الحرب على غزة: استياء دبلوماسيين فرنسيين بسبب سياسة ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون 15 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون 15 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

الحرب على غزة: استياء دبلوماسيين فرنسيين بسبب سياسة ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون 15 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون 15 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

انتقدت مجموعة من الدبلوماسيين الفرنسيين العاملين في الشرق الأوسط سياسة الرئيس إيمانويل ماكرون في المنطقة، وموقفه المؤيد لإسرائيل في مذكرة داخلية، وهي مبادرة غير معتادة تعبر عن استياء لدى بعض موظفي وزارة الخارجية الفرنسية.

وكشف دبلوماسيون فرنسيون لصحيفة لوفيغارو المحلية الخطوط العامة لهذه المذكرة، لكن مضمونها الحرفي لم يسرب.

وأوضح السفير الفرنسي السابق في الأردن دوني بوشار لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الأمر يتعلق «بمذكرة داخلية جماعية ذات صبغة مهنية»، لكنه أشار إلى أنها «غير مألوفة من حيث الشكل، لكونها حملت تواقيع نحو عشرة سفراء في الشرق الأوسط».

وقد تحدث بوشار في موضوعها مع أحد الأشخاص الذين علموا بها.

تستقبل وزارة الخارجية يوميا عشرات، أو أكثر، من المذكرات الدبلوماسية التي ترسلها سفارات وقنصليات فرنسا في مختلف أنحاء العالم، لكنها ليست موجهة للعلن.

لذلك يعد تسريب هذه المذكرة أمرا «غير عرضي» وفق ما أوضح دبلوماسي في باريس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من دون الكشف عن هويته، وذلك في الوقت الذي تثير فيه الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين نقاشا محتدما في المجتمع الفرنسي، لم تسلم منه حتى وزارة الخارجية.

وتلك الوثيقة عبارة عن «مبادرة لسفراء يتقاسمون التشخيص نفسه» للوضع كما يلاحظ بوشار، الذي عمل سابقا مديرا لشؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية.

وهي أيضا «تعبر عن القلق من ملاحظة فقدان فرنسا لتأثيرها، بما في ذلك في بلدان تربطها بها علاقات جيدة تقليديا، مثل لبنان والأردن ومصر».

من جهتها، ردت الناطقة باسم الخارجية آن كلير لوجاندر أن الوزارة «لا تعلق على المراسلات الدبلوماسية ذات الطبيعة السرية».

وأضافت منبهة إلى أن «الدبلوماسية ليست موضوع آراء شخصية يعبر عنها في الصحافة، فواجب التحفظ والولاء ينطبق على الدبلوماسيين كما على جميع الموظفين».

أما السفير السابق في العراق وتونس إيف أوبان دو لامسوزيير فيعد هذه المذكرة «نتيجة للمواقف المتتالية لماكرون حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني غير المفهومة» بالنسبة لبعض السفراء.

وأضاف: «هناك انطباع أن الأمر يتعلق بمبادرات واقتراحات غير مفكر فيها أو مرتجلة تماما، مثل دعوته إلى توسيع مهام التحالف الدولي ضد (داعش) لتشمل قتال حركة (حماس)».

وهو موقف «لا فائدة ولا طائل منه»، باعتبار أن العديد من الدول العربية ما كانت لتوافقه.

«ضياع التأثير»

ويستطرد دو لامسوزيير عادّت أن مواقف ماكرون تجعل السياسة الخارجية لفرنسا «غير مفهومة»، ما يعقد مهمة سفرائها في الميدان.

ويذكّر بأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كان منذ عهد الرئيس شارل ديغول وحتى جاك شيراك: «عنصرا بنيويا للسياسة الخارجية لفرنسا»، آسفا على كون هذه القضية فقدت «مركزيتها».

وأضاف أن «المسألة جدية لأنها ترتبط بضياع التأثير في المنطقة”.

مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) عبر أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، من دون ذكر اسمه، عن تحليل مماثل قائلا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الرئيس الفرنسي فقد مصداقيته في العالم العربي وكذلك سمعته؛ خصوصاً بعد التصريحات التي أدلى بها خلال زيارته إسرائيل حيث أعلن دعما غير مشروط لها».

من جانب آخر، يشير دوني بوشار وإيف أوبان إلى أن الدبلوماسيين الفرنسيين «قلقون» أيضا إزاء «المنهجية» التي يتم العمل بها، في إشارة إلى إحداث خلية دبلوماسية في القصر الرئاسي لمتابعة الموضوع يبدو أنها أخذت «حجما مفرطا»، من دون إعطاء ما يكفي من اعتبار لآراء خبراء وزارة الخارجية.

ويلخص بوشار المسألة قائلا: «الرئيس ليس مجبرا بطبيعة الحال على اتباع النصائح التي يدلي بها الدبلوماسيون، سواء في القصر الرئاسي أو في وزارة الخارجية. لكن الشعور السائد في الغالب، عن حق أو عن باطل، هو أن ثمة ارتجالا غير مفكر فيه».

لكن الناطقة باسم وزارة الخارجية رفضت هذه الانتقادات، مشيرة إلى أن تحديد «أي وضع دولي يكون موضوع مساهمات للعديد من مراكزنا الدبلوماسية».


مقالات ذات صلة

تعويل على «قمة الرياض» للدفع نحو إنهاء حرب غزة ولبنان

الخليج الدكتور شائع الزنداني وزير الخارجية اليمني (الشرق الأوسط)

تعويل على «قمة الرياض» للدفع نحو إنهاء حرب غزة ولبنان

تنطلق في الرياض اليوم، اجتماعات وزارية تمهيدية للقمة العربية - الإسلامية التي تلتئم في العاصمة السعودية غداً، ويعول عليها في الدفع نحو إنهاء الحرب الإسرائيلية

عبد الهادي حبتور ( الرياض)
المشرق العربي خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (رويترز)

الخيارات تضيق أمام قيادة «حماس» في الخارج

في ظل ضغوط أميركية متصاعدة لإبعاد قيادة «حماس» من الدوحة، أُفيد أمس بأن قطر أبلغت الحركة بأن مكتبها السياسي الذي ينشط منذ سنوات انطلاقاً من عاصمتها،

كفاح زبون (رام الله) «الشرق الأوسط» (غزة - الدوحة)
المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يمين) ونظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي يوجّه رسالة «حادة» لنظيره الإسرائيلي بشأن مساعدات غزة

ذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، أن وزير الدفاع الأميركي وجّه رسالة «حادة» لنظيره الإسرائيلي الجديد فيما يتعلق بمسألة المساعدات إلى قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال لقائه جنوداً إسرائيليين في جباليا بشمال قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

رئيس الأركان الإسرائيلي من جباليا: «جيشنا لا يتعب»

قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي لجنوده، خلال زيارته جباليا شمال قطاع غزة: «بالقوة التي تظهرونها هنا، نحن نضمن أمان مدنيينا وسنعيد الأسرى».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صور الرهائن المحتجزين في قطاع غزة تظهر على حائط في تل أبيب (رويترز)

إسرائيل ترحب بقرار قطر الانسحاب من الوساطة في المفاوضات مع «حماس»

نقل موقع «واي نت» الإسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي قوله، اليوم السبت، إن بلاده ترحب بقرار قطر الانسحاب من الوساطة في المفاوضات مع حركة «حماس» الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الآلاف يحتجون في فالنسيا الإسبانية بسبب كارثة الفيضانات (صور)

عنصران من الشرطة الإسبانية خلال مظاهرة في فالنسيا الإسبانية احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة (أ.ف.ب)
عنصران من الشرطة الإسبانية خلال مظاهرة في فالنسيا الإسبانية احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة (أ.ف.ب)
TT

الآلاف يحتجون في فالنسيا الإسبانية بسبب كارثة الفيضانات (صور)

عنصران من الشرطة الإسبانية خلال مظاهرة في فالنسيا الإسبانية احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة (أ.ف.ب)
عنصران من الشرطة الإسبانية خلال مظاهرة في فالنسيا الإسبانية احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة (أ.ف.ب)

تظاهر عشرات الآلاف في مدينة فالنسيا بشرق إسبانيا، السبت، احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة التي أودت بحياة أكثر من 220 شخصاً في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في أوروبا منذ عقود.

وفي أحدث المظاهرات بسبب الفيضانات، توافدت الحشود على وسط مدينة فالنسيا للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة الإقليمية كارلوس مازون وهتفوا: «قتلة!».

وكُتب على إحدى اللافتات، وفقاً لوكالة «رويترز»: «أيادينا ملطخة بالطين وأياديكم ملطخة بالدماء».

سيارات مدمرة من جراء فيضانات فالنسيا الإسبانية (إ.ب.أ)

ويتهم سكان المناطق المتضررة مازون بالتأخر في إصدار التحذير يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) بعد وقت طويل من تدفق المياه إلى كثير من البلدات والقرى القريبة.

وقال مازون إنه كان سيصدر إنذاراً في وقت مبكر لو أن السلطات المركزية قدمت معلومات كافية عن خطورة الوضع.

عنصران من الشرطة الإسبانية خلال مظاهرة في فالنسيا الإسبانية احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة (أ.ف.ب)

وقالت أنا أوليفر رئيسة إحدى الجماعات التي نظمت الاحتجاج وعددها 30 جماعة: «نريد أن نعبر عن سخطنا وغضبنا إزاء الإدارة السيئة لهذه الكارثة التي أثرت على عدد كبير من الناس».

وقدرت الحكومة عدد المشاركين في الاحتجاج بنحو 130 ألف شخص.

ولا يزال نحو 80 شخصاً في عداد المفقودين من جراء أعنف فيضان تشهده دولة أوروبية واحدة، منذ الفيضانات التي ضربت البرتغال عام 1967 وأودت بحياة 500 شخص تقريباً.

عناصر من الشرطة الإسبانية تحمل معدات مكافحة الشغب خلال مظاهرة في فالنسيا الإسبانية احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة (رويترز)

روائح كريهة

وتنتشر روائح كريهة في المناطق المجاورة لفالنسيا بعد أن اجتاحتها فيضانات مدمرة الأسبوع الماضي، ما يثير تساؤلات حول احتمال أن تترتب عليها مخاطر صحية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

عناصر من وحدات الإطفاء في إقليم الباسك يجوبون حقلاً للأرز بحثاً عن ضحايا فيضانات فالنسيا الإسبانية (رويترز)

وقال عالم الأحياء في جامعة بوليتكنيك في فالنسيا ميغيل روديلا إن روائح «البيض الفاسد والكبريت» المنبعثة من المناطق المنكوبة ناتجة من «تحلل مواد عضوية دون أكسجين».

وأكد أن تنشقها «ليس مثالياً للصحة»، لافتاً النظر إلى أنها ستصبح سامة في حال تركزت انبعاثات المواد المتحللة في الهواء بشكل «أكبر».

الحشود المشاركة في المظاهرات وسط مدينة فالنسيا يحملون لافتة مكتوباً عليها «قتلة!» (إ.ب.أ)

وقال: «قد نجد الكثير من حالات الإصابة بصداع، وتشوهات في الإدراك» مع مرور الوقت.

واشتكى العديد من المتطوعين والضحايا في المناطق المتضررة، من صداع نصفي ودوار بعد تنشق روائح كريهة. وفي فالنسيا والمناطق المحيطة بها، لجأ كثيرون إلى وضع كمامات كما درجت العادة خلال جائحة كوفيد - 19.

سيدة تحمل كلبها خلال عملية تنظيف آثار الفيضانات في فالنسيا (إ.ب.أ)

ومع ذلك، طمأنت وزيرة الصحة مونيكا غارسيا، على موقع «إكس»، قائلة إنه «لم يتم الإبلاغ أي عن وباء مرتبط بالفيضانات حالياً».

وأكدت وضع بروتوكول مراقبة «للوقاية من العدوى والأمراض التي تنتقل عن طريق عناصر موجودة في الوحل والمياه الراكدة».

ولم يقنع موقفها منظمة «غرينبيس» غير الحكومية التي تُعنى بالبيئة. وقالت المنظمة: «الرواية الحكومية الرسمية تؤكد عدم وجود مشكلة، لكن لا تتوافر لدينا طريقة للتحقق من ذلك، لذا سنجري تحليلنا الخاص» للوحل.

أمراض

بعد ظهور بعض حالات التهابات المعدة والأمعاء، أقرت وزيرة الصحة، في حديث عبر إذاعة عامة، بأن «أدلة علمية تشير إلى وجود خطر مرتبط بعوامل مسببة للأمراض، لا سيما في المياه الراكدة، يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي أو التهاب رئوي».

إلى ذلك، أعلنت السلطات الصحية في المنطقة «الاشتباه» بإصابة متطوعَين شاركا في عمليات التنظيف «بداء البريميات»، وهو مرض بكتيري.

وانتشرت سلسلة من التوصيات على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تجنب خطر انتشار الأمراض مع تدفق متطوعين من كل أنحاء إسبانيا للمساعدة.

صورة توضح الحشود المشاركة في المظاهرات وسط مدينة فالنسيا (إ.ب.أ)

وشدّدت المتحدثة باسم لجنة الطوارئ التي شُكلت بعد الكارثة روزا توريس، خلال مؤتمر صحافي، على أهمية أن يكون «أي شخص يتوجه إلى المنطقة المتضررة مجهزاً بكمامة وقفازين وحذاء وقميص ذي أكمام طويلة وسروال طويل ونظارات واقية، خصوصاً لدى التعامل مع المياه الراكدة أو الوحل».

وبعد مرور أكثر من عشرة أيام على الفيضانات التي خلفت 220 قتيلاً على الأقل في جنوب شرقي إسبانيا، لم تُزل بلديات عديدة في منطقة فالنسيا بعد كل الوحل البني الرطب المنتشر على الطرق وعلى جدران المنازل مُصدراً روائح كريهة.

خبير في تكنولوجيا المعلومات يجر عربة عليها معدات خلال استعداده للسفر إلى فالنسيا مع مجموعة من الأصدقاء للتطوع في مساعدة المتضررين من الفيضانات (رويترز)

انتشار البعوض

تنبعث رائحة كريهة من متجر كبير في بلدة سيدافي الواقعة في منطقة فالنسيا. وقال توني ماركو (40 عاماً) الموظف في شركة تنظيف: «إنها لحوم فاسدة».

وأفاد بأن اللحوم «كانت هنا يوم الفيضان ولم يُتح إمكان إخراجها قبل الآن». وبقيت المواد الغذائية لعشرة أيام في ثلاجات من دون كهرباء.

ولفت أنجيل ألدهويلا (51 عاماً) وهو رجل إطفاء يعمل في كاتاروجا بالقرب من فالنسيا إلى أن الروائح «تتغير» من شارع إلى آخر لأن «لكل عنصر متحلل رائحة مختلفة».

متطوع يستريح خلال عملية تنظيف الشوارع والمنازل من آثار فيضانات فالنسيا الإسبانية (إ.ب.أ)

وتوقع أن تزيد الروائح الكريهة، وقال: «لا أعرف كم من الوقت سيستمر هذا الوضع»، مقدراً أن تستغرق عملية التنظيف «بضعة أسابيع».

وفي الأيام المقبلة، ستولي السلطات الصحية في مقاطعة فالنسيا اهتماماً خاصاً أيضاً بمخاطر انتشار البعوض في المياه الراكدة، لكونه ينقل الأمراض. ودعت وزارة الصحة في المنطقة البلديات الـ79 المتضررة إلى اتخاذ إجراءات للتعامل مع هذا الوضع.