تركيا واليونان: حوار غير مشروط لحل الخلافات العالقة

مفوض شؤون التوسع بالاتحاد الأوروبي يزور أنقرة

وزيرا خارجية تركيا واليونان في مؤتمر صحافي مشترك بأنقرة الثلاثاء (إ. ب. أ)
وزيرا خارجية تركيا واليونان في مؤتمر صحافي مشترك بأنقرة الثلاثاء (إ. ب. أ)
TT

تركيا واليونان: حوار غير مشروط لحل الخلافات العالقة

وزيرا خارجية تركيا واليونان في مؤتمر صحافي مشترك بأنقرة الثلاثاء (إ. ب. أ)
وزيرا خارجية تركيا واليونان في مؤتمر صحافي مشترك بأنقرة الثلاثاء (إ. ب. أ)

اتفقت تركيا واليونان على مواصلة العمل على مبادرات وأجندة إيجابية للحوار غير المشروط من أجل التوصل إلى حلول للمشكلات العالقة بينهما. وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إنه تم التوصل إلى اتفاق مع اليونان على طرح مبادرات جديدة لحل المشكلات العالقة، مشدداً على استعداد بلاده للحوار مع البلد الجار لتطوير علاقاتهما. وأكد فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اليوناني، يورغوس إيرابيتريتيس، عقب مباحثاتهما في أنقرة الثلاثاء، استعداد تركيا لمواصلة الحوار مع اليونان، البلد الجار، دون شروط مسبقة وتطوير العلاقات على أساس المصالح المشتركة في جميع المجالات، وعبر القانون الدولي واحترام الحقوق والمصالح المتبادلة. وقال إنه أجرى مع نظيره اليوناني تقييماً شاملاً للمشكلات في بحر إيجة وشرق البحر المتوسط، مضيفاً: «لدينا اختلافات في الرأي حول بحر إيجة، وناقشنا ذلك في المحادثات التشاورية في الماضي، واتفقنا على طرح مبادرات جديدة لحل المشكلات العالقة بيننا». وأكد فيدان ثقته بإمكانية حل المشكلات بين الجارتين الحليفتين، تركيا واليونان، من خلال الحوار البنّاء، لافتاً إلى أن تركيا تدافع دائماً عن مبدأ تقاسم ثروات شرق المتوسط بشكل عادل.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحافي بأنقرة (إ.ب.أ)

وذكر أنه سيتم الاستمرار في التشاور بين أنقرة وأثينا لحل الأزمة القبرصية، مضيفاً أن بلاده تنتظر من جارتها اليونان تعاوناً فعالاً في مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل «تنظيم فتح الله غولن» و«حزب العمال الكردستاني» وغيرهما. وعن مسألة الهجرة غير الشرعية التي تشكّل محوراً لخلافات متكررة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، قال فيدان: «مسألة الهجرة ليست مجالاً للتنافس، بل هي مجال ينبغي التعاون فيه، ولا نريد أن نرى الناس يموتون في بحر إيجة». وفيما يتعلق بالأقلية التركية في اليونان، قال: «قمنا بالكثير من الإجراءات الإيجابية فيما يتعلق بمشكلات الأقليات في بلدنا، ونتوقع نفس النهج البناء فيما يخص أبناء جلدتنا في اليونان، ونعلق أهمية كبيرة على حماية تراثنا الثقافي باليونان». وأضاف فيدان: «نحن على استعداد لدعم ترميم الآثار العثمانية هناك، وأكدنا أنه يمكننا التعاون بشكل متبادل بشأن هذه المسألة، وناقشنا خلال لقائنا أيضا القضايا الإقليمية وقمنا بتقييم التطورات في أوكرانيا وليبيا وسوريا».

وزير الخارجية اليوناني يورغوس إيرابيتريتيس في مؤتمر صحافي بأنقرة الثلاثاء (إ.ب.أ)

وعدّ وزير الخارجية التركي إحياء قنوات الحوار والاتصالات رفيعة المستوى بين تركيا واليونان تطوراً إيجابياً، وقدم الشكر لحكومة وشعب اليونان على المساعدات التي قدموها لتركيا عقب زلازل 6 فبراير (شباط) الماضي. وقال إن علاقات البلدين دخلت مرحلة جديدة وإيجابية، لافتاً إلى لقاء الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء اليوناني، كرياكوس ميتسوتاكيس، على هامش قمة قادة دول الناتو في يوليو (تموز) الماضي، حيث بحثا سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وأشار إلى أنهما سيلتقيان مجدداً هذا الشهر على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

بدوره، قال وزير الخارجية اليوناني، يورغوس إيرابيتريتيس، إنه اتفق مع نظيره التركي على مواصلة العمل على الأجندة الإيجابية بين أنقرة وأثينا، وإنهما بحثا العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية تهمّ الجانبين. وأضاف أن الرئيس إردوغان ورئيس الورزراء اليوناني قدما مبادرة جديدة لاستئناف التعاون ووضعا هدفاً جديداً بهذا الخصوص خلال قمة «الناتو» في يوليو (تموز) الماضي، وفي هذا الإطار بحثت مع فيدان ما يمكن القيام به بخصوص إزالة الخلافات في وجهات النظر بين البلدين. وأضاف: «إنني ونظيري التركي تولينا مهام توجيه المحادثات السياسية بين البلدين في جميع المجالات، والتمهيد للقاء قيادتي البلدين والقيام بالتحضيرات لبعث الرسائل اللازمة على أعلى مستوى». وأوضح أنه بحث مع نظيره التركي خريطة طريق تتضمن 3 مراحل: الأولى على مستوى المحادثات السياسية، وتتولى نائبة وزير الخارجية ألكساندرا بابادوبولو، رئاستها من الجانب اليوناني. والثانية تتمثل في تدابير تعزيز الثقة، التي ستبدأ قريباً. والثالثة مواصلة الأجندة الإيجابية بين البلدين. مؤكداً أن هذه اللقاءات ستستمر برئاسة نائب الوزير كوستاس فراغوغيانيس من الجانب اليوناني.

في سياق موازٍ، يقوم عضو مفوضية الاتحاد الأوروبي مسؤول سياسات الجوار والتوسع، أوليفر فارهيلي، بزيارة إلى تركيا (الأربعاء)، لإجراء محادثات حول التعاون بين الجانبين. وقالت المفوضية، في بيان الثلاثاء، إن فارهيلي سيبدأ زيارته أنقرة، الأربعاء، لمدة يومين، ويلتقي وزراء الخارجية هاكان فيدان، والتجارة عمر بولات، والأسرة والخدمات الاجتماعية ماهينور غوكطاش، والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان، والصناعة والتكنولوجيا فاتح كاجر. وكانت تركيا قد ربطت مصادقتها على طلب عضوية السويد في «الناتو»، باستئناف مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي المجمدة بشكل كامل، والتي لم تشهد فتح أي فصول للتفاوض لأكثر من 10 سنوات. وتولي تركيا أهمية كبيرة لفتح محادثات حول تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي الموقَّعة مع الاتحاد الأوروبي عام 1995، وتطالب أيضاً بتنفيذ بند إعفاء مواطنيها من الحصول على تأشيرة «شنغن»، الوارد في اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقَّعة مع الاتحاد عام 2016.


مقالات ذات صلة

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

آسيا تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده.

«الشرق الأوسط» (سيول)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في تحدٍّ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب (أ.ب)

إلغاء زيارة وزير الخارجية الهولندي لإسرائيل

ذكرت وكالة الأنباء الهولندية «إيه إن بي»، اليوم الخميس، أن زيارة مقررة لوزير الخارجية الهولندي إلى إسرائيل أُلغيت.

«الشرق الأوسط» (أمستردام )
العالم محمد يونس رئيس الحكومة المؤقتة في بنغلاديش (إ.ب.أ)

العلاقة بين واشنطن ودكا «لن تتغير» مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض

أعلن محمد يونس رئيس الحكومة المؤقتة في بنغلاديش أن عودة الجمهوري دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لن تؤثر على العلاقات بين واشنطن ودكا

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

هوكستين وبري يتبادلان مسودة محتواها الإطار العام لتطبيق الـ1701

توقعت مصادر سياسية أن تدخل المشاورات بين الوسيط الأميركي آموس هوكستين والرئيس نبيه بري لتطبيق القرار 1701، مرحلة جديدة فور الاتفاق على صياغة موحدة.

محمد شقير (بيروت)

ضابط روسي هارب: كنا على استعداد لتنفيذ ضربة نووية في بداية الحرب

جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)
جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ضابط روسي هارب: كنا على استعداد لتنفيذ ضربة نووية في بداية الحرب

جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)
جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

كشف ضابط هارب من القوات النووية الروسية عن بعض الأسرار بشأن غزو أوكرانيا، قائلاً إنه في اليوم الذي تم فيه شن الغزو في فبراير (شباط) 2022، كانت قاعدة الأسلحة النووية التي كان يخدم فيها «في حالة تأهب قتالي كامل».

وقال الضابط، الذي أطلق على نفسه الاسم المستعار «أنطون»، لشبكة «بي بي سي» البريطانية: «قبل ذلك الوقت، لم نكن نفعل شيئاً سوى التدريبات، لكن في اليوم الذي بدأت فيه الحرب، كانت الأسلحة في وضع استعداد تام».

وأضاف: «كنا مستعدين لإطلاق القوات في البحر والجو، ومن الناحية النظرية، تنفيذ ضربة نووية».

وكان أنطون ضابطاً في منشأة سرية للغاية للأسلحة النووية في روسيا. وقد عرض على «بي بي سي» وثائق تكشف عن وحدته التي كان يخدم بها ورتبته العسكرية وقاعدته.

وبعد ثلاثة أيام من اجتياح القوات الروسية للحدود الأوكرانية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن قوات الردع النووي الروسية تلقت أوامر بـ«التأهب للقتال».

ويقول أنطون إن حالة التأهب القتالي كانت قائمة منذ اليوم الأول للحرب، وزعم أن وحدته «حُبست داخل القاعدة النووية».

ويضيف: «لم أكن أعرف حقاً ماذا يحدث. كنت أقوم بواجباتي تلقائياً. لم نكن نقاتل في الحرب، كنا فقط نحرس الأسلحة النووية».

وأشار إلى أن حالة التأهب ألغيت بعد نحو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

وتقدم شهادة أنطون نظرة ثاقبة إلى العمليات الداخلية السرية للغاية للقوات النووية في روسيا.

ويوضح أنطون: «هناك عملية اختيار صارمة للغاية للجنود هناك. الجميع جنود محترفون، لا يوجد مجندون عاديون».

ويضيف: «هناك عمليات تفتيش مستمرة واختبارات كشف الكذب للجميع. والأجور أعلى بكثير، ولا يتم إرسال القوات إلى الحرب. إنهم هناك إما لصد ضربة نووية أو تنفيذها».

ويقول الضابط الهارب إن «الحياة هناك كانت خاضعة لسيطرة مشددة. كان من ضمن مسؤولياتي التأكد من أن الجنود تحت قيادتي لا يصطحبون معهم أي هواتف إلى القاعدة النووية. إنه مجتمع مغلق، ولا يوجد غرباء هناك. إذا كنت تريد أن يزورك والداك، فأنت بحاجة إلى تقديم طلب إلى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي قبل ثلاثة أشهر من الزيارة».

وكان أنطون ضابطاً بوحدة أمن القاعدة، وهي قوة ردّ سريع تتولى حراسة الأسلحة النووية. ويقول عن ذلك بلهجة من الفخر: «كنا نتدرب باستمرار، كان الوقت الذي نستغرقه لردّ الفعل دقيقتين».

وتمتلك روسيا نحو 4380 رأساً نووياً عاملاً، وفقاً لاتحاد العلماء الأميركيين، ولكن 1700 رأس فقط منها جاهزة للاستخدام. وتمتلك كل الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مجتمعة عدداً مماثلاً.

وهناك مخاوف بشأن ما إذا كان بوتين قد يلجأ إلى نشر أسلحة نووية «غير استراتيجية»، التي يطلق عليها غالباً «الأسلحة التكتيكية». وهذه الصواريخ أصغر حجماً، وعادة لا تترك آثاراً إشعاعية واسعة النطاق، إلا أن استخدامها من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد خطير في الحرب.

وبذل الكرملين كل ما في وسعه لاختبار أعصاب الغرب.

والأسبوع الماضي، صادق بوتين على تغييرات في العقيدة النووية، وهي القواعد الرسمية التي تملي كيف ومتى يمكن لروسيا إطلاق الأسلحة النووية.

ووفقاً للعقيدة النووية المحدّثة، يمكن لروسيا إطلاق الأسلحة النووية إذا تعرضت لـ«هجوم هائل» من الصواريخ التقليدية من قبل دولة غير نووية، ولكن «بمشاركة أو دعم من دولة نووية».

ويقول المسؤولون الروس إن العقيدة المحدثة «تزيل فعلياً» احتمالية هزيمة روسيا في ساحة المعركة.

ولكن هل الترسانة النووية الروسية جاهزة للعمل بكامل طاقتها؟

يرى بعض الخبراء الغربيين أن هذه الأسلحة تعود في الغالب إلى الحقبة السوفياتية، وقد لا تعمل حتى.

إلا أن أنطون وصف هذا الرأي بـ«الساذج». وأوضح قائلاً: «قد يكون هناك بعض الأنواع القديمة من الأسلحة في بعض المناطق، لكن البلاد لديها ترسانة نووية هائلة، وكمية هائلة من الرؤوس الحربية».

وأكد أن الأسلحة النووية الروسية جاهزة للعمل بشكل كامل وجاهزة للمعركة، مضيفاً أن «العمل على صيانة الأسلحة النووية يتم باستمرار، ولا يتوقف حتى لدقيقة واحدة».

وقال أنطون إنه بعد وقت قصير من بدء الحرب الشاملة، تلقى ما وصفه بـ«أمر إجرامي»، لإخبار قواته بأن «المدنيين الأوكرانيين مقاتلون ويجب تدميرهم!».

وأضاف: «هذا خط أحمر بالنسبة لي، إنها جريمة حرب. قلت إنني لن أنشر مثل هذا الكلام».

وعاقب كبار الضباط أنطون على موقفه هذا بنقله من وحدة السلاح النووي إلى وحدة عسكرية عادية في مكان آخر من روسيا، وقيل له إنه سيُرسل إلى الحرب للقتال في الصفوف الأولى.

وقبل أن يرسلوه إلى الجبهة، وقّع أنطون على بيان يرفض فيه المشاركة في الحرب ليتم فتح قضية جنائية ضده.

لكنه قرر الهرب من البلاد بمساعدة منظمة تطوعية تمدّ يد العون للهاربين من الجيش الروسي.

وقال أنطون إنه يريد أن يعرف العالم أن كثيرين من الجنود الروس كانوا ضد الحرب.