«الأوروبي» يعطي أوكرانيا «خشبة الخلاص» بعد تراجع أوربان

اقتصرت أعماله على بند رئيسي يتضمن حزمة مساعدات إلى كييف بمقدار 50 مليار يورو

TT

«الأوروبي» يعطي أوكرانيا «خشبة الخلاص» بعد تراجع أوربان

زيلينسكي يخاطب المجلس الأوروبي في بروكسل الخميس (إ.ب.أ)
زيلينسكي يخاطب المجلس الأوروبي في بروكسل الخميس (إ.ب.أ)

«بموافقة أوربان أو دونها». تحت هذا العنوان انطلقت صباح اليوم أعمال المجلس الأوروبي الاستثنائي الذي اقتصر جدول أعماله على بند واحد رئيسي يتضمن حزمة مساعدات مالية وعسكرية إلى أوكرانيا بمقدار 50 مليار يورو ضمن مراجعة أوسع لموازنة الاتحاد في الأمد الطويل.

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بعد الاجتماع في بروكسل (أ.ف.ب)

وكان رئيس المجلس شارل ميشال قد توصّل بعد اتصالات مكثفة، استمرّت حتى ساعة متأخرة من ليل الأربعاء، مع بعض العواصم الأوروبية إلى توافق بين الدول الأعضاء على تفعيل جميع الآليات القانونية المتاحة لمدّ أوكرانيا بالمعونة التي قال مسـؤول أوروبي رفيع إنها «باتت بأمسّ الحاجة إليها بعد التطورات الميدانية الأخيرة، والجمود الذي يسيطر على القرار الأميركي بسبب الظروف السياسية الداخلية».

وأضاف المسؤول أن التقارير الأخيرة حول الوضع في أوكرانيا تثير قلقاً عميقاً في الأوساط الأوروبية بعد التقدم الذي أحرزته القوات الروسية على عدة جبهات، والمشكلات التي يعاني منها الجيش الأوكراني بسبب قلة الذخائر، فضلاً عن الصعاب الاقتصادية التي تواجه حكومة كييف، ما يجعل من حزمة المساعدات الأوروبية خشبة الخلاص التي تحتاج إليها أوكرانيا في الوقت الراهن لمنع روسيا من تحقيق النصر الذي وصفه بأنه سيكون «كارثة على جميع البلدان الأعضاء في الاتحاد».

رئيس الوزراء المجري مع نظيره السلوفاكي (إ.ب.أ)

وأمام إصرار المجر على رفض قرار المساعدة إلى أوكرانيا بممارستها حق النقض في القمة، لجأ الاتحاد الأوروبي إلى تفعيل خطة طارئة ومؤقتة لتقديم هذه المساعدة، في الوقت الذي استمرّت فيه المحاولات على محاور عدة لإقناع رئيس الوزراء المجري بتعديل موقفه مقابل بعض التنازلات.

وتتضمن هذه الخطة الطارئة منح أوكرانيا قروضاً من الموازنة العادية للاتحاد بدعم من مساهمات ثنائية تقدمها الدول الأعضاء لمد حكومة كييف بالسيولة التي تحتاج إليها. ورغم التعقيدات القانونية والإدارية التي ترافق هذه الخطة، فإنها لا تقتضي موافقة الدول بالإجماع، وتسمح بتذليل عقبة «الفيتو» المجري.

وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت على أوربان، مقابل رفعه الفيتو، أن يعقد المجلس الأوروبي كل سنة قمة استثنائية مخصصة لمناقشة سير تنفيذ آلية المساعدة إلى أوكرانيا وتعديلها عند الاقتضاء. وكان هذا الاقتراح من الشروط التي وضعها أوربان، والتي يعتقد القادة الأوروبيون بأنه قد يقبل بتسويقها على الصعيد الداخلي في حملته ضد أوكرانيا والمؤسسات الأوروبية على أنها تشكل تنازلاً أمام ضغوطه أو انتصاراً له على المسرح الأوروبي.

منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (إ.ب.أ)

لكن بعد ساعات قليلة من بداية القمة التي سبقها اجتماع مصغّر ضمّ أوربان إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولس ورئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، سحب رئيس الوزراء المجري اعتراضه على قرار المساعدة إلى أوكرانيا مقابل الاتفاق على المراجعة السنوية في المجلس لآلية تنفيذها.

وفي حديث إلى «الشرق الأوسط»، قال مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع إن أوربان بات يعاني من عزلة كبيرة بين شركائه في الاتحاد «الذين بدأ بعضهم ينفد صبره من عنتريات رئيس الوزراء المجري، وبخاصة رؤساء البلدان التي تعتبر الدعم الأوروبي إلى أوكرانيا مسألة وجودية». وأضاف المصدر أنه أياً كان مآل قرار القمة من موضوع المساعدات إلى أوكرانيا، فلا شك في أن موسكو قد حققت انتصاراً بهذه التفرقة بين الدول الأعضاء حول موضوع جوهري، رغم أن أوربان يجابه وحده بقية الشركاء.

وتجدر الإشارة إلى أن عزلة أوربان في الاتحاد الأوروبي تفاقمت بعد أن خسر حلفاؤه من اليمين المتطرف في بولندا وسلوفاكيا، فيما بدأت بعض الدول الأعضاء تطالب بتفعيل المادة السابعة من المعاهدة التأسيسية التي من شأنها أن تحرم المجر من ممارسة حق النقض في اجتماعات المجلس على مستوى القمة، لكن مثل هذا القرار يحتاج إلى أغلبية كبيرة ليس مؤكداً أنها متوفرة في الوقت الحاضر.

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال «ان هذه الحزمة من المساعدات تضمن تمويلاً ثابتاً لأوكرانيا على المدى الطويل»، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي يتولّى دوراً قيادياً في دعمه لأوكرانيا؛ «لأنه عرف جيداً ما هو الرهان الذي نحن أمامه».

مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وإلى جانبه وزيرة الدفاع البلجيكية في بروكسل الأربعاء (إ.ب.أ)

وسارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الإعراب عن امتنانه وارتياحه لهذا الاتفاق الذي وصفه بأنه «قرار مهم للغاية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي لأوكرانيا على الأمد الطويل»، وقال بأنه لا يقلّ أهمية عن الدعم العسكري والعقوبات المفروضة على روسيا.

ومن جانبه، لخّص رئيس الوزراء البولندي، والرئيس السابق للمجلس الأوروبي دونالد تاسك الأجواء التي مهدت لهذا الاتفاق بقوله: «الاتحاد الأوروبي لا يعاني التعب من أوكرانيا، بل التعب من فكتور أوربان». وكانت رئيسة وزراء ليتونيا أفيكا سيلينا قد صرّحت لدى وصولها إلى القمة بقولها: «إن روسيا تشكّل أكبر تهديد للأمن الأوروبي، والامتناع عن دعم أوكرانيا سيكون له تكلفة باهظة علينا جميعاً»


مقالات ذات صلة

تصاعد الهجمات الإلكترونية على كوريا الجنوبية من مجموعات موالية لروسيا

آسيا استهدفت الهجمات الأخيرة بعض المواقع الحكومية والخاصة (رويترز)

تصاعد الهجمات الإلكترونية على كوريا الجنوبية من مجموعات موالية لروسيا

أعلن المكتب الرئاسي في سيول أن الهجمات الإلكترونية التي تشنها مجموعات قرصنة موالية لروسيا ضد كوريا الجنوبية ازدادت في أعقاب إرسال كوريا الشمالية قوات إلى روسيا.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا عناصر من قوات الشرطة الروسية بالقرب من مركز الاعتقال الذي شهد حادث احتجاز رهينتين في روستوف أون دون 16 يونيو (حزيران) 2024 (أ.ب)

السجن مدى الحياة لجنديين روسيين قتلا عائلة أوكرانية

قضت محكمة روسية بسجن جنديين مدى الحياة بعد إدانتهما بتهمة قتل عائلة مكونة من تسعة أشخاص في منزلها في إحدى المناطق المحتلة من أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جنود أوكرانيون يطلقون قذيفة مدفعية باتجاه القوات الروسية على الجبهة قرب دونيتسك (رويترز)

«البنتاغون» يجيز إرسال متعاقدين لأوكرانيا لإصلاح أسلحة أميركية

قررت إدارة الرئيس جو بايدن السماح لمتعاقدين دفاعيين أميركيين بالعمل في أوكرانيا لصيانة وإصلاح الأسلحة المقدمة لها من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يراجع إحدى الخطط القتالية خلال زيارته لأحد معسكرات الجيش (وكالة أنباء كوريا الشمالية)

«الناتو» يدين التدخل الكوري الشمالي في أوكرانيا

أدان حلف شمال الأطلسي (ناتو) وشركاؤه في آسيا (كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا ونيوزيلندا) «بشدة» تدخُّل كوريا الشمالية إلى جانب روسيا في حربها.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان (أ.ب)

أوكرانيا تتصدر جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي في بودابست

بودابست تستضيف قمة أوروبية، وترى في انتخاب دونالد ترمب رئيساً خسارة أوكرانيا للحرب ضد روسيا، ونهاية الدعم العسكري والمالي الأميركي.

«الشرق الأوسط» (بودابست) «الشرق الأوسط» (موسكو)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)
TT

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

منع طلاب يهود، اليوم (الجمعة)، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وانتخب البرلمان النائب عن حزب الحرية، فالتر روزنكرانتس، رئيساً بعد أن تصدر حزبه اليميني المتطرف الانتخابات العامة في سبتمبر (أيلول) لأول مرة في تاريخه. ويواجه روزنكرانتس انتقادات واسعة، كونه كان ينتمي إلى نادٍ طلابي يميني متطرف معروف بقوميته الألمانية. وأعلنت المنظمة اليهودية الرئيسية في البلاد امتناعها عن المشاركة في أي مناسبات بحضوره.

وبينما أحيت النمسا، الجمعة، الذكرى الـ86 لمجزرة كريستال ناخت، أو ليلة الزجاج المكسور ضد اليهود، منع كثير من المتظاهرين اليهود روزنكرانتس من وضع إكليل على النصب التذكاري الرئيسي للمحرقة اليهودية في فيينا. وحمل الطلاب لافتة تحمل شعار اتحاد الطلاب اليهود النمسويين، كُتب عليها: «كلام كل من يكرم النازيين لا قيمة له»، متوجهين لروزنكرانتس بالقول إنهم لا يريدون إحياء ذكرى المجزرة معه.

ووفقاً لمقطع فيديو بثّته هيئة الإذاعة العامة (أو آر إف)، قال أحدهم: «لا نريدك أن تبصق في وجوهنا ووجوه أسلافنا».

وبعد أن رفضوا السماح له بالمرور، غادر روزنكرانتس الذي بدا عليه الانزعاج بشكل واضح. ولم تتم دعوته إلى حفل التأبين الرسمي الذي أقامته المنظمة اليهودية الرئيسية في النمسا، وقال رئيسها: «من المستحيل تذكر الضحايا مع مثل هذا الشخص».

وبعد انتخابه رئيساً للبرلمان، تعهد روزنكرانتس مواصلة نضال البلاد ضد معاداة السامية، ورفض اتهامه بأنه يشكل تهديداً للمجتمع اليهودي، ووصف ذلك بأنه «كذبة». وواجه حزب الحرية النمسوي، الذي أسّسه نازيون سابقون، اتهامات متكررة بمعاداة السامية، وهو ما ينفيه الحزب.