واشنطن وبروكسل تجددان التزامهما بدعم أوكرانيا

مساعدات أميركية جديدة ومحادثات حول عضوية كييف في «الأوروبي»... وزيلينسكي ينفي الوصول إلى «طريق مسدود»

زيلينسكي وفون دير لاين خلال مؤتمر صحافي بكييف، السبت (إ.ب.أ)
زيلينسكي وفون دير لاين خلال مؤتمر صحافي بكييف، السبت (إ.ب.أ)
TT

واشنطن وبروكسل تجددان التزامهما بدعم أوكرانيا

زيلينسكي وفون دير لاين خلال مؤتمر صحافي بكييف، السبت (إ.ب.أ)
زيلينسكي وفون دير لاين خلال مؤتمر صحافي بكييف، السبت (إ.ب.أ)

بينما تقوم رئيسة المفوضية الأوروبية بزيارة لأوكرانيا، أعلنت الإدارة الأميركية عن مساعدة أمنية جديدة لهذا البلد المنخرط في حرب مع روسيا منذ فبراير (شباط) 2022، وذلك رغم تراجع نسبي للدعم الغربي لكييف. وفيما تراوح المعارك مكانها على جبهات القتال الأساسية في شرق وجنوب أوكرانيا، أشار تقرير إعلامي أميركي إلى مساعٍ غربية للدفع بمفاوضات سلام بين موسكو وكييف.

محادثات سلام

نقلت شبكة «إن بي سي» عن مسؤول أميركي كبير ومسؤول أميركي سابق، لم تذكر اسمهما، القول إن مسؤولين أميركيين وأوروبيين تحدثوا إلى الحكومة الأوكرانية حول ما قد تنطوي عليه مفاوضات سلام محتملة مع روسيا لإنهاء الحرب. وأدت الحرب في أوكرانيا، التي دخلت شهرها الحادي والعشرين، إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف وتدمير مساحات كبيرة من البلاد. كما أثارت أعمق أزمة في علاقات موسكو مع الغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.

جنديان أوكرانيان يقومان بأعمال صيانة لدبابة في منطقة زابوريجيا، الجمعة (رويترز)

وقالت «إن بي سي» إن المحادثات تضمنت الخطوط العريضة للغاية لما قد تحتاج أوكرانيا إلى التخلي عنه للتوصل إلى اتفاق مع روسيا. ونقلت الشبكة عن المسؤولين قولهما إن المحادثات مع أوكرانيا تأتي وسط مخاوف لدى الأميركيين والأوروبيين من أن الحرب وصلت إلى طريق مسدودة، وكذلك بشأن قدرة الغرب على مواصلة تقديم المساعدات لأوكرانيا.

ونفى الرئيس الأوكراني، السبت، أن تكون الحرب الدائرة بين بلاده وروسيا قد وصلت إلى «طريق مسدود»، نافياً تعرضه لضغوط من الدول الغربية لبدء مفاوضات مع روسيا. ولم يتحرّك خط المواجهة، الذي يزيد طوله على ألف كيلومتر منذ تحرير مدينة خيرسون في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي. وقال زيلينسكي، خلال مؤتمر صحافي في كييف مع رئيسة المفوضية الأوروبية، السبت: «لقد مر وقت والناس متعبون... لكننا لسنا في طريق مسدود».

مساعدات أميركية

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن مساعدة إضافية لأوكرانيا لتلبية احتياجاتها الأمنية والدفاعية الحيوية، بحسب بيان لوزارة الدفاع. وتشمل المساعدة 125 مليون دولار من مخزونات البنتاغون لتلبية احتياجات أوكرانيا الفورية في ساحة المعركة، بالإضافة إلى 300 مليون دولار من أموال «مبادرة المساعدة الأمنية في أوكرانيا» لتعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية على المدى الطويل.

وتُعدّ هذه الدفعة الـ50 من المعدات التي سيتم توفيرها من مخزونات وزارة الدفاع لأوكرانيا منذ أغسطس (آب) 2021، بما في ذلك قدرات الدفاع الجوي الإضافية وذخائر المدفعية والأسلحة المضادة للدبابات وغيرها من المعدات لمساعدة أوكرانيا. وتعتمد الحزمة الجديدة من المساعدات على تصريح سابق بموجب سلطة السحب الرئاسي.

جندي أوكراني في إحدى جبهات القتال بزابوريجيا، الجمعة (رويترز)

وتتضمن هذه المساعدات ذخائر إضافية لأنظمة صواريخ أرض - جو «ناسامس»، وذخيرة إضافية لأنظمة الصواريخ «هيمارس»، وقذائف مدفعية من عيار 155 مليمتراً و105 مليمترات، وذخائر إضافية موجهة بالليزر لمواجهة الأنظمة الجوية من دون طيار، وصواريخ «تاو» و«جافلين» المضادة للدروع، وأكثر من 3 ملايين طلقة من ذخيرة الأسلحة الصغيرة والقنابل اليدوية، وذخائر الهدم لإزالة العوائق، وذخائر مضادة للأفراد، وشاحنات لنقل المعدات الثقيلة وقطع الغيار والصيانة.

وأوضح بيان البنتاغون أنه على عكس السحوبات الرئاسية السابقة، التي كانت تأتي من مخزوناته، فإن الحزمة الجديدة التي تبلغ 300 مليون دولار تندرج في إطار «مبادرة المساعدة الأمنية في أوكرانيا» التي بموجبها تحصل الولايات المتحدة على الأسلحة والمعدات مباشرة من الشركات.

وتأتي هذه المساعدات فيما يشهد الدعم الأميركي لأوكرانيا تململاً، خاصة في صفوف النواب الجمهوريين. وقال البيان إن إدارة بايدن تواصل دعوة الكونغرس إلى الوفاء بالتزامه «تجاه شعب أوكرانيا من خلال تمرير تمويل إضافي لضمان حصول أوكرانيا على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها ضد الحرب الوحشية التي اختارتها روسيا». وحرص البيان على الإشارة إلى الحلفاء والشركاء الذين يزودون أوكرانيا بالقدرات، التي بلغت نحو 35 مليار دولار، وأن المساعدات الأميركية هي «استثمار ذكي» في أمننا القومي، و«يعزز قاعدتنا الصناعية» الدفاعية و«يخلق وظائف» تتطلب مهارات عالية للشعب الأميركي.

ولا يزال الخلاف مستمراً بين الجمهوريين أنفسهم ومع الديمقراطيين، حول المساعدات لأوكرانيا وكلفتها وجدواها. كما أن حزمة المساعدات الضخمة التي طلبها الرئيس بايدن بقيمة 106 مليارات دولار، لكل من أوكرانيا وإسرائيل وتايوان وأمن الحدود، لا تزال مثار شد وجذب، خصوصاً بعدما تم انتخاب مايك جونسون المحسوب على التيار اليميني في الحزب الجمهوري رئيساً لمجلس النواب.

عضوية الاتحاد الأوروبي

زارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين كييف، السبت، لمناقشة توسيع الاتحاد الأوروبي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي. وقالت على منصة «إكس» («تويتر» سابقاً): «أنا هنا لمناقشة مسار انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي»، مضيفة أنها ستناقش مع زيلينسكي أيضاً «الدعم المالي لإعادة بناء أوكرانيا ديموقراطية عصرية مزدهرة».

ويتعين على المفوضية أن تصدر في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) تقريرها بشأن التقدم الذي أحرزته أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا، واتخاذ القرار بشأن إطلاق مفاوضات الانضمام، قبل قمة دول الاتحاد في بروكسل في 14 و15 ديسمبر (كانون الأول). وتبحث فون دير لاين في زيارتها السادسة إلى أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي، الدعم العسكري الأوروبي لأوكرانيا، فضلاً عن «الحزمة الثانية عشرة من عقوبات» الاتحاد الأوروبي على روسيا التي هي قيد الإعداد، حسبما قالت لمجموعة «يوربيان نيوزروم» التي تضم وكالات أنباء، من بينها وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت للصحافيين، السبت، إن «الرسالة الأهم هي تأكيد الحرص على وقوفنا إلى جانب أوكرانيا مهما طال الزمن».

وتأتي الزيارة وسط قلق من احتمال تراجع الدعم لأوكرانيا، في وقت خطفت الحرب في غزة الاهتمام الدولي. وأضافت فون دير لاين أن زيارتها كانت مقررة «منذ وقت طويل»، وبأنها زيارة طبيعية تسبق تقديم تقرير بشأن توسيع الاتحاد الأوروبي.

وكان وزير الخارجية الأوكراني، ديمترو كوليبا، قد صرّح هذا الأسبوع بأن كييف على مسار الوفاء بالتزاماتها لفتح مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي. ويدرس الاتحاد الأوروبي حالياً مجموعة جديدة من العقوبات ضد روسيا، وتقديم حزمة مساعدات طويلة الأمد لدعم أوكرانيا بقيمة 50 مليار يورو (54 مليار دولار). وتؤيد جميع دول الاتحاد الـ27 تقريباً تقديم مساعدة لأوكرانيا، باستثناء المجر وسلوفاكيا.


مقالات ذات صلة

باريس تستضيف قمة «تحالف الراغبين» لدعم كييف

أوروبا الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه (أرشيفية - د.ب.أ)

باريس تستضيف قمة «تحالف الراغبين» لدعم كييف

الأوروبيون متمسكون بلعب دور في الحرب الأوكرانية، ويرفضون التفرد الأميركي بمصيرها، وباريس تستضيف قمة «التحالف» لدعم أوكرانيا، الثلاثاء المقبل.

ميشال أبونجم (باريس) ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي يعلن عن اجتماع لدول «تحالف الراغبين» في 3 يناير بأوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن بلاده تخطط لعقد اجتماع لمستشاري الأمن القومي لدول «تحالف الراغبين» في الثالث من يناير (كانون الثاني).

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)

لافروف: نجاح مفاوضات التسوية الأوكرانية مستحيل دون إنهاء سياسة كييف «الإجرامية»

أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الثلاثاء، أن نجاح مفاوضات تسوية الأزمة الأوكرانية مستحيل من دون إنهاء ما وصفها بـ«السياسة الإجرامية» لكييف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال الإنقاذ الأوكرانيون يعملون في موقع غارة روسية استهدفت بنية تحتية لميناء في منطقة أوديسا (إ.ب.أ)

كييف: مسيرات روسية تقصف سفينتين مدنيتين بميناء أوكراني

كشفت البحرية الأوكرانية اليوم الثلاثاء أن طائرات مسيرة ‌روسية ‌قصفت ‌سفينتين مدنيتين ⁠في ​أثناء ‌دخولهما أحد المواني الأوكرانية في البحر الأسود.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الاقتصاد عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)

ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

انخفضت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب ​44 في المائة خلال 2025 إلى أدنى مستوياتها منذ منتصف السبعينات، وفق ما أظهرت حسابات «رويترز»، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

باريس تستضيف قمة «تحالف الراغبين» لدعم كييف

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه (أرشيفية - د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

باريس تستضيف قمة «تحالف الراغبين» لدعم كييف

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه (أرشيفية - د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه (أرشيفية - د.ب.أ)

عجَّل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد اجتماع الأحد في مارالاغو (فلوريدا) الذي ضم الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ومجموعة من القادة الأوروبيين إلى الإعلان عن اجتماع قريب لـ«تحالف الراغبين» الذي يضم 35 دولة أكثريتها الساحقة أوروبية.

وكتب ماكرون على منصة «إكس» ما حرفيّته: «نحرز تقدماً فيما يخص الضمانات الأمنية (التي تطلبها أوكرانيا) والتي سيكون لها دور مركزي في التوصل إلى سلام عادل ودائم (بين روسيا وأوكرانيا). وسوف نجتمع كمجموعة (تحالف الراغبين) في باريس بداية يناير (كانون الثاني) لوضع اللمسات الأخيرة على المساهمات الفعلية لكل طرف».

وقال زيلينسكي، الثلاثاء، إن قمة «تحالف الراغبين» ستعقد الثلاثاء القادم (6 يناير) في باريس وسيسبقها اجتماع لمستشاري الأمن القومي التحالف المذكور في كييف يوم 3 يناير.

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا 15 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

خلفيات الاستعجال الفرنسي

يأتي الاستعجال الفرنسي عقب ما اعتُبر تقدماً ملموساً تَحقَّق خلال اجتماع ترمب - زيلينسكي، وما جاء على لسان الرئيسين بخصوص الضمانات الأمنية. فالرئيس الأوكراني أعلن، في المؤتمر الصحافي المشترك مع ترمب، أنه تم إحراز تقدم كبير فيما يخص الضمانات الأمنية «القوية» التي يلتزم بها الجانب الأميركي.

وأضاف زيلينسكي، في حوار مع مجموعة صحافية على تطبيق «واتساب»، أن واشنطن عرضت ضمانات أمنية صالحة لـ15 عاماً، وأنه طلب من الرئيس الأميركي أن تمتد إلى 30 أو 40 أو حتى 50 عاماً لردع روسيا عن مهاجمة أوكرانيا مجدداً بعد التوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين. وأضاف زيلينسكي أن ترمب وعده بالرد على طلبه. والأهم أن الرئيس الأوكراني جزم بأنه «من دون ضمانات أمنية، لن تنتهي هذه الحرب بصورة واقعية». بيد أنه امتنع عن الكشف عن تفاصيل الضمانات الأميركية، مكتفياً بالقول إنها تشمل آليات لتنفيذ؛ أي اتفاق سلام، وأنها تضم «شركاء»، في إشارة الى «تحالف الراغبين». وقال في المناسبة عينها إن وجود قوات داعمة لكييف على الأراضي الأوكرانية «جزء مهم» من هذه الضمانات. أما ترمب فقد أشار في المؤتمر الصحافي المذكور إلى أنه يتوقع من الدول الأوروبية أن «تضطلع بجزء كبير» من هذه الضمانات «بدعم أميركي».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالثياب العسكرية كما ظهر في صورة مأخوذة من مقطع فيديو السبت الماضي (أ.ب)

المعضلة أن ترمب نفسه لم يكشف النقاب عمّا ستلتزم به بلاده، الأمر الذي يثير، وفق مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس، صعوبتين متلازمتين: الأولى، أن الدول الجاهزة للمشاركة في «قوة الطمأنة» التي ستنبثق عن «تحالف الراغبين» تربط مساهمتها بوجود «تعهد أميركي» بالتدخل، في حال عاودت روسيا استهداف أوكرانيا مجدداً. وبكلام آخر، لا يريد الأوروبيون أن يكونوا وحدهم في مواجهة القوات الروسية، انطلاقاً من مبدأ أن القوات الأميركية وحدها قادرة على «ردع» الجانب الروسي. لذا، فإنهم يطالبون بـ«شبكة أمان» (Backstop) تتضمن تعهداً أميركياً بحماية «قوة الطمأنة» عند الحاجة. والصعوبة الثانية أن روسيا ترفض نشر أي قوات على الأراضي الأوكرانية تكون تابعة لدول أعضاء في الحلف الأطلسي.

وسبق لموسكو أن جعلت من هذا الأمر «خطاً أحمر». ومن الواضح أن الأوروبيين يراهنون على دور أميركي في «تليين» الموقف الروسي. وإذا واظبت موسكو على رفضها، فإن أي نشر لـ«قوة الطمأنة» سيكون مستبعداً، على الرغم من أن الخطط الأوروبية لا تتحدث إطلاقاً عن نشرها على خط المواجهة بل في المواقع الخلفية ما بين كييف وحدود أوكرانيا الغربية. وأكثر من مرة، أكد قادة أوروبيون وعلى رأسهم ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أن «قوة الطمأنة» لن تكون قوة قتالية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحِّباً بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريد الأحد الماضي (أ.ف.ب)

من الوعود إلى الالتزامات

حتى اليوم، كانت دول «تحالف الراغبين» تقدم وعوداً بالمشاركة في توفير الضمانات الأمنية، التي تراها باريس في ثلاثة مستويات: الأول، توفير الدعم الضروري للجيش الأوكراني مالياً وتسليحياً بحيث يشكل «الضمانة الأولى»؛ والثاني، المشاركة الفعلية بوحدات عسكرية لرفد «قوة الطمأنة». وحتى اليوم، ثمة عدة دول أعلنت بوضوح استعدادها للمشاركة، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا وإستونيا والنروج وليتوانيا وتركيا، فيما دول أخرى «مستعدة» ولكنها لم تكشف عن طبيعة مساهماتها، ومنها بلجيكا وهولندا والسويد والدنمارك وفنلندا ولاتفيا... في المقابل، ثمة دول رفضت أي مشاركة بوحدات عسكرية، وعلى رأسها بولندا وإيطاليا... أما المستوى الثالث فهو بالطبع يخص الجانب الأميركي. وأفادت مصادر رئاسية بأن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أكد مشاركة بلاده في الضمانات الأمنية ولكنه بقي غامضاً إزاء طبيعتها، علماً أن أوكرانيا تطالب بما يشبه «البند الخامس» من معاهدة «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) التي تجعل من أي اعتداء خارجي لبلد عضو في الحلف اعتداءً على كل أعضائه.

في هذا السياق فإن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي سيوفِّر لها ضمانة أوروبية شبيهة بالفقرة الخامسة، وهو ما أكدته أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بقولها إن انضمام أوكرانيا يشكّل ضمانة أمنية أساسية «في حد ذاته» شبيهة بالمادة 5 من الحلف الأطلسي. بيد أن المشكلة تكمن في أن الاتحاد الأوروبي ليس منظمة دفاعية - عسكرية كالحلف الأطلسي. ورغم أن الأوربيين يدفعون باتجاه تسريع انضمام كييف إلى ناديهم، فإن موعده ليس واضحاً بسبب القواعد المفترض توفرها في الدولة المرشحة. وبعد الفضائح الأخيرة التي عرفتها كييف، فمن غير المرجح أن يتم انضمامها إلى الاتحاد سريعاً.

أمن القارة الأوروبية

قياساً إلى ما سبق، تبرز أهمية الاجتماع رفيع المستوى الذي يدعو إليه ماكرون الأسبوع المقبل، والذي ترجح باريس أن يكون بمشاركة زيلينسكي وعديد من القادة الأوروبيين. والسبب في ذلك أهميته الاستثنائية في ظل تسارع الاتصالات والمشاورات الدبلوماسية والانخراط الأميركي القوي، التي من شأنها جعل التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار أقرب من أي وقت مضى.

لذا، ثمة حاجة ملحة لـ«تحالف الراغبين» إلى تسريع العمل وتحديد ما يلتزم كل طرف بتقديمه جدياً على المستويات المالية والتسليحية واللوجيستية والعسكرية، علماً أن هيئة أركان جماعية يديرها ضابط فرنسي تجتمع في ضاحية قريبة من باريس وتعمل على رسم خطط الانتشار ودراسة السيناريوهات المحتملة لـ«قوة الطمأنة» التي لا يُعرف بعد تكوينها وعديدها وتسليحها.

وينظر الأوروبيون إلى مساهماتهم من زاويتين: الأولى، تأكيد وحدة الموقف الأوروبي بالوقف الحازم إلى جانب أوكرانيا (مع بعض الاستثناءات: المجر وسلوفاكيا)، والأخرى، اعتبار مشاركتهم المدخل المتاح حتى لا يتفرد «الحليف الأميركي» بالملف الأوكراني، وليكون لهم دور في شأن يرتبط به أمن القارة الأوروبية، فضلاً عن المشاركة في الدفع باتجاه اتفاق سلام يُنهي حرباً على قارتهم انطلقت قبل أربع سنوات.


وزير الدفاع الألماني ينتقد الفضائح «الصادمة» في فوج المظليين بالجيش

جنود ألمان يشاركون في مناورات عسكرية بليتوانيا (رويترز)
جنود ألمان يشاركون في مناورات عسكرية بليتوانيا (رويترز)
TT

وزير الدفاع الألماني ينتقد الفضائح «الصادمة» في فوج المظليين بالجيش

جنود ألمان يشاركون في مناورات عسكرية بليتوانيا (رويترز)
جنود ألمان يشاركون في مناورات عسكرية بليتوانيا (رويترز)

وصف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الفضائح التي طالت مظليين في القوات المسلحة الألمانية بأنها «صادمة»، مؤكداً أنها تمثل انتهاكاً صارخاً لقيم الجيش الألماني.

وتشمل القضايا المبلغ عنها حالات تطرف يميني، وسلوكاً جنسياً غير لائق، وتعاطي مخدرات، حسبما أوضح الوزير في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وأعلنت وزارة الدفاع أن التحقيقات في فوج المظليين رقم 26 في منطقة تسفايبروكن بولاية راينلاند - بفالتس أسفرت عن فصل عدد من الجنود، بينما تواصل النيابة العامة التحقيق مع 19 جندياً.

وأبدى بيستوريوس استياءه من تعامل القيادة المحلية في البداية مع هذه البلاغات، رغم بدء التحقيقات لاحقاً، وفرض عقوبات أولية، مؤكداً أن تجاهل المخالفات أو عدم التعامل معها بالحزم المطلوب أمر غير مقبول.

وأوضح الوزير أن المفتش العام للقوات البرية، الجنرال ليفتنانت كريستيان فرويدينغ، أطلق إجراءات عاجلة للحيلولة دون تكرار هذه السلوكيات، موضحاً أن هذه الإجراءات ستجمع في «خطة عمل للقوات المحمولة جواً» لضمان تنفيذها.

وحدد بيستوريوس 3 أهداف أساسية، وهي كشف جميع الوقائع بشكل كامل، ومعاقبة أي مخالفات إضافية بأقصى صرامة، واستعادة الثقة بالقيادة العسكرية المحلية.

وشدد الوزير على أنه لا مكان للتطرف، والسلوك الجنسي غير اللائق، وتعاطي المخدرات في الجيش الألماني، مؤكداً ضرورة توفير بيئة آمنة للإبلاغ عن الانتهاكات دون خوف أو تضامن خاطئ مع المخالفين.

وذكرت صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» اليومية الوطنية في وقت سابق أن التحقيقات كانت جارية منذ أشهر في فوج المظليين 26 في زويبروكن، مع التركيز على التطرف اليميني، وسوء السلوك الجنسي، والطقوس العنيفة والمخدرات.

وتم اتهام عشرات الأفراد في الفوج بالاعتداء الجنسي والتحرش بالنساء، مع اتهام 30 على الأقل بالتطرف السياسي ومعاداة السامية فيما يتعلق بأكثر من 200 حادثة.

وذكرت الصحيفة تأدية تحيات هتلرية ووجود حزب نازي بناءً على معلومات داخلية. وأفادت بأن النساء تعرضن لأعمال استعراضية، وأجبرن على الاستماع إلى نكات إباحية وخيالات اغتصاب.

وقال بيستوريوس إنه يجب أن يكون واضحاً أن التطرف وسوء السلوك الجنسي وتعاطي المخدرات لا مكان لها في القوات المسلحة.

وأضاف: «من المهم بنفس القدر ألا يكون هناك خوف من الإبلاغ عن الحوادث - أو حتى الشعور المضلل بالتضامن مع أولئك الذين يتجاوزون كل الخطوط».

وأكد الوزير ضرورة ضمان مساحة آمنة في جميع الأوقات، ليشعر المتضررون بالأمان عند الإبلاغ عن حوادث من هذا النوع.


زيلينسكي يعلن عن اجتماع لدول «تحالف الراغبين» في 3 يناير بأوكرانيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي يعلن عن اجتماع لدول «تحالف الراغبين» في 3 يناير بأوكرانيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن بلاده تخطط لعقد اجتماع لمستشاري الأمن القومي لدول «تحالف الراغبين» في الثالث من يناير (كانون الثاني) المقبل في أوكرانيا.

وأشار زيلينسكي في حسابه على منصة «إكس» إلى أن مناقشات ستُعقد بعد ذلك على مستوى القادة، وقال إن من المخطط له عقد هذا الاجتماع في السادس من يناير (كانون الثاني) في فرنسا.

كان رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف قال في وقت سابق، الثلاثاء، إن «تحالف الراغبين» سيجتمع مجدداً الأسبوع المقبل لمناقشة الأزمة الروسية - الأوكرانية.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أيضاً إنها خاضت «نقاشاً مثمراً» مع القادة الأوروبيين، الثلاثاء، حول دعم أوكرانيا وأمنها وإعادة إعمارها، عادَّة أن انضمام كييف للاتحاد الأوروبي بمثابة ضمانة أمنية أساسية في حد ذاته.