ازدادت النقاشات داخل ألمانيا منذ عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في إسرائيل، حول طريقة احتواء ما تراها السلطات تهديدات إرهابية متصاعدة من قبل متطرفين إسلاميين. ورغم أن ألمانيا لم تشهد أية عمليات إرهابية مرتبطة بالتطورات في غزة، فإن المخابرات الألمانية قالت إن المخاطر من تهديدات كهذه زادت بسبب التوتر في الشرق الأوسط.
وتلقي هذه التطورات بظلالها على مؤتمر الخريف لوزراء داخلية الولايات الألمانية الذي تشارك فيه وزيرة الداخلية الفيدرالية نانسي فيزر والتي قالت إن المؤتمر يريد أن «يرسل إشارات قوية» للمتطرفين والمعادين للسامية. وأشارت في تصريحات لموقع «تي أونلاين» قبيل انطلاق أعمال المؤتمر، إلى أن ألمانيا «تشهد تهديدات إرهابية متزايدة ودعوات متزايدة من قبل الجهاديين لتنفيذ اعتداءات» ضد الغرب. وأضافت أن على السلطات «أن تبقي عيناً» على هذه التهديدات «وتمنع حدوث أية عمليات تطريف جديدة».
وكشفت فيزر عن أنه منذ عملية 7 أكتوبر، تنسق الولايات الألمانية بشكل وثيق لتفادي وقوع اعتداءات إرهابية. وأشارت الى أن «النقطة المحورية» في مؤتمر وزراء الداخلية الذي يستمر طوال 3 أيام، هي المخاطر الناجمة عن التطورات في الشرق الأوسط. وأعلنت أن المؤتمر سيناقش «خطوات إضافية جديدة؛ منها الملاحقة القانونية السريعة للمجرمين، وطرد المتطرفين الذين لا يحملون جوازاً ألمانياً». ومن بين الخطوات التي قالت فيزر إن المؤتمر سيناقشها، تدخل «قوي ضد مظاهرات وأحداث معادية للسامية، وإذا اضطر الأمر، منع التجمعات وتفكيك هياكل وزيادة أعمال الوقاية من التطرف». وأضافت فيزر أن مؤتمر وزراء الداخلية يجب أن يصدر إشارة واضحة إلى أن «الحياة اليهودية تقع تحت حماية خاصة من دولتنا، وأننا نبذل كل شيء لحماية اليهوديات واليهود في بلدنا».
وفرضت ألمانيا منذ الحرب في غزة منعاً على المظاهرات المؤيدة لفلسطين بحجة تشكيلها خطراً على الأمن القومي ومخاطر خروج هتافات معادية للسامية ولإسرائيل، وهو ما عرضها لانتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان لما عدّته المنظمات منعاً لحرية التعبير. واتخذت كذلك وزارة الداخلية منذ أسابيع قراراً بحظر تنظيم «حماس» المحظور أصلاً على مستوى الاتحاد الأوروبي. كما فرضت حظراً على جمعية «صامدون» التي أسسها فلسطينيون في ألمانيا للترويج لحقوق المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل، ولكنها اتهمت بالترويج لتنظيم إرهابي ودعمها «حماس»، بعد نشرها فيديو على صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماع لتوزيع حلوى يوم عملية 7 أكتوبر.
وفي تطور آخر قد يغير سياسة ألمانيا بعدم الترحيل إلى دول تعد خطرة، دعت وزيرة الداخلية لولاية سكسونيا - أنهالت إلى ترحيل اللاجئين السوريين والأفغان المصنفين «خطرين أمنياً» إلى بلادهما. وحتى الآن توصي «الخارجية» الألمانية بعدم الترحيل الى الدولتين بسبب مخاوف من تعرض المرحلين إليها لمخاطر القتل والاعتقال والتعذيب. ولكن وزراء داخلية الولايات يريدون مناقشة هذه النقطة واتخاذ قرار حول ما إذا كان يمكن ترحيل هؤلاء إلى بلدانهم وكيفية تنفيذ ذلك. وقالت الوزيرة المحلية تامارا تسيشناج لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «يجب على الحكومة فتح سبل أمام إمكانية القيام بعمليات ترحيل ومغادرة طوعية خاضعة للرقابة، لأشخاص ذوي صلة كبيرة بمسائل أمنية، لا سيما إلى سوريا وأفغانستان». وأضافت أن ذلك لا يقتصر بالنسبة إليها على الأشخاص «الإسلامويين المصنفين على أنهم خطرين أمنياً»، ولكن أيضا أي أشخاص ارتكبوا جرائم خطرة. وأشارت وزيرة الداخلية المحلية إلى الجهود الكبيرة التي تضطر الشرطة لبذلها لمراقبة الخطرين أمنياً.
وتصنف المخابرات الألمانية أكثر من 500 شخص موجودين داخل البلاد «إسلاميين خطرين أمنياً». ويعني هذا التصنيف أن الجهات الأمنية تفترض احتمال قيام هؤلاء بجرائم خطرة ذات دوافع سياسية قد تصل إلى شن هجوم إرهابي.
وبالفعل تزداد المخاطر من قبل المتطرفين في كل أوروبا وليس فقط ألمانيا؛ إذ قالت وزيرة داخلية الاتحاد الأوروبي إيلفا جوهانسن إن «الخطر كبير جداً» من حصول اعتداءات في موسم الأعياد المقبل. وتحدثت عن «استقطاب» كبير في المجتمع الأوروبي بسبب الحرب بين إسرائيل و«حماس». ودفعت هذه المخاطر الأوروبية بألمانيا لتشديد المراقبة على حدودها مع الدول المجاورة رغم أن اتفاقية «شينغن» تضمن التنقل الحر بين دول الاتفاقية. ويناقش المؤتمر تمديد العمل بتشديد المراقبة على الحدود ليس فقط بسبب مخاوف أمنية ولكن أيضاً بهدف السيطرة على الهجرة غير النظامية التي ازدادت في الأشهر الأولى من العام الحالي.