في بريطانيا... هل أصبح اعتناق المسيحية لتفادي الترحيل ظاهرة متكررة؟

المطلوب عبد الشكور إيزيدي (أ.ب)
المطلوب عبد الشكور إيزيدي (أ.ب)
TT

في بريطانيا... هل أصبح اعتناق المسيحية لتفادي الترحيل ظاهرة متكررة؟

المطلوب عبد الشكور إيزيدي (أ.ب)
المطلوب عبد الشكور إيزيدي (أ.ب)

كشفت معلومات حديثة عن أن المشتبه به في تنفيذ هجوم بالحمض الكاوي (ألكالاي) في جنوب لندن مؤخراً، أُدين بارتكاب جريمة جنسية في عام 2018، وحصل لاحقاً على حق اللجوء رغم ذلك، وفقاً لتقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

وتبحث الشرطة عن عبد الشكور إيزيدي (35 عاماً) الذي شوهد آخر مرة في شمال لندن مساء يوم الأربعاء.

وأطلقت شرطة لندن أمس (الخميس) عملية بحث عن الرجل الذي رش امرأة وابنتيها بالحمض الكاوي في أحد شوارع جنوب العاصمة البريطانية، ما أدى أيضاً إلى إصابة عدد من المارة ومن عناصر الشرطة.

وأكد أحد مسؤولي الشرطة المحلية، في بيان، أن الأم وابنتيها كنّ لا يزلن في المستشفى صباح الخميس، وبينما حياتهنّ «ليست في خطر، فإن الإصابات التي لحقت بالمرأة وابنتها الصغرى ستغيّر حياتهما إلى الأبد».

وقال قائد الشرطة مارك رولي إن المرأة والمهاجم على معرفة ويبدو أن فرضية الهجوم الإرهابي مستبعدة.

ومن المثير للاستغراب، أن إيزيدي أُدين بتهمتي «الاعتداء والتعرض الجنسي» في عام 2018، قبل أن يتم منحه اللجوء في عام 2021 أو 2022.

وحُكم عليه بالسجن 9 أسابيع مع وقف التنفيذ لمدة عامين بتهمة الاعتداء الجنسي، وفي حالة التعرض، حُكم عليه بالسجن لمدة 36 أسبوعاً على التوالي، مع وقف التنفيذ أيضاً لمدة عامين.

وعلمت «بي بي سي» أن إيزيدي وصل إلى المملكة المتحدة على متن شاحنة في عام 2016، بعد أن سافر من أفغانستان.

وقد رُفض طلب اللجوء الذي قدمه مرتين، ولكن تم قبوله في المرة الثالثة عندما ادعى أنه اعتنق المسيحية، وبالتالي فإن إعادته إلى أفغانستان كانت تشكل خطراً.

صورة نشرتها الشرطة البريطانية لعبد الشكور إيزيدي التُقطت في شمال لندن (أ.ف.ب)

وقد أشار البعض في وزارة الداخلية إلى هذه القضية على أنها مثال على الإحباط الذي يشعرون به تجاه نظام محكمة اللجوء، حيث يتم منح الأشخاص حق اللجوء على الرغم من إدانتهم في المملكة المتحدة.

القواعد الحالية تعني أن أي شخص محكوم عليه بالسجن لأكثر من عامين غير مؤهل للحصول على اللجوء. وفي عام 2022، انخفض الرقم إلى عام واحد.

ومع ذلك، يشير أولئك الذين يعملون مع طالبي اللجوء إلى أنه من الممكن أن تظل معرضاً للخطر في بلدك الأصلي - وبالتالي تكون لاجئاً حقيقياً - حتى لو كانت لديك إدانة في المملكة المتحدة.

سيناريو يشابه قصة مُنفذ هجوم ليفربول

في حادثة أخرى مماثلة تعود لعام 2021، حاول طالب لجوء آخر تفادي الترحيل من بريطانيا عبر اعتناقه المسيحية أيضاً، في سيناريو يشبه فعلياً ما حصل مع إيزيدي، ويظهر الاتجاه المرتبط بتغيير الديانة وسيلة للبقاء في البلاد.

ولكن في قضية هذا الرجل، أي منفذ هجوم ليفربول، كانت للقصة نهاية مأساوية أخرى.

توصل تحقيق للشرطة البريطانية إلى أن الرجل الذي توفي عندما انفجرت قنبلته محلية الصنع خارج مستشفى في ليفربول عام 2021، كانت لديه شكوى ضد الدولة البريطانية بسبب رفض طلب اللجوء الذي قدمه، بحسب تقرير لـ«بي بي سي».

انفجر جهاز عماد السويلمين في سيارة أجرة خارج مستشفى ليفربول للنساء في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، وقُتل الرجل البالغ من العمر 32 عاماً، لكن السائق ديفيد بيري نجا من الانفجار.

وقالت شرطة مكافحة الإرهاب في الشمال الغربي إن شكواه من عدم قبول طلب اللجوء، «مقترنة باعتلال الصحة العقلية»، عُدت من الأمور التي أدت إلى الهجوم.

عماد السويلمين قُتل في الانفجار بليفربول (بي بي سي)

وقال المحقق آندي ميكس إنه يعتقد أن السويلمين كان ينوي الذهاب إلى المستشفى وتفجير عبوته، لكن من المحتمل أنها انفجرت في وقت أبكر مما كان مخططاً له.

وأفاد المحقق ميكس بأن السويلمين، الذي ولد في العراق، بذل جهوداً كبيرة للبقاء في البلاد، بما في ذلك أيضاً اعتناق المسيحية، على الرغم من أن الأمر كان موضع شك.

وكشف حكم اللجوء السري السابق لعام 2015 أيضاً عن أن ادعاءه بأنه لاجئ سوري كان يفتقر إلى الحقائق الأساسية.

وقالت الشرطة إن السويلمين جاء إلى المملكة المتحدة في عام 2014، بعد أن تقدم بطلب للحصول على تأشيرة مدعياً أنه يريد السفر لقضاء عطلة ومشاهدة تصوير برنامج Britain's Got Talent في بلفاست.

وادعى كذباً أنه مواطن سوري عندما أجرى معه مسؤولو وزارة الداخلية مقابلة لاحقاً، وتم رفض طلب اللجوء الذي قدمه.

وأشار المحقق ميكس إلى إن السويلمين بدأ التحول إلى المسيحية في عام 2015، عندما استنفدت حقوقه في استئناف اللجوء، وتم تعميده في كاتدرائية ليفربول في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام.

أرسل رسائل دعم من أعضاء مجتمع الكنيسة إلى وزارة الداخلية لدعم طلب اللجوء الخاص به في عام 2017.

في يناير (كانون الثاني) 2020، تم رفض طلب لجوء آخر على أساس أنه لم يقبل الإيمان المسيحي.

وقال ميكس إن تدهور الصحة العقلية للسويلمين تزامن مع التطورات في قضية اللجوء الخاصة به. وأوضح أنه اعتقل بموجب قانون الصحة العقلية في عام 2015 ثم أُخلي سبيله فيما بعد. وأدت تخبطاته ومحاولاته للبقاء في البلاد بكل الوسائل، منها تغيير ديانته، على ما يبدو إلى لجوئه للعنف، وتنفيذ جريمته.


مقالات ذات صلة

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

حذّر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان إيفو فرايسن، اليوم (الجمعة)، من أن الأسابيع الماضية هي «الأكثر دموية وفداحة منذ عقود» على لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم إلى سوريا سيراً على الأقدام عبر حفرة ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية تهدف إلى قطع الطريق السريع بين بيروت ودمشق عند معبر المصنع في شرق البقاع بلبنان في 5 أكتوبر 2024 (أ.ب)

عبور 385 ألف سوري و225 ألف لبناني من لبنان إلى سوريا منذ 23 سبتمبر

أظهر تقرير للحكومة اللبنانية تسجيل عبور أكثر من 385 ألف سوري و225 ألف لبناني إلى الأراضي السورية منذ 23 سبتمبر (أيلول) وحتى الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.