استُهدفت أوكرانيا، ليل الخميس إلى الجمعة، بهجوم «ضخم» شنّته روسيا باستخدام 40 طائرة مسيّرة، تمّ إسقاط أكثر من نصفها، وفق ما أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقال زيلينسكي، عبر تطبيق «تلغرام»: «الليلة الماضية، أُرسل نحو 40 (مسيّرة إيرانية الصنع) من طراز شاهد. وتمّ إسقاط أكثر من نصفها»، مؤكداً أنّها خلفت «آثاراً» على الأرض. وسجّل التصدي الأوكراني لهذا الهجوم نجاحاً محدوداً بالمقارنة مع نجاحه في وقف هجمات سابقة، حيث تمكّنت الدفاعات الأوكرانية من إسقاط جميع المسيرات الطائرة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف زيلينسكي أنّ المسيّرات الروسية استهدفت 10 مناطق أوكرانية، بينها خاركيف وزابوريجيا في الخطوط الأمامية والعاصمة كييف ولفيف في غرب البلاد. وأكّد الرئيس الأوكراني أن الهجوم لم يتسبب بسقوط ضحايا.
استراتيجية الشتاء
تحذّر كييف، وحلفاؤها الغربيون، من أنّ روسيا تكثّف ضرباتها الصاروخية والقصف بطائرات من دون طيار، في استراتيجية عسكرية تهدف إلى شلّ منشآت الطاقة في أوكرانيا خلال فصل الشتاء. وفي هذا الإطار، قال زيلينسكي إنه يدرك أنه مع اقتراب فصل الشتاء، سيحاول الروس إحداث المزيد من الضرر، متعهداً بـ«الرد على العدو بقوة». كما تعهد زيلينسكي بمواصلة تعزيز نظام الدفاع الجوي الأوكراني الذي يعتمد على إمدادات الأسلحة من حلفاء كييف الغربيين.
وعن هجوم المسيرات الواسع ليلة الجمعة، أشار رئيس إدارة الرئاسة الأوكرانية أندريي يرماك إلى إسقاط 24 مسيرة من طراز «شاهد-136/131»، بالإضافة إلى صاروخ، مؤكداً أن «القوات الروسية تزيد تدريجياً هجماتها الجوية على أوكرانيا». وأوضح يرماك أنّ «المعركة للسيطرة على الأجواء هي ما ينتظرنا. وهذه المعركة ستكون من أجل منشآتنا وبنيتنا التحتية».
بدوره، وصف وزير الداخلية إيغور كليمينكو الهجوم بأنه «ضخم». بينما أكّد رئيس بلدية خاركيف إيغور تيريخوف أن مبنى تابعاً لصرح تعليمي «تضرر بشكل جسيم» بسبب الهجوم، وأن التيار الكهربائي قُطع عن أحد أحياء المدينة من أجل إجراء إصلاحات. ولفت إلى أن مسيّرات أخرى ضربت محطة وقود ومبنى يقيم فيه نازحون، ومباني سكنية. وتحدّثت إدارات مناطق أوكرانية أخرى عن تضرر منشآت ومبانٍ لديها.
وقالت الناطقة باسم الجيش الأوكراني ناتاليا غومنيوك عن وضع «صعب ومتوتر» على الجبهة الجنوبية، مشيرة أيضاً إلى الهجوم الروسي «القوي» بالمسيرات الروسية.وأضافت: «كانت قوات الدفاع الجوي في منطقتنا تعمل منذ نحو 5 ساعات»، ذاكرة إصابة منشأة بمسيّرة لكن دون تسجيل «أضرار جسيمة». ونوّهت بأن هجمات سابقة بمسيّرات روسية أقلّ ضخامة كانت تهدف ربما إلى اكتشاف مواقع أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية.
المساعدات الأوكرانية... و«طالبان»
في سياق متّصل، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض الأسلحة الغربية المتجهة إلى أوكرانيا تصل إلى الشرق الأوسط من خلال سوق الأسلحة غير المشروعة، ويتم بيعها لحركة «طالبان». وقال بوتين، الجمعة: «يقولون الآن إن الأسلحة تصل إلى الشرق الأوسط عن طريق أوكرانيا. نعم، بالطبع يحدث ذلك لأنه يتم بيعها، فالأسلحة تباع إلى حركة (طالبان) ومن هناك تنتقل إلى أي مكان آخر»، كما نقلت عنه وكالة «رويترز».
وتدعم دول غربية أوكرانيا بأسلحة بلغت قيمتها عشرات المليارات من الدولارات، منذ أن بدأت الحرب في 24 فبراير (شباط) من العام الماضي. وتقول أوكرانيا إنها تُخضع أي أسلحة واردة إليها لرقابة مشددة، إلا أن بعض المسؤولين الأمنيين الغربيين أثاروا مخاوف في هذا الاتجاه، وطلبت الولايات المتحدة من أوكرانيا أن تبذل مزيداً من الجهد للتصدي لمسألة الفساد. وفي يونيو (حزيران) عام 2022، حذّر رئيس منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) يورغن شتوك من أن بعض الأسلحة المتطورة التي تُرسل إلى أوكرانيا سينتهي بها المطاف في أيدي جماعات الجريمة المنظمة. بينما ذكر تقرير حول حرب أوكرانيا وتجارة الأسلحة غير المشروعة، صادر عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود في مارس (آذار)، أنه «في الوقت الحالي، لا تخرج كميات كبيرة من الأسلحة من منطقة الصراع في أوكرانيا». وأضاف التقرير: «تشير كل السوابق إلى أنه إذا لم يتم التعامل مع التهديد بشكل استباقي ومبتكر، بمجرد انتهاء الحرب الحالية، ستتحول ساحات القتال الأوكرانية إلى مستودع جديد من الفوضى يسلح جميع المتمردين في أفريقيا ورجال العصابات في شوارع أوروبا».
ووفقاً لمعهد كيل للاقتصاد العالمي، الذي يتتبع الجهات المانحة، فإن الدول الغربية الثماني الكبرى بقيادة الولايات المتحدة، قد قدمت التزامات عسكرية لصالح أوكرانيا بقيمة تزيد على 84 مليار يورو (90 مليار دولار).
العقوبات الأميركية
أكد الكرملين، الجمعة، أنّ روسيا «ستتغلّب» على العقوبات الأميركية الجديدة التي أعلنتها واشنطن في اليوم السابق، وذلك بعدما باتت الشركات الروسية قادرة على «التكيّف» معها، في الشهر الحادي والعشرين من هجوم موسكو على أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إنّ العقوبات «تطرح بالتأكيد مشاكل معيّنة، لكنّنا تعلّمنا كيف نتغلّب عليها»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف: «لقد تكيّفنا مع العقوبات، وتعلّمنا حماية أنفسنا من المخاطر المرتبطة بها»، وذلك في الوقت الذي تخضع فيه موسكو للعديد من العقوبات يعود بعضها لـ2014 وأخرى لعام 2022. وأشار إلى أنّ كلّ الشركات الروسية الكبرى «وضعت خطة عمل في حال تعرّضها للعقوبات». وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، الخميس، مجموعة إجراءات عقابية جديدة تطول شركات تساعد في توريد الأسلحة إلى روسيا. ويتعلّق الأمر بـ130 شخصاً وكياناً يشاركون في التبادلات التجارية مع روسيا، لتمكين البلاد من الحصول على «التقنيات والمعدات اللازمة» لمواصلة حربها في أوكرانيا.