موسكو وكييف في مأزق وواشنطن تمسك أكثر بأوراق الحرب رغم «خلافات» الحزبين

هل عاد زيلينسكي خالي الوفاض من زيارته إلى أميركا؟

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته للكونغرس صباح الثلاثاء وإلى يمينه السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ وإلى يساره السيناتور تشاك شومر زعيم  الأغلبية في مجلس الشيوخ (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته للكونغرس صباح الثلاثاء وإلى يمينه السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ وإلى يساره السيناتور تشاك شومر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ (أ.ف.ب)
TT

موسكو وكييف في مأزق وواشنطن تمسك أكثر بأوراق الحرب رغم «خلافات» الحزبين

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته للكونغرس صباح الثلاثاء وإلى يمينه السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ وإلى يساره السيناتور تشاك شومر زعيم  الأغلبية في مجلس الشيوخ (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته للكونغرس صباح الثلاثاء وإلى يمينه السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ وإلى يساره السيناتور تشاك شومر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ (أ.ف.ب)

هل فشلت زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن في تحقيق هدفها؟ سؤال طرح من قبل كثير من المحللين والمراقبين الأميركيين، في الساعات التي تلت مغادرة زيلينسكي للعاصمة الأميركية، متوجها نحو أوسلو، لحضور اجتماع دول الشمال الأوروبي، وهي بمجملها، من الدول الغنية، ولديها «مصلحة مشتركة» مع كييف في الوقوف بوجه التهديدات الروسية.

«لا تخلي أميركياً»

في الشكل، لم يتمكن زيلينسكي من الحصول سوى على استمرار «الدعم المبدئي». لكن في الواقع، لم يسمع كلاما قاطعا باستحالة حصول بلاده على الدعم الأميركي الموعود.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يمين) يستقبله رئيس الوزراء البلجيكي يوناس جار ستوره في أوسلو (أ.ف.ب)

فالخلاف الديمقراطي الجمهوري، أقحم دعم بلاده بقضية أمن الحدود، التي يراهن الجمهوريون على تحويلها إلى مادة تحريض سياسي أساسية للناخبين، تمكنهم من معادلتها مع قضية الإجهاض، التي عدت ولا تزال، رافعة للديمقراطيين جرى اختبارها في كثير من جولات الانتخابات التي شهدتها ولايات أميركية عدة في الأشهر الماضية.

وبحسب بعض المراقبين، فإن موقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لم ولن يتخلى عن دعم أوكرانيا، وإن مسألة التوقيع على المساعدات، باتت مسألة وقت، رغم حراجته بالنسبة لكييف، جراء عدم زحزحة الجمهوريين عن موقفهم لمقايضة المساعدات بقضية أمن الحدود. هذا ما أعلنه كثير من قادة الحزبين، في أعقاب انتهاء «جولة» زيلينسكي في ردهات الكونغرس الأميركي.

وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل: «حتى لو توصلنا إلى اتفاق، فمن المستحيل عمليا، صياغته، وتمريره عبر مجلس الشيوخ، وتمريره في مجلس النواب قبل عيد الميلاد». وقال السيناتور الجمهوري النافذ، جون كورنين، التقييم نفسه، إنه يعتقد أن صياغة التفاصيل في تشريع قادر على أن يقر من المجلسين، ستتحول إلى «تمرين في يناير».

زيلينسكي يتوسط زعيم الأكثرية في «الشيوخ» الديمقراطي تشاك شومر (يسار) وزعيم الأقلية الجمهوري ميتش ماكونيل (أ.ب)

وبحسب موقع «سيمافور» الإخباري، فإن الثلاثي المكون من السيناتور الديمقراطي، كريس ميرفي، والسيناتور الجمهوري، جيمس لانكفورد، والسيناتور المستقلة، كيرستن سينيما، يواصلون مفاوضاتهم المكثفة حول قضية أمن الحدود، بمشاركة «الجناح الغربي» في البيت الأبيض الآن. وعقدوا اجتماعا مساء الثلاثاء مع وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، إلى جانب مساعدين لماكونيل، ومساعدين لتشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية. ووصفت سينيما الجلسة بأنها كانت «مثمرة».

بايدن يحذّر من توقف الدعم الأميركي

وجّه الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء تحذيراً إلى الكونغرس بحضور الرئيس الأوكراني، شدّد فيه على أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يعوّل» على توقّف دعم واشنطن لكييف. وقال بايدن في مؤتمر صحافي مشترك مع زيلينسكي: «علينا أن نثبت أنّه مخطئ». وهاجم الرئيس الأميركي بشدة النواب الجمهوريين الذي يعرقلون إقرار حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار. وشدّد بايدن على «وجوب أن يقرّ الكونغرس تمديداً (للمساعدات) لأوكرانيا»، عاداً أنّ عدم القيام بذلك سيكون بمثابة «هدية عيد الميلاد» لبوتين. وقال الرئيس الأميركي إنّ «التاريخ سيكون حُكمه قاسياً على أولئك الذين أداروا ظهورهم لقضية الحرية».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يمين) يستقبله رئيس الوزراء البلجيكي يوناس جار ستوره في أوسلو (أ.ف.ب)

من جهته، أكّد الرئيس الأوكراني أنّه تلقّى من الكونغرس مؤشرات «إيجابية» لكنّه ينتظر النتائج، في الوقت الذي ينقسم فيه المشرعون الأميركيون بشدّة حول إقرار حزمة المساعدات العسكرية الجديدة لكييف. ولا ينفكّ يضيق الهامش المتاح أمام الكونغرس لإقرار حزمة مساعدات لأوكرانيا بـ61 مليار دولار قبل نهاية العام.

بوتين مع المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (أ.ب)

وأقر الكونغرس الأميركي مساعدات لأوكرانيا تزيد على 110 مليارات دولار منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022 لكنه يشهد عرقلة منذ الأسبوع الماضي حول المساعدات الإضافية التي طلبها الرئيس الأميركي. وأكد زيلينسكي خلال اللقاء أن القوات الأوكرانية «تثبت كل يوم أن أوكرانيا قادرة على الانتصار» على روسيا، رافضا تشكيك البعض في ذلك بعد هجوم مضاد مخيّب شنّته صيفا ضد الجيش الروسي. وعبّر رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون عن تلك الشكوك، قائلا: «يبدو أن إدارة بايدن تريد تقديم مليارات الدولارات من دون رقابة مناسبة ومن دون استراتيجية حقيقية لتحقيق النصر». ويزداد تشكيك الحزب الجمهوري في جدوى تقديم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا.

ديناميات جديدة

ويقول البعض إن ديناميكيات الحرب الأوكرانية الروسية، دخلت طورا جديدا، بعدما حققت الكثير من أهدافها الاستراتيجية، عبر تآكل موقع روسيا كدولة كبرى، واضطرارها إلى الاستعانة بقوى «منبوذة» كإيران وكوريا الشمالية، للتمكن من مواصلة حربها.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

وبحسب تصريحات قادة البنتاغون، التي صدرت حتى من قبل ظهور التقارير الصحافية، التي تتحدث عن تغيير في استراتيجيات الحرب في المرحلة المقبلة، عبر توطين الصناعات الدفاعية في أوكرانيا، واستخدام تكتيكات عسكرية جديدة، فإن المرحلة المقبلة، ستشهد مزيدا من الضغط الأميركي على الحلفاء الأوروبيين، لزيادة دعمهم لأوكرانيا، وهو ما يفسر على الأقل، دلالة توجه الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى أوسلو مباشرة.

وفي هذا السياق، كان لافتا الكشف عن وثيقة للاستخبارات الأميركية، رفعت عنها السرية وأحيلت على الكونغرس يوم الثلاثاء، قدرت عدد الجنود الروس الذين قتلوا أو جرحوا منذ بدء الحرب في أوكرانيا، بنحو 315 ألفا، وفقدانها 2200 دبابة من أصل 3500، كانت تمتلكها روسيا قبل الحرب. ورغم أن الوثيقة لم تشر إلى الخسائر الأوكرانية، الضخمة هي الأخرى، لكنها تشير إلى أن الصعوبات التي ستواجه روسيا، لا تقل عن حراجة موقف أوكرانيا، في ظل عدم قدرتها على تجديد مخزوناتها، رغم «تكيفها» الجزئي مع متطلبات الحرب، وتهيب رئيسها فلاديمير بوتين عن الدعوة لتعبئة جديدة في الوقت الذي يستعد فيه لتجديد انتخابه.

ينس ستولتنبرغ يتحدث في أوسلو بالنرويج (إ.ب.أ)

وعلى الرغم من المزايا التي يتمتع بها من حيث العدد والأسلحة، يواجه بوتين أيضا قيودا، تمنع قواته من القيام مرة أخرى بالهجوم على العاصمة الأوكرانية، كييف، أو غيرها من المدن الكبرى. وفقدت روسيا أعداداً كبيرة من جنودها في مناوراتها الهجومية العام الماضي، ولم تكسب سوى القليل من الأراضي باستثناء مدينة باخموت. ومع توجه أوكرانيا لبناء تحصينات دفاعية على طول الجبهة، فقد تستمر روسيا في تكبد خسائر فادحة دون الحصول على الكثير في المقابل.

ووفقا لمحللين ومسؤولين أميركيين سابقين، فإن تحول الحرب إلى مواجهة طويلة، يجعل شن حملة جديدة كبيرة، سواء من روسيا أو أوكرانيا، غير مرجح خلال معظم عام 2024. فأوكرانيا التي تعتمد على الغرب للحصول على الأسلحة والتمويل، تواجه ضغوطاً قصيرة الأمد لا تواجهها روسيا. ولا يمتلك حلفاء كييف الذخيرة والمعدات اللازمة لتسليح هجوم مضاد آخر قريب. لكن مع توجه الولايات المتحدة والغرب للدفع بخطط لتحقيق تغيير في دينامية الإنتاج العسكري لتلبية متطلبات الحصول على الأسلحة والذخائر، فقد يكون الوقت كافيا لإجبار روسيا على إعادة النظر بأهداف حربها، خصوصا أن إمكاناتها لا تسمح لها بمجاراة الغرب على المدى البعيد.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تضبط 13 طناً من المواد الكيميائية المتجهة إلى روسيا

أوروبا ميناء برشلونة (رويترز)

إسبانيا تضبط 13 طناً من المواد الكيميائية المتجهة إلى روسيا

أعلنت الشرطة الإسبانية، الثلاثاء، ضبط شحنة متجهة إلى روسيا مكونة من 13 طناً من المواد الكيميائية، وذلك مطلع أكتوبر في ميناء برشلونة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شؤون إقليمية طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية في مطار طهران الدولي (أرشيفية - رويترز)

الخطوط الجوية الإيرانية توقف الرحلات للاتحاد الأوروبي بعد عقوبات جديدة

ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن طهران استدعت اليوم الثلاثاء سفير المجر للاحتجاج على عقوبات جديدة فرضها الاتحاد الأوروبي على طهران.

«الشرق الأوسط» (طهران)
آسيا أعضاء الوفدين بقيادة وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف ونائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية تشانغ يو شيا يعقدون محادثات في بكين (رويترز)

وزير الدفاع الروسي يجري محادثات «جوهرية» في الصين

أجرى وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف، اليوم (الثلاثاء)، محادثات وُصفت بـ«الجوهرية» مع نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية تشانغ يو شيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجوار بطارية «باتريوت» خلال تدريبات عسكرية في ألمانيا يوم 11 يونيو 2024 (أ.ب)

زيلينسكي: أوكرانيا تتصدى لهجمات روسية في كورسك الروسية لليوم الخامس

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الاثنين إن قوات كييف لا تزال صامدة أمام محاولات روسية لاختراق خطوط أوكرانية في منطقة كورسك بغرب روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

إسبانيا تضبط 13 طناً من المواد الكيميائية المتجهة إلى روسيا

ميناء برشلونة (رويترز)
ميناء برشلونة (رويترز)
TT

إسبانيا تضبط 13 طناً من المواد الكيميائية المتجهة إلى روسيا

ميناء برشلونة (رويترز)
ميناء برشلونة (رويترز)

أعلنت الشرطة الإسبانية، الثلاثاء، ضبط شحنة متجهة إلى روسيا مكونة من 13 طناً من المواد الكيميائية، وذلك مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في ميناء برشلونة، تم نقلها في انتهاك للعقوبات الدولية المفروضة على موسكو.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، أوضحت الشرطة أن هذه الشحنة تم ضبطها «في حاوية» كانت موجودة «في المنطقة الجمركية بميناء برشلونة»، مشيرة إلى توقيف 4 أشخاص خلال هذه العملية.

وأفاد متحدث باسم الشرطة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بأن هؤلاء المشتبه بهم بتهمة «الاتجار بسلع غير مشروعة» أوقفوا في 8 أكتوبر وتمت إحالتهم على قاضي التحقيق المكلف بالقضية.

وأشارت الشرطة، في بيان، إلى أنها بدأت تحقيقاتها في 2022، بعد رصد عمليات مشبوهة تقوم بها شركة يديرها «مواطنون من أصل روسي».

وأوضحت أن الشحنات كانت مخصصة رسمياً لشركات تتخذ في بلدان مجاورة لروسيا مقراً، مثل «أرمينيا أو قرغيزستان».

وأضاف البيان أن «هذه الشركات الوهمية لم تكن بأي حال من الأحوال متلقية للبضائع» التي تم في النهاية «إعادة تصديرها براً إلى روسيا».

وأكدت الشرطة أن المحققين «أثبتوا» أن «المنتجات الكيميائية المشمولة بالعقوبات» تم تصديرها ومن بينها مواد يمكن استخدامها في تصنيع «الأسلحة الكيميائية أو غازات الأعصاب».

ورداً على سؤال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، لم يكشف المتحدث عن طبيعة هذه المواد أو ما إذا كان ثمة دليل ملموس على أنها مخصصة لتصنيع الأسلحة.

وحظر الاتحاد الأوروبي، مثل جميع الدول الغربية، تصدير المواد التي يمكن أن تُستخدم في تصنيع الأسلحة إلى روسيا، مثل المعالجات الدقيقة، في إطار العقوبات المفروضة على هذه الدولة بعد غزو أوكرانيا.

ويُشتبه في أنّ الكثير من الدول، كالصين وتركيا والإمارات ودول في آسيا الوسطى مثل كازاخستان، تعمل كمنصات للالتفاف على هذه التدابير التي تهدف إلى إضعاف آلة الحرب الروسية.