تصدّر «اليمين الشعبوي» السويسري نتائج الانتخابات التشريعية، الأحد، بحصوله على 29,2 في المائة من الأصوات في ظل أزمة هجرة أوروبية وتصاعد المخاوف من احتمال وقوع اعتداءات في القارة، وفق الاستطلاع الأول بعد انتهاء الاقتراع، الذي يؤكد أيضا التراجع المتوقع للأحزاب البيئية. وقالت نائبة رئيس حزب «اتحاد الوسط الديمقراطي» سيلين أمودروز للتلفزيون السويسري، «إنه أمر مفرح للغاية»، كما نقلت عنها «وكالة الصحافة الفرنسية». ويُظهر الاستطلاع الوطني الذي أنجزه معهد «جي إف إس برن» أن حزب «اتحاد الوسط الديمقراطي» الذي قاد حملة ضد «الهجرة الجماعية»، متقدم بفارق كبير على الاشتراكيين، الحزب الثاني في مجلس النواب الذي حصل على ما يزيد قليلا على 17 في المائة من الأصوات.
انحسار «الموجة الخضراء»
وعلّق نائب رئيس «حزب الخضر» نيكولا فالدر «إنها خيبة أمل»، مشدداً على أن «حوالي ثلثي الموجة الخضراء» لانتخابات 2019 قد انحسرت، وأضاف «أعتقد أن المواطنين لهم أولويات أخرى»، مثل القوة الشرائية وانعدام الأمن. وتابع «هناك كثير من الحروب الدائرة وهناك انكفاء». ويجدد البلد الصغير، البالغ عدد سكانه 8,8 مليون نسمة تقريباً، أعضاء المجلس الوطني المائتين «مجلس النواب» بالاقتراع النسبي، وأعضاء مجلس الولايات البالغ عددهم 46 بنظام الأغلبية. ونادراً ما يطرأ تغيير على تشكيلة مجلس الولايات الذي يهيمن عليه «اليمين الليبرالي» و«الوسط».
ومن المقرر أن يختار نواب البرلمان، في 13 ديسمبر (كانون الأول)، أعضاء المجلس الاتحادي (الحكومة) السبعة، وتتقاسم ضمنه الأحزاب الأربعة الأولى الحقائب الوزارية السبع. وأمام «حزب الخضر» فرصة ضئيلة للحصول على مقعده الأول في المجلس، بناء على النتائج الأولية.
«الحياد التقليدي» ومكافحة الهجرة
وركّز «اتحاد الوسط الديمقراطي» في حملته على الدفاع عن «الحياد الصارم» لسويسرا غير العضو في الاتحاد الأوروبي، منتقداً بشدّة تبنّي برن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا بعد غزوها أوكرانيا. لكن محور حملته كان مكافحة «الهجرة الجماعية» للأجانب، التي يرى أنها في صلب كثير من المشاكل، مثل الجريمة، وارتفاع التكاليف الاجتماعية، والزيادة في استهلاك الكهرباء. وصرّح رئيس المجموعة البرلمانية لـ«اتحاد الوسط الديمقراطي» توماس إيشي، الأحد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «الوضع في سويسرا خطير، لدينا هجرة جماعية، ولدينا مشاكل كبيرة مع طالبي اللجوء. الوضع الأمني لم يعد كما كان سابقا». وأضاف «كثيرون في سويسرا يخشون أن يزداد الوضع سوءا». وخلال الحملة الانتخابية، اتُهم الحزب بمغازلة اليمين المتطرف. لكن خطاب «اتحاد الوسط الديمقراطي»، وهو أكبر أحزاب البلاد منذ 1999، يستمر في جذب الناخبين مع أن السويسريين لا يزالون من أغنى مواطني العالم، مع معدل بطالة لا يتجاوز 2 في المائة، مع إجمالي ناتج محلي للفرد مرتفع جداً، في حين تشير الأوساط الاقتصادية إلى نقص في اليد العاملة. وقال رئيس الحزب مارك كييزا في مقابلة سابقة مع «وكالة الأنباء الفرنسية»: «لقد سجلنا بعض التراجع قبل أربع سنوات، لكننا نريد استعادة مائة ألف ناخب للاقتراب من نسبة 30 في المائة». ويبدو أنه كسب الرهان، لأن النتيجة المحققة تقترب من نسبة 29,4 في المائة المسجلة عام 2015، في خضم أزمة الهجرة الأوروبية. ولم تكن تلك النتيجة الأفضل له فحسب، بل «أفضل نتيجة لجميع الأحزاب في سويسرا منذ تطبيق مبدأ النسبية عام 1919»، وفق الأستاذ في معهد الدراسات السياسية بجامعة لوزان شون مولر.