عاصمة كاراباخ «مدينة أشباح»... والبعثة الأممية «مصدومة»

أرمينيا تتحدى روسيا بالانضمام لمحكمة الجنايات الدولية... وباريس تدعم يريفان

مطعم مهجور في عاصمة كاراباخ ستباناكيرت الاثنين (أ.ف.ب)
مطعم مهجور في عاصمة كاراباخ ستباناكيرت الاثنين (أ.ف.ب)
TT

عاصمة كاراباخ «مدينة أشباح»... والبعثة الأممية «مصدومة»

مطعم مهجور في عاصمة كاراباخ ستباناكيرت الاثنين (أ.ف.ب)
مطعم مهجور في عاصمة كاراباخ ستباناكيرت الاثنين (أ.ف.ب)

لم يطل انتظار رد الفعل الروسي بعد مصادقة البرلمان الأرميني الثلاثاء على نظام روما الأساسي، الذي يمهد لانضمام أرمينيا إلى محكمة الجنايات الدولية، في خطوة وصفت بأنها تشكل تحديا جديدا لموسكو.

ومع أن الخطوة كانت متوقعة لكن أوساطا روسية كانت تأمل حتى اللحظة الأخيرة، في أن تؤجل يريفان عملية التصويت في البرلمان، على خلفية احتدام جدل داخلي واسع، انعكس في تحذيرات المعارضة الأرمينية من الإقدام على خطوة قد «تقوض نهائيا العلاقة مع موسكو»، وفقا لتصريح نائب أرميني.

برلمان أرمينيا خلال جلسته الثلاثاء (إ.ب.أ)

ورأى الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن مصادقة البرلمان الأرميني على نظام روما الأساسي «قرار غير صائب»، مذكرا بأن بلاده «أثارت أسئلة كثيرة حول الخطوة أمام الجهات الرسمية الأرمينية».

ولفت الناطق الرئاسي إلى أنه «سوف تنشأ أسئلة إضافية موجهة للقيادة الحالية لأرمينيا؛ وقد تم إرسالها إلى الجانب الأرميني مقدماً».

وكانت موسكو أعربت عن استياء بسبب عدة خطوات من جانب يريفان وصفت بأنها «عدائية» وكان بينها تأكيد رئيس الوزراء نيكول باشينيان رغبة بلاده في أن تلعب أوروبا دورا أوسع في جهود ترتيب الوضع لاحقا في كاراباخ، في تجاهل لدور روسي محتمل. وكذلك على خلفية انتقاد باشينيان «التحالفات السابقة» التي قال إنها لم تساعد أرمينيا على مواجهة التحديات وحماية أمنها الوطني، في إشارة مباشرة إلى عضوية أرمينيا في منظمة الأمن الجماعي التي تقودها موسكو. وأعرب دبلوماسيون روس عن قناعة بأن القيادة الأرمينية «خضعت لضغوط غربية من أجل الانسحاب من المنظمة».

رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان يلقي كلمة في البرلمان (أرشيفية: أ.ف.ب)

وجدد بيسكوف، الثلاثاء، موقف بلاده حيال محكمة الجنايات الدولية التي أصدرت قبل أشهر مذكرة توقيف ضد الرئيس فلاديمير بوتين. وقال إن موسكو أعربت دائما عن شكوك تجاه عمل هذه المحكمة، وأبلغت الجانب الأرميني بتداعيات خطوة الانضمام على العلاقات الثنائية.

وزاد أن بلاده «لا تتفق نهائيا مع منطق رئيس الوزراء باشينيان، الذي جادل بضرورة اعتماد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لتعزيز متطلبات أمن أرمينيا».

في الأثناء نقل فريق بعثة أممية زارت كاراباخ، تفاصيل عن مشاهداتهم في مدن الإقليم الذي بات خاليا من سكانه تقريبا.

وقال مسؤولون في البعثة إن المنطقة تحولت إلى «مدينة أشباح مهجورة».

سيارتان من قافلة للصليب الأحمر تعبران حاجزاً للقوات الروسية إلى كاراباخ (أ.ف.ب)

ونقلت وسائل إعلام عن ماركو سوتشي، رئيس فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قوله إن «بضع مئات فقط من الأشخاص بقوا في عاصمة كاراباخ، بعد أيام من انتهاء العملية العسكرية الأذرية تجاه الإقليم الذي كانت تسكن فيه غالبية أرمنية».

أضاف المسؤول الأممي: «كاراباخ تحولت إلى مدينة مهجورة تماماً. المستشفيات لا تعمل؛ غادرت الطواقم الطبية. غادرت سلطات مجلس المياه. كما غادر مدير المشرحة... هذا السيناريو سريالي للغاية».

وكانت أرمينيا أعلنت أن الغالبية الكبرى من السكان البالغ عددهم نحو 120 ألف نسمة غادروا المنطقة وانتقلوا إلى الأراضي الأرمينية. واتهمت يريفان باكو بتنفيذ سياسة «تطهير عرقي» وهو الأمر الذي دحضته أذربيجان بقوة، وأعلنت أن سكان المنطقة غادروا بحرية ولم يواجهوا أي ضغوط.

اللافت أنه مع وصول أول بعثة للأمم المتحدة إلى المنطقة يوم الأحد كان السكان قد غادروها.

علم روسي وصورة الرئيس فلاديمير بوتين في عاصمة كاراباخ ستباناكيرت الاثنين (رويترز)

وقال كثير من الأرمن الذين فروا من كاراباخ إنهم شعروا بأن زيارة البعثة الدولية جاءت متأخرة للغاية. وكتب أرتاك بيجلاريان، وهو مسؤول أرمني سابق في الإقليم: «تبقى بضع مئات من الأشخاص على الأكثر، معظمهم من المسؤولين وموظفي خدمات الطوارئ والمتطوعين وبعض الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة».

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن فريق الأمم المتحدة الموجود على الأرض، ضمن أول مهمة للأمم المتحدة تصل إلى المنطقة منذ 30 عاماً، سعى إلى تحديد الاحتياجات الإنسانية للأشخاص المتبقين.

وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مع وزيرة الصحة الأرمينية آناهيت آفانسيان في مركز طبي في يريفان الثلاثاء (أ.ف.ب)

وفي تقرير حول زيارتها، أكدت الأمم المتحدة، الاثنين، أن «البعثة صدمت بالطريقة المفاجئة التي غادر بها السكان المحليون منازلهم والمعاناة التي تسببت بها هذه التجربة».

في المقابل، انتقدت يريفان عدم صدور إدانة أممية ضد أذربيجان على خلفية زيارة البعثة.

وقال سفير أرمينيا المتجول إدمون ماروكيان إن البعثة الأممية «أعلنت أنها لم تجد انتهاكات (...) ما يسمى ببعثة الأمم المتحدة في كاراباخ تشوه سمعة المنظمة كمؤسسة وتفعل كل شيء لإضفاء الشرعية على التطهير العرقي والاعتقالات التعسفية».

وأكد أن يريفان «تنتظر صدور التقرير النهائي حول زيارة البعثة إلى كاراباخ».

في غضون ذلك، وصلت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إلى أرمينيا لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء، ووزير الخارجية أرارات ميرزويان، فضلًا عن ترتيب لقاءات مدرجة على جدول أعمالها مع بعض اللاجئين الذين فروا من كاراباخ.

وقبل الرحلة قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن كولونا تؤكد دعم فرنسا لسلامة أراضي أرمينيا. وشددت الوزيرة على إيلاء اهتمام خاص «للبحث مع السلطات الأرمينية حول التفاصيل الملموسة لتعزيز تعاوننا في كل المجالات».

واستبقت باريس الزيارة بإعلان إرسال مساعدات طبية وإنسانية عاجلة للنازحين من كاراباخ.


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
TT

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن شركتي «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف المحمولة، وأوصت بإحالتهما إلى تحقيقٍ بموجب القواعد الرقمية الجديدة في المملكة المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

ووجهت هيئة المنافسة والأسواق انتقادات لشركة «أبل»، قائلة إن تكتيكات الشركة المصنعة لهاتف آيفون تعيق الابتكار عن طريق منع المنافسين من منح المستخدمين ميزات جديدة مثل تحميل صفحات الإنترنت بشكل أسرع.

وأفاد تقرير الهيئة بأن شركة «أبل» تفعل ذلك من خلال تقييد تطبيقات الويب المتطورة، والتي لا يتطلب الأمر تنزيلها من تطبيق لمتجر التطبيقات، ولا تخضع لعمولات تطبيق متجر التطبيقات.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية إن «هذه التطبيقات غير قادرة على الانطلاق بشكل كامل على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (آي أو إس) الذي طورته شركة (أبل)»، وجاء ذلك في تقرير مؤقت للهيئة عن تحقيقها بشأن برامج تصفح الهواتف المحمولة، والذي شرعت فيه بعد أن خلصت دراسة أولية إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» لديهما سيطرة فعالة على «الأنظمة البيئية المحمولة».

وتوصل تقرير هيئة المنافسة والأسواق أيضاً إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» تتلاعبان بالخيارات المقدمة لمستخدمي الهواتف المحمولة؛ لجعل برامج التصفح الخاصة بهما هي «الخيار الأكثر وضوحاً أو سهولة».

وقالت الهيئة إن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات بين شركتي التكنولوجيا الكبيرتين في الولايات المتحدة «يقلل بشكل كبير من حوافزهما المالية» للتنافس في مجال برامج تصفح الهواتف المحمولة على نظام التشغيل «آي أو إس» الذي تصنعه شركة «أبل» لأجهزة آيفون.

وقالت الشركتان إنهما «ستتعاونان بشكل بناء» مع هيئة المنافسة والأسواق.

وذكرت شركة «أبل» أنها لا توافق على نتائج تقرير الهيئة، وأعربت عن قلقها من أن تؤدي التوصيات إلى تقويض خصوصية وأمن المستخدم.

وأشارت شركة «غوغل» إلى أن انفتاح نظام تشغيل «آندرويد» للأجهزة المحمولة الخاص بها «ساعد في توسيع الاختيار وخفض الأسعار، وأتاح الوصول إلى الهواتف الذكية والتطبيقات»، وأنها «ملتزمة بالمنصات المفتوحة التي توفر الإمكانيات للمستهلكين».