تستعد تركيا لاستقبال الحبوب من روسيا وتحويلها إلى طحين لإرسالها إلى 6 دول أفريقية بناءً على اتفاق بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين الصيف الماضي. وقال وزير الزراعة والغابات التركي، إبراهيم يوماكلي، إن بلاده ستقوم بمعالجة الحبوب الروسية وتحويلها إلى طحين ومن ثم إرساله إلى دول أفريقيا المحتاجة من خلال آليات مختلفة.
وأعلن بوتين، خلال القمة الروسية الأفريقية، عن نية روسيا إرسال حبوب مجانية على هيئة مساعدات إنسانية إلى 6 دول أفريقية مدرجة على قائمة برنامج الغذاء العالمي.
وقال إردوغان إن بلاده تدعم هذه المبادرة، وستقوم مع قطر بتسهيل تجهيز وتسليم مليون طن من الحبوب الروسية إلى البلدان المحتاجة في أفريقيا.
وتم بحث الأمر مجدداً بين إردوغان وبوتين خلال لقائهما في سوتشي في 4 سبتمبر (أيلول) الماضي، والتأكيد على المضي قدماً في تنفيذ المبادرة الروسية، التي جاءت بعدما توقف العمل باتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، التي سمحت بخروج 33 مليون طن من الحبوب من موانئ أوكرانيا، لكن القسم الأكبر منها توجه إلى دول أوروبا.
وانهارت الاتفاقية التي وقعت في إسطنبول في 22 يوليو (تموز) 2022 بين روسيا وأوكرانيا بوساطة تركيا ورعاية الأمم المتحدة، بعد قرار روسيا في 18 يوليو الماضي بعدم تجديدها مرة أخرى بسبب عدم تنفيذ الشق الخاص بخروج الحبوب والأسمدة والمنتجات الزراعية من موانئها، وعدم إدراج البنك الزراعي الروسي في نظام «سويفت» بسبب العراقيل الغربية.
وسيتم نقل مليون طن من الحبوب الروسية إلى تركيا عبر 40 سفينة، وسيجري تسليمها إلى مطاحن الدقيق الخاصة في تركيا، وستكون الوجهات الرئيسية للدقيق هي بوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وإريتريا وجمهورية أفريقيا الوسطى. وسيتم إعطاء الأولوية لهذه البلدان لأنها تفتقر إلى القدرة على طحن الدقيق، وفي المستقبل، سيتم شحن الدقيق المصنوع من الحبوب الروسية إلى تشاد وليبيا وجيبوتي واليمن وإثيوبيا.
ولا تعد المبادرة الروسية بديلاً عن اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، والغرض منها منع حدوث نقص حاد في الغذاء في البلدان النامية.
وقال وزير الزراعة الروسي دميتري باتروشيف، الجمعة، إن أول سفينتين محملتين بالقمح للصومال وبوركينا فاسو غادرتا روسيا، وتم البدء في تسليم الحبوب المجانية التي وعد بها الرئيس فلاديمير بوتين إلى الدول الأفريقية. وأضاف أن السفينتين سعة كل منهما 25 ألف طن، غادرتا الموانئ الروسية، ونتوقع وصولهما إلى إسطنبول في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وبداية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ولفت باتروشيف إلى أن روسيا سترسل إجمالي 200 ألف طن من القمح إلى الدول الأفريقية مجاناً من الآن وحتى بداية العام الجديد، وأنه سيتم إرسال السفن المحملة بالقمح إلى إريتريا ومالي وزيمبابوي وجمهورية أفريقيا الوسطى قبل نهاية العام.
في الوقت ذاته، استخدمت 151 سفينة تجارية ممر الشحن الأوكراني في البحر الأسود منذ تشغيله في أغسطس (آب) الماضي. وقال نائب وزير التجديد والبنية التحتية الأوكراني، يوري فاسكوف، إنه تم شحن إجمالي 4.4 مليون طن متري من البضائع، بما في ذلك 3.2 مليون طن من الحبوب، عبر الممر حتى الآن. وأضاف أن 30 سفينة يتم تحميلها حالياً في الموانئ الأوكرانية، منها 22 سفينة ستحمل 700 ألف طن من الحبوب، و8 سفن ستحمل 500 ألف طن من البضائع الأخرى.
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الوضع في البحر الأسود تحول لصالح بلاده خلال الأشهر الأخيرة، وتابع الرئيس الأوكراني في حديثه يوم الخميس من كييف، والتي تعقد فيها الجمعية البرلمانية لمنظمة التعاون الاقتصادي في منطقة البحر الأسود: «تمكنا من انتزاع المبادرة من روسيا في البحر الأسود، وخلقنا ظروفاً أمنية تجبر المعتدي على الفرار من الجزء الشرقي من المنطقة المائية ومحاولة إخفاء السفن الحربية».
وقال الرئيس الأوكراني: «روسيا غير قادرة على استخدام البحر الأسود كنقطة انطلاق لزعزعة استقرار مناطق أخرى في العالم»، مضيفاً أن روسيا استخدمت البحر الأسود في الحرب ضد جورجيا عام 2008، ومنذ انتشارها في سوريا منذ عام 2015. وتدير أوكرانيا ممراً بحرياً باتجاه مضيق البوسفور دون ضمانات أمنية روسية منذ أغسطس. وقد غامرت نحو 100 سفينة بالإبحار في هذا الممر الذي لا يزال محفوفاً بالمخاطر منذ ذلك الحين.
وقال زيلينسكي في خطابه المسائي بالفيديو إن الوضع الجديد في البحر الأسود يستحق المزيد من الاهتمام. وتابع: «لقد غيرت بلادنا الوضع بشكل جذري في البحر الأسود. لقد فقدت روسيا السيطرة».