرانية، مع اقتراب الحرب مع روسيا من دخول عامها الثالث.

وقال شولتس، على منصة «إكس»، إن التوقيع على الاتفاقية يمثل «خطوة تاريخية»، مشيراً إلى أن ألمانيا «ستواصل دعم أوكرانيا ضد الحرب العدوانية الروسية». وتهدف الاتفاقية إلى تجاوز الفترة التي تنضم فيها أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، حيث لا توجد مؤشرات تلوح في الأفق حتى الآن حول انضمام الجمهورية السوفياتية السابقة إلى الحلف الأطلسي.

وقبل أيام قليلة من الذكرى الثانية للاجتياح الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022، تواجه أوكرانيا تحديات عدة مع استعادة القوات الروسية المبادرة الهجومية وعرقلة مساعدة أميركية جديدة في الكونغرس بينما يعاني الجيش الأوكراني من نقص في العديد والعتاد.

في شرق أوكرانيا، باتت مدينة أفدييفكا، مركز المعارك راهناً، مهددة بالسقوط مع تواصل الهجمات الروسية منذ أشهر. أعلنت أوكرانيا، الجمعة، أن قواتها تخوض «معارك ضارية» مع القوات الروسية داخل المدينة بشرق البلاد وتقيم مواقع جديدة حول هذا المركز الصناعي، بينما تكثّف موسكو هجماتها.

في هذا السياق، تحضّ كييف الاتحاد الأوروبي على زيادة إمداداته من القذائف المدفعية و«توقيع اتفاقات طويلة الأمد مع الشركات الأوكرانية» في مجال الدفاع.

ويتوجه الرئيس الأوكراني بعد برلين إلى باريس لتوقيع اتفاقات أمنية ثنائية مماثلة وإجراء مباحثات مع الرئيس إيمانويل ماكرون. وأفاد قصر الإليزيه بأن البحث سيتناول أيضاً الشراكة الثنائية والدعم العسكري الطويل الأمد لأوكرانيا، فضلاً عن «الدعم الاقتصادي والمساعدة المدنية لتعزيز صمود أوكرانيا».

وتنتظر كييف منذ أشهر إقرار مساعدة حاسمة بقيمة 60 مليار دولار قررتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لكن المعارضة الجمهورية تعرقلها بدفع من الرئيس السابق دونالد ترمب. وأُقرت حزمة المساعدات هذه قبل فترة قصيرة في مجلس الشيوخ، إلا أنها معطلة في مجلس النواب.

الرئيسان الفرنسي والأوكراني في لقاء سابق بقصر الإليزيه 14 مايو الماضي (أ.ب)

قال معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي، الجمعة، إنه سيتوجب على الاتحاد الأوروبي مضاعفة مساعداته العسكرية لأوكرانيا للتعويض عن فشل الولايات المتحدة في دعمها بسبب عرقلة حزمة جديدة من المساعدات في الكونغرس منذ أشهر.

وقال المعهد البحثي الذي يعمل على إحصاء المساعدات العسكرية والمالية والإنسانية الموعود بها والمسلّمة إلى أوكرانيا منذ بدء الحرب في فبراير 2022: «من غير المؤكد إلى حد كبير ما إذا كانت الولايات المتحدة سترسل مساعدات عسكرية إضافية في عام 2024» لأوكرانيا.

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

وقال كريستوف تريبيش الذي يرأس الفريق الذي يتتبع المساعدات لأوكرانيا في المعهد، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه «سيتوجب على أوروبا مضاعفة مساعداتها العسكرية الحالية في حال عدم إرسال الولايات المتحدة مساعدات إضافية». وأضاف أنه «تحدّ لكنه أيضاً في نهاية المطاف مسألة إرادة سياسية. دول الاتحاد الأوروبي هي من بين أغنى الدول في العالم وحتى الآن لم تنفق حتى 1 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي لعام 2021 لدعم أوكرانيا».

أعلنت وزارة المالية الأوكرانية، الخميس، على موقعها الإلكتروني، تعهد كوريا الجنوبية وهولندا والنرويج والسويد بتقديم حزمة مساعدات جديدة لبلادها بقيمة 5.5 مليار دولار. وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن إعلان الوزارة جاء عقب أول اجتماع للمانحين لأوكرانيا خلال العام الحالي، الذي شهد الترحيب بانضمام الدول الأربع إلى مؤتمرات المانحين الدوليين لأوكرانيا. وتضم قائمة المانحين الدائمين لأوكرانيا الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وكندا واليابان وإيطاليا.

وعلى الصعيد الميداني، أعلنت أوكرانيا، الجمعة، أن «معارك ضارية» تدور في مدينة أفدييفكا في شرق البلاد، مؤكدة إرسال تعزيزات مع تدهور الوضع بشكل كبير في مواجهة الهجمات الروسية المتزايدة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، خصوصاً في الأيام الأخيرة.

ويزداد وضع القوات الأوكرانية سوءاً، في المدينة الواقعة في إقليم دونباس، حتى إن القوات المنتشرة في أفدييفكا وصفت الوضع بأنه «جحيم» الخميس.

ولأفدييفكا قيمة رمزية مهمة، فقد سقطت لفترة وجيزة في عام 2014 في أيدي الانفصاليين المدعومين من موسكو، قبل أن تعود إلى سيطرة كييف، فضلاً عن قربها من مدينة دونيتسك معقل أنصار روسيا منذ 10 سنوات. تدمّر جزء كبير من المدينة، لكن نحو 900 مدني ما زالوا يقيمون فيها وفق السلطات المحلية. وتأمل موسكو أن تؤدي السيطرة عليها إلى تأمين دونيتسك من القصف الأوكراني المنتظم.

بعد فشل الهجوم المضاد الكبير الذي شنته أوكرانيا في الصيف، صار الروس المبادرين بالهجوم على الجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات في تجديد قواته ويفتقر إلى الذخائر.

وقد تضطر أوكرانيا إلى التخلي عن هذه المدينة التي صارت مدمرة إلى حد كبير، في مواجهة نقص متزايد في الموارد، وتعطل المساعدات العسكرية الأميركية، في حين عززت روسيا قواتها بالمزيد من العناصر والذخيرة وتأمل في السيطرة على أفدييفكا قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية للحرب.

وقالت كييف إن الجيش الروسي يكثف هجماته رغم خسائره البشرية الثقيلة منذ أكتوبر، وهو وضع يذكر بمعركة باخموت التي سيطرت عليها موسكو في مايو (أيار) 2023 بعد 10 أشهر من القتال الذي كلفها عشرات آلاف القتلى والجرحى.

وقال الجنرال المسؤول عن القوات الأوكرانية في شرق البلاد أولكسندر تارنافسكي عبر مواقع التواصل إن «معارك ضارية تدور في المدينة»، مضيفاً، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»: «فرقنا تستخدم كل قواها وكل الوسائل المتوافرة لاحتواء العدو».

أما المتحدث باسم اللواء الهجومي الثالث الذي يقاتل في المنطقة أولكسندر بورودين فقال، الجمعة، إن معركة أفدييفكا تمر بمرحلة «حرجة» وأكثر صعوبة من معركة باخموت. وتابع بورودين، في تصريح متلفز: «الوضع حرج. العدو يواصل ممارسة الضغط»، مضيفاً: «هناك (في باخموت)، كان الأمر صعباً، والآن أصبح الأمر صعباً للغاية» في مواجهة القوات الروسية الأفضل تسليحاً.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع القائد الجديد لقواته (أ.ب)

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد تعهد، الخميس، بذل «كل ما هو ممكن» لإنقاذ قواته على الجبهة الشرقية، ولا سيما في أفدييفكا، مركز القتال، بعدما وصف الجيش الأوكراني والإدارة الأميركية الوضع بأنه «حرج». وتعكف القوات الأوكرانية أيضاً على إنشاء مواقع دفاعية جديدة في المنطقة المحيطة بأفدييفكا، تحسباً لاحتمال الانسحاب من المدينة.

وقال تارنافسكي: «أُعدّت مواقع جديدة ونواصل إقامة تعزيزات قوية آخذين بالاعتبار كل السيناريوهات المحتملة». وأكد أن أولوية كييف هي حماية قواتها، موضحاً: «نثمّن كل شبر من أرض أوكرانيا، لكن القيمة الكبرى والأولوية الأولى بنظرنا هي الحفاظ على حياة كل جندي أوكراني». ويشدد الجيش الأوكراني على أنه لم يتخلَّ عن أفدييفكا، قائلاً إنه يعزز قواته «الصامدة» فيها، مضيفاً أن «المدافعين الأوكرانيين يواصلون صد العدو».

لكن البيت الأبيض أشار إلى أن «أفدييفكا تواجه خطر السقوط تحت السيطرة الروسية».


مقالات ذات صلة

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جندي أوكراني ينظر إلى مدفع «هاوتزر آرتشر» سويدي الصنع يستخدمه أعضاء أوكرانيون من اللواء 45 للمدفعية وهو يطلق النار باتجاه مواقع روسية في منطقة دونيتسك (أ.ف.ب)

الجيش الأوكراني: روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيرة على كييف

قال الجيش الأوكراني اليوم (الأحد) إن وحدات الدفاع الجوي دمرت أكثر من 10 طائرات مسيرة روسية كانت تستهدف العاصمة كييف في هجوم بطائرات مسيرة الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
TT

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم أمس (الجمعة)، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة في أعقاب الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو: «عندما يبدأ شخص ما في استخدام دول أخرى ليس فقط للإرهاب، ولكن أيضاً لاختبار صواريخهم الجديدة من خلال الإرهاب، فإن هذه بالتأكيد جريمة دولية».

وقال زيلينسكي إن سلوك روسيا «يسخر» من مواقف الصين ودول الجنوب العالمي الداعية إلى الاعتدال. داعياً مرة أخرى إلى رد فعل قوي من المجتمع الدولي.

كما وجه زيلينسكي نداء إلى مواطنيه والدبلوماسيين الأجانب العاملين في كييف. وقال إن أوكرانيا تعمل على تعزيز دفاعها الجوي. ومع ذلك، يجب أن يؤخذ كل إنذار بغارة جوية بشكل جدي، ويجب الاحتماء في حالة الخطر.

وفي الوقت نفسه، قال إنه لا ينبغي استخدام التهديد المحتمل من هجوم صاروخي روسي كذريعة للتوقف عن العمل، في إشارة إلى السفارات المغلقة جزئياً في البلاد.

وأضاف: «عندما تنطلق صفارة الإنذار، نذهب للاحتماء. وعندما لا تكون هناك صفارة إنذار، نعمل ونخدم»، مشيراً إلى أن بوتين سيواصل ترويع أوكرانيا «لقد بنى قوته الكاملة على هذا».