كيف جاء رد فعل الفرنسيين على قرار حظر ارتداء العباءة بالمدارس الحكومية؟

TT

كيف جاء رد فعل الفرنسيين على قرار حظر ارتداء العباءة بالمدارس الحكومية؟

طلاب مدارس ثانوية يؤدون امتحان الفلسفة في 17 يونيو 2019 بمدرسة باستور الثانوية في ستراسبورغ شرق فرنسا (أ.ف.ب)
طلاب مدارس ثانوية يؤدون امتحان الفلسفة في 17 يونيو 2019 بمدرسة باستور الثانوية في ستراسبورغ شرق فرنسا (أ.ف.ب)

أشاد فرنسيون من التيار المحافظ (الاثنين) بقرار الحكومة حظر ارتداء الفتيات العباءة في المدارس التي تديرها الدولة، لكن القرار أثار انتقادات أيضاً وبعض السخرية، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وفرضت فرنسا حظراً صارماً على إظهار الرموز الدينية في المدارس الحكومية منذ أن أزالت القوانين في القرن التاسع عشر أي تأثير كاثوليكي تقليدي من التعليم العام، لكنها تجد صعوبة في تحديث إرشادات التعامل مع أقلية مسلمة يزداد عددها.

والعلمانية موضوع حساس، وغالباً ما يثير التوترات في فرنسا.

وقال وزير التعليم غابرييل أتال في مؤتمر صحافي لشرح الحظر الذي فرضته الحكومة (الأحد): «مدارسنا تخضع للتفتيش باستمرار، وخلال الأشهر الماضية، زادت الانتهاكات للعلمانية بشكل كبير، خصوصاً مع ارتداء (التلاميذ) ملابس دينية مثل العباءات والقمصان الطويلة».

وسارع إريك سيوتي رئيس حزب «الجمهوريون» المحافظ بالترحيب بهذه الخطوة، مؤكداً أن حزبه طالب بها مراراً.

لكن كليمونتين أوتان النائبة عن حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد انتقدت ما وصفته بـ«شرطة الملابس» وبتحرك «يوضح الهوس برفض المسلمين».

وعبّر ديدييه جورج أمين عام اتحاد المديرين في قطاع التعليم لـ«رويترز» عن ترحيب الاتحاد بهذه الخطوة، وبأن المطلوب هو الوضوح قبل أي شيء.

وقال جورج عن العباءة: «ما كنا نريده من الوزراء هو: نعم أم لا؟... نشعر بالرضا لأن القرار اتُخذ. وكنا سنشعر بالسعادة بنفس القدر لو كان القرار هو السماح بالعباءة».

وتحدث عن المخاوف بشأن سلامة مديري المدارس قائلاً: «كنا نشعر بالقلق من الزيادة الكبيرة في (عدد الطالبات) اللاتي يرتدين العباءة. ونعتقد أن التدخل (في هذا الأمر) ليس من دورنا بل هو دور الدولة».

وقتل متطرف في عام 2020 معلم التاريخ صموئيل باتي في هجوم أصاب جوهر القيم العلمانية للبلاد والدور الذي يلعبه المعلمون في مقتل.

وذكرت صوفي فينيتيتاي من اتحاد المديرين في قطاع التعليم أن من المهم التركيز على الحوار مع التلاميذ والأسر للتأكد من أن الحظر لا يعني نقل الأطفال من المدارس التي تديرها الدولة إلى المدارس الدينية.

وقالت لـ«رويترز»: «من المؤكد أن العباءة ليست المشكلة الرئيسية في المدارس»، وإنما نقص المعلمين الذي يمثل مشكلة أكبر كثيراً.

وحظرت فرنسا ارتداء الحجاب في المدارس عام 2004، والنقاب في الأماكن العامة عام 2010؛ ما أثار غضب بعض أفراد الجالية المسلمة البالغ عددها 5 ملايين نسمة.

وقرر باب ندياي سلف أتال قبل أقل من عام عدم المضي لأبعد من ذلك وحظر العباءة على وجه التحديد، وقال لأعضاء مجلس الشيوخ إن «تعريف العباءة ليس سهلاً، وسيأخذنا من الناحية القانونية إلى المحكمة الإدارية التي سنخسر فيها القضية».

وعبّر عبد الله زكري نائب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن وجهة نظر مماثلة، وقال إن قرار أتال كان خاطئاً.

وقال لقناة «بي إف إم» التلفزيونية: «العباءة ليست زياً دينياً، وإنما نوع من الموضة».


مقالات ذات صلة

فرنسا: جدل بشأن اقتراح قانون يحظر على القاصرين حضور عروض مصارعة الثيران

أوروبا الجمعية الوطنية الفرنسية (أ.ف.ب)

فرنسا: جدل بشأن اقتراح قانون يحظر على القاصرين حضور عروض مصارعة الثيران

يدرس مجلس الشيوخ الفرنسي الخميس اقتراح قانون يرمي إلى حظر «مصارعة الثيران ومصارعة الديوك بحضور مَن هم تحت سن السادسة عشرة» من أجل «حمايتهم من مشاهد العنف»

«الشرق الأوسط» (بويارغ)
أوروبا مارين لوبن (رويترز)

مارين لوبن تدفع ببراءتها في قضية اختلاس أموال أوروبية

دفعت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن، المتّهمة باختلاس أموال البرلمان الأوروبي، ببراءتها الاثنين أمام المحكمة في إطار استجوابها للمرة الأولى في قضية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس الحكومة الفرنسية ميشال بارنييه (إ.ب.أ)

فرنسا: الجمعية الوطنية تُسقط مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة

أُسقطت مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة الفرنسية في الجمعية الوطنية، قدّمها ائتلاف اليسار والاشتراكيين والخضر واليسار الراديكالي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

فرنسا «تضمحل»... فهل يستطيع ماكرون استعادة مكانته على الساحة الدولية؟

سيسعى الرئيس ماكرون لإعادة إثبات موقع فرنسا القوي على الساحة الدولية، بعد شهرين من الفوضى السياسية التي شهدتها بلاده، وذلك في الأمم المتحدة، ثم في كندا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه ورئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه بباريس (أ.ب)

بارنييه يأمل إعلان تشكيل حكومته وتظاهرات لليسار في فرنسا

يأمل رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه أن يعلن تشكيل حكومته «قبل الأحد»، في حين يتظاهر قسم من اليسار مجدداً، اليوم، للتنديد بالتوجهات السياسية للحكومة.


ميركل تدعو للتفكير بحلول دبلوماسية موازية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

ميركل تدعو للتفكير بحلول دبلوماسية موازية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

ناشدت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أوكرانيا وداعميها التفكير بالتوازي في حلول دبلوماسية في خضم معترك إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وقالت ميركل في تصريحات للقناة الثانية في التلفزيون الألماني (زد دي إف): «لا ينبغي لروسيا أن تكسب هذه الحرب... ما فعله (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) مع أوكرانيا عمل سافر منتهِك للقانون الدولي»، موضحة في المقابل: «يتعيّن دائماً التفكير بالتوازي مع حلول دبلوماسية»، مشيرة إلى أنه لا داعي لمناقشة هذه الحلول الآن. وأوضحت أن تحديد الوقت المناسب لذلك أمر يتعيَّن على الجميع (أوكرانيا وداعميها) مناقشته معاً، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تصل لتقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين 26 نوفمبر 2024... نُشرت المذكرات السياسية لميركل في 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

وأكدت ميركل أنها تدعم ما تفعله الحكومة الألمانية الحالية من أجل أوكرانيا، مشيرة إلى أنه من المعروف أن تحقيق أوكرانيا نصراً عسكرياً ضد جارتها الكبرى روسيا لن يكون سهلاً، وقالت: «ومع ذلك، فإنني أؤيد كل ما يفعله المجتمع الدولي لوضع أوكرانيا في وضع جيد... ليس من مصلحة أوكرانيا فحسب، بل من مصلحتنا أيضاً ألا ينتصر بوتين في هذه الحرب»، مؤكدة أنها بذلت قصارى جهدها لضمان عدم حدوث مثل هذا التصعيد.

ومن ناحية أخرى، علّقت ميركل أيضاً على سياسة الهجرة، معترفة بأن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي المناهض للهجرة «أصبح بالتأكيد أقوى» مما كان عليه في الانتخابات العامة التي جرت عام 2013، بسبب العدد الكبير من المهاجرين الذين جاءوا إلى ألمانيا في عام 2015.

وفي المقابل، أشارت ميركل إلى أن نسبة تأييد حزب «البديل من أجل ألمانيا» كانت تتراوح بين 10 و11 في المائة عندما تركت منصبها، لكنها وصلت اليوم إلى 18 في المائة، وقالت: «هذا يعني أن لا بد أن شيئاً آخر قد حدث خلال تلك الفترة»، موضحة أنه «لم يكن من الجيد لنا - نحن الأحزاب الديمقراطية - أن نتجادل بهذه الشدة حول قضية اللاجئين». وأضافت أن هذا الجدال لم يضعف بالتأكيد حزب «البديل من أجل ألمانيا».

لافتة تعلن عن توقيع كتاب المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» بينما يقف الناس في طابور خارج متجر لبيع الكتب في برلين - ألمانيا 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

وذكرت ميركل أنه يتعيَّن على الأحزاب الديمقراطية الآن تقديم حلول، وعدم تبني أجندة حزب «البديل من أجل ألمانيا» أو خطابه، معربةً عن اعتقادها أن هناك ما يكفي من الأشخاص الشجعان في ألمانيا الملتزمين بالحرية والديمقراطية.

وتابعت: «آمل أن يكون هناك توازن في النقاش السياسي خلال الحملة الانتخابية المقبلة حتى تخرج منه القوى الديمقراطية أقوى».

ونشرت ميركل، يوم الثلاثاء الماضي، مذكراتها بعنوان «الحرية: ذكريات 1954 - 2021».