«الداخلية» الألمانية تسعى لتسهيل قوانين مراقبة تمويل الجماعات اليمينية المتطرفة

بعد الكشف عن اجتماع سري لمتشددين ناقش ترحيل ملايين المهاجرين

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)
TT

«الداخلية» الألمانية تسعى لتسهيل قوانين مراقبة تمويل الجماعات اليمينية المتطرفة

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)

رغم مرور أسابيع على الكشف عن اجتماع سري شارك فيه متطرفون في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ناقشوا فيه ترحيل ملايين المهاجرين ومن هم من أصول مهاجرة من بين حملة الجنسية الألمانية، ما زالت الأصداء الاجتماعية والسياسية للاجتماع تتوالى.

وبعد مظاهرات ضخمة خرجت في أنحاء تطالب بحظر حزب «البديل لألمانيا» الذي شارك نواب فيه بالاجتماع، أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر عن مساع لتخفيف إجراءات التدقيق في المصادر المالية للأحزاب والتجمعات المتطرفة.

استنفار أمني بوسط العاصمة برلين بعد ضبط خلية إرهابية (أرشيف - متداولة)

ويكرر سياسيون منذ الكشف عن الاجتماع، أن حظر الحزب مهمة صعبة وغير مؤكدة بسبب العراقيل القضائية أمام هكذا تحرك. ويشكو المحققون عادة من حجم العراقيل البيروقراطية والقضائية لدى مساعيهم للتحقيق في مصادر تمويل جماعات متطرفة، مثل تتبع التحويلات المالية وغيرها. وقالت فيزر إنها تعد لاقتراح قانون ستعرضه على الحكومة، يزيل هذه العقبات أمام المحققين ويمنحهم قدرات أسرع وأسهل لتتبع مصادر التمويل.

واشترط منظمو الاجتماع الذي انعقد في فندق في مدينة بوتسدام القريبة من برلين في نوفمبر الماضي، على المشاركين تقديم تبرع بقيمة 5 آلاف يورو على الأقل، بحسب ما كشف موقع «كوريكتيف» الاستقصائي، الذي أرسل صحافيين متخفين لتتبع الاجتماع وفضحه. وكان من بين المشاركين نواب ومسؤولون في حزب «البديل لألمانيا» الذي يجلس في صفوف المعارضة في البوندستاغ، إضافة إلى عضوين ينتميان للحزب «المسيحي الاجتماعي» الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، وهو الآن أيضا في المعارضة. ومن المشاركين كذلك رجال أعمال معروفون في ألمانيا، بينهم صاحب سلسلة مطاعم شهيرة.

أفراد من الشرطة الألمانية خارج مبنى سكني في برلين بعد عملية دهم استهدفت ناشطين من حركة «حماس» يوم 23 نوفمبر 2023 (رويترز)

وليس واضحا ما إذا كان الحزبان الآخران في الحكومة، حزبا الخضر والليبراليين، يؤيدان خطة وزيرة الداخلية التي تنتمي للحزب الاشتراكي، وهو الحزب نفسه الذي ينتمي إليه المستشار الألماني أولاف شولتز.

ولكن الأحزاب الثلاثة تؤيد خطوات لتشديد المراقبة على الأحزاب المتطرفة، وشارك سياسيون منها في المظاهرات الشعبية التي خرجت ضد التطرف اليميني منذ الكشف عن الاجتماع.

وطرح الحاضرون في ذاك الاجتماع «إعادة ترحيل» كل من هم ليسوا ألمانا أصليين، حتى المولودين في ألمانيا لعائلات استقرت في البلاد منذ عقود. وناقش المجتمعون كيفية تخطي «العقبات القانونية» لذلك، خاصة ما يتعلق بترحيل أشخاص يحملون الجنسية الألمانية.

وأثار الاجتماع صدمة واسعة في ألمانيا ودفع بعض السياسيين للتشبيه بينه وبين اجتماع عقده النازيون في المدينة نفسها ناقشوا وأقروا فيه ما بات يعرف بـ«الحل النهائي»، وهو ترحيل اليهود إلى معسكرات الموت وقتلهم. وأكثر ما يقلق السياسيين الألمان، استمرار ارتفاع شعبية «البديل لألمانيا»، التي لا يبدو أنها تأثرت بعد الكشف عن الاجتماع. ويحل «البديل لألمانيا» في الطليعة في استطلاعات الرأي في الولايات الألمانية الشرقية التي ستجري 3 منها انتخابات محلية قبل نهاية العام.

وتعد الولايات الشرقية التي كانت تحت الحكم السوفياتي لغاية الوحدة الألمانية عام 1990، معقل اليمين المتطرف. وقبل يومين كشف تحقيق استقصائي آخر لقناة «أر تي أل» الألمانية الخاصة، أن فرع الشباب في حزب «البديل لألمانيا» في ولاية ساكسونيا، ناقش كذلك أفكارا شبيهة بتلك التي طبقها هتلر ضد اليهود.

وشارك الصحافي المتخفي في اجتماع لمجموعة من أعضاء الحزب من الشباب، ناقشوا فيه تأسيس «معسكرات عمل» أو «غيتوهات» يتم نقل اليهود إليها وكل من هم من أصول مهاجرة على أن يتم التحكم بمداخل ومخارج هذه المعسكرات. وبحسب الصحافي المتخفي، ناقش أفراد الحزب «إطعام الأشخاص داخل الغيتوهات ولكن فقط بالشكل الضروري»، وأن الهدف «هو جعلهم يشعرون بعدم الارتياح لكي يقرروا في وقت ما العودة إلى موطن أجدادهم». وناقشوا كذلك «البحث عن أشخاص يراقبون يكونون مستعدين لاستخدام القوة وإطلاق النار على النساء والأطفال إذا استدعت الحاجة». وناقشوا كذلك رؤيتهم «للمجتمع الألماني الصحي» بأن يكون مؤلفا من «ألمان أنقياء تنجب فيه العائلات 4 أطفال على الأقل».


مقالات ذات صلة

المتمردون يوقعون عشرات القتلى والأسرى في صفوف الجيش المالي

أفريقيا آلية عسكرية محترقة قرب تينزاوتين شمال مالي (ناشطون متمردون)

المتمردون يوقعون عشرات القتلى والأسرى في صفوف الجيش المالي

أعلن ناشطون في تحالف للحركات المتمردة بشمال مالي أن المتمردين قضوا بالكامل على وحدة من الجيش المالي ترافقها مجموعة من مقاتلي «فاغنر»

الشيخ محمد (نواكشوط )
آسيا جندي من الجيش الباكستاني يقف للحراسة في إحدى المناطق خلال إحدى العمليات (الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني)

إسلام آباد: لماذا لا يعد شنّ عملية عسكرية ضد «طالبان الباكستانية» فكرة جيدة؟

يعتقد المخططون العسكريون الباكستانيون أن هذه هي اللحظة المناسبة لشنّ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حركة «طالبان» الباكستانية، بعد أن صعّدت الأخيرة من أنشطتها.

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا وزيرا الدفاع التركي والصومالي وقَّعا اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي في أنقرة فبراير الماضي (وزارة الدفاع التركية)

البرلمان التركي يوافق على إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين

وافق البرلمان التركي على مذكرة رئاسية بشأن نشر عناصر من القوات المسلحة في الصومال بما يشمل المياه الإقليمية للبلد الأفريقي لمدة عامين.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة )
أفريقيا مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

اندلعت، الخميس، معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد ينظمون مسيرة حاشدة احتفالاً بيوم الجمهورية التونسية إلى جانب احتجاج أنصار أحزاب المعارضة للمطالبة بالإفراج عن المعارضين السياسيين في البلاد (د.ب.أ)

تطورات جديدة في قضايا المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة» في تونس

أعلنت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات مكافحة الإرهاب ووحدات أمنية من النخبة في محافظات عدة ألقت مؤخراً القبض على عدد من المتهمين في قضايا إرهاب وتهريب بشر.

كمال بن يونس (تونس)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
TT

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض طرح دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي يهدف إلى الحد من التدهور المعرفي للمرضى؛ إذ اعتبرت أن هذا العقار المرتقب جداً غير آمن.

ورأت الوكالة الناظمة أن النتائج التي يحققها الدواء المطروح باسم «ليكيمبي» (Leqembi) والمُجاز له في الولايات المتحدة «غير متوازنة مع خطر الآثار الجانبية الخطيرة المرتبطة به»، وأبرزها «احتمال حصول نزف في أدمغة المرضى».

وتوقع الخبراء «خيبة أمل» لدى عدد كبير من المرضى من هذا الرأي الذي تأخذ به عادة المفوضية الأوروبية صاحبة القرار النهائي.

وأكدت شركة الصناعات الدوائية اليابانية «إيساي» (Eisai) التي ابتكرت «ليكيمبي» بالتعاون مع الأميركية «بايوجين» (Biogen) أنها ستتقدم بطلب لـ«إعادة النظر في رأي» وكالة الأدوية الأوروبية، معربةً عن «خيبة أمل شديدة».

ونقل بيان عن المديرة السريرية في «إيساي» لين كرايمر قولها إن «ثمة حاجة كبيرة لا تتم تلبيتها لخيارات علاجية جديدة ومبتكرة تستهدف السبب الكامن وراء تطور المرض».

ورخّصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في مايو (أيار) 2023 لعقار «ليكيمبي» الذي يشكل ليكانيماب (lecanemab) مكوّنة للمرضى الذين لم يصلوا إلى مرحلة متقدمة من المرض. وأشارت «إيساي» إلى أنه يباع أيضاً في اليابان والصين.

وفشل الباحثون طوال عقود في إحراز تقدّم فعلي في محاربة مرض ألزهايمر الذي يصيب عشرات الملايين من الناس في كل أنحاء العالم.

ويعاني نحو ثمانية ملايين شخص في الاتحاد الأوروبي شكلاً من أشكال الخرف، ويمثل مرض ألزهايمر أكثر من نصف هذه الحالات، وفقاً لموقع «ألزهايمر أوروبا». ولا يتوافر إلى اليوم أي دواء يحقق الشفاء.

أعراض جانبية مثيرة للجدل

ولم يتوصل الطب بعد إلى فهم وافٍ للسبب الدقيق لمرض ألزهايمر، إلّا أن مراقبة أدمغة المرضى تُظهر وجود لويحات أميلويد تتشكل حول الخلايا العصبية وتدمرها على المدى البعيد.

ويؤدي ذلك إلى فقدان الذاكرة الذي يُعدّ أبرز تجليات المرض. وفي المراحل الأخيرة منه، لا يعود المرضى قادرين على القيام بالمهام والأنشطة الحياتية اليومية أو على الانخراط في أحاديث.

ويتيح دواء «ليكيمبي» الذي يؤخَذ عن طريق الوريد مرة كل أسبوعين، تقليل عدد لويحات الأميلويد، وفق ما أظهرت التجارب السريرية. لكن الرأي السلبي لوكالة الأدوية الأوروبية لاحظ «بشكل خاص الظهور المتكرر في الصور الطبية لتشوهات مرتبطة بالأميلويد (...) من بينها تورم ونزف محتمل في أدمغة المرضى».

ورأت اختصاصية التنكس العصبي بجامعة أدنبره البروفيسورة تارا سبايرز جونز أن هذا الرأي الذي أصدرته وكالة الأدوية الأوروبية «سيكون مخيباً لآمال الكثيرين». لكنّها اعتبرت في بيان أن «ثمة أسباباً تدعو إلى الاستمرار في التفاؤل»؛ إذ أظهر ليكانيماب أنه «من الممكن إبطاء تطور المرض». وأضافت: «نحن الآن بحاجة إلى تكثيف جهودنا لاكتشاف أدوية جديدة وأكثر أماناً»، حسبما أفاد تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«فوارق ثقافية»

أما الأستاذ في مستشفى «يو سي إل» الجامعي في لندن بارت دي ستروبر، فرأى أن قرار وكالة الأدوية الأوروبية «مؤسف ولكنه ليس غير متوقع». واعتبر أن «هذه النتيجة تُظهر التباين الثقافي الكبير في الطريقة التي يُنظر بها إلى المخاطر والابتكار في مختلف المناطق»، ملاحظاً أن «أوروبا تميل إلى النظر لنصف الكوب الفارغ، في حين تنظر دول كالولايات المتحدة والصين واليابان إلى النصف الممتلئ».

وأعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الأخضر مطلع شهر يوليو (تموز) الفائت لطرح دواء جديد آخر لمرض ألزهايمر توصلت إليه شركة «إلاي ليلي» الأميركية يتوقع أن يبطئ تطور المرض.

وباتت القرارات المتعلقة بالأدوية ضد مرض ألزهايمر تخضع لمراقبة من كثب منذ الجدل في شأن «أدوهيلم» (Aduhelm) الذي جرت الموافقة عليه في يونيو (حزيران) 2021، وابتكرته أيضاً شركتا «إيساي» و«بايوجين» ويستهدف لويحات الأميلويد كذلك.

وكان «أدوهيلم» أول دواء معتمد في الولايات المتحدة ضد المرض منذ عام 2003. إلا أنّ هذا العلاج أحدث جدلاً كبيراً؛ إذ عارضت وكالة الأدوية الأميركية رأي لجنة خبراء اعتبروا أن العلاج لم يثبت فاعليته بشكل كافٍ خلال التجارب السريرية. وقيّدت الوكالة في وقت لاحق استخدامه، حاصرة إياه بالأشخاص الذين يعانون حالات خفيفة من المرض.

وأكّد تقرير للكونغرس الأميركي أخيراً أنّ سعر الدواء مرتفع (56 ألف دولار في السنة)، في حين أعلن نظام التأمين الصحي الفيدرالي «ميديكير» المخصص لكبار السن، أنه لن يغطي تكاليفه إلا إذا أُخذ في إطار تجارب سريرية.