تزايد الضغوط على ألمانيا لإرسال صواريخ كروز من طراز «تاوروس» إلى أوكرانيا

كييف تعهدت لواشنطن عدم استخدامها ضد الأراضي الروسية… وبرلين تؤكد أن «الموقف لم يتغير»

جانب من الدمار في المبنى المستهدف في بوكروفسك بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في المبنى المستهدف في بوكروفسك بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

تزايد الضغوط على ألمانيا لإرسال صواريخ كروز من طراز «تاوروس» إلى أوكرانيا

جانب من الدمار في المبنى المستهدف في بوكروفسك بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في المبنى المستهدف في بوكروفسك بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت الجمعة أربعة صواريخ فرط صوتية من طراز «كينجال-إكس-47» التي يصعب اعتراضها بسبب سرعتها، باتجاه غرب أوكرانيا، مشيرة إلى أن الدفاعات الجوية اعترضت منها صاروخا واحدا. ونادرا ما يستهدف غرب أوكرانيا بالقصف الروسي مقارنة ببقية البلاد، إذ تمتد الجبهة لنحو ألف كيلومتر في شمال شرق البلاد وشرقها وجنوبها. وبحسب المصادر الأوكرانية، أطلقت صواريخ «كينجال-إكس-47» من مدينتي تولا وليبتسك الواقعتين على بعد 180 و460 كلم جنوب موسكو على التوالي. وأضافت القوات الجوية في بيان نشر على «تلغرام»: «سقطت الصواريخ الأخرى قرب مطار (كولوميا) وأصيبت بنى تحتية مدنية وسقط صاروخ على منطقة سكنية».

وتطالب أوكرانيا بصواريخ كروز من طراز «تاوروس» من برلين حتى تتمكن من مهاجمة مواقع للقوات المسلحة الروسية بعيدا عن خط المواجهة. وكانت الحكومة الألمانية مترددة في الاستجابة، لأن المقذوفات يمكن أن تصل أيضا إلى الأراضي الروسية. وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الأسبوع الماضي: «هذا الأمر ليس على رأس أولوياتنا الآن». وذكر الوزير أن هناك بالتأكيد مخاوف واضحة بشأن التسليم، لكنه لم يستبعد بشكل قاطع التسليم في المستقبل، وقال: «وقت اتخاذ القرار لم يحن بعد بالنسبة لنا». وتفتقد أوكرانيا لصواريخ مماثلة للروسية بعيدة المدى. واحتدمت النقاشات مجددا بشأنها، حيث طالب سياسيون من داخل الحكومة وخارجها بأن تحصل كييف على تلك الأسلحة المطلوبة، إلا أن برلين متخوفة من التصعيد في حالة استخدمت هذه الصواريخ لضرب العمق الروسي.

صاروخ «ستورم شادو» البريطاني الذي عُرض في باريس في يونيو الماضي (أ.ب)

قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في منشور على شبكة التواصل الاجتماعي «إكس»، المعروفة سابقاً باسم «تويتر»، إن بلاده لا تريد استخدام صواريخ كروز التي تطلبها من ألمانيا والولايات المتحدة على الأراضي الروسية. ووصف الصواريخ بعيدة المدى بأنها «مهمة للغاية»، مضيفا أن أوكرانيا طلبت من البلدين إرسال الصواريخ «في أسرع وقت ممكن». وأكد كوليبا لبرلين وواشنطن أن الصواريخ «ستستخدم فقط داخل حدود أوكرانيا. وكتب على المنصة: «حصولنا على صواريخ أطول مدى يؤدي إلى قصر أجل الحرب».

مشغل مسيّرات يحمل واحدة صنعتها شركة أوكرانية ويمكن استخدامها أكثر من مرة خلال تجربة قرب العاصمة كييف أمس (أ.ف.ب)

وأوضحت متحدثة باسم وزارة الدفاع الألمانية الجمعة، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية، «لم يتم اتخاذ قرار سياسي بتسليم الأسلحة». وكان وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس قد أشار مؤخرا إلى أن بلاده ليست الدولة الوحيدة التي تمنع إطلاق الصواريخ، حسبما قال مكتبه الجمعة. وقال الوزير: «لسنا الوحيدين الذين لا نقدم (تلك الأسلحة)، وحلفاؤنا في الولايات المتحدة لا يسلمون صواريخ كروز هذه أيضا». ولدى هذه الأنظمة من الصواريخ القدرة على تدمير المخابئ ومواقع القيادة المحمية على مسافات تصل إلى 500 كيلومتر.

قال المستشار الألماني أولاف شولتز الجمعة، تعليقا على الجدل المتصاعد حول إرسال صواريخ كروز ألمانية من طراز «تاوروس» إلى أوكرانيا، إنه لا توجد أخبار تقال في هذا الصدد. وأوضح شولتز في حديث لصحيفة «تورينجر ألجماينه» الألمانية في مقال نشر الجمعة، أنه «لا يوجد بيان جديد في هذا الأمر»، وأضاف شولتز: «إن تركيزنا ينصب على إرسال أسلحة للدفاع الجوي والمدفعية الثقيلة وكذلك الدبابات».

واستطرد: «هذا هو المسار الذي سنستمر فيه، بالتشاور الوثيق مع شركائنا الدوليين».

المستشار الألماني شولتز (يسار) مع وزير الدفاع بوريس بيستوريوس خلال قمة الناتو (إ.ب.أ)

لكن أفادت تقارير إعلامية بأن الحكومة الألمانية تدرس طلب أوكرانيا الحصول على هذا النوع من الصواريخ. وذكرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أن الحكومة تدرس كيف يمكن لبرلين تزويد أوكرانيا بـ«تاوروس» من مخزونات الجيش الألماني خلال الأشهر المقبلة. وأوضحت المجلة أن هناك محادثات تُجرى حول هذا الشأن بين وزارة الدفاع وقطاع تصنيع الأسلحة. وذكرت بوابة «تي أونلاين» الإخبارية الخميس الماضي استنادا إلى مصادر في الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن الحكومة الألمانية تعتزم الإعلان «قريبا» عن تسليم صواريخ «تاوروس» لأوكرانيا.

وذكرت «دير شبيغل» أيضا أن وزارة الدفاع طلبت من الشركة المصنعة لـ«تاوروس» إدخال قيود على برمجة الاستهداف في الصواريخ. وبحسب المجلة، فإن المستشار الألماني أولاف شولتز يريد عبر هذه التعديلات التقنية الحيلولة دون استخدام أوكرانيا الصواريخ طويلة المدى في شن هجمات على الأراضي الروسية. وأوضحت المجلة أن مصادر في الشركة المصنعة ذكرت أنه يمكن بالطبع إدخال مثل هذا التقييد على النظام، لكنه سيستغرق بضعة أسابيع.

لكن عززت ألمانيا الدفاع الجوي الأوكراني ببطاريتين إضافيتين لصواريخ باتريوت، وفقا للقائمة الرسمية للمساعدات العسكرية المقدمة لكييف التي يتم تحديثها أسبوعيا من قبل الحكومة الألمانية. وتعد أنظمة صواريخ باتريوت أمريكية الصنع ذات أهمية خاصة لأوكرانيا، فوفقا لكييف تمكنت بطاريات باتريوت بالفعل عدة مرات من اعتراض صواريخ روسية تفوق سرعتها سرعة الصوت.

بايدن مع زيلينسكي خلال قمة «جي 7» في اليابان (أ.ب)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن ألمانيا وأوكرانيا اتفقتا على توريد أنظمة صاروخية إضافية للدفاع الجوي من طراز باتريوت إلى كييف. وأضاف زيلينسكي: «هناك أخبار سارة من ألمانيا اليوم، ما اتفقنا عليه بالضبط مع (المستشار الألماني) أولاف شولتز، أنظمة باتريوت إضافية. شكرا جزيلا لك يا أولاف، إنها ضرورية للدفاع عن شعبنا ضد الإرهاب الروسي». وأعلنت برلين في وقت سابق اليوم أنها قررت شحن قاذفتين أخريين من منظومة باتريوت إلى أوكرانيا. وقال زيلينسكي، كما نقلت عنه «رويترز»، «هذا سيقربنا بالتأكيد من إنشاء درع جوي متكامل لأوكرانيا. سيساعد هذا الناس والمدن والقرى».

كما تشمل الإمدادات الألمانية الجديدة 10 مركبات مجنزرة متعددة الأغراض من طراز باندفاجن 206 وست شاحنات نصف مقطورة ثقيلة ونحو 6000 طلقة دخان لقطع مدفعية من عيار 155 ملم، فضلا عن معدات أخرى. وسلم الاتحاد الأوروبي أوكرانيا 223,800 قذيفة في إطار الجزء الأول من خطة لإمدادها بمليون طلقة مدفعية للمساعدة، وفق ما أفاد متحدث باسم التكتل الجمعة.

في وقت سابق من هذا العام، تعهد الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة تكثيف إمداد أوكرانيا بالقذائف المدفعية في ظل نقص الذخائر الذي تعانيه قواتها. ووافقت الدول الأعضاء على خطة بقيمة ملياري يورو (2,18 مليار دولار) لتعزيز مخزوناتها وتقديم طلبات مشتركة لشراء القذائف، في مسعى لتسليم أوكرانيا مليون قذيفة خلال 12 شهرا.

بموجب المرحلة الأولى من الخطة التي امتدت بين 9 فبراير (شباط) و31 مايو (أيار)، تم تخصيص مليار يورو لتعويض أعضاء الاتحاد الأوروبي نحو نصف تكلفة القذائف التي زودوا بها أوكرانيا من ترساناتهم الحالية. وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو إن «الدول الأعضاء سلمت نحو 223,800 ذخيرة مدفعية - ذخيرة ذاتية الدفع بعيدة المدى وذخيرة دقيقة التوجيه وكذلك ذخيرة هاون - و2300 صاروخ من مختلف الأنواع». وأوضح أن القيمة الإجمالية للذخائر التي تم تأمينها بلغت 1,1 مليار يورو.

والرقم المعلن الجمعة لا يعكس سوى زيادة طفيفة على الرقم الذي أعلنه منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في أواخر مايو (220 ألف قذيفة). وأمهل الاتحاد الأوروبي أعضاءه حتى 15 يوليو (تموز) لإعلان شحناتهم لأوكرانيا.

جندي أميركي يتفقد قذائف قبل إرسالها إلى أوكرانيا (أ.ب)

وتجعل هذه الحصيلة التكتل وأعضاءه بعيدين عن هدفهم المتمثل في توفير مليون قذيفة بحلول الربيع المقبل. وقد شكك الكثير من عواصم الاتحاد الأوروبي في فبراير في القدرة على توفير مليون قذيفة.

بموجب الجزء الثاني من الخطة، ستتفاوض وكالة الدفاع في الاتحاد الأوروبي بشأن عقود شراء مشتركة مع الشركات الأوروبية المصنعة لقذائف هاوتزر وصواريخ عيار 155 ملم.

في هذا الصدد، قال الاتحاد الأوروبي، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، «تتوقع (الوكالة) توقيع عقود إطارية مع الصناعيين في الأسابيع المقبلة». يجب إبرام أي عقود بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) لتندرج تحت خطة التزود الأوروبية. في الإجمال، يقول الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إنهم أنفقوا نحو 20 مليار يورو لتزويد أوكرانيا بأسلحة من جميع الأنواع منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022.


مقالات ذات صلة

أميركا في 2024... سوابق ومفاجآت

الولايات المتحدة​ ترمب بعد محاولة اغتياله الأولى في بنسلفانيا - 13 يوليو 2024 (رويترز)

أميركا في 2024... سوابق ومفاجآت

شهدت الولايات المتحدة أحداثاً تاريخية متعاقبة، من إدانة رئيس أميركي بتهم جنائية، إلى حصول امرأة سوداء على ترشيح حزبها، مروراً بمحاولة اغتيال مرشح رئاسي مرتين.

رنا أبتر (واشنطن)
العالم فافا شبانوفا ناجية من حادثة تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية في كازاخستان (رويترز)

ناجون من طائرة أذربيجان: سمعنا دوي انفجارات قبل السقوط

قال أحد ركاب طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية التي تحطمت في كازاخستان، لوكالة «رويترز»، إنه سمع دوي انفجار قوي لدى اقتراب الطائرة من وجهتها في مدينة غروزني.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي يؤكد وفاة جنود كوريين شماليين مصابين أسرتهم أوكرانيا

أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، أن جنوداً كوريين شماليين مصابين تُوفوا بعدما أسرتهم قوات أوكرانية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا مسعفون ينقلون جريحاً وصل إلى مطار باكو بعد تحطم الطائرة الأذربيجانية (إ.ب.أ)

مخابرات أميركا تعتقد أن روسيا أسقطت طائرة أذربيجان عن طريق الخطأ

قال رئيس هيئة الطيران الروسية إن هجوماً بطائرات مُسيّرة أوكرانية كان جارياً في المنطقة الروسية التي كانت تتجه إليها طائرة ركاب قبل تغيير مسارها وتحطمها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجلان يقفان بجوار جثمان قريب لهما قُتل في قصف صاروخي على منطقة دونيتسك 21 يناير (كانون الثاني) 2024 (أ.ف.ب)

سلوفاكيا تؤكد استعدادها لاستضافة مباحثات سلام بشأن أوكرانيا

أعربت سلوفاكيا عن استعدادها لاستضافة مباحثات سلام في أوكرانيا، بعدما أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موافقته على أن تصبح براتيسلافا «منصة» للحوار بشأن الحرب.

«الشرق الأوسط» (براتيسلافا)

الطائرة الأذربيجانية: تدخل خارجي

متخصصو طوارئ يعملون في موقع تحطم طائرة الركاب الأذربيجانية بالقرب من أكتاو بكازاخستان 25 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
متخصصو طوارئ يعملون في موقع تحطم طائرة الركاب الأذربيجانية بالقرب من أكتاو بكازاخستان 25 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

الطائرة الأذربيجانية: تدخل خارجي

متخصصو طوارئ يعملون في موقع تحطم طائرة الركاب الأذربيجانية بالقرب من أكتاو بكازاخستان 25 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
متخصصو طوارئ يعملون في موقع تحطم طائرة الركاب الأذربيجانية بالقرب من أكتاو بكازاخستان 25 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقعت حادثة تحطّم طائرة الخطوط الجوّية الأذربيجانية أثناء رحلة إلى العاصمة الشيشانية غروزني، وأسفرت عن 38 قتيلاً، بسبب «تدخّل خارجي»، وفق النتائج الأولية للتحقيق، أمس (الجمعة)، في حين تبادلت كل من موسكو وكييف الاتهامات بالمسؤولية.

وكتب مدير هيئة الطيران الروسية (روسافياتسيا)، دميتري يادروف، عبر «تلغرام»، إن «مسيّرات عسكرية أوكرانية كانت في ذاك الوقت تشنّ هجمات إرهابية على منشآت مدنية في مدينتي غروزني وفلاديكافكاز».

في المقابل، وجه أندري يرماك، رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية، أصابع الاتهام إلى موسكو، مشدّداً على ضرورة أن «تحاسب روسيا».

ولم يؤكّد بعد أيّ من البلدان المعنية رسمياً فرضية الصاروخ الروسي التي تغذّيها صور لآثار بادية على هيكل الطائرة، التي غيرت وجهتها إلى كازاخستان حيث تحطّمت.