عشرة قتلى في فيضانات اليونان... وعمليات الإغاثة مستمرة

متطوعون ينقذون السكان المحليين في قرية بالاماس التي غمرتها الفيضانات بالقرب من مدينة كارديتسا بوسط اليونان في 8 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
متطوعون ينقذون السكان المحليين في قرية بالاماس التي غمرتها الفيضانات بالقرب من مدينة كارديتسا بوسط اليونان في 8 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

عشرة قتلى في فيضانات اليونان... وعمليات الإغاثة مستمرة

متطوعون ينقذون السكان المحليين في قرية بالاماس التي غمرتها الفيضانات بالقرب من مدينة كارديتسا بوسط اليونان في 8 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
متطوعون ينقذون السكان المحليين في قرية بالاماس التي غمرتها الفيضانات بالقرب من مدينة كارديتسا بوسط اليونان في 8 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

واصل عناصر الإطفاء، بدعم من الجيش في اليونان، الجمعة، عملية إجلاء مئات السكان من قرى عدة حاصرتها الفيضانات في ثيساليا وسط البلاد، حيث ارتفع عدد القتلى إلى عشرة، بحسب حصيلة جديدة أصدرتها السلطات، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال وزير الدفاع المدني اليوناني فاسيليس كيكيلياس (الجمعة): «للأسف، أسفرت الفيضانات عن مقتل عشرة أشخاص، ولا يزال أربعة في عداد المفقودين».

وجميع الضحايا سقطوا بسبب الأمطار الغزيرة التي تساقطت من الثلاثاء إلى الخميس على سهل ثيساليا الكبير في وسط البلاد على بعد 330 كيلومتراً شمال أثينا.

وأوضح عناصر الإطفاء أنّ مروحيات وقوارب نجاة تستخدم في إطار «عملية ضخمة» للوصول إلى القرى المحاصرة بسبب فيضان الأنهار.

واجتاحت السيول الشوارع، وغمرت المياه منازل في أماكن مثل قرية بالاماس، بحسب مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد عناصر الدفاع المدني أن أربعة أشخاص على الأقل ما زالوا في عداد المفقودين، خصوصاً في مقاطعة مغنيسيا وبالقرب من مدينة كارديتسا.

ويخشى السكان من ارتفاع عدد الضحايا.

رجل يحمل أغراضاً شخصية في قرية بالاماس التي غمرتها الفيضانات بالقرب من مدينة كارديتسا بوسط اليونان في 8 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

وقال خريستودولوس ماكريس (53 عاماً)، وهو مزارع تمكن من مغادرة قريته بالاماس (الخميس) على متن جراره، ولجأ إلى مبنى بلدية قرية إيتيا المجاورة: «من شبه المؤكد أنه سيتم العثور على ضحايا آخرين».

وقالت مينا مبراكراتسي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» (الجمعة) من فوق متن قارب نجاة بعد إجلائها من منزلها الذي غمرته المياه (الخميس): «كنا على وشك الموت، الخميس، ولم يكن لدينا ماء للشرب ولا كهرباء».

وضربت العاصفة التي أطلق عليها اسم «دانيال»، ووصفها الخبراء بأنها «ظاهرة نادرة من حيث كمية المياه المتساقطة خلال 24 ساعة»، مقاطعة مغنيسيا على مسافة 300 كيلومتر شمال أثينا، لا سيما عاصمتها مدينة فولوس الساحلية وقرى جبل بيليون قبل أن تصل (الأربعاء) إلى مناطق في محيط كارديتسا وتريكالا في ثيساليا. وأعلن عناصر الإطفاء (الخميس) إجلاء نحو 200 سائح تقطعت بهم السبل في جبل بيليون على متن قوارب في الأيام الأخيرة.

وفي فاركادونا على مسافة 330 كيلومتراً شمال غربي العاصمة اليونانية، وصل منسوب المياه إلى أكثر من متر، وغمرت المياه منازل كثيرة، وما زالت عمليات الإجلاء مستمرة على متن قوارب، وفق صحافي في «وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت إليفتيريا كوتاريلا للوكالة، وهي مزارعة في الأربعين من العمر وأم لثلاثة أطفال، وهي تبكي: «إنها من أصعب الأوقات في حياتي، دخلت المياه المنزل ليل (الأربعاء)، ويمكث الأطفال عند الجيران». وقال غريغوريس ميتراكوس رئيس فوج الإطفاء المحلي: «كان يجب أن يغادر الناس القرية في وقت مبكر، لكنهم لم يفعلوا ذلك، لم يتوقعوا هذا الكم من المياه، فحوصروا». وتحوّل سهل ثيساليا، وهو الأكبر في اليونان وتعبره أنهر طويلة، إلى «بحيرة ضخمة»، وفق خدمات الإغاثة التي أعربت عن قلقها بسبب ارتفاع منسوب نهر بينيوس، وهو الأكبر في المنطقة.

رجل يحمل فتاة وكلباً في قرية بالاماس التي غمرتها الفيضانات بالقرب من مدينة كارديتسا بوسط اليونان في 8 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

وشكّل رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، وحدة تنسيق لعمليات الإغاثة، وزار كارديتسا (الجمعة). وفي ملعب المدينة، هبطت مروحيات تحمل أشخاصاً بينهم مسنّون جرى إجلاؤهم من قرى مجاورة.

وأعلن ميتسوتاكيس أن «أولويتنا هي إنقاذ الناس وإعادة بناء ما تضرر»، مكرراً أنها «كارثة طبيعية غير مسبوقة». وأسف حزب «سيريزا» اليساري المعارض الرئيسي، لـ«الكارثة الضخمة» التي لها «عواقب مأساوية على الاقتصاد المحلي والشركات والإنتاج الزراعي». واتهم الحكومة بعدم تنفيذ «أعمال لمواجهة الفيضانات» رغم «الأموال الأوروبية المتوافرة». وأُجلت الانتخابات المقررة (الأحد) لاختيار رئيس جديد لحزب «سيريزا» بعد استقالة أليكسيس تسيبراس في يونيو (حزيران) الماضي، إلى 17 سبتمبر (أيلول).

وتأتي هذه الأحوال الجوية السيئة بعد حرائق مدمرة هذا الصيف في اليونان خلفت 26 قتيلاً على الأقل. وأعلنت المفوضية الأوروبية التي فعّلت آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي لمساعدة اليونان في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، أنه «إذا كانت هناك حاجة إلى مساعدة إضافية... فسنبذل كل ما بوسعنا». وأعلنت وزارة الخارجية السويسرية أنّ المروحيات الثلاث التي أُرسلت لمكافحة الحرائق ستبقى في اليونان للمساعدة في جهود الإغاثة في مناطق الفيضانات.

ومع ارتفاع حرارة الأرض، تزداد كمية البخار في الغلاف الجوي (نحو 7 بالمائة لكل درجة إضافية)، ما يرفع مخاطر هطول الأمطار الغزيرة التي تؤدي إلى جانب عوامل أخرى مثل التوسّع الحضري إلى فيضانات. وفي تركيا وبلغاريا المتاخمتين لليونان، تسببت الأمطار الغزيرة في الأيام الأخيرة بمقتل 12 شخصاً.


مقالات ذات صلة

«سد النهضة»... هل تُضعف «زيادة الفيضانات» موقف مصر والسودان؟

شمال افريقيا جانب من «سد النهضة» (رويترز)

«سد النهضة»... هل تُضعف «زيادة الفيضانات» موقف مصر والسودان؟

يرى خبراء أن تأثير سنوات ملء السد الإثيوبي «منخفض حتى الآن على مصر والسودان».

أحمد إمبابي (القاهرة )
آسيا فتاة تسير بجوار الحطام والطين في أعقاب الفيضانات التي جلبها إعصار غايمي في مدينة ماريكينا (رويترز)

الإعصار غايمي يخلف 20 قتيلاً في الفلبين

قضى 20 شخصاً في الأمطار الغزيرة المرافقة للإعصار غايمي في الفلبين، وتتواصل عمليات إزالة الركام والأضرار على ما جاء في حصيلة جديدة للشرطة.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
آسيا تعرض أكثر من 600 منزل للضرر أو التدمير بسبب الطقس في فيتنام (رويترز)

قتلى ومفقودون بفيضانات وانهيارات أرضية في فيتنام

أعلنت السلطات الفيتنامية أن الانهيارات الأرضية والفيضانات التي سببتها الأمطار الغزيرة الناتجة عن العاصفة برابيرون أسفرت عن مقتل 7 أشخاص وفقدان 9 آخرين.

«الشرق الأوسط» (هانوي )
آسيا صورة توضح الجزء المنهار من الجسر بسبب السيول في مقاطعة شنشي الصينية (أ.ف.ب)

الصين: ارتفاع حصيلة السيول المفاجئة إلى 20 قتيلاً وعشرات المفقودين

أعلنت السلطات الصينية أنّ أمطاراً غزيرة هطلت على امتداد أسبوع في سائر أنحاء البلاد، ونجمت عنها سيول مفاجئة، تسبّبت في مقتل 20 شخصاً وفقدان عشرات آخرين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا أحد رجال الإنقاذ ينظر إلى الجسر المنهار أثناء إجراء عملية بحث وإنقاذ على نهر في مقاطعة تشاشوي في مدينة شانغلو بمقاطعة شنشي شمال غربي الصين (أ.ب)

الصين: 11 قتيلاً و30 مفقوداً جراء انهيار جسر بسبب الأمطار الغزيرة

قُتل 11 شخصاً جراء انهيار جسر في شمال الصين، وفق ما أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية، اليوم (السبت)، في وقت يشهد جزء من البلاد أمطاراً غزيرة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
TT

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض طرح دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي يهدف إلى الحد من التدهور المعرفي للمرضى؛ إذ اعتبرت أن هذا العقار المرتقب جداً غير آمن.

ورأت الوكالة الناظمة أن النتائج التي يحققها الدواء المطروح باسم «ليكيمبي» (Leqembi) والمُجاز له في الولايات المتحدة «غير متوازنة مع خطر الآثار الجانبية الخطيرة المرتبطة به»، وأبرزها «احتمال حصول نزف في أدمغة المرضى».

وتوقع الخبراء «خيبة أمل» لدى عدد كبير من المرضى من هذا الرأي الذي تأخذ به عادة المفوضية الأوروبية صاحبة القرار النهائي.

وأكدت شركة الصناعات الدوائية اليابانية «إيساي» (Eisai) التي ابتكرت «ليكيمبي» بالتعاون مع الأميركية «بايوجين» (Biogen) أنها ستتقدم بطلب لـ«إعادة النظر في رأي» وكالة الأدوية الأوروبية، معربةً عن «خيبة أمل شديدة».

ونقل بيان عن المديرة السريرية في «إيساي» لين كرايمر قولها إن «ثمة حاجة كبيرة لا تتم تلبيتها لخيارات علاجية جديدة ومبتكرة تستهدف السبب الكامن وراء تطور المرض».

ورخّصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في مايو (أيار) 2023 لعقار «ليكيمبي» الذي يشكل ليكانيماب (lecanemab) مكوّنة للمرضى الذين لم يصلوا إلى مرحلة متقدمة من المرض. وأشارت «إيساي» إلى أنه يباع أيضاً في اليابان والصين.

وفشل الباحثون طوال عقود في إحراز تقدّم فعلي في محاربة مرض ألزهايمر الذي يصيب عشرات الملايين من الناس في كل أنحاء العالم.

ويعاني نحو ثمانية ملايين شخص في الاتحاد الأوروبي شكلاً من أشكال الخرف، ويمثل مرض ألزهايمر أكثر من نصف هذه الحالات، وفقاً لموقع «ألزهايمر أوروبا». ولا يتوافر إلى اليوم أي دواء يحقق الشفاء.

أعراض جانبية مثيرة للجدل

ولم يتوصل الطب بعد إلى فهم وافٍ للسبب الدقيق لمرض ألزهايمر، إلّا أن مراقبة أدمغة المرضى تُظهر وجود لويحات أميلويد تتشكل حول الخلايا العصبية وتدمرها على المدى البعيد.

ويؤدي ذلك إلى فقدان الذاكرة الذي يُعدّ أبرز تجليات المرض. وفي المراحل الأخيرة منه، لا يعود المرضى قادرين على القيام بالمهام والأنشطة الحياتية اليومية أو على الانخراط في أحاديث.

ويتيح دواء «ليكيمبي» الذي يؤخَذ عن طريق الوريد مرة كل أسبوعين، تقليل عدد لويحات الأميلويد، وفق ما أظهرت التجارب السريرية. لكن الرأي السلبي لوكالة الأدوية الأوروبية لاحظ «بشكل خاص الظهور المتكرر في الصور الطبية لتشوهات مرتبطة بالأميلويد (...) من بينها تورم ونزف محتمل في أدمغة المرضى».

ورأت اختصاصية التنكس العصبي بجامعة أدنبره البروفيسورة تارا سبايرز جونز أن هذا الرأي الذي أصدرته وكالة الأدوية الأوروبية «سيكون مخيباً لآمال الكثيرين». لكنّها اعتبرت في بيان أن «ثمة أسباباً تدعو إلى الاستمرار في التفاؤل»؛ إذ أظهر ليكانيماب أنه «من الممكن إبطاء تطور المرض». وأضافت: «نحن الآن بحاجة إلى تكثيف جهودنا لاكتشاف أدوية جديدة وأكثر أماناً»، حسبما أفاد تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«فوارق ثقافية»

أما الأستاذ في مستشفى «يو سي إل» الجامعي في لندن بارت دي ستروبر، فرأى أن قرار وكالة الأدوية الأوروبية «مؤسف ولكنه ليس غير متوقع». واعتبر أن «هذه النتيجة تُظهر التباين الثقافي الكبير في الطريقة التي يُنظر بها إلى المخاطر والابتكار في مختلف المناطق»، ملاحظاً أن «أوروبا تميل إلى النظر لنصف الكوب الفارغ، في حين تنظر دول كالولايات المتحدة والصين واليابان إلى النصف الممتلئ».

وأعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الأخضر مطلع شهر يوليو (تموز) الفائت لطرح دواء جديد آخر لمرض ألزهايمر توصلت إليه شركة «إلاي ليلي» الأميركية يتوقع أن يبطئ تطور المرض.

وباتت القرارات المتعلقة بالأدوية ضد مرض ألزهايمر تخضع لمراقبة من كثب منذ الجدل في شأن «أدوهيلم» (Aduhelm) الذي جرت الموافقة عليه في يونيو (حزيران) 2021، وابتكرته أيضاً شركتا «إيساي» و«بايوجين» ويستهدف لويحات الأميلويد كذلك.

وكان «أدوهيلم» أول دواء معتمد في الولايات المتحدة ضد المرض منذ عام 2003. إلا أنّ هذا العلاج أحدث جدلاً كبيراً؛ إذ عارضت وكالة الأدوية الأميركية رأي لجنة خبراء اعتبروا أن العلاج لم يثبت فاعليته بشكل كافٍ خلال التجارب السريرية. وقيّدت الوكالة في وقت لاحق استخدامه، حاصرة إياه بالأشخاص الذين يعانون حالات خفيفة من المرض.

وأكّد تقرير للكونغرس الأميركي أخيراً أنّ سعر الدواء مرتفع (56 ألف دولار في السنة)، في حين أعلن نظام التأمين الصحي الفيدرالي «ميديكير» المخصص لكبار السن، أنه لن يغطي تكاليفه إلا إذا أُخذ في إطار تجارب سريرية.