بوتين يتمسك بمواقف بلاده ويوجه رسائل داخلية وخارجية

جدد شروطه لوقف الحرب في أوكرانيا وأكد تعافي الاقتصاد الروسي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحافي في قاعة المعارض غوستيني دفور بوسط موسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحافي في قاعة المعارض غوستيني دفور بوسط موسكو (رويترز)
TT

بوتين يتمسك بمواقف بلاده ويوجه رسائل داخلية وخارجية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحافي في قاعة المعارض غوستيني دفور بوسط موسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحافي في قاعة المعارض غوستيني دفور بوسط موسكو (رويترز)

لم تحمل تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي الشامل في موسكو، الخميس، جديداً على صعيد الملفات الداخلية والخارجية؛ إذ تعمد التأكيد على مواقفه السابقة حيال الوضع الداخلي، وكذلك في شأن الحرب في أوكرانيا، والمواجهة المتفاقمة مع الغرب، وحيال علاقات موسكو مع الحلفاء و«الأعداء».

في شأن الحرب المتواصلة كان ملاحظاً أن بوتين تجنب منح أي إشارات إلى سقف زمني لنهاية الحرب (أ.ف.ب)

لكن الرسائل التي وجهها خلال حوار مفتوح مع صحافيين من مختلف أرجاء روسيا، حملت أهمية خاصة على خلفية امتناع بوتين العام الماضي، عن عقد مؤتمره السنوي للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة في عام 2000، ما يعني أن الروس انتظروا تقييمات الرئيس للأوضاع الداخلية والخارجية، في نهاية العام، كون الحدث يسبق مباشرة انتخابات الرئاسة المقررة الربيع المقبل، والتي أكد نيته خوض المنافسة فيها للفوز بولاية رئاسية جديدة.

تم نقل اللقاء الذي طال لأكثر من 4 ساعات إلى الشاشات في الساحات العامة (رويترز)

لذلك بدا أن بوتين، وخلال حوار استمر أكثر بقليل من أربع ساعات، تلقى خلاله مئات الأسئلة المباشرة، فضلاً عن نحو مليوني سؤال تم توجيهها عبر المنصة الإلكترونية، حريصاً على تقديم «جردة حساب» شاملة مع اقتراب الحرب الأوكرانية من دخولها في عامها الثالث في فبراير (شباط) المقبل. وهذا تعلق بالدرجة الأولى بالوضع الاقتصادي المعيشي ومسارات الحرب وتوقعات السيناريوهات المقبلة بعدها، وهي الملفات التي شكلت الجزء الأعظم من الأسئلة التي شغلت بال الروس، وتم توجيهها إلى بوتين، فضلاً عن مروره على العلاقات مع الغرب وآفاق تطورها، والعلاقة مع شركاء روسيا في تجمعات إقليمية كبرى مثل «شنغهاي» و«بريكس».

استهل الرئيس الروسي حديثه بتقديم عرض للمهام الأساسية التي قال إنها تشغل الحيز الأساسي على الأجندة الروسية في الظروف الراهنة، وخصوصاً ما يتعلق بتعزيز فرصها للانتصار في المواجهة الحالية مع الغرب. وقال إنه «لا يمكن أن تحافظ روسيا على وجودها بشكلها الحالي من دون ضمان سيادة مطلقة، وما يعنيه ذلك من تعزيز للأمن، وتعزيز لإمكانيات الدفاع، وحقوق المواطنين، والسيادة الاجتماعية».

ورأى أن البلاد نجحت في حشد قدراتها، وأظهرت مرونة في مجال الاقتصاد، وكذلك في مجال الأمن، ما مكنها من مواجهة العقوبات الغربية. وأورد بعض النتائج الاقتصادية التي دلت على تجاوز الأزمات الداخلية التي سببتها الحرب والعقوبات، وبينها نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.5 في المائة، ما يعني تعويض ما خسرته روسيا خلال العام الماضي.

استهل الرئيس الروسي حديثه بتقديم عرض للمهام الأساسية التي قال إنها تشغل الحيز الأساسي على الأجندة الروسية (إ.ب.أ)

وأقر بأن التضخم ما زال يراوح عند حاجز 8 في المائة، لكنه قال إن الحكومة تعمل ما بوسعها لمواجهة الأمر. وتحدث عن نمو الصناعة المحلية بنسبة 6 في المائة، وزيادة الاستثمار بنسبة 10 في المائة، ما خلق فرص عمل جديدة. وقال إن أرباح الشركات وصلت إلى 24 في المائة، وأن القطاع المصرفي حقق أرباحاً صافية خلال عام بلغت أكثر من 3 تريليونات روبل. كما أشار إلى انخفاض دين الدولة الخارجي من 46 مليار دولار إلى 32 مليار دولار رغم القيود الغربية.

على صعيد السياسة الاجتماعية، قال بوتين إن متوسط الأعمار في روسيا كان 70.6 في السنوات السابقة، ووصل في عام 2023 إلى 74 عاماً. هذا الاستهلال، هدف إلى توجيه رسائل داخلية بأن الوضع في روسيا مستقر، وأن البلاد تجاوزت أزمة الاعتماد على الصادرات الأجنبية، وتعمل على تطوير سياساتها الداخلية بنجاح.

جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

في شأن الحرب المتواصلة، كان ملاحظاً أن بوتين تجنب منح أي إشارات إلى سقف زمني لنهاية الحرب، واكتفى بتأكيد أن «السلام سوف يتحقق عندما نصل إلى أهدافنا التي لم تتغير، وهي اجتثاث النازية في أوكرانيا ونزع سلاح الدولة الأوكرانية، وضمان الوضع الحيادي لها».

وقدم بوتين مجدداً استعراضاً مسهباً لأسباب اندلاع الأزمة، وقال إن بلاده حاولت تجنب الصراع، محملاً القيادة الأوكرانية والغرب مسؤولية تأجيج الوضع، «ما دفع روسيا إلى التحرك لضمان مصالحها».

وأعرب عن قناعة بأن الكفة بدأت تميل ميدانياً لصالح روسيا، وقال إن إمدادات أوكرانيا بالأسلحة الغربية «سوف يتوقف في يوم من الأيام»، مشيراً إلى نجاح جيشه في تقويض جزء كبير من القدرات التي قدمت إلى كييف. وتحدث عن تدمير 747 دبابة، وأكثر من ألفين من المدرعات منذ بدء الهجوم الأوكراني المضاد في يونيو (حزيران) الماضي.

صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية الشهر الماضي لدبابات أوكرانية محترقة خلال صد «الهجوم المضاد» في جنوب أوكرانيا (إ.ب.أ)

ورد بوتين على سؤال حساس، يشغل بال الروس حول إمكان إعلان تعبئة عسكرية جديدة، مستبعداً هذا الخيار في الوقت الحالي. وقال إن هناك «آلافاً من المتطوعين الذين يرغبون في المشاركة في العملية العسكرية الخاصة، ولسنا بحاجة إلى إعلان التعبئة العامة»، مشيراً إلى أن نحو 617 ألف جندي روسي يقاتلون حالياً على الجبهات.

وقدم تقييما لأداء الجيش الأوكراني خلال الهجوم المضاد، وقال إنه فشل في تحقيق أي هدف، و«المحاولات الأخيرة كانت تهدف لتحقيق اختراق في الضفة اليسرى لنهر الدنيبر والوصول إلى القرم. لم يتحقق ذلك، ودفعوا بجنودهم نحو طريق بلا عودة». وأكد أن القوات المسلحة الروسية «تتقدم على طول خطوط المواجهة وتعزز مواقعها».

اللافت أن بوتين تعمد تجديد توجيه رسالة لافتة في الشأن الأوكراني، عندما كرر مقولاته السابقة حول أنه لا توجد دولة أوكرانية، وأن كل مقاطعات شرق وجنوب أوكرانيا هي أرض روسية، وزاد أن أوديسا (أقصى جنوب غرب) هي أيضاً روسية، وهذه حقيقة تاريخية معروفة».

وزاد: «سلمهم (مؤسس الاتحاد السوفياتي) فلاديمير لينين كل شيء، وقد قبلنا بهذا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. لكن لا يمكن ألا نقف للدفاع عن مواطنينا، والروس (في أوكرانيا) بطبيعتهم كانوا يصوتون تقليدياً لصالح الشعارات المؤيدة لروسيا، وكانت روسيا تقبل بهذا الوضع. بعد الانقلاب في عام 2014، أصبح من الواضح أنهم لن يسمحوا لنا ببناء علاقات مع أوكرانيا». واتهم الولايات المتحدة بأنها أنفقت 5 مليارات دولار بغرض «إفساد العلاقات بيننا وبين أوكرانيا».

بوتين خلال حوار مفتوح مع صحافيين من مختلف أرجاء روسيا (أ.ف.ب)

رغم ذلك، وجّه بوتين رسائل مرنة إلى واشنطن وإلى الأوروبيين، من خلال تأكيد استعداده «لبناء علاقات مع الولايات المتحدة، ونعتقد أنها دولة ضرورية في العالم. لكن سياساتهم الإمبراطورية هي التي تعرقل ذلك، وتسبب أضراراً لهم أيضاً». وحمل الأوروبيين مسؤولية قطع العلاقات، مشيراً بالدرجة الأولى إلى فرنسا وألمانيا، وقال إن موسكو مستعدة لاستئناف الحوار لكن «أوروبا لا تريد التعاون معنا». وزاد أنه «واثق من أنه في مدن عديدة من أوروبا والولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم يؤمن الناس أننا ندافع عن مصالحنا الوطنية. وعدد أنصارنا يزداد بشكل كبير جداً».

ورد بوتين على سؤال حول مدى نجاح روسيا في التخلص من هيمنة الدولار، وقال إن حصة استخدام الدولار واليورو في التسويات الخارجية عام 2021 كانت 87 في المائة، فيما كانت حصة الروبل 11 في المائة، واليوان 0.4 في المائة. و«حالياً، منذ سبتمبر (أيلول) الفائت، أصبحت نسبة استخدام الروبل في التسويات الخارجية 40 في المائة، واليوان 33 في المائة، والدولار واليورو هبطا إلى 24 في المائة».

وفي العلاقة مع معسكر «الحلفاء»، قال بوتين، إن «هناك عدداً كبيراً من البلدان القوية ذات السيادة حول العالم التي لا تريد الحياة في ظل القواعد التي يفرضها الغرب، وتخلق ظروفاً للتطور الفعال، وهو ما سيكرس له عمل روسيا بوصفها دولة مستضيفة لقمة (بريكس) المقبلة». وزاد أن مستوى التعاون مع جمهورية الصين الشعبية قد وصل إلى مستويات غير مسبوقة.

مشيراً إلى أن الطرفين خططا لرفع مستوى التبادل التجاري إلى 200 مليار دولار، و«بنهاية هذا العام سوف يبلغ أكثر من هذا الرقم. وسنصل إلى 220 - 230 مطلع العام المقبل، وبلغ معدل النمو العام الماضي 30 في المائة، وهو نمو مستقر».

ومع أنه تعمد تأكيد أن بلاده «لا تقيم تحالفاً عسكرياً مع بكين، والعلاقات الثنائية ليست موجهة ضد أي طرف ثالث»، لكنه شدد على أن «العلاقات بيننا تتطور بشكل مستقر ومتنوع، حيث نحسن العلاقات في قطاع البنى التحتية، وفي مجال التكنولوجيا المتقدمة، وسنستمر في ذلك مستقبلاً».

ورأى أن العلاقات الروسية الصينية تعتبر ضماناً للاستقرار في العالم، مشيراً إلى تحديات مشتركة يواجهها البلدان، وقال: «نرى ما يجري حول روسيا والصين، وما يجري من محاولات من الغرب بالتحول نحو آسيا وضم دول من آسيا إلى (الناتو)، وكذلك نعلم أن اسم هذه المنظمة (حلف شمال الأطلسي)، فما الذي تفعله إذاً في آسيا»؟ مؤكداً أن موسكو وبكين مع التزامهما بعدم تهديد أي طرف لكن «سوف نرد بشكل مناسب وفي الوقت المناسب على التحديات».


مقالات ذات صلة

«ناشيونال إنتريست»: لعبة التصعيد الغربي مع روسيا مخاطرة كبيرة لا تفيد أحداً

أوروبا رجال إطفاء يكافحون لإخماد نار اشتعلت بعد هجوم روسي بالصواريخ على كييف (أ.ف.ب)

«ناشيونال إنتريست»: لعبة التصعيد الغربي مع روسيا مخاطرة كبيرة لا تفيد أحداً

تتحدَّث بعض الدوائر الغربية عن تآكل قدرة روسيا على ترجمة تهديداتها للدول الغربية؛ بسبب دعمها المتزايد لأوكرانيا، إلى أفعال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جنود روس يقاتلون ضد الجيش الأوكراني في كورسك (أ.ب)

أوكرانيا تقصف مستودع طائرات مُسيَّرة في روسيا... وموسكو تلتزم الصمت

التزمت موسكو الصمت إزاء ما أعلنته كييف حول استهدافها مستودعاً لتخزين وصيانة طائرات مُسيَّرة بعيدة المدى، من طراز «شاهد» في منطقة أوريول الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (براتيسلافا)
أوروبا صورة توضيحية لمخترق مع عرض شفرة سيبرانية عليه (رويترز)

مجموعة قرصنة مؤيدة لروسيا تتبنى هجوماً إلكترونياً على إيطاليا

قالت وكالة الأمن الإلكتروني في إيطاليا إن قراصنة استهدفوا نحو 10 مواقع إلكترونية رسمية في البلاد اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
أوروبا رجال الإطفاء يحاولون إخماد حريق بعد هجوم بطائرات من دون طيار في منطقة ميكولايف الأوكرانية (أ.ف.ب)

أوكرانيا تقصف مستودعاً للمُسيرات في أوريول الروسية

كشفت أوكرانيا اليوم (السبت) أنها استهدفت مستودعا لتخزين وصيانة طائرات مسيرة بعيدة المدى من طراز «شاهد» في منطقة أوريول الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا روسيا تقول إن عمليات الاغتيال تصل إلى «أعمال إرهابية» غير قانونية وتتهم كييف باغتيال مدنيين (رويترز)

روسيا تعلن إحباط «مؤامرة أوكرانية» لقتل ضابط كبير ومدون عسكري

أعلن جهاز الأمن الاتحادي الروسي اليوم (السبت) أنه أحبط مؤامرة من أوكرانيا لقتل ضابط روسي كبير ومدون عسكري موالٍ لروسيا بقنبلة مخبأة في سماعة محمولة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أوكرانيا تقصف مستودع طائرات مُسيَّرة في روسيا... وموسكو تلتزم الصمت

حرب المُسيَّرات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضاً (رويترز)
حرب المُسيَّرات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضاً (رويترز)
TT

أوكرانيا تقصف مستودع طائرات مُسيَّرة في روسيا... وموسكو تلتزم الصمت

حرب المُسيَّرات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضاً (رويترز)
حرب المُسيَّرات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضاً (رويترز)

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، السبت، أنها أسقطت 15 من أصل 16 طائرة مُسيَّرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية، بينما التزمت موسكو الصمت إزاء ما أعلنته كييف حول استهدافها مستودعاً لتخزين وصيانة طائرات مُسيَّرة بعيدة المدى من طراز «شاهد» في منطقة أوريول الروسية. وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني في بيان على «تلغرام» إن الهجوم وقع الخميس، ونفذته القوات الجوية الأوكرانية، مضيفة: «نتيجة للهجوم، جرى تدمير مستودع مصنوع من عدة هياكل خرسانية محصنة لتخزين وصيانة وإصلاح طائرات مُسيَّرة انتحارية من طراز (شاهد)».

الجيش الأوكراني يستخدم كشافات البحث لرصد أي طائرات من دون طيار في السماء فوق كييف (رويترز)

وتابعت: «قللت هذه العملية العسكرية بشكل كبير من قدرات العدو، من حيث شن غارات جوية بطائرات مُسيَّرة على البنية التحتية المدنية في أوكرانيا». ولم تصدر روسيا تعليقاً على الهجوم.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، أطلقت موسكو وابلاً بشكل شبه يومي من عشرات الطائرات المُسيَّرة على أوكرانيا، بهدف إلحاق الضرر ببنيتها التحتية، وإضعاف دفاعاتها الجوية، مما يجعلها أقل قدرة على إسقاط الصواريخ.

بدورها قالت موسكو إن جهاز الأمن الاتحادي الروسي أحبط، السبت، مؤامرة أوكرانية لقتل ضابط روسي كبير ومدون عسكري بقنبلة مخبأة في سماعة محمولة. وقال الجهاز إن مواطناً روسياً تواصل مع ضابط من وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية (جي يو آر) من خلال تطبيق «تلغرام». وأضاف -كما نقلت عنه «رويترز»- أنه بناء على تعليمات ضابط الاستخبارات الأوكراني، حصل المواطن الروسي على قنبلة من مخبأ في موسكو.

قوات روسية توجه طلقات مدافعها باتجاه مواقع القوات الأوكرانية في كورسك (أ.ب)

وأوضح جهاز الأمن الروسي أن القنبلة التي تعادل 1.5 كيلوغرام من مادة «تي إن تي» ومحشوة بكرات معدنية، كانت مخبأة في سماعة محمولة لتشغيل الموسيقى.

ولم يذكر جهاز الأمن الاتحادي اسم الضابط أو المدون اللذين كانا هدف المؤامرة. وتقول أوكرانيا إن حرب روسيا ضدها تشكل تهديداً وجودياً للدولة، وأوضحت أنها تعد عمليات «القتل المستهدف» التي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية ومعاقبة أولئك الذين تعدهم كييف مذنبين بارتكاب جرائم حرب، مشروعة.

وتقول روسيا إن عمليات الاغتيال تصل إلى «أعمال إرهابية» غير قانونية، وتتهم كييف باغتيال مدنيين مثل داريا دوجينا، ابنة أحد النشطاء القوميين في عام 2022.

وفي 17 ديسمبر (كانون الأول)، قتلت المخابرات الأوكرانية اللفتنانت جنرال إيغور كيريلوف، قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي الروسية في موسكو، خارج المبنى الذي يضم شقته، بتفجير قنبلة مثبتة في دراجة كهربائية. وكانت كييف قد اتهمته بالترويج لاستخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة، وهو ما تنفيه موسكو.

روسيا تقول إن عمليات الاغتيال تصل إلى «أعمال إرهابية» غير قانونية وتتهم كييف باغتيال مدنيين (رويترز)

وعلى الصعيد الميداني، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، للصحافيين، الجمعة، إن القوات الكورية الشمالية تتعرض لخسائر بشرية فادحة على خطوط المواجهة في حرب روسيا ضد أوكرانيا؛ إذ قُتل أو جُرح ألف من جنودها الأسبوع الماضي وحده، في منطقة كورسك في روسيا. ويتجاوز العدد بكثير الرقم الذي قدمه المسؤولون الأميركيون سابقاً. وأضاف كيربي: «من الواضح أن القادة العسكريين الروس والكوريين الشماليين يعاملون هذه القوات على أنها يمكن التضحية بها، ويأمرونها بهجمات يائسة ضد الدفاعات الأوكرانية»، واصفاً هجمات القوات الكورية الشمالية بأنها «هجمات جماعية ومتفرقة».

وقال كيربي إن الرئيس جو بايدن من المرجح أن يوافق على حزمة مساعدات أمنية أخرى لأوكرانيا في الأيام المقبلة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ندد بايدن بهجمات روسيا في يوم عيد الميلاد على شبكة الطاقة في أوكرانيا وبعض مدنها، وطلب من وزارة الدفاع مواصلة زيادة الأسلحة إلى أوكرانيا.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه المسائي عبر الاتصال المرئي، إن قوات كوريا الشمالية تكبدت خسائر «فادحة للغاية» ويتم الزج بها في المعركة دون حماية تذكر من القوات الروسية. وأضاف: «نرى أنه لا يوجد أي اهتمام من الجيش الروسي أو القادة الكوريين الشماليين في ضمان بقاء هؤلاء (الجنود) الكوريين الشماليين على قيد الحياة». وقال إن القوات الأوكرانية تمكنت من أسر عدد قليل من الجنود الكوريين الشماليين «لكنهم كانوا مصابين بجروح خطيرة، وتعذَّر إنقاذ حياتهم».

وقال زيلينسكي يوم الاثنين، إن أكثر من 3 آلاف جندي كوري شمالي سقطوا بين قتيل وجريح في منطقة كورسك الروسية، مشيراً إلى أن الأرقام تعتمد على بيانات أولية.

ودعا زيلينسكي الصين إلى ممارسة نفوذها لمنع كوريا الشمالية من إرسال جنود كوريين شماليين للحرب إلى جانب القوات الروسية، ضد أوكرانيا. وقال زيلينسكي: «لا ينبغي للأمة الكورية أن تفقد أبناءها في المعارك بأوروبا. ويمكن ممارسة النفوذ لمنع ذلك، وبالذات من جانب جيران كوريا، وخصوصاً الصين». ولم ترد بعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة في نيويورك بعد على طلب للتعليق، ورفضت بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة التعليق.

ضابط أوكراني يتحدث عبر الراديو لجنوده أثناء عملية هجوم... الصورة في مركز قيادة قرب خط المواجهة في بوكروفسك بمنطقة دونيتسك يوم 25 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ووافقت اليونان على تزويد أوكرانيا بـ24 صاروخاً من طراز «سي سبارو» لدعم القوات المسلحة الأوكرانية ضد التهديدات المستمرة. وهذه الصواريخ -وهي قيد الاستخدام منذ نحو 40 عاماً- من مخزونات القوات البحرية والجوية اليونانية، وتعد غير ضرورية للاستخدام العملياتي، وفقاً للمعايير العسكرية اليونانية.

وصواريخ «سي سبارو»، سلاح مضاد للطائرات، قصير المدى، من صنع الولايات المتحدة، وتمتلك أوكرانيا بالفعل المنصات اللازمة لنشره، حسب صحيفة «كاثيميريني» اليونانية، السبت. يأتي ذلك في إطار المساعدات العسكرية الأوسع نطاقاً التي تقدمها اليونان إلى أوكرانيا، والتي تشمل قذائف مدفعية وأسلحة وذخيرة.

وتعتزم بريطانيا زيادة جهودها للمساعدة في تدريب الجنود الأوكرانيين على تحمل ضغط القتال. وقالت وزارة الدفاع إنها تتوقع أن يحضر 180 قائداً أوكرانياً الدورة الخاصة بتحمل ضغوط القتال التي يقدمها متخصصون في الجيش البريطاني في عام 2025، مقارنة بـ100 قائد حضروا الدورة في عام 2024. وسيتولى ممارسو المرونة العقلية أثناء القتال، المعروفون رسمياً باسم «مشغلي التحكم في الإجهاد»، مسؤولية مساعدة جنودهم على الخطوط الأمامية، بينما يواصلون الدفاع عن أوكرانيا من الغزو الروسي.

الجنرال إيغور كيريلوف رئيس قوات الدفاع النووي والبيولوجي والكيميائي الروسية (الذي اغتالته أوكرانيا مؤخراً) يتحدث في إحاطة إعلامية في موسكو يوم 28 فبراير 2023 (أ.ب)

ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) عن وزير القوات المسلحة البريطاني لوك بولارد، قوله إن «الشعب الأوكراني يقاتل بشجاعة كبيرة للدفاع عن بلاده، وواجبنا أن نضعه في أقوى وضع ممكن». وتابع: «مع تلقي مئات الجنود الأوكرانيين التدريب على الإسعافات الأولية للصحة العقلية قبل العودة إلى الخطوط الأمامية، يمكن نشر الصمود بين صفوف أولئك الذين يحاربون الغزو الروسي غير القانوني».

ومن جانب آخر، عرض رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، استضافة بلاده محادثات محتملة بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. وأضاف فيكو في رسالة فيديو، تم نشرها على «فيسبوك»، في وقت متأخر الجمعة: «يمكن لأي شخص مهتم بتنظيم محادثات سلام في سلوفاكيا حول الصراع بين أوكرانيا وروسيا، الاعتماد علينا».

وتابع بأنه بحث الاقتراح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته المفاجئة الأخيرة إلى موسكو، وكان سعيداً برد الفعل الإيجابي. وكان بوتين قد قال –الجمعة- إن فيكو عرض أن تكون بلاده منصة للمباحثات، خلال زيارته إلى موسكو، وأنه رحَّب بتلك المبادرة.

وربط المرشح الأوفر حظاً لمنصب المستشار في ألمانيا، فريدريش ميرتس، مشاركة بلاده في قوات حفظ سلام بأوكرانيا، بأن يكون هناك تفويض للمهمة بموجب القانون الدولي، وبالتوافق مع موسكو إن أمكن.

أحد مطارات موسكو التي توقفت عن العمل بسبب الهجمات الأوكرانية في 21 أغسطس 2024 (رويترز)

وذكر ميرتس أن هناك رغبة مشتركة في استعادة السلام بأوكرانيا في أسرع وقت ممكن، وقال: «ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون هذا سلاماً مفروضاً. يجب أن يكون هذا سلاماً مع أوكرانيا وليس ضد أوكرانيا... وقبل كل شيء، يجب أن يكون هذا سلاماً يشملنا أيضاً»، موضحاً أن الهجمات الضخمة على البنية التحتية للبيانات الألمانية، و«على حريتنا في التعبير، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي: هي أيضاً جزء من هذه الحرب الهجينة التي نراها من روسيا. وهذا أيضاً يجب أن يتوقف». وقال ميرتس في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية» في برلين: «إذا كان هناك اتفاق سلام، وإذا كانت أوكرانيا بحاجة إلى ضمانات لتأمينه، فلا يمكن مناقشة ذلك إلا إذا كان هناك تفويض واضح بموجب القانون الدولي. لكني لا أرى ذلك في الوقت الحالي». وأضاف ميرتس: «أتمنى أن يصدر مثل هذا التفويض بالتوافق مع روسيا وليس بالنزاع معها».

وعندما سئل عن الضمانات الأمنية التي يمكن أن يتصورها لأوكرانيا خارج نطاق الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) من أجل تأمين وقف محتمل لإطلاق النار مع روسيا، أجاب زعيم الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي قائلا: «لا أستطيع أن أتخيل أي شيء يسير في هذا الاتجاه اليوم؛ لأننا بعيدون كل البعد عن مثل هذا الوقف لإطلاق النار. هذه مسألة تحتاج الآن إلى توضيح في الأسابيع المقبلة، وربما الأشهر المقبلة».