تصاعد أزمة المزارعين في فرنسا وفرض الحصار على باريس

اجتماع طارئ في قصر الإليزيه ووزارة الداخلية تنشر 15 ألف رجل أمن ومدرعات

«ماكرون - أوروبا تقتلنا» رسالة من المزارعين إلى الرئيس الفرنسي لمطالبته بالاستجابة لأحد أهم شعارات الحراك (أ.ف.ب)
«ماكرون - أوروبا تقتلنا» رسالة من المزارعين إلى الرئيس الفرنسي لمطالبته بالاستجابة لأحد أهم شعارات الحراك (أ.ف.ب)
TT

تصاعد أزمة المزارعين في فرنسا وفرض الحصار على باريس

«ماكرون - أوروبا تقتلنا» رسالة من المزارعين إلى الرئيس الفرنسي لمطالبته بالاستجابة لأحد أهم شعارات الحراك (أ.ف.ب)
«ماكرون - أوروبا تقتلنا» رسالة من المزارعين إلى الرئيس الفرنسي لمطالبته بالاستجابة لأحد أهم شعارات الحراك (أ.ف.ب)

نفّذ المزارعون الفرنسيون تهديداتهم بفرض حصار على العاصمة، باريس، بوصفه وسيلة ضغط على الحكومة من أجل الاستجابة لمطالبهم التي رفعوها بمذكرة الأسبوع الماضي، وتتضمن 122 مطلباً.

ومنذ الثانية بعد ظهر الاثنين، بتوقيت فرنسا، بدأت جرارات المزارعين بالتدفق على الطرق السريعة الرئيسية التي تربط العاصمة بالمناطق وسط تحوطات أمرت بها وزارة الداخلية التي رسمت «خطوطاً حمراء» لا يتعين على المزارعين تجاوزها. وبحدود الساعة الرابعة، كانت 8 طرق سريعة تربط العاصمة بالمناطق في مختلف الاتجاهات قد أُغْلِقت بوجه السير، عن طريق وضع الجرارات الزراعية في وسطها، حيث توقفت حركة السير فيها غالباً بالاتجاهين، وأحياناً فقط باتجاه باريس. وأفادت مديرية الدرك بأن 16 طريقاً سريعة تعاني من الإغلاق، وأن المزارعين يعملون على فرض الحصار، إضافة إلى باريس، على مدن رئيسية عدة في كل المناطق الفرنسية.

جرارات زراعية تسد طريقاً سريعة الاثنين (أ.ف.ب)

وبينما عبأت وزارة الداخلية 15 ألف عنصر أمني، غالبيتهم من الدرك، للسيطرة على الوضع، ومنع التجاوزات، أفاد الوزير جيرالد درامانان، عقب اجتماع أمني، الأحد، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون أعطى «تعليمات» من أجل «ضمان عدم توجه الجرارات إلى باريس والمدن الكبرى حتى لا تتسبب في صعوبات كبيرة للغاية»، ولضمان عمل سوق «رونجيس»، أكبر سوق للمنتجات الطازجة في البلاد، التي توفر الغذاء الطازج من خضار وفواكه وأسماك ولحوم لعشرة ملايين نسمة. وحذر دارمانان الهيئات النقابية من محاولة الولوج إلى داخل العاصمة أو إلى عواصم الأقاليم، أو منع التنقل من وإلى الأماكن الاستراتيجية الحساسة، التي أشار إليها ماكرون. وسارعت قوى الأمن لنشر مدرعاتها قريباً من «رينجيس» وعلى مداخله، وسيّرت دوريات لمساءلة سائقي السيارات والشاحنات المقتربة من المكان، ولمنع اقتراب الجرارات الزراعية منها، إلا أن الوزارة المعنية كررت توصياتها بإظهار «الاعتدال» و«الليونة» في التعامل مع المزارعين والامتناع عن الاحتكاك بهم، واللجوء إلى القوة إلا في حال تجاوز «الخطوط الحمراء» الموضوعة.

تأتي هذه التطورات بعد أن فشلت محاولة غبريال أتال، رئيس الحكومة، ليل الجمعة الماضي، في دفع النقابات إلى التراجع عن حراكها، بفضل التدابير التي أعلن عنها والتي تستجيب بنظره لمطالبهم. وأبرز ما نصت عليه التراجع عن الرسوم الإضافية المفروضة على سائل الديزل الخاص بالزراعة، وتقديم الدولة مبلغ 215 مليون يورو لتخفيف عبء المحروقات عن المزارعين بالتوازي، مع مساعدات طارئة من 50 مليون يورو لمربي الأبقار والمبلغ نفسه للمتضررين من العواصف غرب البلاد. كما وعد أتال بتيسير الإجراءات الإدارية سريعاً، معلناً العمل بـ«عشرة تدابير تبسيطية فورية». وأشار خصوصاً إلى «تنظيف مجاري المياه الزراعية» و«مهل الاستئناف ضد المشاريع الزراعية». وبالتوازي سيعلن وزير الزراعة مارك فيسنو خلال الأسبوع الحالي عن تدابير خاصة لقطاع الكرمة.

وعلى المستوى الخارجي، أكد أتال أن باريس «تعارض التوقيع» على الاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي ودول أميركا اللاتينية الأعضاء في منظمة «ميركوسور» «البرازيل، والأرجنتين، وباراغوي وأورغواي» بحجة وجود منافسة «غير شريفة» بين مزارعي هذه الدول والمزارعين الفرنسيين، حيث إن الدول المذكورة لا تُخضع مزارعيها للقيود والمعايير نفسها التي يخضع لها المزارعون الفرنسيون، لجهة استخدام المبيدات أو القواعد البيئية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي. وحث رئيس الحكومة على التطبيق السليم للقوانين الفرنسية التي تهدف إلى حماية دخل المزارعين، في سياق المفاوضات مع المصنعين والمتاجر الكبرى، وقال إن الحكومة ستفرض «في الأيام المقبلة عقوبات صارمة» على 3 شركات لا تحترم هذه القوانين، ووعد أيضاً بتعزيز المراقبة عليها. وأكد المزارعون أنهم «ماضون في حراكهم إلى أجل غير مسمى» و«حتى تحقيق مطالبهم». وتوافرت معلومات تفيد بأن حصار العاصمة سيبقى على الأقل 5 أيام.

رئيس الحكومة غبريال أتال في لقاء مع المزارعين داخل مزرعة الجمعة الماضي لدى الكشف عن التدابير الجديدة للاستجابة لمطالبهم (أ.ف.ب)

الواضح أن حكومة أتال، التي تشكلت قبل 20 يوماً تواجه أكبر أزمة اقتصادية ــ سياسية. ويرى المراقبون والمحللون السياسيون أنه إذا فشل رئيس الحكومة الشاب في التعامل مع حراك المزارعين، فإنه سيفقد الكثير سياسياً وشعبياً. ولأن الوضع على هذه الحال، فقد عُقد اجتماع بعد ظهر الاثنين بدعوة من الرئيس ماكرون، وحضور أتال ووزراء الداخلية والزراعة والاقتصاد والبيئة لدراسة الموقف، علماً أن الرئيس ماكرون سيتغيب عن البلاد يومين بسبب قيامه بزيارة دولة إلى السويد، وبعد ذلك سيشارك في بروكسل في اجتماع المجلس الأوروبي الاستثنائي.

وواصل رئيس الحكومة محادثاته مع النقابات، وأبرزها الفيدرالية الوطنية لنقابات المزارعين، ووعد بالإعلان عن تدابير إضافية سريعاً جداً تكمل ما سبق أن أعلنه. وأكد وزير الزراعة مارك فيسنو أن الرئيس الفرنسي سيطرح الملف الزراعي في اجتماع بروكسل.

وتجدر الإشارة إلى وجود حراك متوازٍ للمزارعين في دول أوروبية عدة منها بلجيكا وألمانيا وبولندا.

الجرارات الزراعية سلاح لإغلاق الطريق السريعة الموصلة إلى باريس من الشمال في إطار حراك المزارعين الاثنين (أ.ب)

تبين العودة للعهود الماضية أن حراك المزارعين كان يشكل دوماً بعبعاً للحكومات القائمة. وتبين الإحصاءات المتوافرة أن عدد المزارعين يتناقص من عام إلى عام، حيث لم يتخط راهناً 400 ألف مزارع من كل القطاعات الزراعية، بما فيها تربية الحيوانات. وسبب الانخفاض أنه مقابل خروج 3 مزارعين من المهنة بسبب التقاعد، فإن مزارعاً واحداً يدخل إليها. إلا أن قوة المزارعين ليست في عددهم، أو في ما يمثلونه من قوة انتخابية مؤثرة، بل في كونهم فاعلين في قطاع استراتيجي ــ حيوي بالنسبة لفرنسا، كما بالنسبة للبلدان الأخرى. وأكثر من مرة شدد ماكرون على ضرورة توفير «الأمن الغذائي» و«السيادة الغذائية» للبلاد. وقد سعت كل العهود لتجنب المواجهة معهم. وبينت استطلاعات الرأي التي أجريت منذ بدء الحراك قبل أقل من أسبوعين أن الرأي العام الفرنسي يقف إلى جانبهم بأكثرية كبرى.

ثمة عملية «عض أصابع» بين الحكومة والنقابات. ونبه أرنو روسو، الذي يدير نقابة المزارعين الرئيسية، إلى أن الأسبوع الحالي «يزخر بالمخاطر إما لأن الحكومة لا تصغي لمطالبنا، أو لأن الغضب سيصل إلى مستوى يدفع إلى تحمُّل مسؤولياتهم» بمعنى التحرك الجذري، إلا أنه في الوقت عينه حث المزارعين على «الالتزام بالهدوء والتحلي بالعزيمة».

كيف ستنتهي هذه المبارزة؟ الأمور ليست واضحة اليوم، والثابت أن الحكومة تريد قلب هذه الصفحة في أسرع وقت ممكن. وتجدر الإشارة إلى أن رئيسها، غابريال أتال، سيدلي، مساء الثلاثاء، بالبيان العام للحكومة الذي سيضمنه خطوط سياسته التي سيكون على رأسها، بسبب الأوضاع الجارية، السياسة الغذائية والتعامل مع القطاع الزراعي. ولا شك أنه يأمل في أن ينزع فتيل التفجير من خلال إرضاء النقابات، والاستجابة لمطالبهم التي تتناول بالدرجة الأولى عائداتهم من المهنة، والمعايير المفروضة عليهم والقوانين الأوروبية، والمنافسة التي يعانون منها. والغريب أن أسعار المواد الغذائية الطازجة لم تعرف أبداً المستوى الحالي من الارتفاع؛ ما يعني أن النسبة الكبرى من الأرباح تذهب إلى الوسطاء سواء أكانوا تجاراً أو عاملين في قطاع الصناعات الغذائية.



«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
TT

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن شركتي «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف المحمولة، وأوصت بإحالتهما إلى تحقيقٍ بموجب القواعد الرقمية الجديدة في المملكة المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

ووجهت هيئة المنافسة والأسواق انتقادات لشركة «أبل»، قائلة إن تكتيكات الشركة المصنعة لهاتف آيفون تعيق الابتكار عن طريق منع المنافسين من منح المستخدمين ميزات جديدة مثل تحميل صفحات الإنترنت بشكل أسرع.

وأفاد تقرير الهيئة بأن شركة «أبل» تفعل ذلك من خلال تقييد تطبيقات الويب المتطورة، والتي لا يتطلب الأمر تنزيلها من تطبيق لمتجر التطبيقات، ولا تخضع لعمولات تطبيق متجر التطبيقات.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية إن «هذه التطبيقات غير قادرة على الانطلاق بشكل كامل على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (آي أو إس) الذي طورته شركة (أبل)»، وجاء ذلك في تقرير مؤقت للهيئة عن تحقيقها بشأن برامج تصفح الهواتف المحمولة، والذي شرعت فيه بعد أن خلصت دراسة أولية إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» لديهما سيطرة فعالة على «الأنظمة البيئية المحمولة».

وتوصل تقرير هيئة المنافسة والأسواق أيضاً إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» تتلاعبان بالخيارات المقدمة لمستخدمي الهواتف المحمولة؛ لجعل برامج التصفح الخاصة بهما هي «الخيار الأكثر وضوحاً أو سهولة».

وقالت الهيئة إن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات بين شركتي التكنولوجيا الكبيرتين في الولايات المتحدة «يقلل بشكل كبير من حوافزهما المالية» للتنافس في مجال برامج تصفح الهواتف المحمولة على نظام التشغيل «آي أو إس» الذي تصنعه شركة «أبل» لأجهزة آيفون.

وقالت الشركتان إنهما «ستتعاونان بشكل بناء» مع هيئة المنافسة والأسواق.

وذكرت شركة «أبل» أنها لا توافق على نتائج تقرير الهيئة، وأعربت عن قلقها من أن تؤدي التوصيات إلى تقويض خصوصية وأمن المستخدم.

وأشارت شركة «غوغل» إلى أن انفتاح نظام تشغيل «آندرويد» للأجهزة المحمولة الخاص بها «ساعد في توسيع الاختيار وخفض الأسعار، وأتاح الوصول إلى الهواتف الذكية والتطبيقات»، وأنها «ملتزمة بالمنصات المفتوحة التي توفر الإمكانيات للمستهلكين».