يستضيف وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن هذا الأسبوع، اجتماعاً افتراضياً جديداً لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية؛ حيث يتوقع أن يتحول إلى «تظاهرة» دعم لكييف، بعد موجة التشكيك التي أحاطت -ولا تزال- باستمرار الدعم الأميركي والغربي لها في حربها مع روسيا. ويتوقع أن يشارك في الاجتماع أكثر من 50 دولة، لمناقشة تنسيق المساعدات العسكرية، وسط تردد متزايد، سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا عن إرسال مزيد منها إلى كييف.
وكان أوستن قد أعلن خلال زيارته المفاجئة إلى العاصمة الأوكرانية، الاثنين، عن تقديم مساعدة عسكرية جديدة، بقيمة 100 مليون دولار، بوصفها جزءاً من محاولة لطمأنة القادة الأوكرانيين بأن الولايات المتحدة ستواصل دعمهم ضد الغزو الروسي.
وقالت وزارة الدفاع (البنتاغون) في بيان، إن المساعدة الأمنية الإضافية، هي الدفعة 51 من المعدات التي ستقدمها إدارة بايدن بموجب سلطة السحب الرئاسية من مخزونات وزارة الدفاع لأوكرانيا. وتتضمن قدرات دفاع جوي إضافية وذخيرة مدفعية وأسلحة مضادة للدبابات ومعدات أخرى.
لا تراجع في الاهتمام
وفي مواجهة ازدياد تردد الكونغرس الأميركي في إرسال مزيد من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، قال أوستن يوم الاثنين: «ما زلت أرى الدعم من الحزبين في مجلسي الكونغرس». كما ناشد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان يوم الاثنين أيضاً، المشرعين، دعم طلب الرئيس بايدن التمويل الخاص لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار. وقال بلينكن: «مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها... تساعد في منع صراع أكبر في المنطقة، وردع أي عدوان في المستقبل، وهو ما يجعلنا جميعاً أكثر أماناً».
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع للصحافيين: «ما زلنا نعتقد أن الكونغرس سيقدم هذا الدعم، ونحن نخطط على أساس هذا الاقتناع»، بينما نعترف أيضاً بأنه في حالة تغيير الدعم المقدم لمساعدات أوكرانيا، فسيتعين على الإدارة إعادة تقييم بعض المساعدات العسكرية الأطول أمداً المقررة لكييف.
وقال مسؤول دفاعي كبير آخر، إن «البنتاغون» ظل نشطاً في تأمين المساعدات لأوكرانيا كما كان قبل اندلاع الصراع في الشرق الأوسط؛ لأن «أوكرانيا مهمة»، نافياً تراجع الاهتمام بأوكرانيا. وقال إن زيارة أوستن «هي شهادة على ذلك».
وحفلت وسائل الإعلام الأميركية في الآونة الأخيرة، بتقارير تتحدث عن تراجع ملف أوكرانيا لمصلحة الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، وسط دعوات لإعادة النظر في استراتيجية أوكرانيا العسكرية، والقبول بالتفاوض على وقف إطلاق نار، ولو ضمن شروط تضمن مواصلة حقها في استعادة أراضيها المحتلة.
ورغم أن روسيا لا تزال تسيطر على نحو 18 في المائة من الأراضي الأوكرانية، فإن السفيرة الأوكرانية لدى الولايات المتحدة، أوكسانا ماركاروفا، قالت الشهر الماضي، إن كييف استعادت أكثر من 50 في المائة من الأراضي التي غزتها روسيا. وهو ما أكده أيضاً أكثر من مسؤول أميركي، بينهم وزير الخارجية بلينكن.
مناقشة القتال الشتوي
وحسب مسؤولي «البنتاغون»، فإن زيارة أوستن إلى كييف جاءت لمناقشة القتال الشتوي الفوري، والتخطيط للمساعدة الأمنية في المستقبل. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع: «نحن مستمرون في تقديم إيقاع قتالي منتظم للمساعدة الأمنية، ونخطط لنكون قادرين على القيام بذلك طوال فصل الشتاء».
وتأتي الزيارة -وهي الأولى لأوستن منذ أبريل (نيسان) 2022- في الوقت الذي اقتنع فيه المسؤولون الأوكرانيون والغربيون مع بداية فصل الشتاء، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيستأنف استهداف البنية التحتية الحيوية كما فعل في الشتاء الماضي. وأضاف المسؤول الدفاعي: «أحد أهم القدرات هذا الشتاء ستكون الدفاع الجوي... لقد تمكنا من زيادة معدات الدفاع الجوي؛ لكن هذا لا يعني أنه لا توجد احتياجات بعد، وأنه لن تكون هناك احتياجات في الأشهر المقبلة».
ونفذت ما يقرب من 40 طائرة من دون طيار إيرانية الصنع، انطلقت من الأراضي الروسية، هجوماً تصدت له الدفاعات الجوية الأوكرانية خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقالت أوكرانيا إنها دمرت 29 من أصل 38 طائرة من دون طيار؛ لكن تلك التي تمكنت من اختراق الدفاعات الأوكرانية ضربت كثيراً من مرافق البنية التحتية، وتسببت في انقطاع التيار الكهربائي، في أكثر من 400 بلدة وقرية في جميع أنحاء البلاد.
وهاجمت الطائرات من دون طيار مناطق أوديسا وزابوريجيا في الجنوب، ومنطقة تشيرنيهيف في الشمال، بالقرب من الحدود مع بيلاروسيا. كما هاجمت الطائرات المُسيَّرة كييف أيضاً للمرة الثانية هذا الشهر؛ لكن أوكرانيا أكدت أن الدفاعات الجوية أسقطتها كلها.
تحسن طاقات الإنتاج
وبينما أعلن «البنتاغون» مواصلته السحب من مخزوناته الخاصة لدعم أوكرانيا، أكد أخيراً أنه تمكن من زيادة قاعدة الإنتاج مع الشركات المصنعة؛ حيث سيرسل معدات عسكرية تم شراؤها مباشرة منها، بعدما تمكنت المصانع الأميركية من تحسين طاقاتها الإنتاجية. وقالت دول أخرى إنها تعمل أيضاً على زيادة قدراتها؛ حيث أعلنت ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر أنها ستسلِّم أنظمة دفاع جوي أكثر أهمية بحلول نهاية هذا العام.
وفي مواجهة «الجمود» الذي أصاب جبهات القتال، بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد، قال المسؤول الدفاعي لوسائل الإعلام التي رافقت رحلة أوستن إلى كييف: «لا أستطيع أن أسمِّي الأمر جموداً. لا. هذه معركة ديناميكية. تواصل أوكرانيا الدفع والنجاح في ساحة المعركة ضد القوات الروسية. وقد رأيتهم يواصلون الضرب خلف الخطوط الروسية... إنهم يحققون نجاحات في تعطيل وإضعاف العمليات والقدرات الروسية». وأشار إلى الهجوم الأوكراني الأخير في منطقة خيرسون كمثال على قدرة أوكرانيا: «على خلق ضرر للقوات الروسية في منطقة؛ حيث دفاعاتها أضعف بصراحة».
وطردت القوات الأوكرانية الأسبوع الماضي الجنود الروس من مواقعهم على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وأقامت عدة رؤوس جسور قادرة على تحمل عبور معدات وإمدادات ثقيلة. وهو ما قد يمنح القوات الأوكرانية الفرصة لفتح خط هجوم جديد على الطريق البري المباشر إلى شبه جزيرة القرم.